19‏/07‏/2012

حول حصر الخلافة في البطنين ( للشيخ المرتضى المحطوري الحسني )

حول حصر الخلافة في البطنين

بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد:
من نافلة القول الحديث عن أهمية الدولة في حياة الناس فهي ضرورة كالهواء والماء والغذاء: تُسيِّر شئونهم، وتضمن استقرارهم، وتوفر الأمان لهم، وتأخذ على يد الظالم، وتنصف المظلوم، إلى آخر بنود الدستور والقانون المبين لوظائف الدولة، يقابل ذلك حقوق الدولة على الناس من حسن الطاعة، وتحمل الواجبات.

لكن الإنسان العربي قبل الإسلام كان يفضل حياة الحرية، وعدم الخضوع لسلطة عدا سلطة القبيلة المحدودة، رغم ما عاشوا من قلق وخوف وجوع، وهدْرِ دماء وضياع.

أما بعد نعمة الإسلام، وانضمام العرب تحت راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دولة إسلامية قوية، وامتداد سلطان الإسلام على شرق الدنيا وغربها- فقد اختلف الحال من القبيلة إلى النبوة إلى المهاجرين والأنصار، وبرز داخل هذه المصطلحات آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم كأقارب مهاجرين صحابة، والقرشيون كقبيلة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم مهاجرين صحابة، وبإزائهم قبيلة الإسلام والأنصار أووا ونصروا وكانوا خير صحب؛ ولهذا فالكلام سيكون في فصول ثلاثة:

الفصل الأول:
المبحث الاول:  يتضمن موجزًا عن انعقاد الخلافة وملابسات ما حدث .

المبحث الثاني: يخصص للكلام عن الإشكالية الدستورية حول الخلافة أهي حق إلهي أم حق للأمة؟!

المبحث الثالث: بروز الملك العضوض نتيجة عدم الآلية.

الفصل الثاني: يشتمل الحديث عن حصر الخلافة في ثلاثة مباحث :
المبحث الأول: الحصر في قريش.

المبحث الثاني: الحصر في آل البيت عليهم السلام وخاصة  حصر الزيدية للخلافة في البطنين.

المبحث الثالث: رأي من يجيزها من الزيدية في غيرهم.

الفصل الثالث: نظرة الزيدية للحكم في الزمن المعاصر. ويكون في ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: في تقرير المذهب لحرية الاجتهاد، بل إيجابه للقادر عليه.

المبحث الثاني: في أن تقليد الحي أولى من الميت.

المبحث الثالث: تقرير مصلحة الأمة في انتهاج الديموقراطية، وتواطؤ شرائح المجتمع على دستور يجعل الناس سواسية، ولهم الحق في اختيار الحاكم.



الفصل الأول

ما من شك أن الإسلام جاء ليقرر مبادئ العدل والمساواة والحرية والكرامة، وبذل النبي صلى الله عليه وآله وسلم جُهْدَ أولي العزم في اقتلاع الجاهلية ونظامها الطبقي، وأعلن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم فتح مكة في جمع مشهود، وهو آخذ بحلقة باب الكعبة موجهًا خطابه للحاضرين وللإنسانية جمعاء: ((يا معشر قريش إن الله أذهب عنكم نخوة الجاهلية، وتَعَزُّزِهَا بالآباء؛ كلكم لآدم، وآدم من تراب، لا فرق بين عجمي ولا عربي، ولا أحمر ولا أسود إلا بالتقوى))، ((إن أمر الجاهلية موضوع تحت قدميَّ هاتين))، ((من دعا بدعاء الجاهلية فأعِضُّوه بِهَنِ أبيه، وأمر بلال العبد الحبشي الأسود أن يرفع نداء الإسلام من فوق ظهر الكعبة؛ ليوصل رسالة لقريش خاصة، وللعرب قاطبة أن هذا الذي كان عبدا مهانًا قد أصبح في عرف الإسلام سيِّدًا عزيزًا كريمًا، بل هو أرفع قدرًا من كبار الزعماء الذين فاتهم شرف الالتحاق بركب الدين، واستهوتهم نخوة الجاهلية، وحب الزعامة فوقعوا في منحدر المحاربة للمؤمنين عنادًا لله ورسوله، إلا أن العادات الاجتماعية كانت ما تزال حية في النفوس، والنفوذ القبلي ضارب الجذور، ولا سيما قبيلة قريش وهو ما نذكره في المبحث التالي:

المبحث الأول: انعقاد الخلافة وملابسات ما حدث:

رسخ نفوذ قريش القبلي والديني بعد حادثة الفيل، وبرزت زعامات مرهوبة الجانب، محترمة المقام كقصي بن كلاب وولده عبد مناف، ثم ولده هاشم، ثم عبد المطلب، فأبي طالب ومن بني عمهم زعامات كبيرة.

