06‏/12‏/2011

عاشوراء بين الفرح والحزن




اليوم نقسّم أنفسنا فرحاً وحزنا :

 أولاً لنجاة موسى عليه الصلاة والسلام من فرعون

والثانية مقتل سيد شباب أهل الجنة وريحانة المصطفى الحسين رضي الله عنه
 .

اليوم نفرح بنجاة الكليم الأكرم .... والعين تدمع على الشهيد الأعظم
نحن أولى بعاشوراء المحرم   ....  بذكر الحسين ولو بالقلم



ففي البخاري، ومسلم، وسنن أبي داود ، والنسائي، وابن ماجة من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: "قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم فصامه صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه".

ورتب الشارع الحكيم على صوم عاشوراء بتكفير ذنوب سنة كاملة وهذا من فضل الله علينا.

كما نحن أولى الناس بصيام عاشوراء من اليهود , فنحن أهل السنة أولى بالناس بالحزن على سيدنا الحسين من الرافضة , لأن لن ننساك يا حسين .

قال الإمام ابن كثير -عليه رحمة اللطيف الخبير- كما في البداية والنهاية (ج8/ص203) عن مقتل الحسين
:

فكل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتله -رضي الله عنه-؛ فإنه من سادات المسلمين، وعلماء الصحابة، وابن بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي هي أفضل بناته، وقد كان عابدا وشجاعا وسخيا، ولكن لا يَحْسُنُ ما يَفعله الشيعة، من إظهار الجزع والحزن، الذي لعل أكثره تصنع ورياء، وقد كان أبوه أفضل منه، فقتل وهم لا يتخذون مقتله مأتما كيوم مقتل الحسين، فان أباه قتل يوم الجمعة -وهو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين-، وكذلك عثمان كان أفضل مِن علي عند أهل السنة والجماعة، وقد قتل وهو محصور في داره في أيام التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وقد ذبح من الوريد إلى الوريد -ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتما-، وكذلك عمر بن الخطاب -وهو أفضل من عثمان وعلي-، قتل وهو قائم يصلى في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرآن، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتما، وكذلك الصديق كان أفضل منه ولم يتخذ الناس يوم وفاته مأتما، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، وقد قبضه الله إليه كما مات الأنبياء قبله، ولم يتخذ أحد يوم موتهم مأتما يفعلون فيه ما يفعله هؤلاء الجهلة من الرافضة، يوم مصرع الحسين، ولا ذكَرَ أحد أنه ظهر يوم موتهم وقبلهم شيء مما ادعاه هؤلاء، يوم مقتل الحسين من الأمور المتقدمة، مثل: كسوف الشمس، والحمرة التي تطلع في السماء، وغير ذلك.

وأحسن ما يقال -عند ذكر هذه المصائب وأمثالها- : ما رواه علي بن الحسين، عن جده رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه قال: "ما من مسلم يصاب بمصيبة، فيتذكرها -وإن تقادم عهدها- فيحدث لها استرجاعا، إلا أعطاه الله من الأجر، مثل يوم أصيب منها". رواه الإمام أحمد وابن ماجه
.




09‏/11‏/2011

هل المرمي بالتشيع ملغي ؟

كتاب الخلافات السياسية بين الصحابة طبعة أم القرى - 2011 .
صفحة114 :-


 ولم يكن الإمام الطبري آخر من تم إتهامه بالرفض ظلما وبغيا ! فقد إتهم بها أكابر آخرون من علماء السنة منهم الدارقطني والحاكم والنسائي وإبن عبدالبر ويكفي أن الإمام الشافعي أتهم بالتشيع ! .


وقال الذهبي في (تاريخ الإسلام): (وكان منحرفا غاليا عن معاوية وأهل بيته، يتظاهر به ولا يعتذر منه. فسمعت أبا الفتح سمكويه بهراة يقول: سمعت عبد الواحد المليحي يقول: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: دخلت على أبي عبد الله الحاكم وهو في داره لا يمكنه الخروج إلى المسجد من أصحاب أبي عبد الله بن كرام، وذلك أنهم كسروا منبره ومنعوه من الخروج، فقلت له: لو خرجت وأمليت في فضائل هذا الرجل شيئا لاسترحت من هذه المنحة. فقال: لا يجيء من قلبي، لا يجيء من قلبي). (تاريخ الإسلام للذهبي ج 28 ص 132).



أي شخص مرمي بالتشيع فهو ملغي


بعض الناس عندهم حساسية عندما اذكر عن أهل البيت عليهم السلام


وذلك بسبب تشويه غلاة الشيعة لأهل البيت, و أتباع بني أمية

أنا لما كنت صغير عندما اسمع اي شخص يمتدح الحسين , يتبادر في ذهني اللطم والتطبير والدماء

وهؤلاء يدعون أنهم يحبون آل البيت

فالكثير من الطغاة والكفار على مر العصور ادعوا محبة آل البيت , وهذا يحتاج الى دراسة نفسية

كالقذافي عندما زور الانساب ونسب نفسه زورا الى بني هاشم , وتكلم في معاوية ليحقق مصالحة الشخصية

والدولة العبيدية في مصر التي ظلمت الناس ونسبت نفسها الى بني هاشم مع انهم يهود

والحجاج بن يوسف الثقفي عندما أدعى أنه يحب علي وغالى في علي حتى قال أنه الله وقتل الناس

والدولة الزيدية في اليمن التي انتشر فيه العنصرية وكأنهم يقولون نحن شعب الله المختار والحكم للسادة دون بقية القبائل, لذلك ثار الناس عليهم والكثير منهم ترك المذهب الزيدي

وصدق فيهم قول رسول الله ص ( يا علي قومان يهلكان من أمتك ؛ مبغض غال ومحب غال )

قال سيدنا الشافعي رحمه الله :
في كتاب الخيرات الجنان ص 69، نقل العلامة ابن حجر قول الشافعي متوسلاً بأهل البيت النبوي:

"آل النبي ذريعتي وهم اليه وسيلتي أرجو بهم اُعْطى غداً بِيَدِ اليمينِ صَحيفَتي."


وقال :

قالوا ترفضت قلت : كلا
ما الرفض ديني ولا إعتقادي
لكن توليت غير شك
خير إمام وخير هادي
إن كان حب الولي رفضاً
فإن رفضي إلى العباد

وقال :

إذا نحن فضلنا علياً فإننا
روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل
وفضل أبي بكر إذا ما ذكرته
رميت بنصب عند ذكري للفضل
فلا زلت ذا رفض ونصب كلاهما
بحبيهما حتى أوسد في الرمل

وقال :

إذا في مجلس نذكر علياً
وسبطيه وفاطمة الزكية
يقال تجاوزوا يا قوم هذا
فهذا من حديث الرافضية
برئت إلى المهيمن من أناس
يرون الرفض حب الفاطمية

وقال :

يا آل بيت رسول الله حبكم
فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكم من عظيم الفخر أنكم
من لم يصل عليكم لا صلاة له

وأيضا في حب أهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام:

لو فتشوا قلبي لألفوا بــه سطــرين قد خُطّا بلا كاتبِ
العدل والتوحيد في جانبٍ وحب أهل البيت في جانبِ

وأيضا في دعوته لحب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم:

يا راكباً قف بالمحصــب من منى واهتف بساكن خيفها والناهضِ
سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى فيضاً كملتطم الفرات الفائـض
إن كان رفضـاً حـب آل محمد فليشهد الثقلان أني رافض

كما قال حول مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب:

تأوّه قلبــي والفؤاد كئيـب وأرّق نومي فالسهاد عجيبُ
ومما نفى نومي وشــيب لومتــي تصاريف أيـامٍ لهـن خطــوبُ
فمن مبلغ،ٌ عني الحسـين رســالةً وإن كرِهَتْــها أنفــسٌ وقلوبُ
ذبيحٌ، بلا جـرمٍ كــأنّ قميصـه صبيــغ بماء الأرجوان خضيب
فللسيف إعــوال وللــرمــح رنّة وللخيل من بعد الصهيل نحيب
تزلزلت الدنيـا لآل محــمــدٍ وكادت لهم صمّ الجبال تذوب
وغارت نجوم واقشعـرت كواكــب وهتك أستارٍ وشـُق جيـوب
يُصلّى على المبعوث مـن آلِ هاشــمٍ ويُغزى بنــوه إن ذا لعجيـب!
لئــن كـان ذنـبي حــب آل محمدٍ فذلك ذنب لســت عنه أتـوب
هم شُفعــائي يوم حشــري وموقفـي إذا ما بدت للنـاظرين خطوب

11‏/10‏/2011

الخلفاء الفاسدين أم الصالحين من كتب الرافضة


سأحتج بك بالحسن بن علي عليه السلام من كتبكم .... وهذا يؤكد حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي 

عندما سلم الحسن بن علي عليه السلام لمعاوية الخلافة ، أشترط عليه بأن يتبع سيرة الخلفاء الصالحين

المادة الأولى : تسليم الأمر إلى معاوية ، على أن يعمل بكتاب اللّه وبسنة رسوله (ص) ( 1 ) ، وبسيرة الخلفاء الصالحين ( 2 ).

تسليم الأمر إلى معاوية على أن يعمل بكتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسيرة الخلفاء الصالحين.

كتاب الله وسنة نبيه + سيرة الخلفاء الصالحين = عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي 
يا ترى من هم الخلفاء الفاسدين .......... أقصد الصالحين 

المصادر : موقع الشيخ الشيرازي http://www.s-alshirazi.com/monasebat...emam-hasan.htm
موقع الميزان الرافضي : http://www.mezan.net/radalshobohat/7Mahda.htm
موقع روم الغدير : http://www.room-alghadeer.net/KitabA...0B/index02.htm


4 - الملك : من المعروف أن سيدنا الإمام الحسن بن علي - سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم- إنما كان خامس الراشدين وآخرهم ، وقد تحققت به وعليه معجزة جده الرسول الأعظم ، صلى الله عليه وسلم ، في قوله الشريف الخلافة بعدي ثلاثون

سنة وصدق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصدقت معجزته ، فكان للإمام الحسن بن علي من هذه الثلاثين سنة قرابة ستة أشهر ، تتمة لها ، أو سبعة أشهر ، وأحد عشر يوما " - فيما يرى أين عساكر - ومن ثم فهو ، رضوان الله عليه ،

خامس الراشدين ، فلقد أخرج ابن حبان والإمام أحمد عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم تكون ملكا " عضوضا "

يعني ابو بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن رضي الله هنهم


المصدر : http://www.shiaweb.org/shia/imama/pa10b.html شبكة الشيعة العالمية

06‏/05‏/2011

منهج الأشاعرة في العقيدة


منهج علماء الأشاعرة في العقيدة



قال السبكي: سمعت الشيخ الإمام (الوالد) رحمه الله يقول: ما تضمنه عقيدة الطحاوي هو ما يعتقده الاشعري لا يخالفه إلا في ثلاث مسائل ثم قال: قلت: أنا اعلم أن المالكية كلهم أشاعرة لا أستثني أحدا، والشافعية غالبهم أشاعرة لا أستثني إلا من لحق منهم بتجسيم أو اعتزال ممن لا يعبأ الله به، والحنفية أكثرهم أشاعرة، أعني يعتقدون عقد الأشعري، لا يخرج منهم إلا من لحق منهم بالمعتزلة، والحنابلة اكثر فضلاء متقدميهم أشاعرة، لم يخرج منهم عن عقيدة الأشعري إلا من لحق بأهل التجسيم، وهم في هذه الفرقة من الحنابلة أكثر من غيرهم. الطبقات 3/377


أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه

هو الإمام الجليل مجدد المائة الثالثة أبو الحسن على بن إسماعيل بن اسحاق ، ينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري ، أحيا الله به مذهب أهل السنة ، وقمع به مذهب المعتزلة - بعد أن كان ظاهرا - وبقية مذاهب المبتدعة من شيعة وخوارج وقدرية ومرجئة وغيرهم ، وتوفي سنة 324 هـ .

قال الشيخ الإمام أبو الحسن القابسي المالكي رحمه الله " واعلموا ان أبا حسن الأشعري لم يأت من علم الكلام إلا ما أراد به إيضاح السنن والتثبت عليها ، إلى أن يقول القابسي : وما أبو الحسن إلا واحد من جملة القائمين في نصرة الحق ، ما سمعنا من أهل الإنصاف من يؤخره رتبة ذلك ، ولا من يؤثر عليه في عصره غيره ، ومن بعده من أهل الحق سلكوا سبيله ، إلى أن قال : لقد مات الأشعري يوم مات وأهل السنة باكون عليه وأهل البدع مستريحون منه .

وقال الإمام الحافظ البيهقي رحمه الله " .... إلى أن بلغت النوبة شيخنا أبا الحسن الأشعري رحمه الله فلم يحدث في دين الله حدثا ، ولم يأت فيه ببدعة ، بل أخذ أقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في أصول الدين ، فنصرها بزيادة شرح وتبيين ، وأن ما قالوا في بعضه لا يستقيم في الآراء ، فكان في بيانه ... نصرة أقاويل من مضى من الأئمة كأبي حنيفة وسفيان الثوري من أهل الكوفة والأوزاعي وغيره من أهل الشام ، ومن نحا نحوهم من أهل الحجاز وغيرها من سائر البلاد ، ومالك والشافعي من أهل الحرمين ، وكأحمد بن حنبل وغيره من أهل الحديث ، والليث بن سعد وغيره ، وأبي عبدالله بن إسماعيل البخاري وأبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري إمامي أهل الأثر وحفاظ السنن التي عليها مدار الشرع رضي الله عنهم تعالى أجمعين .

والمقصود بإثبات الصفات إثبات  لفظها الوارد في الكتاب والسنة ، وتفويض علمها إلى الله عز وجل ، وعدم التعرض لها بتفسير - وهو الذي ذكره الحافظ ابن كثير فيما أشرت إليه - وهو مذهب أبي الحسن رضي الله عنه .

قال الإمام المحدث ابن عساكر رحمه الله وهو يحكي عقيدة أبي الحسن الأشعري : كتب إليّ الشيخ أبو القاسم نصر بن نصر الواعظ ، يخبرني عن القاضي أبي المعالي ابن عبدالملك ، وذكر أبا الحسن الأشعري فقال : نضر الله وجهه ، وقدس روحه ، فإنه نظر في كتب المعتزلة والجهمية والرافضة ، وإنهم عطلوا وأبطلوا فقالوا : لا علم لله ولا قدرة ولا سمع ولا بصر ولا حياة ولا بقاء ولا إرادة ! وقالت الحشوية والمجسمة والمكيفة المحددة : إن لله علما كالعلوم ، وقدره كالقدر ، وسمعا كالأسماع ، وبصرا كالأبصار !
 

وكذلك : قال جهم بن صفوان : العبد لا يقدر على إحداث شيء ، ولا على كسب شيء ! وقالت المعتزلة : هو قادرٌ على الإحداث والكسب معا ! فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما ، فقال : العبد لا يقدر على الإحداث ، ويقدر على الكسب ، ونفى قدرة  لا كالقدرة ، وسمعا لا كالإسماع ، وبصرا لا كالأبصار .

وكذلك قالت الحشوية المشبهة : إن الله عز وجل يُرى مكيفا محدودا كسائر المرئيات ! وقالت المعتزلة والجهمية والنجارية : إنه عز وجل لا يُرى بحال من الأحوال ! فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما ، فقال : إن لله عز وجل وهو غير محدود ولا مكيف ، فكذلك نراه وهو غير محدود ولا مكيف .

وكذلك : قالت النجارية : إن الباري عز وجل بكل مكان من غير حلول ولا جهة ! وقالت الحشوية والمجسمة : إنه سبحانه حالٌ في العرش ، وأن العرش مكان له ، وهو جالس عليه ! فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما ، فقال : كان ولا مكان ، فخلق العرش والكرسي ، ولم يحتج إلى مكان ، وهو بعد خلق المكان كما كان قبل خلقه .

وقالت المعتزلة : له يدٌ ، يد قدرة ونعمة ، ووجه وجه وجود ، وقالت الحشوية : يده يد جارحة ، ووجهه وجه صورة ! فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال : يده يد صفة ، ووجهه وجه صفة كالسمع والبصر .

وكذلك قالت المعتزلة : النزول نزول بعض آياته وملائكته ، والاستواء بمعنى الاستيلاء ، وقالت المشبهة والحشوية : النزول نزول ذاته ، بحركة وانتقال من مكان إلى مكان ، والاستواء جلوس على العرش ، وحلول فيه ! فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال : النزول صفة من صفاته والاستواء . اهـ .


فإذن مذهب الأشعري مذهب وسط بين الإفراط والتفريط ، بين المعطلة والمشبهة ، أما بالنسبة لرجوع الإمام أبي الحسن وغيره إلى مذهب السلف ، فالمقصود به الرجوع إلى منهجهم في الاستدلال على مسائل العقيدة .

قال فضيلة الشيخ الأستاذ محمد صالح الغرسي حفظه الله :

الذي رجع عنه من رجع منهم ليس هو العقيدة ، وإنما الذي رجعوا عنه هو منهج الاستدلال من الغلو في الاعتماد على العقل ، والجري في ذلك على أساليب الفلاسفة ومناهجهم ، وهم أولا دعاهم إلى ذلك ضرورة رد مذاهب المعتزلة والفلاسفة ، وبيان زيف أصولهم الباطلة ، ورد الشبه التي أتت من قبلهم ليتم الإلزام لهم من باب ( من فمك أدينك ) ، ثم استقر هذا المنهج وصار علما يدرس ، وليس في أصول عقائد الأشاعرة والماتردية ما يخالف الكتاب والسنة حتى يرجعوا عنه . ولو كانوا قد رجعوا عن عقائد معينة لكانوا بينوها وحذروا منها ، فإن ذلك من آكد الواجبات ، ولم يثبت عن أحد منهم شيء من ذلك .

نعم قد رجع بعض العلماء عن التأويل في الصفات الخبرية إلى التفويض ، ومذهب التفويض وإن كان أولى وأسلم إلا أن التأويل بشروطه صحيح ، ثم إنه لا مناص من التأويل في بعض النصوص .
وهذا ما اضطر الإمام أحمد وبعض السلف إلى التأويل في بعضها .


قال العلامة عبد الملك بن عبد الرحمن السعدي البوعباس الحسني الهاشمي : الأشاعرة هم أتباع أبي الحسن الأشعري الذي كان له الفضل الأسبق في تنقية عقائد السنة والجماعة من الشوائب التي اعترتها من عقائد المعتزلة، وكان معظم أفذاذ الأمة وفطاحل علمائها من الأشعريين. الذين لم يبلغ من يطعن بهم كعبهم علماً وورعاً وتقوى، منهم إمام الحرمين والغزالي وابن حجر العسقلاني وفخر الدين الرازي، ولم يكن لهم ذنب إلا أنهم حرصوا على دفع شبه المُجَسِّمَة عن الذات الإلهية التي أثبتت له تعالى الجسم من خلال الآيات والأحاديث المتشابهة التي جاءت تحمل بظاهرها أن لله يداً وعيناً وذراعاً وإصبعاً ونحو ذلك، فقاموا بدحض شبهتهم باللجوء إلى المجاز؛ لأن المُشَبِّه لا يؤمن بنظرية التفويض فلا ترد إلا بنوع من التأويل، وعلى الرغم من ذلك فإنهم كانوا يرون أن التفويض وعدم الخوض في معرفة المراد منها هو الأسلم للعقيدة.


وكانت شبهة من يُكَفِّرهم أنه اتهمهم بأنهم ينفون بعض صفات الله تعالى، حيث ظنوا أن اليد والرجل والعين هي صفات له تعالى كالقدرة والإرادة، فكما أن له قدرة ليست كقدرتنا وعلماً ليس كعلمنا فله يد ليست كيدنا وعين ليست كعيننا.
ولا يخفى أن لفظ اليد والعين والإصبع هي من أسماء الذوات وليست من أسماء الصفات، فإذا أطلقنا اليد تبادر إلى الذهن اليد الجسدية ولكنّا إذا أطلقنا القدرة لا يتبادر إلى الذهن
 قدرة جسدية فالقياس مع الفارق .