وتعززت مكانة قريش بظهور النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ورغم وقوف أكثرهم ضد النبي إلا أن العرب نظرت إليهم باحترام؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم منهم.

وظهر من كبار المهاجرين من قريش ما يؤكد رضوخ المجتمع للنفوذ الأُسري، فعند ما لحق النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالرفيق الأعلى همس العباس عم النبي في أذن علي بن أبي طالب ابن أخيه: امدد يدك أبايعك، فيقول الناس: عم النبي بايع ابن عم النبي، فلا يختلف عليك اثنان، فأجاب وهل يطمع فيها طامع غيري، فقال: سترى، فلم يرعوهما إلا التكبير وأخبار السقيفة، وخلاصتها: أن الأنصار وهم درع الإسلام  وحصنه الحصين اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة عازمين على مبايعة زعيمهم الكبير والصحابي الشهم الجليل سعد بن عبادة المعروف بكرمه في سبيل الله، وخدمة رسوله؛ خوفا أن تستبد بالأمر قبيلة قريش، فجاءهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة رضي الله عنهم فسمعوا خطيب الأنصار يقول: نحن أنصار الله، وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا، وقد دفَّت دافَّة منكم تريدون أن تختزلونا من أصلنا وتقصوننا من الأمر، فرد أبو بكر بأن الأنصار أهل للخير، لكن العرب لا تعرف الأمر إلا لقريش؛ فهم أوسط العرب نسبا ودارًا، وهم شجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

ودعا إلى مبايعة أبي عبيدة أو عمر، فقال أحد الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فقال عمر رضي الله عنه: لا يجتمع سيفان في غمد، مَنْ ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياءه وعشيرته؟ ومد يده فبايع أبا بكر وتبعه أبو عبيدة، وبادر رجال الأوس فبايعوه تغليبًا لأمر قريش على إمارة أنصاري خزرجي.

وحين سأل علي عن حجة المهاجرين على الأنصار، فقيل له: احتجوا بأنهم شجرة الرسول، قال: احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة.

ويلاحظ من الواقعة أن الاستظهار بالقرابة والاحتجاج بالأسرة تصدر احتجاج الكبار من أصحاب محمد، وتوارت الكفاءة التي بلغوا الذروة فيها. وهم بالفعل سادة الدنيا وقادتها.

و ما ذاك إلا لأن عصرهم ما زال هكذا، ولغة مجتمعهم هي تلك اللغة.

المبحث الثاني: هل الخلافة حق إلهي أم حق للأمة؟!

يتمنى المرؤ إزاء ما لابس السلطة من أهوال، وما أريق من أجل الملك من دماء لو أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم وجزاهم عنا خيرًا تمهلوا ريثما يفرغون من مراسيم توديع نبيهم إلى مثواه الأخير، ويعهدون مؤقتًا لملء الفراغ الدستوري الذي لم يكن قد عُرِف إلى العباس عم النبي أو إلى أكبر القوم سنا، أو أكثرهم علما، ثم يقعدون في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بجوار قبره الشريف يستعيدون ذكرياتهم الجملية معه، ثم يناقشون- وهم أعلى الأمة قدرًا- الضوابط التي ترسم الملامح الدستورية لتولي الخلافة، وتحديد صفات الخليفة الجديد، ونطاق سلطانه، وكيفية عزله إلى آخر البنود التي تحفظ للمسلمين دولة تغالب الزمانن وتمنع الطامعين أن يتسللوا إلى ذلك المنصب الخطير، ويسدوا الأبواب على كل متلصص يحاول سرقة الأمة العظيمة أمرها، ويردها إلى ساحة كسرى وقيصر.

وكان بإمكان الصحابة العظام أن يقارنوا بين المرشحين من خلال المناظرة، وطرح الأسئلة في شتى جوانب العلم، ومجالات الحياة حتى يطمئنوا إلى أنهم اختاروا زبدتهم.

فإن تعدد النظراء حسموا أمرهم بالاقتراع، وترجيح رأي الأغلبية، وما شابه ذلك من الأسس والقواعد. ولكن:

مـا كـــل ما يـتمـنى المــرء يــدركــــــــه                     تجـــري الريــاح بمــا لا يـشتـهي السـَّـفِـنُ



إلا أن شخصية الصديق، وقِدَمه في الإسلام، وصحبته الطويلة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وعدله، وزهده ملأت الفجوة.

وحجزت عليًّا تقواه، ومنعه إيمانه أن يشق الصف من منطلق أنه أقدر الصحابة على تطبيق نهج ابن عمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وانضم إلى الجماعة وناصح الخليفة والمسلمين. وقد وصف عمر بيعة الصديق بأنها كانت فلتة وقى الله شرها فمن عاد لمثلها فاقتلوه كما رواه البخاري، يعني أنها تمت في عجلة من الأمر.

لكن الطريق التي انتقلت بها الخلافة عند وفاة أبي بكر وهي الوصية بها لعمر جاءت بإشكال جديد، بغض النظر عن مكانة الصدِّيق والفاروق الرفيعة، إلا أن السؤال الذي طرح ويطرح نفسه: هل من مصلحة الأمة التي أشرقت شمسها على الدنيا، وحلت محل إمبراطورية كسرى وقيصر، ونشرت جناحيها على القارة الآسيوية والأفريقية- أن يقرر مصيرها شخص واحد، وتختزل في فرد مهما عظم شأنه ؟!

وقد أظهر عمر موهبة فذة، وعبقرية نادرة، إلا أن الأمة مغيبة مطوية في الحاكم العادل الفرد، وكان باستطاعة عمر رضي الله عنه بما له من هيبة ونفوذ مطلق أن يجمع الصحابة ويشاورهم في وضع آلية تُشرك أهل الحل والعقد على أقل تقدير في رسم السياسة، وصنع المستقبل.

ويا ليته فعل، لكنه رضي الله عنه نهج نهج سلفه فأوصى بها لعثمان ذي النورين بطريقة غير مباشرة؛ إذ رشح ستة وقال: إذا اختلفتم فكونوا في الجانب الذي فيه عبدالرحمن بن عوف وهم سيختلفون حتمًا، وسيختار عبدُ الرحمن عثمانَ حتمًا؛ لما بينهما من روابط، وذلك ما تم.

ومن خلال عثمان رضي الله عنه بزغ نجم بني أمية، فكان لمروان بن الحكم نفوذ كبير على الخليفة الراشد، وبإزائه معاوية حاكم الشام الطبيعية: سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، فلم يضيع الفرصة الذهبية السانحة فأسس قاعدة قوية؛ لينطلق منها إلى رحاب الملك العضوض الذي سنذكره في المبحث التالي، وقبل الانتقال إليه نشير في ختام هذا المبحث إلى الفرقة الحادة التي خلفتها طريقة الوصول إلى الخلافة؛ إذ شطرت الأمة إلى شيعة وسنة، وكل شطر إلى أشطار، وسالت الأقلام، وحفرت تاريخًا من الفعل ورد الفعل، فالبعض يرى أن ما فعله أصحاب السقيفة هو عين الصواب، وفِعْلُهُم ذلك حَفِظَ للإسلام بيضته، وبنوا عليه نظرية الحكم الإسلامية، وأنها تنعقد بواحد ومثلوا لذلك بقول العباس لعلي امدد يدك ابايعك، وتنعقد باثنين أو ثلاثة كبيعة عمر وأبي عبيده وأسيد لأبي بكر، وبالوصية كما فعل أبو بكر في وصيته لعمر، وتنعقد في ستة كما فعل عمر، وتصح أيضًا بالغصب كما هو حال من صحح خلافة معاوية، وبولاية العهد كما فعل معاوية لابنه يزيد، وجعلوا ذلك من أصول الدين، ورتبوا عليه درجات الفضل، وحكموا على من خالف شيئًا من هذه الرؤى بأحكام قاسية.

وقابلهم رأي يمثله اليوم المذهب الجعفري الإمامي والإسماعيلي مفادهُ أن واقعة السقيفة تمثل انقلابا على محمد وعلى آل محمد، واغتصابًا للخلافة التي هي حق إلهي للإمام علي، ومخالفة لنصوص القرآن والسنة، وحمّلوا أصحاب السقيفة مسئولية فرقة الأمة، وما لحق بآل البيت من قتل وتشريد، وجعلوهم نواةَ الملك العضوض الذي هو حديث المبحث الثالث.

المبحث الثالث: بروز الملك العضوض نتيجة عدم الآلية:

يُوَأَرَّخُ لوصول معاوية إلى سدة الحكم بأنه بداية الملك العضوض، وللمرء أن يتساءل كيف تسنى لمعاوية أن يكون البديل لكبار المهاجرين والأنصار؟ وأن يتجاوز كل الخطوط الحمراء وهو خارج مصطلح المهاجرين، وليس من الأنصار، بل ظل تحت راية والده يقاتل النبي بشراسة حتى افتتح النبي مكة، وغُلِبَ أبو سفيان على أمره، وسقط معه أنصاره في قبضة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكانوا زهاء ألفين بينهم معاوية، ولو شاء رسول الله أن يعاقبهم على ما ألحقوه به وبأصحابه من أذى تشيب له النواصي- لكان عادلا مُحِقًّا منصفا، ولكنه نظر إليهم نظرة شفقة وقال: ((ما تظنون أني فاعل بكم))؟ قالوا: خيرا أخ كريم وابن أخ كريم وقد قَدَرْتَ، فقال بدون تردد: ((اذهبوا فأنتم الطلقاء)).