فإلقاء الملامة على الأشاعرة في التأويل أمام المُشَبِّهَة اعتداء عليهم وظلم لهم وإنكار لفضلهم على العقيدة فضلاً عن تكفيرهم، فإن من يكفرهم سيكون مشمولاً بقـوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- : ( إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه ) وقال عليه الصلاة والسلام (من دعا رجلاً بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار -أي رجع- عليه ).

وما مَثَلُ مَن يُكَفِّرهم أو يُكَفِّر الإمام الأشعري إلا كمَثَلِ فَرَّاشٍ في مستشفى رأى طبيباً متخصصاً يحمل أعلى شهادة في الطب ويحمل أعلى الألقاب العلمية، وقد قرأ الفَرَّاش أو تعلم كيف يضمد الجرح وبعد تعلمه كيف يضمد الجرح أخذ يتطاول على الطبيب وينسب إليه الخطأ والجهل ويطعن به ويُشَكِّك الناس في معلوماته.

ثم إن الأشعري لم يُنكر هذه الصفات بل أَوَّلَها من الذوات التي تدل على الجسمية إلى الصفات، فالعين ذات والرعاية صفة، واليد ذات والنعمة أو السيطرة صفة وهكذا، إذن هو مثبت لها وليس نافياً.

وقد ذهب الشيخ ( القرضاوي ) إلى ترجيح مذهب السلف‚ ولم يكن هذا التأييد نابعا من هوى‚ ولا تماشيا مع الموجة التي تجعل بعضا من العلماء يحاولون عدم التعرض لها‚ وإنما كان الترجيح لأمور‚ أهمها:أولاإن العقل الإنساني قاصر عن إدراك كنه صفات الله تعالى‚ كما هو قاصر عن إدراك ذاته‚ فمن المحال أن يدرك المخلوق كنه الخالق‚ ويحيط المحدود المحدث الفاني العاجز بالكائن المطلق الكامل الأزلي.

ثانيا: أننا لا نأمن -إذا خضنا لجة التأويل‚ وصرفنا النصوص بإطلاق عن ظواهرها إلى معان نراها نحن بعقولنا أليق بكمال الله سبحانه- أن ننسب إلى الله تعالى من الأوصاف ما لم يرده‚ وننفي عنه من الصفات ما لم يرد نفيه‚ وبذلك نكون من الذين يقولون على الله ما لا يعلمون.

ثالثاأن السلف يخشون من فتح باب التأويل: أن يكون ذريعة لدخول الزنادقة والملاحدة وأعداء الإسلام الذين يريدون أن يهدموه من الداخل‚ كالباطنية ومن دار في فلكهم من الفلاسفة‚ ومنحرفي المتصوفة‚ وغلاة الفرق‚ ويعطيهم سندا‚ في صرف آيات الكتاب عن مدلولاتها وظواهرها.

رابعاأن مذهب السلف أسلم بالإجماع‚ لأن فيه إثبات ما أثبته الله تعالى‚ ونفي ما نفاه في كتابه وعلى لسان رسوله‚ مع الجزم بنفي التكييف والتشبيه عن الله تعالى (ليس كمثله شي.

خامسا:وهذا الوجه مبني على ما سبقه‚ من أن مذهب السلف في التسليم -حسب ما ذكرناه- مسلّم به ومتفق عليه من الجميع‚ والأولى في قضايا العقيدة وأصول الدين: أن يعتصم الإنسان طالب النجاة بالمتفق عليه‚ فهو أحوط له‚ وأحزم لأمره‚ وأصون لدينه.

سادساولعل مما يؤيد ما قلناه في ترجيح مذهب السلف: أننا وجدنا عددا من كبار الذين خاضوا لجج التأويل‚ ونصروا مذهب الخلف‚ عادوا في أواخر أعمارهم إلى محجة السلف‚ وأيدوا وجهتهم.

كما أن الشيخ ( القرضاوي ) في مسألة آيات الصفات يرى ألا تجمع في مكان واحد كما يفعل البعض‚ فيتوهم الله شخصا مكونا من أعضاء يقول الشيخ ـ حفظه الله ـ: وتلك الحقيقة: أن تعرض هذه الصفات كما وردت في كتاب الله تعالى وسنة رسوله‚ أعني: أن تذكر مفرقة لا مجموعة‚ فكل مسلم يؤمن بها ويثبتها لله تعالى كما جاءت.فليس مما يوافق الكتاب والسنة جمعها في نسق واحد يوهم تصور ما لا يليق بكمال الله تعالى‚كما يقول بعضهم: يجب أن تؤمن بأن لله تعالى وجها‚ وأعينا‚ ويدين‚ وأصابع‚ وساقا ‚‚‚ إلخ ‚ فإن سياقها مجتمعة بهذه الصورة قد يوهم بأن الله تعالى وتقدس كل مركب من أجزاء‚ أو جسم مكون من أعضاء.ولم يعرضها القرآن الكريم ولا الحديث الشريف بهذه الصورة‚ولم يشترط الرسول لدخول أحد في الإسلام أن يؤمن بالله تعالى بهذا التفصيل المذكور.ولم يرد أن الصحابة وتابعيهم بإحسان كانوا يعلمون الناس العقيدة بجمع هذه الصفات‚ كما تجمع في بعض الكتب المؤلفة في ذلك.


موقف الشيخ ( القرضاوي ) من العوام
ولما كانت هذه القضية من القضايا الشائكة‚ والتي ربما يستعصي فهمها على عوام الناس‚ الذين لا يستطيعون الغوص في لجج العلم‚ فقد اختار الشيخ موقفا خاصا للعوام ـ وهو موقف ابن الجوزي‚ وإمام الحرمين‚ والغزالي ـ قال فيه:والذي أوثره وأرجحه هنا أن نعتصم بأمور أربعة
1-  أن نثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه في كتابه‚ وعلى لسان رسوله‚ فنصفه بما وصف به نفسه‚ وما تمدح لنا به‚ وأراد أن يعرفنا به من أوصافه أو أفعاله‚ ولا نخاف من إطلاقها مادام القرآن قد أطلقها‚ والرسول قد ذكرها‚ فلسنا أغير على ربنا منه عز وجل‚ ولا أغير عليه من رسوله صلى الله عليه وسلم‚ ولا أحرص على التقديس والتنزيه لله جل شأنه منهما.
2-  ألا نزيد من عند أنفسنا على ما وصف به نفسه‚ أو نغير عبارة القرآن أو السنة بعبارة من عندنا‚ فهذا قد يدخلنا في مأزِق‚ أو يوقعنا في مزلق‚ تزل به أقدامنا‚ وإنما نلتزم العبارات الشرعية كما وردت.
3- ألا نجمع هذه الصفات أو الأفعال الموهمة لمشابهة الخلق في نسق واحد‚ أو في سياق واحد‚ بل نوردها كما أوردها القرآن‚ وكما أوردتها السنة في مناسباتها‚ وفي سياقاتها المختلفة.
4- أن نؤكد أبدا ما دلت عليه النصوص القاطعة‚ وأجمعت عليه الأمة بكل طوائفها ومدارسها: سلفيين وخلفيين‚ من تنزيهه -جل ثناؤه- عن مشابهة شيء من خلقه بحال من الأحوال‚ وكل ما وصف الله تعالى به نفسه‚ في كتابه أو على لسان رسوله‚ مما يشترك فيه مع المخلوقين‚ فهو ثابت له سبحانه بما يليق بكماله وجلاله وعظمته‚ ويتنزه عن مشابهة المخلوقين فيه.


رأي الشيخ ( القرضاوي ) في الخلاف القائم بين أتباع السلف وأتباع الخلف:

وقد أغضب الشيخ موقف المثبتين من المؤولين‚ وموقف المؤولين من المثبتين‚ لأنه يرى أن الخلاف ليس خلافا كبيرا كما يتوهم البعض‚ وأنه لا يوجب تكفير أحد الفريقين للآخر‚ أو حتى تأثيمه وتضليله‚ أو تبديعه وتفسيقه‚ لذا قال الشيخ:أعتقد أن الخلاف بين المنهجين أو المذهبين لا يوجب تكفير أحدهما للآخر‚ بمعنى الحكم عليه أنه كافر كفرا أكبر يخرج من ملة الإسلام !! فهذا ما لا ينشرح له صدر مسلم ولا يقبله عقل عالم‚ بل أرى أن الخلاف في هذه القضية لا يحتمل تأثيما ولا تفسيقا ولا تبديعا‚ إنما أقصى ما فيه: أن يكون خلافا بين مصيب ومخطئ‚ أو مصيب وأصوب منه.وكيف يجرؤ عالم متمكن: أن يفسق أو يؤثم أو يبدع أساطين علماء الأمة‚ الذين حملوا شريعتها‚ وذادوا عن عقيدتها‚ وتصدوا لخصوم دعوتها‚ وعاشوا أعمارهم دعاة ومصلحين‚ وعلماء عاملين‚ أمثال الباقلاني‚ والاسفرايني‚ والماتريدي‚ والغزالي‚ والرازي‚ وابن عبد السلام‚ وابن دقيق العبد‚ والرافعي‚ والنووي‚ وابن الهمام‚ والزركشي‚ والعراقي‚ وابن حجر‚ والسيوطي‚ وغيرهم من الفحول المتبحرين في علوم العقيدة والشريعة ؟!!وهم ـ حين أولوا ما أولوا ـ لم يخرجوا عن سنن العربية في مخاطباتها‚ ولهم سلف من الصحابة الذين روي عنهم التأويل كما روي عنهم التفويض ‚ أو الإثبات ‚ مثل ما روي عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما.كما أنهم لم يقصدوا بذلك إلا أن يفهموا الناس معاني كتاب الله ‚ وأن يدافعوا عنه أمام المحرِّفين والمبطلين.وكما عاب الشيخ موقف السلفين ألقى كذلك باللوم على المتطاولين من المؤولين فقال: وإذا كنا نعيب على بعض السلفيين غلوهم في تكفير بعض المسلمين من المؤولين وغيرهم‚ أو تفسيقهم وتأثيمهم.فإننا نعيب كذلك على بعض مخالفيهم الغلو في اتهام هؤلاء السلفيين بل أئمتهم وشيوخهم- بالضلال والمروق‚ وتقويلهم ما لم يقولوه في دين الله .