فكيف أتيح لمعاوية وهو طليق وابن طليق من أن يحشد جيشًا جرّارًا من المسلمين ويلتحم مع أبرز أصحاب محمد في معركة صفّين الدامية، ويقتل عمارا.

وعندما غادر عليٌّ مسرح الحياة الزائفة خلا الجو لمعاوية وصار خليفة للمسلمين لا ينازعه منازع، وقتل الكثير ممن كانوا في جيش علي، أبرزهم الصحابي الجليل حجر بن عدي.

وأمعن في الاستبداد فحمل الناس على بيعة ولده يزيد وليًّا للعهد متجاوزًا ابن عباس حبر الأمة، والحسين السبط، وابن عمر، وابن الزبير، وغيرهم من الصحابة: مهاجرين، وأنصار، وأبناء مهاجرين، وأبناء أنصار.

وتلاحقت أحداث كان الحسين وأهل بيته أحدى ضحاياها، وحُمِلَتِ الأمة الإسلامية بعد قتل الحسين واستباحة مدينة الرسول على البيعة ليزيد كعبيد بإشراف القائد العسكري الفذ مسلم بن عقبة المري.

والأدهى من هذا كله أن يغطى هذا العبث بعد ذلك بثوب القداسة الدينية، فالخليفة سواء كان يزيد أو الوليد نائب عن الله ويحكم باسمه، وتصبح البلاد والعباد تحت تصرفه يعطي من يشاء ويمنع من يشاء، لا معقب لحكمه، ولا رقيب عليه، ومن قال له: اتق الله قطع لسانه، وشدخ رأسه.

وانطلقت الأحاديث تؤازر هذا الاتجاه، وتُجَرِّمُ المعارضة، وترسلها حطبا لجهنم جزاءً لِشَقِّ العصى، والخروج عن الطاعة، ومفارقة الجماعة، وعدم رضىً بقضاء الله وقدره. ليس هذا فحسب بل انطلقت عجلة الرواية تؤسس لخصخصة الحكم في قريش وهو ما نُضَمِّنُهُ الفصل الثاني.



الفصل الثاني:

في الأحاديث الحاصرة لولاية أمر الأمة في بطون قريش، ثم في البطنين، ثم في أفراد

نرى ذلك تباعا في ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: في القرشية:

والمراد بها أن الخلافة لا تصلح إلا في رجل من قريش ما بقي منهم اثنان، وقد نشط المحدثون في تصحيح الروايات التي تحرم أن يكون الخليفة من غير قريش، وصارت نظرية الخلافة في قريش في حكم المُسَلَّمَاتِ ومن مسائل الإجماع،على اعتبار أن خلافة الخوارج وبعض المعتزلة لا يعتد به، وقد قال شيخ الإسلام الشوكاني في كتابه السيل الجرار . ج3/700: إن أحاديث الحصر للخلافة في قريش قد زادت على عدد التواتر، والتواتر قطعي.

ومن طلائع هذه الأحاديث ما رواه معاوية إبَّان حكمه: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا أكبه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين.

وقد روى هذا في خطبة على المنبر حين بلغه أن عبدالله بن عمرو بن العاص يحدث أن رجلا من قحطان سيملك([1]).

وحديث آخر رواه وزير معاوية عمرو بن العاص بلفظ: قريش ولاة الناس في الخير والشر إلى يوم القيامة([2]).

ورواه ابن عمر بلفظ: لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان([3])، ونحو ذلك من الروايات التي أوصدت الباب في وجه أبناء آدم المسلمين، وحرمت عليهم قرع باب الخلافة ما لم يحملوا البطاقة القرشية. ومن هنا ساغ للزيدية أن يحصروها في أبناء الحسن والحسين سبطي النبي كما نذكره في المبحث التالي:

المبحث الثاني: حول الحصر في البطنين:

والمراد بالبطنين ذرية فاطمة الزهراء من الحسن والحسين، وهو مذهب نابع من نظرية الحصر في قريش، ومتفرع عنها، فالقرشية أصل، ونظرية البطنين فرع.

والقائل بحصر الخلافة في البطنين هم الزيدية، واحتجوا بأن المسلمين أجمعوا ما عدا الخوارج على أن منصب الخلافة لا يصلح إلا في بطن من بطون قريش، ولا شك أن بطن بني هاشم خير بطون قريش، والحسن والحسين ونسلهما خير بني هاشم، فهم أولى بها، وساقوا من الأدلة العقلية والنقلية والاحتجاجات ما يناسب المنصب الإلهي المعين من الله،المنصوص عليه كالنبوة في حق علي والحسن والحسين، أما من جاء بعدهما فيشترط فيه أن يدعو الناس إلى بيعته بعد أن يستكمل أربعة عشر شرطا وهي كالتالي:

الأول: أن يكون بالغا عاقلا.

الثاني: أن يكون ذكرا.

الثالث: أن يكون حرا غير عبد.

الرابع: المنصب، وهو أن يكون علويًّا فاطميا: حسنيًّا أو حسينيا، والعجيب أن أكثر الجدل إنما هو حول المنصب، فقالت العباسية: يستحقها بنو العباس بالإرث.

وقال المصححون لإمامة معاوية:يستحقها بالغلبة.

وقالت الإمامية: بالنص الجلي على الاثني عشر.

وقالت البكرية:بالنص الجلي في أبي بكر.

وقال الحسن البصري:بالنص الخفي في أبي بكر.

وقالت المعتزلة والصالحية من الزيدية: تثبت بالعقد والاختيار في رواية ضعيفة عنهم.

وقال أهل البيت: بالنص الخفي في أمير المؤمنين علي، والدعوة والخروج ممن صلح من أولاده.

الخامس: أن يكون ورعا.

السادس: أن يكون مجتهدا.

السابع: أن يجتنب المهن المسترذلة.

الثامن: أن يكون أفضل أهل زمانه أو كأفضلهم.

التاسع: أن يكون شجاعا.

العاشر: التدبير، يعني أن تكون آراؤه صائبة، وأنظاره ثاقبة.

الحادي عشر: القدرة على القيام بأعباء الإمامة.

الثاني عشر: السخاء بوضع الحقوق في مواضعها.

الثالث عشر: سلامة جسده من العيوب المنفرة.

الرابع عشر: أن يكون سليم الحواس.

وهي شروط كما نرى لا غبار عليها باستثناء اللغط حول المنصب الأسري.

وبناء عليه فاشتراط النسب محل خلاف، وهو ما نشير له في المبحث الثالث.

المبحث الثالث: في ذكر رأي من يجيز الإمامة في غير البطنين وغير قريش من الزيدية أنفسهم وغيرهم.

ذهب إلى جواز تولي أمر المسلمين غير الفاطمي والقرشي عدد من العلماء الزيدية، ومن أبرز علماء الزيدية الهادوية نشوان بن سعيد الحميري، إذ نقل عن عالم المعتزلة إبراهيم بن سيار النظام ومن قال بقوله: الإمامة لأكرم الخلق وخيرهم عند الله، واحتجوا بقوله تعالى:  ( يَأَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىَ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوَاْ إِنّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللّهِ أَتْقَاكُمْ إِنّ اللّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (3ا) الحجرات. قال: فنادى جميع خلقه: الأحمر منهم والأسود، والعربي والعجمي، ولم يخص أحدًا منهم دون أحد، فقال: ( إِنّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللّهِ أَتْقَاكُمْ )  فمن كان أتقى الناس لله، وأكرمهم عند الله، وأعلمهم بالله، وأعملهم بطاعته- كان أولاهم بالإمامة، والقيام في خلقه كائنا من كان منهم: عربيا كان أو أعجميا.

قال نشوان: وهذا المذهب الذي ذهب إليه النظام، هو أقرب الوجوه إلى العدل، وأبعدها من المحاباة([4]).

أما قاضي القضاة الشوكاني وهو الذي أخذ البيعة لأربعة من الأئمة في عصره فقال: العلوي الفاطمي هو خِيرة الخِيَرَة من قريش، وأعلاها شرفا وبيتا، ولا ينفي ذلك صحتها في سائر بطون قريش كما تدل عليه الأحاديث المصرِّحة بأن(الأئمة من قريش) وهي كثيرة جدًّا وإن لم تكن في الصحيحين، بل عددها في كل مرتبة من الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن بعدهم زيادة على عدد التواتر، والتواتر قطعي([5]).

وذكر القاضي عبدالجبار المعتزلي عن شيوخ المعتزلة ومنهم الجُبَّائِيَّان أبو علي وابنه: أن الخلافة في قريش([6]).

وروى القرشي أن الصالحية تقول بمثل هذا القول، وعُزِيَ إلى السليمانية، وعُزِيَ هذا القول حسب رواية القاضي الشوكاني إلى الإمام عز الدين بن الحسن.



الفصل الثالث

يتضمن رأي العلماء الزيدية المعاصرين

وسيكون في ثلاثة مباحث.

المبحث الأول:

عرف عن المذهب الزيدي أنه قائم على التجدد والاجتهاد فهو مذهب ينبذ الجمود، ويكره التقليد، ويُحَرِّمُه، ويوجب الاجتهاد على القادر عليه.

وحين أغلقت المذاهبُ بابَ الاجتهاد في بداية القرن الرابع الهجري، وحرمت على أتباعها الخروج على قواعد أئمتهم، وعكف كل من علماء المذاهب على مناصرة مذاهبهم، والاستدلال لها، والرد على الاعتراضات أو المطاعن الموجهة إليها.