ولكني أطالب إخواننا السلفيين هنا أن يكفوا عن تكفير من يخالفهم فيما ذهبوا إليه من الإثبات المطلق ‚ وألا يعتبروا التأويل إذا أيدته القرائن ضلالا ولا انحرافا‚ بله أن يكون كفرا ومروقا من الدين.ويقول في كتاب آخرومع ترجيحي رأي السلف في ترك التأويل في أمور الألوهية والغيب‚ لا أضلل المؤولين من كبار علماء الأمة‚ لا أكفرهم ولا أفسقهم‚ لأنهم قصدوا بتأويلهم الدفاع عن أصول الدين في مواجهة أعدائه‚ ولأن تأويلهم في إطار ما تحمله لغة العرب.إختيارنا لرأى الدكتور يوسف القرضاوى لهذا المنهج للأسباب الآتية :


رأي الشيخ ( القرضاوي ) في آيات الصفات وأحاديثها
وللعلم فإن الشيخ في مسألة آيات الصفات يرى ترجيح مذهب السلف على رأي الخلف‚ وهو في هذا موافق لشيخه البنا رحمه الله‚ يقول القرضاوي: وأنا أرجح رأي السلف ـ وهو ترك الخوض في لجج التأويل‚ مع تأكيد التنزيه ـ فيما يتعلق بشؤون الألوهية وعوالم الغيب والآخرة‚ فهو المنهج الأسلم‚ إلا ما أوجبته ضرورة الشرع أو العقل أو الحس‚ في إطار ما تحتمه الألفاظهذا كلام الشيخ الذي ردده في كثير من كتبه‚ ولكنه أفصح عن أمر آخر أكثر إيضاحا لموقفه من قضية الصفات في كتابه: «فصول في العقيدة بين السلف والخلف» (تحت الطبع) وسأنقل هنا موقف الشيخ ‚ يقول الشيخ حفظه الله:أود أن أبوح بسر للقارئ الكريم‚ فقد كنت كوّنت رأيا منذ سنوات في موضوعنا هذا‚ وهو ما يتعلق بما سموه : )آيات الصفات(  أو  )أحاديث الصفات(.ويتلخص هذا الرأي أو هذا الموقف في ترجيح المذهب المشهور عن السلف رضي الله عنهم‚ وهوالسكوت وعدم الخوض أو التفويض.ولكني بعد أن عشت في الموضوع منذ سنوات‚ ثم عكفت عليه في السنتين الأخيرتين‚ وتوسعت في القراءة والدراسة والبحث والمقارنة بين أقوال المدارس المختلفة من المتكلمين والأثريين‚ أو السلف والخلف‚ أو الحنابلة وغيرهم‚من المثبتين والمفوضين والمؤولين‚ من مبالغين ومعتدلين في كل فريق: اتضح لي بعد ذلك أمور لم تكن واضحة عندي من قبل بالقدر الكافي‚ ورأيت أن من التبسيط المخل: أن نسكت ونغلق أفواهنا عن الكلام في الموضوع‚ ونحسب أن القضية قد حسمت بذلك.فالحق أن النصوص الواردة في الموضوع ليست كلها في مستوى واحد‚ لا من حيث ثبوتها‚ ولا من حيث دلالتها‚ كما أن المروي عن السلف في هذا الأمر ليس كله ذا مفهوم واحد أو نسق واحد.فما خلاصة الموقف من هذه القضية التي طال فيها الجدال‚ واستحال إلى صراع ونزال‚ أو حراب وقتال؟

أولا: النصوص التي تضيف إلى الله تعالى صفات هي في البشر انفعالات نفسية (فعلية) ‚ مثل: الرحمة والرضا والغضب‚ والمحبة والكراهية‚ والفرح والغيرة‚ والعجب ونحوها‚ وقد ثبتت بآيات القرآن العزيز‚ أو بالسنة الصحيحة: نثبت هذه الصفات لله سبحانه وتعالى‚ كما أثبتها لنفسه‚ في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم‚ ونحن مطمئنون كل الاطمئنان‚ ولا نلتمس لها تأويلا‚ إذ لا حاجة إليه‚ ولا نتوقف فيها‚ لأنها بيّنة واضحة المعنى‚ وهذا هو مذهب السلف فيها.فلا داعي لأن نقول: المراد بالرضا: إرادة الإنعام‚ أو الإنعام نفسه‚ أو بالغضب: إرادة الانتقام‚أو الانتقام ذاته‚ أو بالمحبة: إرادة الثواب‚ أو الثواب نفسه‚ لنردّ كل هذه الصفات إلى صفة الإرادة أو صفة القدرة‚ كما يفعل كثير من المتكلمين.


ثانيا: النصوص التي تثبت الفوقية والعلو لله تعالى‚ نثبتها كما أثبتها الله تعالى لنفسه‚ لما جاءت به النصوص الغزيرة الوفيرة في القرآن والسنة‚ مثل قوله تعالى: «أأمنتم من في السماء» «بل رفعه الله إليه» والأحاديث الكثيرة التي ذكرت أن الله في السماء‚ أو فوق سبع سماوات: مثل: «يرحمكم من في السماء».كل هذه النصوص نثبت ما دلت عليه من وصف لله تعالى‚ ولكنا نفسر هذا الإثبات بما فسره به المحققون من علماء المنهج السلفي‚ لا بما يفهمه السطحيون من الحشوية الظاهرية‚ وبعض غلاة الحنابلة.

ثالثا: النصوص التي يوحي ظاهرها بإفادة التجسيم والتركيب‚ لله عز وجل مثل النصوص التي تثبت لله تعالى: الوجه واليد واليدين والعين والعينين والقدم والرجل والساق والأصابع والأنامل والساعد والذراع و الحقو والجنب‚ ونحوها‚ مما هو في المخلوق أعضاء وجوارح في الجسم‚ فهذه النصوص يرجح تأويلها إذا كان التأويل قريبا غير بعيد‚ مقبولا غير متكلف‚ جاريا على ما يقتضيه لسان العرب وخطابهم‚ وهذا التأويل ليس واجبا‚ ولكنه أحق وأولى من الإثبات الذي قد يوهم إثبات المحال لله تعالى‚ ومن السكوت والتوقف‚ ومن التأويل البعيد.وهذا التأويل ليس لازما‚ فمن لم يسترح إليه يستطيع أن يفوض في هذه النصوص‚ كما فوض كثيرون من السلف والخلف أو أن يثبت بلا كيف ‚ كما يرى الإمام ابن تيمية ( مع التحفظ على منهج الإمام بن تيمية فى الأسماء والصفات مع إحترامنا له كإمام كبير ) ومدرسته: لزوم الإثبات بلا تكييف ولا تعطيل‚ ولا تشبيه ولا تمثيل.وموقفنا هذا الذي اخترناه من جواز التأويل إن كان قريبا مقبولا‚ كما قال ابن عبد السلام وابن دقيق العيد‚ أو اختيار مذهب السلف إن كان التأويل غير قريب ولا مستساغ‚ سواء فسرنا مذهب السلف بالسكوت والتفويض أم فسرناه بالإثبات بلا تكييف ( أي إثبات المعلوم وتفويض الكيف ).



قال الشاطبي ( من أراد تفهم القرآن فمن جهة لسان العرب يفهم ولا سبيل إلى تطلب فهمه من غير هذه الجهة). وقال ابن عباس رضي الله عنه : (الشعر ديوان العرب فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزله الله بلغة العرب رجعنا إلى ديوانها فلتمسنا ذلك). وفي رواية قال: (إذا سألتموني عن غريب القرآن فلتمسوه في الشعر فإن الشعر ديوان العرب . قال عمر رضي الله عنه: ( أيها الناس تمسكوا بديوان شعركم في جاهليتكم فإن فيه تفسير كتابكم )

هذا الموقف قد اختاره الأئمة المعتدلون المرضيون عند جمهور الأمة‚ مثل الإمام أبي سليمان الخطابي‚ والإمام أبي بكر البيهقي‚ والإمام أبي زكريا النووي‚ والإمام ابن كثير‚ والحافظ بن حجر‚ وغيرهم.



والحمد لله رب العالمين 

11‏/04‏/2011

موالاة الخليفتين لتثبيت أحاديث الثقلين


أحاديث الثقلين

سمّاهما رسول الله صلى الله وعليه وعلى آله وسلم ثقلين لعظم خطرهما وجلالة قدرهما



 أحاديث الثقلين جائت بطرق كثيرة وبأساليب متعددة, ولا يمكن أن نفهم الأحاديث إلا من خلال تجميعها وفهم سياقها , ولا ينبغي الإعتماد على رواية واحدة , وعلى سبيل المثال جاء في سنن الترمذي في باب مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه - وعلى آله - وسلم عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما قالا


قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما

وهناك حديث آخر مشابه عن مالك بن أنس مرسلا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 

تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله وسنة رسوله



فاشتعل الصراع بين السنة والشيعة حول صحة حديثي كتاب الله وعترتي وكتاب الله وسنتي , لكن الأمر ليس كذلك , لا يوجد أي تعارض بين الروايتين إطلاقاً 

جاء في مسند الإمام زيد بن علي في باب حديث الثقلين : (( حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام قال: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه والبيت غاص بمن فيه قال: (( ادعوا لي الحسن والحسين فدعوتهما فجعل يلثمهما حتى أغمي عليه، قال: فجعل علي عليه السلام يرفعهما عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ففتح عينيه فقال: دعهما يتمتعان مني وأتمتع منهما فإنه سيصيبهما بعدي أثرةٌ، ثم قال: يا أيها الناس إني خلفت فيكم كتاب الله وسنتي وعترتي أهل بيتي فالمضيع لكتاب الله كالمضيع لسنتي، والمضيع لسنتي كالمضيع لعترتي، أما إن ذلك لن يفترقا حتى ألقاه على الحوض )). (1)
رووا عن أبي جعفر عن رسول الله أنه قال « فإذا أتاكم الحديث عني فأعرضوه على كتاب الله وسنتي، فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به، وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به» (الاحتجاج2/246 للطبرسي بحار الأنوار2/225 الصراط المستقيم للبياضي3/156 ).

وجاء في الكافي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « إني مسئول عن تبليغ هذه الرسالة وأما أنتم فتسألون عما حملتم من كتاب الله وسنتي» (الكافي2/606 التفسير الصافي1/17 و3/443).

وقد تكلمت كتب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية عن ضرورة التمسك بالسنة، وجاء في كتاب الكافي للكليني أن من رد شيئاً من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد كفر (الكافي الأصول 59:1 باب الرد إلى كتاب الله والسنة. و 70:1 باب فضل العلم).

وقد ذكر الحلي بأن الشيعي والسني لا يختلفان في أن السنة هي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن (المختصر النافع ص17).

وقد رووا عن علي أنه قال » علينا العمل بكتاب الله وسيرة رسوله ، والنعش لسنته « (نهج البلاغة 82:2). 

بل رووا عن أبي عبد الله أنه قال «من خالف كتاب الله وسنة محمد فقد كفر» (وسائل الشيعة27/111 ح 33349 مستدرك الوسائل1/80).

وأسند الصدوق إلى عبد الله بن أوفى قوله «آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وترك عليا فقال له: آخيتَ بين أصحابك وتركتني؟ فقال: والذي نفسي بيده ما أبقيتك إلا لنفسي، أنت أخي ووصيي ووارثي. قال: وما أرث منك يا رسول الله؟ قال: ما أورث النبيون قبلي: كتاب ربهم وسنة نبيهم» (الأمالي للصدوق346 تفسير الميزان 8/117 للطباطبائي كتاب الأربعين للماحوزي ص236).

وجاء في كتاب الإحتجاج للطبرسي » فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنتي

قوله : " أحدهما " وهو كتاب الله " أعظم من الآخر " وهو العترة " كتاب الله " بالنصب وبالرفع " حبل ممدود " أي : هو حبل ممدود ومن السماء إلى الأرض يوصل العبد إلى ربه ويتوسل به إلى قربه " وعترتي " أي : والثاني عترتي " أهل بيتي " بيان لعترتي

والعترة في اللغة تعني غصن الشجرة .... لذلك جاء اللفظ عترتي أهل بيتي

المقصود بالحبل القرآن الكريم ... والدليل كما قال الله تعالى

 (
وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ( 



والاعتصام افتعال من العصمة ، وهو التمسك بما يعصمك ، ويمنعك من المحذور والمخوف ، فالعصمة : الحمية ، والاعتصام : الاحتماء ، ومنه سميت القلاع : العواصم ، لمنعها وحمايتها . 

ومدار السعادة الدنيوية والأخروية على الاعتصام بالله ، والاعتصام بحبله ، ولا نجاة إلا لمن تمسك بهاتين العصمتين . 

فأما الاعتصام بحبله فإنه يعصم من الضلالة ، والاعتصام به يعصم من الهلكة ، فإن السائر إلى الله كالسائر على طريق نحو مقصده ، فهو محتاج إلى هداية الطريق ، والسلامة فيها ، فلا يصل إلى مقصده إلا بعد حصول هذين الأمرين له ، فالدليل كفيل بعصمته من الضلالة ، وأن يهديه إلى الطريق ، والعدة والقوة والسلاح التي بها تحصل له السلامة من قطاع الطريق وآفاتها . 

فالاعتصام بحبل الله يوجب له الهداية واتباع الدليل ، والاعتصام بالله ، يوجب له القوة والعدة والسلاح ، والمادة التي يستلئم بها في طريقه ، ولهذا اختلفت عبارات السلف في الاعتصام بحبل الله ، بعد إشارتهم كلهم إلى هذا المعنى . 

فقال ابن عباس : تمسكوا بدين الله . 

وقال ابن مسعود : هو الجماعة ، وقال : عليكم بالجماعة ، فإنها حبل الله الذي أمر به ، وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة. 

وقال مجاهد و عطاء : بعهد الله ، وقال قتادة و السدي وكثير من أهل التفسير : هو القرآن . 

قال ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه - وعلى آله - وسلم إن هذا القرآن هو حبل الله ، وهو النور المبين ، والشفاء النافع ، وعصمة من تمسك به ، ونجاة من تبعه
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه – وعلى آله - وسلم في القرآن هو حبل الله المتين ، ولا تختلف به الألسن ، ولا يخلق على كثرة الرد ، ولا يشبع منه العلماء .

وقال مقاتل : بأمر الله وطاعته ، ولا تفرقوا كما تفرقت اليهود والنصارى .
وفي الموطأ من حديث مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يرضى لكم ثلاثا ، ويسخط لكم ثلاثا ، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ، ويسخط لكم قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال رواه مسلم في الصحيح . 

قال صاحب المنازل : الاعتصام بحبل الله هو المحافظة على طاعته ، مراقبا لأمره .
ويريد بمراقبة الأمر القيام بالطاعة لأجل أن الله أمر بها وأحبها ، لا لمجرد العادة ، أو لعلة باعثة سوى امتثال الأمر ، كما قال طلق بن حبيب في التقوى : هي العمل بطاعة الله على نور من الله ، ترجو ثواب الله ، وترك معصية الله على نور من الله ، تخاف عقاب الله .


قال الطيبي في قوله : " إني تارك فيكم إشارة " إلى أنهما بمنزلة التوأمين الخلفين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنه يوصي الأمة بحسن المخالقة معهما وإيثار حقهما على أنفسهم كما يوصي الأب المشفق الناس في حق أولاده ، ويعضده ما في حديث زيد بن أرقم عند مسلم : أذكركم الله في أهل بيتي كما يقول الأب المشفق : الله الله في حق أولادي " ولن يتفرقا " أي : كتاب الله وعترتي في مواقف القيامة " حتى يردا علي " بتشديد الياء " الحوض " أي : الكوثر يعني فيشكرانكم صنيعكم عندي " فانظروا كيف تخلفوني " بتشديد النون وتخفف أي : كيف تكونون بعدي خلفاء أي : عاملين متمسكين بهما


قال الطيبي : لعل السر في هذه التوصية واقتران العترة بالقرآن أن إيجاب محبتهم لائح من معنى قوله تعالى قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى فإنه تعالى جعل شكر إنعامه وإحسانه بالقرآن منوطا بمحبتهم على سبيل الحصر فكأنه -صلى الله عليه وسلم- يوصي الأمة بقيام الشكر ، وقيل : تلك النعمة به ويحذرهم عن الكفران فمن أقام بالوصية وشكر تلك الصنيعة بحسن الخلافة فيهما لن يفترقا فلا يفارقانه في مواطن القيامة ومشاهدها حتى يرد الحوض فشكرا صنيعه عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحينئذ هو بنفسه يكافئه ، والله تعالى يجازيه بالجزاء الأوفى



ومن أضاع الوصية وكفر النعمة فحكمه على العكس ، وعلى هذا التأويل حسن موقع قوله " فانظروا كيف تخلفوني فيهما " ، والنظر بمعنى التأمل والتفكر أي : تأملوا واستعملوا الروية في استخلافي إياكم هل تكونون خلف صدق ، أو خلف سوء . قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) وأخرجه مسلم من وجه آخر ولفظه : ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي الحديث .



نسب وصهر الرسول باقي إلى يوم القيامة


( أن عمر بن الخطاب خطب إلى علي ابنته (أم كلثوم) فاعتل بصغرها وقال : إني أعددتها لابن أخي جعفر ، فقال عمر : إني والله ما أردت بها الباءة ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة غير سببي ونسبي ) (2)


وفي السلسلة الصحيحة للألباني , عن المسور بن مخزمة : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( فاطمة شجنة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها وإن الأنساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي وسببي وصهري )


حدثنا أحمد بن منصور ثنا داود بن عمرو ثنا صالح بن موسى بن عبدالله قال: حدثني عبدالعزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اني قد خلفت فيكم اثنين كتاب الله ونسبي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض". (3)


أن كما الله تعهد بحفظ القرآن الكريم من التحريف إلى يوم القيامة كذلك تعهد بحفظ نسل الرسول صلى الله عليه وعلى آله إلى يوم القيامة....(ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض) وقال (كل سبب و نسب منقطع يوم القيامة ، إلا سببي ونسبي وصهري)


وصهر الرسول هو الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه , أي أبناء فاطمة الحسن والحسين عليهما السلام



 وكذلك الاهتمام بالقرآن الكريم المحفوظ من التحريف والنقص وهو الثقل الأكبر والأعظم كذلك يجب أن نهتم بعترة الرسول ونكرمهم وهو الثقل الأصغر


 فالرافضة الإمامية الإثنى عشرية لا يهتمون بالثقل الأكبر( المحرف كما في معتقدهم ) ولا بالثقل الأصغر .... واقتصروا أهل البيت في إثنى عشر إماماً معصوماً فقط من ذرية الحسين عليه السلام !!! , وأما الحسن عليه السلام وذريته , فهم مذلولين لأن الحسن عليه السلام كما عندهم مذل المؤمنين , وكما يقولون السبب أنه بايع معاوية فأراد الله أن يعاقبة ويجعل الإمامة في ذرية الحسين فقط


فأهل البيت ليسوا إثنى عشر إماماً من ذرية الحسين فقط وليسوا بمعصومين , قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله: ( إنما مثلي ومثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق .) وهذا يدل على أن ذرية الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليسوا بمعصومون وانهم معرضون للخطأ

وإذا لم يتبعوا التعاليم الإسلامية سيدخلون جهنم كما حصل مع إبن النبي نوح عليه الصلاة والسلام

الامام زيد ما كان يؤمن بنظرية العصمة والإثنى عشرية ، وكان يختلف مع أخيه الباقر في بعض المسائل .

أئمة أهل البيت كثير ومن أبرزهم : زيد بن علي ، والباقر ، وأبوه زين العابدين ، وعبد الله المحض ، والنّفس الزكية ، والحسين الفخّي ، والكاظم ، وإدريس بن عبدالله ، وأحمد بن عيسى ، والقاسم الرّسي ، وغيرهم من أئمّة أهل البيت عليهم السلام من أبناء الحسن وأبناء الحسين .

موقف الحسن بن المثنى رحمه الله رحمةً واسعة كما في سير أعلام النبلاء للذهبي


وقال يوما لرجل من الرافضة: والله إن قتلك لقربة إلى الله، عز وجل. فقال له الرجل: إنك تمزح. فقال: والله ما هذا مني بمزح ولكنه الجد. وقال له آخر منهم: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه ؟ فقال: بلى، ولو أراد الخلافة لخطب الناس فقال: أيها الناس، اعلموا أن هذا ولي أمركم وهو القائم عليكم من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا، والله لئن كان الله ورسوله اختار عليا لهذا الأمر ثم تركه علي لكان أول من ترك أمر الله ورسوله. وقال لهم أيضا: والله لئن ولينا من الأمر شيئا لنقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لا نقبل لكم توبة، ويلكم غررتمونا من أنفسنا، ويلكم لو كانت القرابة تنفع بلا عمل لنفعت أباه وأمه. فلو كان ما تقولون فينا حقا لكان آباؤنا إذ لم يعلمونا بذلك قد ظلمونا وكتموا عنا أفضل الأمور، والله إني لأخشى أن يضاعف للعاصي منا العذاب ضعفين، كما إني لأرجو للمحسن منا أن يكون له الأجر مرتين، ويلكم أحبونا إن أطعنا الله، وأبغضونا إن عصينا الله .

وروي : أن سأل رجل الحسن رضي الله عنه ذات يوم:

أتخاف من عذاب الله وعندك أسباب النجاة؟

ابن رسول الله وشفاعته لك ورحمة الله التي وسعت كل شيء ؟

فقال الحسن رضي الله عنه أما إني ابن رسول الله ( فالله تعالى يقول: (إذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) [المؤمنون: 101] 

وأما عن الشفاعة فالله سبحانه وتعالى يقول: (من ذا
الذي يشفع عنده إلا بإذنه)  البقرة: 255

وإما الرحمة التي وسعت كل شيء فالله يقول: (فسأكتبها للذين يتقون ) الأعراف: 156 فكيف الأمان بعد ذلك ؟!

 وإذا أخذنا بسريان مصطلح "أهل البيت" على سلالة الحسن والحسين "رض" ‏‏– وهي تسمية، من ناحية استحقاق فضل أو كفاءة، لا تقدّم ولا تؤخّر -  فهاهو ‏الإمام القاسم بن محمد (10) يورد عن الإمام زيد بن علي "رض" قوله: "إنما نحن ‏مثل الناس، منا المخطئ ومنا المصيب، فسائلونا ولا تقبلوا منا إلا ما وافق كتاب الله ‏وسنة نبيه "ص"".(11) وبالتالي فإن ما كرّسته "الوثيقة" من حاكمية "أهل ‏البيت" وأنهم مرجعية فهم القرآن الكريم والسنة المطهرة، أمر لا قيمة له، ذلك أن ‏‏"أهل البيت" في ما يذهبون إليه – شأنهم شأن غيرهم – معرضون للخطأ والزلل، ‏ومن ثم فإن القطعي في دلالته من القرآن الكريم، وقطعي الثبوت والدلالة من السنة ‏المطهرة، هو الحاكم على "أهل البيت" وغير "أهل البيت".‏
 وفي صحيح البخاري عن أبي بكر الصديق : والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي


وقال رضي الله عنه رضي الله عنه : ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته . 

جاء في مسند أحمد ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه قال : فزاد الناس بعد وال من والاه وعاد من عاداه) حينئذ قال عمر بن الخطاب لعلي رضي الله عنهم : ( هَنِيئًا لَكَ ، أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ )


عن علي بن ابي طالب كرم الله وجهه قال : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم حضر الشجرة بخم ثم خرج آخذا بيد علي رضي الله عنه قال : ألستم تشهدون أن الله – تبارك وتعالى – ربكم ؟ قالوا : بلى . قال صلى الله عليه وسلم : ألستم تشهدون أن الله – عز وجل – ورسوله أولى بكم من أنفسكم ، وأن الله – تعالى – ورسوله ( أولياؤكم ) ؟ فقالوا : بلى . قال : فمن كان الله ورسوله مولاه ، فإن هذا مولاه ، وقد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا : كتاب الله – تعالى – سببه بيده ، وسببه بأيديكم ، وأهل بيتي . ) (4)


عن علي بن ابي طالب كرم الله وجهه قال : ( نشد علي الناس في الرحبة من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم إلا قام فقام من قبل سعيد ستة ومن قبل زيد ستة فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي رضي الله عنه يوم غدير خم أليس الله أولى بالمؤمنين قالوا بلى قال اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه . ) (5)



وكذلك حديث الثقلين الأصح والمشهور عند أهل السنة في صحيح مسلم


 عن يزيد بن حيان (انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم . فلما جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت ، يا زيد ! خيرا كثيرا . رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم . وسمعت حديثه . وغزوت معه . وصليت خلفه . لقد لقيت ، يا زيد خيرا كثيرا . حدثنا ، يا زيد ! ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : يا ابن أخي ! والله ! لقد كبرت سني . وقدم عهدي . ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فما حدثتكم فاقبلوا . وما لا ، فلا تكلفونيه . ثم قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا . بماء يدعى خما . بين مكة والمدينة . فحمد الله وأثنى عليه . ووعظ وذكر . ثم قال " أما بعد . ألا أيها الناس ! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب . وأنا تارك فيكم ثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله . واستمسكوا به " فحث على كتاب الله ورغب فيه . ثم قال " وأهل بيتي . أذكركم الله في أهل بيتي . أذكركم الله في أهل بيتي . أذكركم الله في أهل بيتي " . فقال له حصين : ومن أهل بيته ؟ يا زيد ! أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال : نساؤه من أهل بيته . ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده . قال : وهم ؟ قال : هم آل علي ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عباس . قال : كل هؤلاء حرم الصدقة ؟ قال : نعم . وزاد في حديث جرير " كتاب الله فيه الهدى والنور . من استمسك به ، وأخذ به ، كان على الهدى . ومن أخطأه ، ضل " . وفي رواية : دخلنا عليه فقلنا له : قد رأيت خيرا . لقد صاحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصليت خلفه . وساق الحديث بنحو حديث أبي حيان . غير أنه قال " ألا وإني تارك فيكم ثقلين : أحدهما كتاب الله عز وجل . هو حبل الله . من اتبعه كان على الهدى . ومن تركه كان على ضلالة " . وفيه : فقلنا : من أهل بيته ؟ نساؤه ؟ قال : لا . وايم الله ! إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر . ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها . أهل بيته أصله ، وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده ")



فنستنتج من خلال الأحاديث 

1. أهل البيت عليهم السلام بشكل عام :


زوجات الرسول و كل بني هاشم وذريته المؤمنين الذين حرمت عليهم الصدقة

2. وبشكل خاص :


كل من حرمت عليه الصدقة من بني هاشم

3. وبشكل أخص أو تخصيصاً :


أهل الكساء عليهم السلام



وفي صحيح مسلم , حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير واللفظ لأبي بكر قالا : حدثنا محمد بن بشر ، عن زكريا ، عن مصعب بن شيبة ، عن صفية ابنة شيبة قالت : قالت عائشة – أم المؤمنين - : خرج النبي غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا "

ففي صحيح الترمذي عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: لما نزلت هذه الآية على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ( إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً ): في بيت أم سلمة؛ فدعا فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره فجلله بكساء ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهـم الرجس وطهـــرهم تطهيرا قالت أم سلمة: وأنا معهم يا نبي الله؟ قال: أنت على مكانك، وأنك على خير
إن الذي ينكر على أزواج النبي أنهن لسن من آل البيت فهو إما بجاهل أو حاقد أو غبي , لأن الآيات نزلت على النساء في القرآن , في سورة الأحزاب لأزواج النبي محمد و هود لأزواج النبي إبراهيم والقصص لأم موسى عليهم الصلاة وأفضل التسليم .

وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [الأحزاب : 33]


قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ [هود : 73]

( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ) [القصص 12] 



نحن العرب عندما نزور أقاربنا نقول لهم : السلام عليكم أهل البيت .... والنبي عليه الصلاة والسلام عندما دخل على عائشة أم المؤمنين قال لها : السلام عليكم أهل البيت كما قال لفاطمة - عليها السلام - 



عن أنس بن مالك رضي الله عنه في صحيح البخاري : بني على النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش بخبز ولحم ، فأرسلت على الطعام داعيا ، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون ، ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرجون ، فدعوت حتى ما أجد أحدا أدعوا ، فقلت : يا نبي الله ما أجد أحدا أدعوه ، قال : ( ارفعوا طعامكم ) وبقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق إلى حجرة عائشة ، فقال : ( السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله ) . فقالت : وعليك السلام ورحمة الله ، كيف وجدت أهلك ، بارك الله لك . فتقرى حجر نسائه كلهن ، يقول لهن كما يقول لعائشة ، ويقلن له كما قالت عائشة ، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا ثلاثة من رهط في البيت يتحدثون ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحياء ، فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة ، فما أدري : آخبرته أو أخبر أن القوم خرجوا ، فرجع ، حتى إذا وضع رجله في أسفكة الباب داخلة وأخرى خارجة ، أرخى الستر بيني وبينه ، وأنزلت آية الحجاب .

الكلام على الأدلّة القاضيَة بوجوب اتّباع أهل البيت (ع) :

* والآن ، وقد جَدّ الجدّ ، حانَ وقت إظهارُ حجّة أهل البيت (ع) في أحقيّة كونهم متبوعين ، وأنّ قولَهُم حجّةٌ لازمَة ، وأنّ الله والرّسول (ص) لم يحثّوا على اتّباع كتاب وسنّة ليسَ عليها أهل البيت (ع) ، فمنهَا :

* ما تواترَ معناهُ من حديث الثّقلين ، وهُو قول الرّسول (ص) : ((إنّي تاركٌ فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردَا عليه الحوض)) .

تعليق: وهُو لمّا ظهرَ لطائفَةٍ من الفرقَة السنيّة تواتر معناه ، قالوا لأجلِه بحجيّة إجماع أهل البيت هؤلاء ، وإن لم يُصرّحوا بإطلاق التواتر في حقّه ، إلاّ أنّ تقريرَهُم لحجيّة إجماعهِم لن ينطلق من حديث آحادٍ ظنّي ، فمن رّد هذا رَدّ قولَ طائفةٍ من أصحابِه ، أيضاً قال ابن حجر الهيثمي عن هذا الخبر : ((ثمّ اعلَم أنّ لِحَديث التمسّك بذلك طُرقاً كَثيرة، وردَت عن نيّفٍ وعِشرين صَحابيّاً ، ومر لَه طُرقٌ مَبسوطة)) [الصواعق المحرقة:2/440] ، وصحّح هذا الحديث من العلماء الذّهبي و محمد بن إسحاق ، والألباني ، وحسّنه الترمذي ، ووثق صاحب مجمع الزوائد عدداً من أسانيده .

قالوا: مهلاً ، فإنّا لا نُسلِّم لكم بصحّة حديث الثّقلين بلفظ (كتاب الله وعترتي) ، وإنّما الصحيحُ منهُ ما رواه مسلم في صحيحه من حديث زيد بن أرقم ، فروى مسلم بإسناده ، قال : (حدّثني أبو حيّان ، حدّثني يزيد بن حيّان ، قال : انطَلَقتُ أن وحُصين بن سَبرَة ، وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم ، فلمّا جَلسنا إليه ، قال له حُصين: لقد لَقيتَ يا زيدُ خيراً كثيراً ، رأيتَ رسول الله (ص) ، وسَمعت حديثَه ، وغزوتَ معه ، وصلّيتَ خلفَه ، لقد لَقيتَ يا زيد خيراً كثيراً ، حدِّثنا يا زيد ما سَمِعتَ من رسول الله (ص)؟! ، قال: يا بن أخي والله لقَد كَبرَت سنّي ، وقَدُمَ عهدي ، ونسيتُ بعض الذي كُنتُ أعِي من رسول الله (ص) ، فما حدّثتُكم به فاقبَلوا ، وما لا فلا تكلّفونيه ، ثمّ قال ، قام رسول الله يوماً فينا خطيباً بماءٍ يُدعَى خُمّاً بين مكة والمدينة ، فحمدَ الله وأثنَى عليه ، ووعظَ وذكّر ، ثمّ قال: أمّا بعَدُ ألا أيّها النّاس ، فإنّما أن بشرٌ يُوشِكُ أن يأتيَ رسول ربّي فأُجيبَ ، وأنا تاركٌ فيكُم ثَقَلَينِ ، أوّلُهُما كتاب الله فيه الهُدَى والنّور ، فخذُوا بِكتابِ الله ، واستمسِكوا به ، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ، ثمّ قال: وأهلُ بيتي أُذكّرُكُم الله في أهل بيتي ، أُذكِّركُم الله في أهل بيتي ، أُذكّركُم الله في أهل بيتِي)) ، فهذا من الرّسول (ص) ينصرفُ إلى التوصيَة بهم خيراً دون الاتباع ، وهو أصحّ ممّا يُروى من وجه (كتاب الله وعترتي) ، فسقطَ بهذا ما اعتمدتُم عليه من وجوب الاّتباع لأهل البيت رضوان الله عليهم وكونهم ثَقَل مُلازمٌ للقرآن .

قُلنَا : قد سَئمنا ، وعندي أنّ حالكم من السأم كحالِنا ، سئمنَا مُناقشَة إثبات وصحّة أسانيد (كتاب الله وعترتي) ، نحنُ نزيدُ في الاحتجاج ، وأنتم تزيدون ، ذاكَ الرّواي واهٍ ، وهذا ضعيف ، بل ثقَة ، هو إسنادٌ حسَن ، بل ضعيف ، يُحتجّ به ، بل غير صحيح ، هذه احتجاجاتٌ سئناهاَ منكم ، ولا شكّ سئمتموهَا منّا ، إلاّ أنّ تلخيصَها بقول ابن حجر الهيثمي مهمّ هُنا عندما تكلّم عن خبر التمسّك بالكتاب والعترَة فقال : ((ثمّ اعلَم أنّ لِحَديث التمسّك بذلك طُرقاً كَثيرة، وردَت عن نيّفٍ وعِشرين صَحابيّاً ، ومر لَه طُرقٌ مَبسوطة)) [الصواعق المحرقة:2/440] ، ومن الذين صحّحوه محمد بن إسحاق ، والذّهبي ، والألباني من المتأخرين ، وحسّنه الترمذي ، ووُثِّقَت بعض أسانيده في مجمع الزوائد ، هذه إشارَة سريعَة ، ونأتي على ما أوردَه المُخالف نقضاً للباطل ، وإثباتاً للحقّ مُستعين بالله الواحد ، فنقول :

اعلَم أخي رحمنا الله وإيّاك أنّ تناولَ حديث الثّقلين ، قد جاء في صورَتين من الرّواية ، فروايةٌ جاء فيها عن رسول الله (ص) ، أنّه قال : ((إنّي تاركٌ فيكُم الثَّقلَين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنّهما لن يفترقَا حتّى يردَا عليّ الحوض)) ، وصورةٌ ثانيَة أنّ رسول الله (ص) ، قال : ((وأنا تاركٌ فيكُم ثَقَلَينِ ، أوّلُهُما كتاب الله فيه الهُدَى والنّور ، فخذُوا بِكتابِ الله ، واستمسِكوا به ، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ، ثمّ قال: وأهلُ بيتي أُذكّرُكُم الله في أهل بيتي ، أُذكِّركُم الله في أهل بيتي ، أُذكّركُم الله في أهل بيتِي)) ، فقالوا عن الأخير أنّه لا يدلّ إلاّ على التوصيَة بهم خيراً دون الاتّباع ، وقيلَ عن الأوّل بأنّه يوجبُ الاتّباع ، فأنكرَ كثيرٌ من مُتأخّري الفرقَة السنيّة وجه صورة الحديث الأولَى ، وقالوا الثّابت ما رواه مسلم في صحيحه من الصّورة الثانية ، وهُنا سنتناولُ الموضوع بقراءةٍ فاحصَة ماتعَةٍ بإذن الله تعالى ، ونُسردُها من عدّة نقاط :

النقطَة الأولى: نقول فيه للمُخالف هَبونا سلّمنا لكم أنّ الصحيح من وجه حديث الثّقلين هُو ما رواه مسلم من التوصيَة بأهل البيت (ع) ، فإنّ هذا الحديث لا يُفيدُ التوصيَة بدون الاتّباع ، بل هُو أخٌ وعضيدٌ وقرينٌ للصورة الأولى من الحديث في إثبات التمسّك بأهل البيت (ع) والاتّباع لهم والمُلازمَة منهم للكتاب والحقّ ، فإن قيلَ : بيّنوا لنَا مُستندَكم على هذه الدّعوى . قُلنا : تأمّل كلام الرّسول (ص) : ((ألا أيّها النّاس ، فإنّما أن بشرٌ يُوشِكُ أن يأتيَ رسول ربّي فأُجيبَ)) ، تجدهُ (ص) ينعَى نفسَه ، فيحبّ (ص) أن يُخبرَ أصحابَه وأمّته بمنهجٍ لا يضلّون بعدَه إن هم أخذوا به ، فكانَت وصيّته (ص) : ((وأنا تاركٌ فيكُم ثَقَلَينِ)) ، أي مُخلِّفٌ فيكُم وبينَكم ، أسباباً للنجاة والسعادَة ، فقال (ص) : ((ثَقَلَينِ)) ، أمرَين عظيمَين ثَقيلَين ، قال أهل اللغة : ((سُمِّيَا ثَقَلَين لأنَّ الأخذَ بِهمَا ثَقيل ، والعمَل بِهمَا ثَقيل،....، وأصلُ الثّقَل أنّ العَرب تَقول لكلّ شَيء نَفيسٍ خَطيرٍ مَصُون ثَقَل)) [لسان العرب] ، وهُنا أخبر (ص) عن ثَقلَين اثنَين ، فمَن هُما هذين الثّقَلين الذي يكون الأخذُ بهما ثقيلاً ، وشأنُهما عند أفصحَ من نطقَ بالضّاد عظيماً ، حتّى أطلقَ عليهِم ثَقَل ، فالأوّل من الثّقَلَين ، قوله (ص) : ((أوّلُهُما كتاب الله فيه الهُدَى والنّور ، فخذُوا بِكتابِ الله ، واستمسِكوا به)) ، فكانَ الكتاب هو الثّقَل الأوّل ، فمَن من ذا يستحقّ أن يكونَ وصيّةً لرسول الله (ص) ويُسمّيه ثَقلاً كما سمّى الكتاب العظيم ثَقلاً ؟! ، قال (ص) مُخبراً عن الثّقَل الثّاني : ((وأهلُ بيتي أُذكّرُكُم الله في أهل بيتي ، أُذكِّركُم الله في أهل بيتي ، أُذكّركُم الله في أهل بيتِي)) ، فأهل البَيت (ع) الثّقَل الثّاني في حديث مسلم ، لأنّ الرّسول (ص) أخبرَ عن ثقَلَين اثنين ، فكانَ الكتاب أحدهُما ، وأهل البيت لاشكّ ثانيهِما ، والسّؤال لماذا أوصَى رسول الله (ص) بأهل البيت (ع) كثَقَل ثقِيلٍ عظيمٍ نفيسٍ ثانٍ مقرونٌ ذكرُهُ معَ ثَقَل القرآن العظيم ؟! هل يُجيبُ السّلفيّة على هذا بعقلانيّة وتمحيصٍ وتدقيق ؟! ، نعم ، رأينَا منهم صاحب (مرقَاة المفاتيح) علي القاري يقول عن هذا الحديث رابطاً مضمونه بمضمون حديث (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) ، قال : ((وأقولُ الأظهرُ هُو أنّ أهل البيت غالباً يكونون أعرفُ بصاحِب البَيت وأحوالِه ، فالمُرادُ بهم أهلُ العِلم منهُم ، المُطّلعون على سيرتِه ، الواقفونَ على طريقَته ، العارفونَ يحكمه وحِكمته ، وبهذا يصلُح أن يكونوا مُقابلاً لكتاب الله سبحانه)) [مرقاة المفاتيح:11/307] ، وهذا هُو الحقّ في تأويل الحديث ، إذ لن يكونَ أهل البيت (ع) ثَقَلاً عظيماً يُوصي بهم الرّسول (ص) ، إلاّ ولهُم شأنٌ عظيمٌ فيما يُرضي الله والرّسول ، وليسَ يُرضي الله والرّسول من حالهِم إلاّ القيام بالإسلام كتاباً وسنّة وأمراً بالمعروف ونهياً عن المُنكَر ، فكان الرّسول (ص) يحثّ النّاس بهذه الوصيّة بالإتباع لهُم ، ثمّ عادَ وكرّرها ثلاثاً ، وقرينةُ ذلك أنّهم ثَقلٌ من الثَّقَلَين في الحديث ، وقرينةٌ أخرى أنّهم من أولويات الرّسول (ص) في وصيّته للنّاس لم يغفَل عن إظهار أمرهِم ، وهذا فواضحٌ وجهه بفضل الله ومنّه ، فصورة حديث مسلم من التوصية بأهل البيت ، وقد ثبتَ من الحديث تسميَتُهم ثَقلاً ، صورة هذا الحديث لا تُعارضُ صورة الحديث الأخرى المُصرّحة بكون أهل البيت ثقَل الله الثاني ، فهو ظاهرٌ من الصّورتَين عظيم شأن أهل البيت في الدّين ومعرفَة الحقّ من الباطل ، فكان حديث التمسّك بالثّقلَين حديثاً متواتراً معنويّاً ، لا يصحّ منه من صرفَ حديث مسلم إلى مجرّد الفضيلة كالعادَة في صَرف الأحاديث الدّالة على عظيم منزلة أهل البيت واتّباعهم على الفضائل دونَ الاتّباع .

النقطَة الثانيَة: أنّك متى تأمّلتَ قول زيد بن أرقم لحُصين سَبْرَة ، لوجَدته يُخبرُه أنّ قد شاخَ على الرّوايَة والضّبط ، لِقِدَم العَهد ، وكِبَر العُمر ، فقال : ((يا بن أخي والله لقَد كَبرَت سنّي ، وقَدُمَ عهدي ، ونسيتُ بعض الذي كُنتُ أعِي من رسول الله (ص)) ، وهذه دقيقةٌ سنحتاجُ إليها قريباً ، فلا تُغمِض عنَها .

النّقطَة الثالثة: أنّ زيد بن أرقم الصّحابي قد روَى عنه حديث الثَّقَلين خَلقٌ غير يزيدُ بن حيّان التيمي الرواي لحديث مسلم ، الذي لم يروِ عنهُ حديثَ الثّقلَين إلاّ عندَ كِبَر سنّة ، فمّمن روى عن زيد بن أرقم حديثَ الثّقلَين ، حبيب بن أبي ثابت في سنن الترمذي ، وأبو الطفيل في سنن النسائي ، وفي المعجم الكبير للطبراني ، وأبو الضّحى مُسلم بن صُبيح في المعجم الكبير للطبراني ، كلّهم يروي عن زيد بن أرقم حديث الثّقلين بلفظ (إنّي تاركٌ فيكم ثَقلَين كتاب الله وعترتي أهل بيتي إنّهما لن يفترقا...الحديث) ، لا بصورَة (أذكّركم الله في أهل بيتي ثلاثاً) ، وجميعُ مَن روى عنه ممّن أشرنا إليهِم قريباً لم يكُن زيد بن أرقم يقولُ لهم أنّه قد كَبُر ، ونسيَ بعض الذي كان يَعيه من رسول الله (ص) كما في رواية يزيد بن حيّان عنه في صحيح مسلم ، وهذه إشارةٌ مهمّة لأهل البحث ، لمكان قوّة رواية زيد بن أرقم وهو قويّ الفِكر بصورة (كتاب الله وعترتي) أقوى من تلكَ التي كان فيها قد كبُر على الرّواية والضّبط كما تكلّمَ عن نفسِه ، إلاّ أنّنا نُشيرُ إلى أنّا لا نستبعدُ أن يكون رسول الله (ص) قد قال (أذكّركُم الله في أهل بيتي) ، ولكن بعد قولِه : (ثَقَلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي) ، فكانَ قوله (ص) : (أذكّركم الله في أهل بيتي) تأكيدٌ للتمسّك بالثّقَل الأصغر المُوصِولون بدورهِم إلى الثّقلَ الأكبَر الأعظَم الكتاب ، إلاّ أنّ الباحث ينبغي له ألاّ ينصرفَ عن روايَة عدد من الثّقات عن زيد بن أرقم وهو في أقَوى أحوال الرّواية بدون تشكّك منه فيما يقولُه ، إلى روايَةٍ كان مُتشكّكاً في وعيه لهَا ، وتنبّه للنقطَة القادمَة القريبَة فهي سُتعضّد كلامَنا هذا .

النقطَة الرّابعة: أن تعلَم أنّه لم يروِ هذا الحديث عن زيد بن أرقَم بهذا الوجه (أذكّركم الله في أهل بيتي) ، إلاّ راوٍ واحد ، وهُو يزيد بن حيّان التّيمي ، إذ قد اجتهدنا في الوقوف على روايَة لهذا الحديث من هذا الوجه فما وجدنَا يرويه عن زيد بن أرقَم غيرُه ، وكلّ مَن روى عن زيد بن أرقَم فكان يرويه بلفظ (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) ، إلاّ يزيد بن حيّان هذا ، فالوهم إمّا أن يكونَ لاحقٌ به على زيد بن أرقَم ، وإمّا أن يكون من زيد بن أرقَم لمكان كبر سنّة ، وقلّة وعيه لتقادم العَهد كما قالَ عن نفسِه ، أو أنّ هذا صحيحٌ بعد قول الرّسول (ص) : ((كتاب الله وعترتي)) ، فكان قوله (ص) : ((أذكّركم الله بأهل بيتي)) زيادة في التأكيد على اتّباع قول أهل البيت (ع) ، وهذا كلّه واردٌ مُحتمَل.

النقطَة الخامسَة: أنّ من تأمّل حديث مسلم محلّ النقاش ، سيجدُ أنّ زيد بن أرقَم أشارَ إلى أنّ الرّسول (ص) قال بالإيصاء هذا ، في مكان غدير خمّ ، بمجمع كثيرٍ من الصّحابَة، فوجبَ عقلاً أن يروي هذا الخبَر غير زيد بن أرقَم ، لمكان سماعهِم هذا الخبر من رسول الله (ص) كما سَمعَهُ زيد بن أرقَم ، فبحثَنا كُتب الحديث فوجدنَا جماعةً من الصّحابة قد رووا حديث الثّقلَين هذا ، بلفظ (كتاب الله وعترتي) ، دوناً عن لفظ (أذكّركم الله في أهل بيتي) ، وقال ابن حجر الهيثمي كما أشرنا سابقاً أنّه مرويّ من طريق نيّف وعشرين صحابيّاً كلّهم بلفظ التمسّك بالكتاب والعترَة ، نذكرُ من هؤلاء الصحابة ، جابر بن عبدالله ، وأبو سعيدٍ الخدري ، وزيد بن ثابت ، وحذيفة بن أسيد الغفاري ، وعلي بن أبي طالب ، وغيرهم ، كلّم يروي هذا الخبر بلفظ (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) ، وهذا يقوي وجه الرّوايات عن زيد بن أرقم في أنّ الصحيح من روايته هي (كتاب الله وعترتي) كما رواها الثّقات عنه ، بدون انفرادٍ كما انفرد يزيد بن حيّان التّيمي .

النقطة السّادسة: سلّمنا أن حديث مسلم هُو الصّحيح ، فإنّ الحديث مع هذا يُسمّى حَديث الثَّقَلين ، لمكان ذكر الثّقَلين فيه ، وما اشتُهِر من حالِه وأمثالِه ، فأنتُم بهذا الإثبات تُثبتون صحّة حديث الثَّقَلين ، فرسول الله (ص) قال في الحديث : ((وأنا تاركٌ فيكُم ثَقَلَينِ ، أوّلُهُما كتاب الله...الحديث)) ، فأينَ الثّقَل الثاني معشر السلفيّة في الحديث ؟! .

النقطَة السّابعَة: وفيها خُلاصَة القول ، أنّ طُرق هذا الحديث مُتظافرَة رواها الجمعُ من الصّحابَة ، وعنهُم الجمعُ من التّابعين ، وعنهم الجمعُ من تابعي التّابعين ، وعن الجمعُ من تابعيّ تابعيّ التابعين ، وأقرّ بصحّته عدد من الأعلام كما ذكَرنَا ، وقال باشتهاره من طريق الأمّة من غير تواطئ الإمام فقيه أهل البيت الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي (ع) ، فكانَ هذا دليلاً قاطعاً وتواتراً معنويّاً شاهراً على إثبات حجيّة أهل البيت وقولهِم على العالَمين ، بوصيّة رسول الله (ص) ، والحمد لله تعالى .

هذا وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمّد وآله الطيبين الطّاهرين .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

___________________________________________________________

1- صححه الألباني في السلسلة الصحيحة برواية مالك بن أنس وإبن العباس رضوان الله تعلى عليهم


2- الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: ابن كثير - المصدر: مسند الفاروق


3-الهيثمي في كتاب مجمع الزوائد


4- الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: المطالب العالية 

وإن بعض العلماء ضعفوا هذا الحديث ألا إن أحاديث أخرى تم تصحيحها تؤكد صحة هذا الحديث

5- الراوي: علي بن أبي طالب و اثنا عشر رجلا المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة

10-‏  في كتابه: الإرشاد إلى سبيل الرشاد، بتحقيق محمد يحيى عزان.‏

محمد يحيى عزان، مرجع سابق، ص 72 – 73.‏
http://76.162.41.31/forums/viewtopic.php?f=2&t=10014&sid=22a21ee5b03c7af05e8045c376da1f7d

بحث في التمسك في الثقلين

http://www.azzaidiah.com/thakalin.html