لكن المذهب الزيدي أطلق العنان لأتباعه لينطلقوا في ميدان الاجتهاد الواسع، وفتح الباب على مصراعيه للإبداع الفكري، وحرية الاجتهاد.

فتبارى في ميدان العلم والبحث علماء كبار من مجتهد مطلق، إلى مجتهد في المذهب، إلى مجتهد في التنقيب والبحث والترجيح، وبعضهم - وهو مجتهد مطلق-  أسهم في التخريج والتقرير لمذهب الأئمة البارزين في المذهب كالقاسم الرَّسِّي وحفيده الهادي يحيى بن الحسين. ولو لم يكن في دنيا الزيدية إلا عالم اليمن الكبير، بل عالم المسلمين الشهير نشوان بن سعيد الحميري لكان كافيا في الشهادة على أن المذهب الزيدي مذهب التسامح، والانفتاح، والحرية.

فالحميري ألَّف كتابه الشهير الحور العين بجوار زميله الإمام أحمد بن سليمان الرجل الثاني في المذهب، والمجدد الحقيقي له بفضل علمه وكفاءته وشجاعته، وبالرغم من قناعة نشوان بصلاحية أحمد بن سليمان للإمامة بل حثه على القيام بها وبايعه إلا أنه لم يجد حرجا من التصريح برأيه موافقا للنَّظَّام المعتزلي ومن معه بأن من كان أتقى الناس لله، وأكرمهم عند الله، وأعلمهم بطاعته كان أولاهم بالإمامة، والقيام في خلفه: كائنا من كان منهم عربيا كان أو أعجميا.

وهذا هو أقرب الوجوه إلى العدل، وأبعدها عن المحاباه ([7]) . ولم يَعْتَبِر الإمام أحمد بن سليمان كلامه هذا خيانة أو ردة أو تآمرا؛ فهو يعرف حرمة العلم، وحرية الاجتهاد، وهو مسئول عن حمايتها حتى وإن حاول المتزلفون باسم التشيع والولاء للبيت الفاطمي دَقَّ مسامير الجفاء بين الإمام وزميله نشوان، إلا أن الإمام أحمد بن سليمان يعرف مكانة القاضي نشوان وعدالة منطقه،فتسامحا، وتآلفا.

ثم إن الزيدية احتضنت كتب المعتزلة شعورا منها بأن المعتزلة يحملون فكر الزيدية ما عدا أنهم لا يحصرون الخلافة في البطنين؛ فصار قولهم كأنه قول لطائفة من  الزيديه.

أما الشوكاني برغم ميله إلى القرشية وتصحيحه لها فلم يمانع من ولاية الفاطمي باعتباره أعلى مراتب قريش إلا أنه لا يقرر الحصر في بطن الحسن والحسين؛ إذ يعتبره تخصيصا لأحاديث الحصر في عامة قريش بدون مُخَصِّص.

ثم إن القاضي الشوكاني صرح بأنه قد ورد من القرآن والسنة ما يدل على وجوب الطاعة لولي الأمر ولوغير قرشي.

وكأنه يشير إلى قولة تعالى: أطيعوا الله والرسول وأولو الأمر منكم

وساق من حديث الرسول وجوب الطاعة ولو لعبد حبشي رأسُه كالزبيبة. وفي بعضها فإنما المؤمن كالجمل إذا قيد انقاد([8]) .

والعجيب أن سيف الإسلام محمد بن الإمام يحيى أرسل المؤرخ محمد زبارة لطباعة كتب الشوكاني، والأمير، والرسائل ا ليمنية، والاتصال برجالات الفكر والسياسة والأدب حين ذاك على نفقته،كما ذكر ذلك الشاعر والأديب والمؤرخ أحمد بن محمد الشامي رحمه الله في كتابه من الأدب اليمني صفحة 207.  وتَبَنَّى سيف الإسلام عبد الله بن الإمام يحيى طباعة كتاب الحور العين وغيره من كتب نشوان الحميري . كما هو مذكور في عنوان الكتاب.

ومن مفاخر فتح باب الاجتهاد بروز مجتهدين على مستوى العالم الإسلامي: كالإمام يحيى بن حمزة، والإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى، والجلال، والمقبلي، والأمير وغيرهم الكثير.

والخلاصة: فالاجتهاد حسب قواعد المذهب واجب؛ وما دام كذلك فهو تسليم بنتيجة الاجتهاد، والاعتراف بحصيلته: فمن أصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر واحد.

ومن هنا فإن مراتب التقليد تنص على تقديم الحي قبل الميت وهو ما نخصص له المبحث التالي.

المبحث الثاني:

نتحدث فيه عن قاعدة تقليد الحي، فهناك أفضلية-كما هو مقرر- في اتباع العالم الذي يريد العامي المقلِّد أن يقلده من حيث كونه الأعلم والأورع.

أما المفاضلة بين تقليد الحي وتقليد الميت فإن علماء المذهب قرروا أن تقليد الحي من المجتهدين أولى من الميت منهم؛ لأن الطريق إلى كماله تكون أقوى من الطريق إلى كمال الميت في غالب الأحوال([9]).

والإجماع منعقد على جواز تقليد الحي بخلاف الميت، ولا غبار على صواب هذه القاعده، ولا سيما فيما يتعلق بقضايا العصر الراهن التي لم تخطر للماضيين ببال، ولم يتخيلها لهم خيال رغم اشتهار الفقه الزيدي بكثرة الافتراض لحوادث لَمَّا تقع.

إلا أن القدماء ما كانوا ليتصوروا أطفال الأنابيب، ولا الاستنساخ، و الطيران، والكهرباء، والتلفاز، والهاتف المحمول، والإنترنت وسواها من الغرائب.

ومن كان يتخيل صعود البشر إلى القمر وإلى ما هو أبعد منه؟! هذا جانب، ومن جانب آخر فلو قُدِّرَ للأقدمين أن يشهدوا ما وصل إليه العالم في الجانب السياسي من أنظمة ديمقراطية تقوم على انتخابات حرة، وفصل بين السلطات: التنفيذية والبرلمانية والقضائية. وهناك صحافة حرة، وقانون، وحقوق، ومجتمع مدني قفز بأوربا من عصر الظلام والتوحش في القرون الوسطى إلى العالم المتطور- لو قدر لهم تصور هذا أكانوا يتحدثون عن قريش أو البطنين؟ حتما سيجدون الأسرة والبطن أضيق من العالم الواسع، القائم على الحرية والعدالة والكفاءة والعلم والانتخابات المباشرة من الشعوب.

إننا نعتبر ما جاء من الكم الهائل من الروايات في الحصر أيا كان- نوعا من الإخبار. فالأئمةُ من قريش خبر مثل الإخبار بأن الأذان في الحبشة، والقضاء في الأزد. ونحن نحترم اجتهادهم كتأريخ، وماضٍ لا يمت إلى الحاضر بأي صلة.

وإن علماء الزيدية اليوم يرون مصلحة أمتهم في المساواة المطلقة، والحقوق المتساوية، وإن القول بحصر الخلافة في البطنين أو غيرهم ضرب من التخلف، وشكل من أشكال العنصرية.

ويعتبرون ما قُرَّر في كتب المذهب إنما أملته ظروف عصرهم وهي ظروف سياسية لاتنسحب على أحوالنا اليوم.

مع إن الزيديه كانت تُقِرُّ ولاية الحاكم العادل بل تسانده، كما حصل مع الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز الأموي رضي الله عنه، فما دعاهم إلى تقرير هذا المبدأ إلا حرصهم على العدل، ورحمتهم بالأمة إزاء أمراء مستبدين، وملوك ظالمين، أما ونحن في عصر صناديق الاقتراع فلا مصلحة للأمة في طريقة غيرها، وهو ما نفرد له مبحث ثالثا.

المبحث الثالث والأخير:

أجمعت الزيدية المعاصرة علماء وغيرهم على اختيار النظام الجمهوري نظاما لهم يساندونه، ويحرسونه.

وأيدوا الدستور الذي قرر المساواة بين المواطنين، والذي قرر أن الحاكم هو من يختاره الشعب عبر صناديق الاقتراع في انتخاب حر نزيه، مدركين أن هذا دين الله الحق الذي جاء بالحرية وإلغاء الطبقية وهو المبداء الذي ناضل من أجله أمير المؤمنين علي، وأفنى حياته في التصدي للأثَرَة والأنانية والتسلط، فقد كان ميالا إلى الفقراء، جانحا إلى جماهير الأمة من المستضعفين، محاولا استنهاضهم ليكونوا حاجزا منيعا أمام جبروت المتسلطين، ولما ضَرَبَهُ ابن ملجم سأله أصحابه أن يستخلف ابنه الحسن -وهو كفء كريم- قال لهم : لا آمركم ولا أنهاكم، أنتم أدرى بشئونكم؛ حقا هذا هو منطق الإسلام الحر الذي حمله آل البيت، ولعل الإمام الهادي رضي الله عنه في قوله بحصر الخلافة إنما أراد منع الصراع على السلطة بين حاشد وبكيل وغيرهم حتى وإن أعقب صراعا بين ذريته هو؛ ولهذا فلا أَسْلَمَ للأمة، ولا أَحْفَظَ لأمنها ووحدتها وتحقيق العدل فيها مما نص عليه الدستور اليمني القائم على الشريعة الإسلامية. الذي أمنت به الزيدية وكفر به من كفر من غيرهم كما هو معروف.

والقول بغير الدستور يعتبر خروجا على الاجتماع، وشقاقا لله ورسوله ولا سيما وقد صار محل إجماع اليمنيين بكافة مشاربهم .

وقد سبق أن صرح كبار علماء الزيديه في بيان اصدروه أن الدستور هو المرجعية السياسية، ويؤكدون الالتزام به من الحاكم والمحكوم، وهو الذي يجنب الأمة الويلات التي عانتها عبر القرون، وإن الاستقرار السياسي لا يهنأ به شعب مالم يحترم الدستور والقانون قولا وعملا، وهو خير ما انتهى إليه العالم بأسره: المسلم وغيره؛ فهو إجماع إنساني. هذا ما نُفْتِيْ به، ونحرِّم القول بغيره، وهو قول مطابق للإجماع، موافق لمصلجة الأمة.

وأينما وجدت المصلحة فثَمَّ شرع الله. و الله الموفق والمصلح لشأن الأمة وصلى الله على محمد وآله.

([1]) البخاري رقم (2611).

([2]) الترمذي رقم (2227)، وأحمد 4/203، والسنة لابن أبي عاصم رقم (1110)، وصححه الألباني رقم (1155).

([3]) البخاري رقم (2195) و (7140)، ومسلم رقم (1820) وغيرهما.

([4]) الحور العين 152-153.

([5]) السيل الجرار 3/700.

([6]) المغني 20/234-238، والمواقف للإيجي 3/587.

([7]) الحور العين 152-153.

([8]) ينظر كلامه في كتابه وبل الغمام حاشية على شفاء الأوام للإمام الحسين بن بدر الدين ج3/497.

([9])مقدمة شرح الأزهار ج1/149.



بقلم د/ المرتضى بن زيد المُحَطْوَري الحسني

أستاذ الشريعة بجامعة صنعاء

عضو جمعية علماء اليمن

المصدر : 
http://www.almahatwary.org/p7-4-7.htm

ومن عقائدهم أن الإمامة محصورة في البطنين هم أولاد الحسن والحسين بشروط كثيرة نحو أن يكون داعيًا الأمة إلى مبايعته للقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد أن يكون من المجتهدين بل أعلم أهل زمانه ولاسيما في شئون الفقه ، وأن يكون عادلا، عاقلا ، شجاعا ، سخيا ، يضع الأموال في مواضعها ، مُدَبِّرًا ، أكثر رأيه الإصابة ، رحيما بالرعية ، شفيقا بهم ، سليم البدن والحواس ، إلى آخر الشروط التي تطلب من الإمام أن يكون برًّا زكيا ، ورعا ، تقيا ، نقيا ، وهي شروط وإن لم تكن مستحيلة إلا أنها وضعت على قياس أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

وفي تقديري أن رأي الزيدية في مسألة حصر الإمامة في البطنين نابع من مذهب الجمهور والمحدثين الذين حصروا الخلافة في قريش ، ومن هذا المذهب قال الزيدية آل البيت أولى ، ولاسيما إذا عدنا إلى الورى وما حصل من احتكار لولاية المسلمين أيام الملك العضوض ، وصارت وراثية تلاع
ب بها بنو أمية وبنو العباس ومن شابههم ، وكان بجوارهم أئمة كبار من آل البيت قمعوا ، وقتلوا ، وشردوا ، ونُكل بهم ومن شايعهم .

وإني لأرى أن هذه الأفكار لم تجد لها تطبيقا في الواقع والذي غلب على دنيا المسلمين في الجانب السياسي هو منطق الغلبة والقوة ، وأتمنى أن يحتكم الناس إلى صناديق الاقتراع لتفرز من يختاره الشعب ولا يضره أن لا يكون علويا فاطميا ، ما عدا شروط الوالي التي هي العدالة ، والعلم الغزير ، والثقافة الواسعة ، والحنكة ، والدراية ، والاستعانة بأهل الاختصاص في كثير من المجالات والعلوم التي يشهدها عالم اليوم ، وأعتقد أن هذا من أساليب التوحد ونزع فتيل الخلاف ، والاحتكام إلى القوة ، ثم أتمنى أن ينتخب قادة العرب والمسلمين من بينهم قائدًا يلم شمل الجميع ويكون مرجعًا للجميع ،وليكن بصورة دورية مؤقتة مع احتفاظ كل قطر بخصوصياته كما هو الحاصل في الولايات المتحدة ، وما يجري في الاتحاد الأوربي. أرجو الله أ ن يحقق ذلك ، وأن يجمعنا على المحبة ، والإخاء ، والتعاون ، ونصرة دين الله وما ذلك على الله بعزيز .

http://www.almahatwary.org/p7-4-8.htm

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق