16‏/05‏/2012

عصمة أهل البيت بين الزيدية والرافضة الإثنى عشرية

بسم الله الرحمن الرحيم 
  
العِصمَة عِند الزّيديّة والجَعفَريّة  

        الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، النّبي الأمين المعصوم من كبائر الظّنون والذنوب ، وعلى آله الطيبين الطّاهرين ، المعصومُ أصحابُ كساءهِم ، والمعصومَةُ جَمَاعُة ذريّتهِم ، ورضوَانه على الصحابَة الرّاشدين المتّقين، والتّابعين لهم بخيرٍ وإحسانٍ إلى يوم الدّين . 
  
وبعد 
  
        موضوع العِصمَة ، موضوعٌ شغلَ طائفةً من الباحِثين ، بل حتّى والمُقلّدين من العامّة ، وهُوَ الموضوع الوَعرُ في مسالِكِه ، المُنمّقُ في حُجَجِ أصحابِه ،  وهذا بحثٌ يُسهم بإذن الله تعالى في بيان العصمَة من منظورٍ قد يكون غائباً عن بعضنا ، وقد خصصّنا الكلام فيه على فرقتين من الشيعة ، وهما الزيدية والجعفرية ، وإنّما خصَصْنا الجعفرية بكلامنا هُنا لأنّها هي الطائفَة التي حقّقَت في هذا تحقيقاً كثيراً ، وغلَت فيه غلوّاً ظاهراً، وفي المُقابل عَرضْنا رأياً آخرَ لجماعَة أهل البيت (ع) من سادات بني الحسن والحسين الزيدية ، لأنّ الجعفرية استعرضوا رأي أفراد أهل البيت الإثني عشر وفقط ، ولسنا نتكلّم في هذا كلّه عند هؤلاء وهؤلاء إلاّ بُغيَة الوصول إلى القول الحق في موضوع العِصمَة بإذن الله تعالى ، فكان للبحث ثلاثة فصول ، الفصل الأول : في بيان عقيدة الزيدية في العصمة. والفصل الثاني : في بيان عقيدة الجعفرية في العصمة . والفصل الثالث : في استعراض شُبَه يُثيرها الجعفرية على نظرية العصمة الزيدية . 
  
 [ الفَصل الأوّل بيان عقيدة الزيدية في العصمَة ] 
  
وكلامنا في العصمة عند الزيدية ينقسم إلى أربعة أوجهٍ ، منها : 
  
الوجه الأول : أن تعلمَ أنّ الزيدية في مسألة العِصمَة على عَقِيدَتين وكلّها مَتينة (بالدليل): أوّلها : عِصمَة الأفراد . وثانيها : عِصمَة الجماعَة . فأمّا عِصمَة الأفراد ، فإنّها لا تكونَ إلاّ فيمَن ثبتَ  النّص عليه ، وتواترَت القرائنُ من الكتاب والسنّة حَوله ، وقد ثبتَ النّص على عليٍّ (ع) وعلى الحسنين (ع) ، بَل و أثبتَ الكتاب والسنّة عصمَتَهُ وعِصمَتَهُمَا سَلام الله عليهم أجمعين ، وذلك في آية التطهير ، وهذا الكلام فيما يخصّ الأئمّة الثلاثة ، و إلاّ فالكلام عامٌّ في أصحاب الكساء الخمسَة ، ولكنّ المقام هُنا مَقامُ الكلام على عصمّة الأئمّة منهم . قال الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين (ع) ، فيما سَمِعَه عنه إسماعيل بن إسحاق ، أنّه سُئِلَ : (( عَن رَجُلٍ تَجوزُ شَهَادَتُه وحدَه ؟ فَقال [ أحمد بن عيسى (ع) ] : لا ، إلاَّ عَلياً والحسَن والحسين، فِقيل : وكَيفَ ذلك؟ قال: لأنّهم مَعصُومُون ))[1]  ، وفي ذلك روى الحافظ محمد بن سليمان الكوفي رحمة الله عليه في كتابه مناقب أمير المؤمنين ، بسنده ، عن الإمام زيد بن علي (ع) أنّه قال : ((المعصُومون منّا خمسة : النبي (ص) وعليّ وفاطمة والحسن والحسين ))[2]  ، ورواهُ عنه (ع) أيضاً ابن عساكر في تاريخ دمشق[3]  ، وروى الحافظ محمد بن سليمان (ع) عن الباقر (ع) أنه قال: ((المعصُومون منّا خمسة : رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين ))[4]  . وقال الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) ، مُتكلّما عن العِصمَة الفرديّة في كتابه (الرسالة النافعة بالأدلة الواقعة) : ((وَلَمْ تَقَع العِصْمَةُ فِيمَن عَلِمْنَا مِن وَلدِ إسمَاعيل إلاّ لِمُحمّدٍ وَعَليٍّ وَفَاطِمَة وابنَيهَا سَلام الله عليهِم أجْمَعِين))[5] . 
  
الوجه الثاني : أن تعلمَ أنّ عِصمَة المنصوص عليهِم من الأئمّة الذين هُم أصحاب الكساء عليٌ وولدَاه ، بل حتى الأنبياء صلوات الله عليهِم ، فإنّهم عند الزيدية ليْسوا مَعصومِين إلاَّ عَنْ مُواقعَة الكبائر المُخلَّة ، فأمّا ما دونهَا من مُقارفاتٍ للذنوب الصغيرَة فليسوا بمعصومينَ عنها ، بل لا يَخلو مخلوقٌ عنها ، كالأخطاء الغير مُتعلّقة بالتبليغ بالنسبة للأنبياء صلوات الله عليهم ، وهي من أنواع الظّلم الذي قال عنه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) : ((وأمّا الظُلْمُ الذي يُغْفَر فَظُلمُ العَبْدِ نَفْسَهُ عِندَ بَعْضِ الهنّات))[6]  ، والهنّات هي العوارض الحياتية المؤدية إلى ارتكاب الصغائر ، ويقول المولى العلامّة السيد الحسين بن يحيى الحوثي حفظه الله مُبيّناً الفرق بين عقيدة الزيدية في العصمة وعقيدة الجعفرية : ((والعِصمَةُ عِندَنَا عَنِ الكَبَائِر، وهِيَ عِندَهُم عَن الكَبَائِرِ والصّغَائِر، وحُجّتُنَا: أنَّ الأنْبِياء - صَلوات الله عليهم - مَعصُومُونَ وَقَد وَصَفَهُم الله بِمُقَارَفَةِ الذّنوب، قَال تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} ، وقَالَ فِي موسى: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي}، وقال في يونس: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }، وفي داود: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} ، وفي سليمان: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ } ، وفي آدم: {وَعَصَى ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}. والعِصْمَةُ عِندنَا : ألْطَافٌ وتَنويرٌ يَخْتَارُ صَاحِبُهَا مَعَهَا تَرْكُ المحرّمَاتِ ، وِفعل الوَاجِبَات، ولَيْسَت بِالإجبَار وإلاّ لَمَا كَانَ لِصَاحِبِهَا مَزيّة وَفَضل، ولَمَا اسْتَحقّ الجَزاء))[7]  اهـ كلامه (ع) . وقال السيد العلامّة الضحياني في كتابه (نظرات في ملامح المذهب الزيدي) : ((وَمِنهَا: أنَّ أنبياء الله صَلوات الله عَليهِم مُنَزّهُونَ عَن ارتِكَابِ الكَبَائر ، وَمَا فِيه خِسّةٌ وِضِعَةٌ مِنَ الصّغَائر، وَمَا يُروَى فِي بَعضِ كُتُب التفسِير لَيسَ بِصحِيح، أمّا مَا ذَكرَ الله سبحَانَه فِي القُرآن مِن عِصيانِ بَعضِهِم فَقَد كَانَ مِنهُم عَلى جِهَةِ الخطَأ والتّأويل، وَليسَ عَلى جِهَةِ التّجَرّي والعِصيَان))[8] اهـ . 
  

نعم ! فهذا ما كان من الأنبياء صلوات الله عليهم ، وهُم عندَ الزيدية أعظمُ درجةً من أصحاب الكساء الخمسة ، - عدا نبيّنا محمد (ص)- ، وسنأتي هُنا على إثبات عدم عِصمَة المنصوص عليهم عليٌّ وولدَاه (ع) ، نعني العِصمَة من الصغائر من الذنوب ، التي لا تضرّ ولا تُوهمُ خلافاً لطريقِ الحقّ ومَنهجه ، كأخطاء الأنبياء (ع) السابقة الذكر ، فنقول مُتّكلين على الله : أنّ منها في حقّ أمير المؤمنين علي (ع) ، ما نجدُهُ جليّاً من خلال دُعاءه الذي قال فيه : ((اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، فَإِنْ عُدْتُ فَعُدْ لِي بِالْمَغْفِرَةِ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا وَأَيْتُ مِنْ نَفْسِي، وَلَمْ تَجِدْ لَهُ وَفَاءً عِنْدي. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ بِلِسَاني، ثُمَّ خَالَفَهُ قَلْبِي. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رَمَزَاتِ الْأَلْحَاظِ، وَسَقَطَاتِ الْأَلْفَاظِ ، وَشَهَوَاتِ الْجَنَانِ، وَهَفَوَاتِ اللِّسَانِ))[9]  ، فإنّ هذا كلّه جائزٌ على أمير المؤمنين الوقوع فيه ، وليسَ هذا يُنافي العِصمَة ، فإنّما العصمة من كبائر الذنوب ، والله قد عَصمَهُ منها عندما أوجبَ طاعتَه ، وما وقعَ على أمير المؤمنين حُكمَ به على ابنيهِ الذي هُوَ خيرٌ منهما ، ومن ذلك ما رواه محمد بن منصور المرادي ، بسنده ، عن أبي جعفر الباقر (ع) ، أنّه قال : (( جَاءَ رَجُلٌ إلى الحسين بن علي فِي حَاجَة، فَسَألَهُ أنْ يَقُومَ بِهَا؟. فَقَال: إنّي مُعتكف، فَجَاء إلى الحسَن فَأخْبَرَه، فَقَال: إنّي أتيتُ أبَا عبدالله لِيَقُومَ مِعِي فِي حَاجَة، فَقَال: إنّي مُعتَكِف، فَقَامَ مَعَهُ الحسَنُ فِي حَاجَتِه ، فَجَعَلَ طَرِيقَهُ عَلى الحسين، فَقَال: يَا أخِي، مَا مَنَعَكَ أنْ تَقومَ مَعَهُ فِي حَاجَته؟ فَقَال: إنّي مُعتَكِف. قَال الحسن: لأَنْ أقومَ مَعَ أخِي المُسلِم فِي حَاجَتِه أحَبّ إليَّ مِنِ اعتِكَافِ شَهر ))[10] ، وهُنا فتأمّل رحِمَك الله كيف عاتبَ الحسن الحُسين ، على خطأ صغير للحسين فيه عُذرُه ، ولم يكنُ المانعُ لهُ من القيام مع الطّالِبِ للحاجة إلاّ التأويل بالاعتكاف ، فصحّحَ له الحسن المجتبى صلوات الله عليه وعلى أخيه ، وهذا فصغيرٌ من الخطأ ، ليسَت العصمَة تضمنُ عدم وقوعه على الأئمّة المنصوص عليهم علي وولداه ، وغير هذا فأمثلة كثيرة ، ولكنّا نختصرُ المقال بهذا البيان ، وسيأتي عليه مزيد بيان عند الكلام على عقيدة الجعفرية في عصمة أئمتهم الإثني عشر ، بإذن الله تعالى . 
  
الوجه الثالث : يخصّ عقيدة الزيدية في عِصمَة جَمَاعة أهل البيت (ع) ، وفيه نتكلّم عن مَنْ هُمْ أهل البيت بعد الحسنين ، وفيه اعلمَ رحمك الله ، أنّه لم يثبت لغير علي والحسنين نصّ اسميّ لإثبات الإمامة ، من طريق الزيدية ، ولا يصحّ عندنا ما انفردَت به الجعفريّة دونَ الأمّة!! من النصّ على التسعة من ولد الحسين، وإن كانوا في الحقيقة مُجمعين معنا على إمامة الثلاثة ، ونحنُ غير مُسلّمين لهُم بإمامة التسعة الإمامة الرّبانيّة النصيّة . ثمّ أجمَعنا وإياهُم على حجيّة قول الرسول (ص) : (( إنّي تاركٌ فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض )) ، وقوله (ص) : (( مَثلُ أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرقَ وهوى )) ، ومنها حديث النجوم ، وأمثاله وأمثالها من الأحاديث الدّالة على حجيّة أهل البيت (ع) ، وعلى استحالَة مُفارقتهم للحق . ثمّ اختلفنا وإيّاهُم في مَن هُم أهل البيت . 
  
نعم ! وبعد الإجماع على حجية هذه الأحاديث اختلفنا مع الجعفريّة في مَنْ هُم أهل البيت المُقصودين بالأحاديث ، فهُم ذهبوا إلى أنّهم الإثني عشر ، علي والحسنين والتسعة من ولد الحسين ، ونحنُ ذهبنا إلى أنّهُم الأئمّة والمُقتصدون من ذريّة الحسن والحسين إلى يوم القيامة ، وممّا نعيبُهُ ويعيبهُ العقل على الجعفريّة ، هُو تخصيصهُم لفظة أهل البيت وحصرها في اثني عشر شخصاً ، بالرغم من اشتمال لفظة أهل البيت على بني الحسن والحسين ، فهُم بهذا جعلوا الإثني عشر كلّ أهل البيت ، وعليه فإنّه لا يصحّ أن يكونَ هُناك اليوم سادةٌ ولا أشراف يُطلق عليهم أهل البيت ، لأنّ أهل البيت لا بقاء لهم إلاّ في الإمام الثاني عشر الغائب ؟! ، وعندي ( ولا أشكّ أنّ العُقلاء سيُخالفوني ) أنّ في هذا إفراطٌ في القول ، فالحقّ أن تخصيص الجعفرية وابتزازهُم قدسيّة أحاديث الثقلين والنجوم والسفينة ، وجعلها في إثني عشر شخصاً مُجازفةٌ سببُها النّص الجليّ الإثني عشري عند الجعفرية والخفيّ ( بل المعدوم ) عن الزيدية ، بل وعند الأمّة الإسلاميّة قاطبَة !!  . فإن قيل : مهلاً عِبتونا ، بمَا أنتمُ به مؤمنون ، إذ كيفَ خصصّم الأئمّة والمقتصدون من ذريّة الحسن والحسين بهذه الأحاديث دونَ الظّالمين من هذه الذريّة ؟ فإنّه على قولكم يجب أن يكون الظّالمون من ذرية الحسنين داخلون في قداسة هذه الأحاديث وما تدلّ عليه ؟ ، ولكنّكم استثنيتموهم هكذا بلا مخصّص !. قُلنا : نحنُ فضّلنا أهل البيت (ع) بعموم ، ذريّة الحسن والحسين ، لتفضيل الله واصطفائه لهم ، وهُم في أصلاب آبائهم، فمَن وُلِدَ منهُم ، وبلغَ التكليف ، فإنّه لن يكونَ إلاّ واحداً من ثلاث طوائف، فإمّا أن يكونَ ظالماً لنفسه ، يرتكبُ ما يرتكبهُ النّاس من المعاصي ، وإمّا أن يكونَ مُقتصداً عابداً زاهداً ، وإمّا أن يكون سابقاً بالخيرات ، وهذا الرّجل الحسني أو الحسيني هُو أفضلُ سابقيه من الذريّة ، إذ هُو الإمام الآمر بالمعروف والنّاهي عن المنكر ، وهُوَ العابد والزاهد . فإن قُلتم : بقيَ الزامنا لكم قائماً ، لماذا استثنيتم الظّالمون من الذرية ؟ ، قُلنا : لم نستثنِ إلاّ من استثناهُ الله تعالى منهم ، والله سبحانه وتعالى استثنى طائفة الظالمين ، وذلك في قوله : ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )) ، ولسان حال الآية يقول : أنّ الإمامة يا إبراهيم ستكون في ذريّتك ، وذريّتك سيكون منهم الصّلحاء (السّابقون بالخيرات) والإمامة فيهم ، وسيكونُ فيهم ظالمون وهؤلاء الإمامة عنهم بمعزَل. ( ولا خلاف بيننا وبين الجعفرية أنّ المقصود بذريّة إبراهيم في الآية هُم ذريّة محمد ، وذريّة محمد هم ذريّة علي ، وذريّة علي هُم ذريّة الحسن والحسين ، لا أنّهم ذريّة الحسين دون الحسن ، ولا أنّهم التسعة من ولد الحسين دون بقية ذريّة الحسين ، بل إنّ ذرية إبراهيم هُم ذريّة الحسن والحسين بدون تفريق ، وهذا كلام العقل والنقل ) ، ويعضّد ما سبق من كلامنا حول اصطفاء الله لعموم ذريّة إبراهيم (ذرية الحسن والحسين) ، وانقسامهم إلى ثلاث طوائف ، قول الله تعالى : (( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ )) ، نعم ! فنحنُ استثنينا الإقتداء بالظالمين وعدم اشتمالهم على خصوص قدسيّة ثقل الله الأصغر ، ووجوب التبعيّة لهم ، ومعَ هذا فإنّا لا ننفي عنهم اشتمال لفظة أهل البيت عليهم ، ولكنّا نُميّزهُم بطائفتهم التي اختاروا الانضواء تحتها ، فنقول هذا ظالمٌ لنفسه ، والله لم يحثّنا على الإقتداء بالظّالم ، ولفقيه أهل البيت ومُقتصدهِم الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي (ع) ، في معنى كلامنا الأخير كلامٌ رائق ، احتواهُ جامع علوم آل محمد للشريف الحسني فليُراجع . 
  
وخلاصة كلامنا في هذا الوجه : أن تخصيص الجعفريّة أئمتهم الإثني عشر بلفظة "أهل البيت" الواردة في الأحاديث النبويّة ، دون بقيّة الذريّة الحسنية الحسينيّة باطل ، وأنّ تعميم هذه اللفظة على صُلحاء ( المقتصدين والأئمة ) من ذرية الحسن والحسين دون الظّالمين هُوَ الأليَق بالدّليل ، وهُوَ الأقوى في الحجّة . وإن عارضَنا الجعفريّة في هذا ، قُلنا أخبرونا رحمكم الله مَنْ هُم عباد الله الذين اصطفاهُم الله ، فكان منهُم الظّالمون والمقتصدون والسّابقون بالخيرات ، على أنّه قد ثبتَ من طريق الجعفريّة بروايات كثيرة أنّ هذه الآية خاصة بذرية الحسن والحسين ، وننبّه هُنا من الوقوع في شَرَك تخصيص التسعة من ولد الحسين بصفة السّبق بالخيرات وجعل صفة الظلم للنفس والاقتصاد من نصيب بني الحسن والحسين من غير التسعة ، فلنا في هذا مداخلٌ ومداخل . ثمّ نطلبُ منهم تدبّر قول الله تعالى : ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )) ، ففيه استنتاجٌ لطيف ، ينحو نحو ما انتحينَاهُ قريباً ، ونجعلُ استنباطه للقارئ 
  
الوجه الرابع : يخصّ عقيدة الزيدية في عِصمَة جَمَاعة أهل البيت (ع) ، وفيه نتكلم عن معنى عصمَة الجماعة ، وذلكَ بعد أن أشرنا قريباً إلى عدم ورود نصوصٍ ربّانيّة اسميّة خاصّة في إمامة أفراد هذه الذريّة بعد الحسين (ع) ، و أشرنا إلى مَنْ هُم أهل البيت وأنّهم صُلحاء بني الحسن والحسين ، واختصاصهم  بأحاديث الثقلين والنجوم وأمثالها ، وهُنا نتكلّم عن أبعاد وأهميّة أحاديث الثقلين والسفينة والنجوم ، و تدعيم عقيدتنا في وصف إجماع جماعة صُلحاء أهل البيت بالعصمة ، فأمّا أهميّة ودلالة الأحاديث فهي غير غابية ولا خافية ، ولكنّا نقول مُختصرين : إنّ الله سبحانه وتعالى بعلمه الأزلي ، علمَ أنّ أمّة محمد بن عبدالله (ص) ، بعد انقطاع النبوّة والوحي بموت رسولها الخاتم ، سينالُها ما نالَ الأمم السّابقة ، من التفرّق والتشرذم ، فأراد سبحانه وتعالى بعظيم رحمتهِ أن يجعلَ لهذه الأمّة علاماتٍ إلى الحق ، فنصبَ فيهم أهلَ بيتِ نبيّهم ، ذريّة فاطمة ، ذريّة الحسن والحسين ، وقرنَهُم على لسان رسوله الكريم بكتابه الكريم ، وجعلهُم كسفينة نوح ، فكانَ الحقّ في هذه الذريّة الحسنية الحسينية ، ومع أئمتها وعُلماءها ، وفي أصولها وتقريراتها . فإن قيل : وكيفَ ذلكَ ونحنُ وأنتم واقفون على اختلافٍ بين علماء بني فاطمة أئمة الزيدية ، في الأصول والفروع ؟ قلنا : في هذا الطرح تضخيم لهوّة الاختلاف بين أئمتنا ، أئمة أهل البيت (ع) ، إذ ليسوا عند التحقيق بمُختلفين في أصول دينهِم العقديّة ،  بعكس فروع الشريعة مما للاجتهاد فيه مسرح ومرتع ، فإنّ أئمّة الزيدية لا يرونَ بذلكَ بأساً مادامت اجتهاداتهم مُقيّدةً بالسنّة المحمّدية ، على أنّه جديرٌ بالذّكر هنا ، أن نُذكّر القارئ أنّ هناك أصولاً فروعيّة فقهيّة ثابتَة لا يخرجُ عنها مُجتهدي أئمة الآل في الغالب الكثير ، كالجهر بالبسملة في الصلوات الجهرية ، والتأذين بحيّ على خير العمل في الأذان ، وتثنية الإقامة ، وعدم المسح على الخفّين ، وعدم القول بالمتعَة ، ولا بجواز نكاح دُبر المرأة ، وشرط الولي والشهود في عقود الأنكحة ، ..إلخ ، وفي المُقابل نذكُر نماذج اجتهاديّة قد يختلف فيها الاجتهاد من إمامٍ لآخَر ، كالقنوت في الفجر أقبلَ الركوع أم بعدَه ، و رفع اليد عند تكبيرة الإحرام ، وكذلك رفع اليد وخفضها في كلّ ركعة ، وأمثالها من الأمور التي لا تخلّ بالعقيدة المحمّدية ذاكَ الإخلال، خصوصاً أنّ لكلّ إمام مُستندٌ من الكتاب أو السنّة في اجتهاده هذا ، على أنّ الجميع اتفّقوا في التوحيد والعدل والوعد والوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإمامة ، وعلى أركان الإسلام الأصيلَة كالصلاة والزكاة والصوم والحج . فإن قيل : فإن اجتهد إمام من أئمة الزيدية في الأصول وخالفَ سَابِقيه ، فهل قَولهُ فيما خَالفَ فِيه حجّة ؟ ، وهل لغيرِهِ أن يُقلّدَهُ في خلافهِ هذا ؟ . قلنا : هُنا يأتي تفسير إلحاقنا معنى العصمة فيمَن هُم دونَ الحسنين ، وجَعْلنَِا لها في جماعة أئمة أهل البيت الزيدية ، فمنَ ثبتَ عنهُ مُخالفَةُ ما أجمعَ عليه أربابُ سفينةُ نوح من أئمّة الآل ، فإنّه لا يُؤخَذُ بقوله فيه ، وعلى الأئمّة الآتينَ بعد هذا الإمام أن يُبيّنوا مُخالفَة ذلكَ الإمام في تلكَ المسألَة ، وذلكَ بعد الإحاطَة بمقصدِ الإمام المُخالف باجتهاده ، فلربّما كانَ هذا غير ثابتٍ عنه ، أو فُهِمَ على غيرِ قصده ، وأمّا الغير ، فإنّه يُبيّن بطلانَ الخلاف متى ثبَت ، ويجعلُ من إجماع أهل البيت (ع) حاكماً ، وسنوردُ هُنا أدلّةً على أصالة الإجماع تَقَرُّ بِهَا عين الإنصاف ، وهي لمذهب الزيدية شاهدَة ، ولمذهب الجعفريّة مُبطلَة ، فَمِنهَا ما سُئلَ عنهُ إمامنا وقُدوتنا وعَلَمُنا ونِبرَاسنُا وبَاقِرِ علومِ نبيّنا محمد بن علي صلوات الله عليه ، عندما قيلَ له : إنّكُمْ تَخْتَلِفُون؟! فقال (ع) : ((إنّا نَخْتَلِفُ وَنَجْتَمِع، ولَنْ يَجْمَعَنَا الله عَلى ضَلالَة))[11]  ، وقال الإمام فقيه آل رسول الله الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي (ع) (ت247هـ) في الإجماع الحسني الحسيني : ((كُلّ مَا أجْمَعَ عَليهِ أبْرَارُ العِترَة ، أنّ رَسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم قَالَه ، فَقَدْ لَزِمَ أهلُ الإسْلامِ العَمَلُ بِه ))[12]  ، وقال الحسن بن يحيى (ع) أيضاً ، بما لو كُتبَ بما الذّهب لكَانَ أليَق : (( وإذَا رُوِيَ عَنِ النّبي صلى الله عليه وآله وسلم خَبَر ، فَرَواهُ عُلمَاءُ آل رَسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلم عَلى غَيرِ مَا رَوَتهُ الأمّةُ عَن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم، كَانَت الحجّة فِيمَا رَواهُ آل رَسول الله، وأثْبَتوهُ عَن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم، وكَذِلِكَ الرّوَايَةُ عَن أمِيرِ المؤمنين، إذَا رَوَت الأمّة عَنهُ خِلافَ مَا رَوَى خِيارُ آل رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم كَانَت الحجّة وصِحّةُ النّقل مَا رَوَاه عُلمَاءُ آل رَسول الله عَن أميرِ المؤمنين، فَإذَا اخْتَلَفَتِ الأمّة بَعدَ أميرِ المؤمنين فِي الأحكَام، فِي الحلال والحرَام والسّنَن، كَانَ مَا صَحّ عَن علمَاء آل رسول الله أوجَب أنْ يُؤخَذَ بِه، وتَركُ مَا سِواه، وبِذَلِكَ أُمِرُوا أنْ يَتَمَسّكُوا بِهِم عِندَ الاختِلاف والتّفرق، فَإنْ جَاءَ عَنْ أبَرارِ العِترَةِ مَا تَخْتَلِفُ الرّوَايَة فِيه فِي النّقل والأخبَار ، أخَذْنَا مِنْ ذَلِكَ بِأوْثَقِ مَا جَاءنَا عَنهُم وأحْوطه للدّين ، وأبَعده مِنَ الشّبهَة ، .. إلخ ))[13]  ، فإن قيل : كيف تُحاجّونا بما تروونَهُ في كُتبكُم ، فلسنا نروي هذا في مسانيدنا الحديثية ؟ . قُلنا : قد حاججتمونا سابقاً وحاضراً باثني عشر اسماً من أهل بيت النبوّة روتهَا كتُبكم ، لم نروها في مسانيدنا ، بل ولم تروِها الأمّة في مسانيدها ، ومع ذلك ، فإنّه لا احتجاجَ لكم علينا هُنا ، فإنّكم رَويتُم عن أئمّتكم المعصومين ما يشهدُ لرواياتنا السّابقَة، بخصوص حجيّة الإجماع الفاطمي الحسني الحسيني، ، دونَ حجيّة الأفراد الفاطميين الحسنيين الحسينيين ، وما يشهدُ لمعقوليّة الخلاف بينَ أفرادهِم (ع) ، فقد روى صاحب بصائر الدرجات  محمد بن الحسن الصفار بسنده إلى الإمام جعفر الصادق (ع) أنّه قال : ((إنّ رَسولَ الله صلّى الله عليه وآله قَال : مَا وَجَدْتُم فِي كِتَابِ الله فَالعَمَلُ بِهِ لازِم ، لا عُذْرَ لَكُم فِي تَرْكِه ، ومَا لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ الله وكَانَت فِيه سُنّةٌ مِنّي ، فَلا عُذْرَ لَكُمْ فِي تَرْكِ سُنّتي، ومَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ سُنّةٌ مِنّي ، فَمَا قَالَ أصحَابي (تأمّل) فَخُذُوه ، فإنّمَا مَثل أصحَابي فِيكُم كَمثلِ النّجوم ، فبأيّهَا أخذ اهتدى ، وبأيّ أقَاوِيلِ أصحَابي أخَذْتُم اهتَدَيْتُم ، واخْتِلافُ أصحَابي (تأمّل) لَكُم رَحمَة ، قِيلَ : يَا رَسول الله صلى الله عليه وآله ومَنْ أصحَابُك ؟ . قَال : أهلُ بَيتي ))[14]. وهذا بيّنٌ والحمد لله . 
  
ومنه عرفنا وعرفت أخي في الله أنّ الحجّة والعصمَة فإنّها ليسَت إلاّ في جماعة أهل البيت (ع) ، وأنّ الاختلاف في أفرادهِم وارِد ، وليسَ الجعفرية يُنكرون اختلاف فُتيا أئمّتهم في المسألَة الواحدَة لسبب التقيّة ، وهذا خللٌ في نظريّة العِصمَة الفرديّة ، ومَن تتبّع سيرَ أهل الكساء صلوات الله عليهِم ، عليٌّ وولدَاه ، لم يجدهُم أصحاب فتاوى مُختلفَة ، ولا أصحاب أقوالٍ مُتضادّة ، مع أنّ مظاهر الخطر حولهُم موجودة مُتوافرَة ، والله المُستعان . وبهذا القدر من تلك الأوجه أكتفي على رجاء أن تكون عقيدة الزيدية في العصمَة قد اتّضحَت بإذن الله تعالى ، ولعلّها تزيد وضوحاً وجلاءً عندما نستعرض الفصل الثاني الذي يتكلّم عن عقيدة الجعفرية في العصمة 
  
الفَصل الثاني بيان عقيدة الجعفرية في العصمَة 

وفيه نُقدّمُ بمُقدّمةٍ تقول : أنّ على القارئ أن يعلَم ، وعلى الباحث الحاذق أن يتنبّه، أنّ عقيدة العصمة الجعفرية على أفراد الأئمّة إنّما هيِ حِبرٌ على ورَق الشٌّرّاح ، وصوتٌ في هواء الخُطباء والواعظين ، ومسانيدهُم الحديثيّة ستُدينُهم ، فنقول : إنّ الجعفريّة قد أحدثَت في العِصمَة أقوالاً لم يكُن أوائلُهم مُتبنّين لها ، نعني قولَهُم أنّ الأئمّة معصومين من الخطأ في أمور دينهم ودُنياهم ، صغيرها وكبيرها ، العمدُ منها والسّهو ، وهذا قولُنا ، والبُرهان علينا ، فنقول مُتكّلين على مَن لا يَسهو!! ، مُتكلّمين من عدّة أوجه : 

الوجه الأوّل : نُبيّن فيه اختلافَ سلف الجعفرية أئمّة ومشائخاً فيما يخصّ تعريف العصمة الجعفرية ، فَمِن علماء الجعفرية المُتأخرين يقول العلامّة المجلسي ، إنّ : ((الإمَاميّة أجمَعُوا عَلى ، عِصمَة الأنبياء والأئمّة مِنَ الذّنوب الصّغيرة والكبيرَة ، عَمداً وخَطأً ونِسيَانَاً قَبلَ النبوّة والإمَامَة وبعدَهَا ، بَل مِن وقتِ ولادَتِهِم إلى أنْ يَلقَوا الله سبحانه))[15] ، ففي الوقت الذي نجدُ العلاّمة المجلسي يَجعل من إثبات عدم سهو الأنبياء والأئمة ، والذي منهم الرّسول (ص) ، إجماعاً للإمامية ، الذين هُم أتباعُ أهل البيت –كما يزعمون- ، نجد الإمام علي بن موسى الرضا (ع) الذي هُو إمامهُم!! ، يلعنُ مَن لا يؤمنُ بأنّ الرسول (ص) قد يَسهو ، في رواية الشيخ الصدوق في العيون : (( عَن أبي الصّلت الهروي، قَال: قُلتُ للرّضا (ع) : يَا ابنَ رَسولِ الله إنّ فِي سَوادِ الكوفَة قَومَاً يَزعمُون أنّ النبي (ص) لَمْ يَقَع عَليه السّهو فِي صَلاتِه! ، فَقَال : كَذَبُوا لَعَنَهُم الله ، إنّ الذي لا يَسهُو هُوَ الله الذي لا إلهَ إلاّ هُو))[16] ، أقول : والكوفَة منبعُ الإمامية ، ولا مجالَ للتقيّة هُنا ، فليسَ الأمرُ يتعلّق بالسياسَة ولا هُو يتعلّق بمحظور حتّى يُتّقَى لأجلِه ، نعم ! فَوجدنا الإمام الرضا في هذا الموضِع يَلعنُ مَن لا يُثبتُ السّهو مُطلقاً للرّسول (ص) ، وهُنا نجدُ الشيخ المفيد (413هـ) ، يُنكر سهو الرسول (ص) ، فيقول : ((الحديث الذي روته الناصبة ، والمقَلّدة من الشيعة أن النبي صلى الله عليه وآله سها في صلاته .... من أخبار الآحاد التي لا تثمر علما ، ولا توجب عملا ، ومن عمل على شيء منها فعلى الظن يعتمد في عمله بها دون اليقين ، وقد نهى الله تعالى عن العمل على الظن في الدين ، وحذر من القول فيه بغير علم ويقين . ))[17]، فكيفَ يُخالفُ المجلسي والمُفيدُ وجماعة الجعفرية إمامَهم الرّضا المعصوم عند لعنهِ لمن لم يُثبت السّهو على الرّسول (ص) ؟! . ثمّ نجدُ الشيخ الصدوق على عِظم قدره عند الجعفريّة يُبيّن عقدية العِصمَة على مذهب الجعفريّة ، ولا يُدخل السّهوَ فيهَا فَيقول : ((إنّ جَمِيعَ الأنبياء والرّسل والأئمّة ، أفضلُ مِنَ الملائِكَة!! ، وإنهُم مُطَهّرونَ مِن كلّ دَنَسٍ ، وَرِجس ، لا يَهمّون بِذنبٍ صَغيرٍ ولا كَبير ولا يَرتَكبُونَه))[18] ، ويُصرّح الصّدوق أيضاً (ت381هـ) (وهُو المُتقدّم على المفيد) بأنّ الرّسول (ص) قد يَسهو ، فقال في كتابه من لا يحضرُه الفقيه : ((إنّ الغُلاة! والمفوّضَة لَعَنَهُم! الله ، يُنكرونَ سَهوَ النبي صلى الله عليه وآله ويقولون: لَو جَازَ أنْ يَسهُو عَليه السلام فِي الصّلاة لجَازَ أن يَسهُوَ فِي التّبليغ لأنّ الصّلاة عَليه فَريضَة كمَا أنّ التبليغَ عَليه فَريضَة .... وكَانَ شيخنَا محمّد بن الحسَن بن أحمد بن الوليد رحمه الله يقول: أول دَرَجَة فِي الغلوّ نَفي السّهو عَن النبي صلى الله عليه وآله ))[19]. فمَن المُعبّر عن دين أهل البيت معشر الجعفرية أعلي الرضا والصدوق وابن الوليد أم الشيخ المفيد والمجلسي ومُتأخريكم؟!. هذا ومَن راجعَ وتأمّل المجلد الثاني ، باب أحكام السهو ، لكتاب تهذيب الأحكام لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ) ، سيجد ما يؤيّد كلام الإمام الرضا (ع) من ثبوت السّهو في الصلاة عن الرسول (ص) . 

الوجه الثاني : نُبيّن فيها وجهَ الخلل ، وعدم انطباق التعريف الجعفري للعصمَة ، بما دوّنتهُ أيدي نحاريرهم من المُحدّثين ، ولو كانَت قليلةً ، أو حتّى تقبلُ التأويل ، لأوّلناها لهم ، بل لو كانَت تقبلُ التقيّة لسلّمنا لهُم ، وسنأتي على نماذج منها ، ما : 

1-   ما رواهُ العلاّمة الخبير عبد علي العروسي الحويزي في تفسيره نور الثقلين : ((عن المفضل بن عمر عن أبى عبدالله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : إنّ جبرئيل أتى النبي صلى الله عليه وآله ، وقال له : يا محمّد قال : لبّيك يا جبرئيل ، قال : إنّ فلان سَحرك! ، وجَعَل السّحر فِي بِئر بني فلان، فابعث إليه ، يعنى البئر ، أوثَقَ النّاس عِندَك وأعظَمُهم في عينك ، وهو عديل نفسك حتى يأتيك بالسّحر ، قال : فبعث النبي صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب ، وقال : انطلق إلى بئر أزوان ، فإنّ فيها سِحرا سَحَرَني بِه لبيد بن أعصم اليهودي ، فأتني به ، قَال عليه السلام : فَانطَلَقتُ في حَاجَة رسول الله صلى الله عليه وآله ، فَهَبطتُ فَإذا مَاءُ البئر قَد صَار كأنها الحنّاء مِنَ السّحر ، فَطَلَبتُه مُستَعجلاً حَتّى انتهيتُ إلى أسفلِ القليب فَلم أظفَر به ، قَال الذين معي: مَا فِيهِ شَيء فَاصْعَد ، فَقلتُ :  لا والله مَا كَذَبتُ ومَا كُذِّبت ، ومَا نفسي به مِثل أنفُسِكم ، يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثمّ طَلبتُ طَلباً بلطف فاستخرجت حُقّاً ، فأتيت النبي صلى الله عليه وآله فقال : افتَحْهُ ، فَفَتَحتُه وإذا فِي الحقّ قِطعةُ كرب النّخل في جوفه وُتِرَ عليها أحد وعشرون عقدة ، وكان جبرئيل عليه السلام أنزل يومئذ المعوذتين على النبي صلى الله عليه وآله فقال النبى صلى الله عليه وآله : يا علي اقرأها علي الوتر ، فجعل أمير المؤمنين عليه السلام كلما قرء آية انحلت عقدة حتى فرغ منها ، وكشف الله عز وجل عن نبيّه ما سُحِرَ وعَافَاه )) [20] . 

تعليق : تأمّل أخي الجعفري ، بعين الإنصاف أليسَ هذا مُنافياً للعصمَة التي تؤمنونَ بها في حقّ مَن هُو أفضلُ من أئمتكم الإثني عشر ، ولنا أن نقول : إن كنتم معشر الإمامية تُحاجّوننا بمعقوليّة اشتراط العِصمَة في الإمام ، وأنّ الإمام لا يُخطئ أبداً ، بل ولا يَسهو أبداً ، وأنّه لو كان يُخطئ ويَسهو لما ضَمِنّا كونَهُ على الحقّ ، ولكُنّا مُقلّدين لهُ على الظّن!! ، بأنّ ذلكَ منكُم حِبرٌ على ورقِ الشّرّاح والأصوليين ، وهُو أمرٌ استَرَحتُم إليه ، ليسَ يُشيرُ إليه واقع أئمّتكم ، ولا تراثهُم الحديثيّ المُنتشر في أمّهات مسانيدِكِم الحديثيّة ، وما بُنيَ على الوَهم ، فليسَ يصحّ أبداً ، ألا ترى أنّ الإمام الصادق (ع) بإثباته لوقوع السّحر على الرسول (ص) ، يجعلُنا نقول : أنّ في هذا تشكيكٌ في صِدقِ رسالَة الرّسول (ص) ، وأنّا لا نأمَنُ أن يكونَ مسحوراً فيما أتانا به من عقائد إسلاميّة ؟ ، وهذا عينُ ما سَتَحتجّونَ به علينا معشر الزيدية ، عند تجويزنا على الإمام الزيدي الحسنيّ أو الحسينيّ ، السّحر لعدم العصمَة !! ، أليسَ كذلك ؟ . فإن قُلتم : هذا ليسَ لكم، فرسول الله (ص) صحيح الإتيان بالرسالَة الرّبانيّة ، ولَو سُحِر ، لأنّ الله هُوَ المُتعهّد بحفظِ رسالته صحيحةً سليمَة ، فإنّه سيكشفُ عن الرّسول (ص) هذا السّحر ، ثمّ إنّ هذا السّحر الذي وقع على رسول الله (ص) لم يؤثّر على أمور الدّين ، بقدر ما كان يؤثّر على أحوال الرّسول الشخصيّة ، كأن يظنّ أنه فعلَ وهُو لم يفعَل . قُلنا : فأنتم بدفاعكم هذا عن صدق تبليغ الرّسول (ص) ، حتّى ولو كان مُعرّضاً للسحر ، مؤمنونَ بعدم معصوميّته في غير أمور الدّين وكبائر الذّنوب ، وبما دافعتُم وأجبتُم به عن سحر الرّسول (ص) ، وأنّ الله لا بُدّ أن يُبيّنَ ذلك ، فإنّا نقول أنّ الإمام الفاطميّ الحسني أو الحسيني لو سُحِرَ ، فأخطأ في تطبيق الدّين ، فإنّا عارفونَ لخطأه ، وعارضوهُ على كتاب الله تعالى ، ثمّ على إجماع أهل البيت (ع) الذين هم أوعية صحيح أحاديث الرسول (ص) ، فمَا وافقَ من فِعل الإمام المسحور ، وافقنا عليه ، وما خالفَ خالفناهُ فيه . نعم ولسنا نُوردُ هذا الرّبط هُنا إلاّ ليتبيّنَ للقارئ أنّ الجعفريّة يُمنّونَ أنفُسَهُم بُحججِ عقليّة أصوليّة حول بُطلان أن يكون الإمام غير معصومٍ ، لأنّ هذا قد يُعرّض إلى الإتباع بمجرّد الظنّ !، وليسَ لهذا مجالٌ عند الزيدية وإن كانوا لا يشترطون العصمَة في أئمّتهم ، فإنّ هُناك ثوابتاً يُعرَض عليها فِعلُ الإمام ، الكتاب وصحيح السنّة وإجماعُ سادات بني الحسن والحسين الذين هُم ثِقلُ الله الأصغر في الأرض ، فليسَت وظيفَة الإمام عندنا إلاّ اقتفاء وتطبيق ما أصّلَه القرآن والسنّة والإجماع ، فليسَ ينطبقُ عليه ما اعتلّ الجعفريّة لأجله ، من أنّه قد يأتي بما يُخالِف ، فيُتّبَعُ ، فَيَحصُلَ اللّبس والالتباس على النّاس ، ألا ترونَ معشر الجعفريّة أنّ سلفَكم من الجعفرية المُعاصرون للباقر يكفيهُم الإيمان بما أصّلَهُ لهم الباقر (ع) ، وبما وَصلَهُم من حديث السجّاد والحسين والحسن وعلي والرّسول (ص) ، إذاً فدينهُم الإلهي مُكتمل ، سواءً جاء الصادق والكاظم وبقية السلسة من بعد هؤلاء أم لَم يأتوا ، لأنّ الصادق ومَن بعدَهُ من الأئمة ليسوا إلاّ مُبلّغينَ لما قد بَلّغَهُ الباقر ومَن قبلَهُ من الأئمّة (ع) ، فليسَ الصادق ولا مَن بعدَه سيأتونَ لمُعاصريهِم بأصولٍ في الدّين جديدَة ليسَ يعرفُها المعاصرونَ لآبائهِم ، وما وظيفَة الصّادق والكاظم ومَن بعدَهُم من الأئمّة إلاّ تطبيقُ وتوطيدُ تلك الأصول التي طبّقها ووطّدَها آباءهم السّابقين ، وليسَ هذا إلاّ قولُنا معشر الزيدية في وظيفَة الإمام الحسني الحسيني ، فإنّ دين الله قد أُصِّلَ مِن قِبَل سادات أهل البيت (ع) بني الحسن والحسين ، وعلى رأس الموطّدين له رسول الله (ص) ، وأجمعوا على أصوله قولاً واحداً ، وانتشرَ وزُبِرَ وعُرِفَ هذا الإجماع بينَهُم ، توحيداً وعدلاً ووعداً ووعيداً وإمامةً ، فمتَى خالفَ الإمام القائم من هؤلاء السّادة إجماع العترة ، فقد خالفَ حتماً كتاب الله ، لارتباط الاثنان ببعضهما البعض إلى أن يَرِدَا الحوض على الرّسول (ص) ، وستُعرَفُ مُخالَفَتُه لإجماعِ سلَفَه ، فلن يَحصُلَ اللّبس أبداً على مُقتضى مذهبِ الزيدية ، فمتى وَقَعَ الخطأ عُرِف ، وبهذا يسقطُ التعليلُ الذي لأجلِهِ أوجبَ الإماميّة عِصمَة الإمام . فإن قالوا : فإنّ هُناك أموراً حادِثَة ليس يثبتُ فيها إجماعٌ عند الزيدية ، بل أمورٌ يبتّ فيها الإمام بقرارته في الحال ، كالاجتهاد في الفروع ، أو إعلان الجهاد والثورة على طائفة من الطوائف ، فإنّ هذا يحتاجُ لعصمَةٍ تكونُ في الإمام ، وإلاّ كيفَ تضمنونَ ويضمن الإمام صحّة اجتهاداته وَوقعاته وحروبه ؟!  قلنا : قَد أصبتُم في مَقتَل ، وليسَت هذه الإصابَة فيه على الزيدية تنطبِق!! ، بل عليكم معشر الجعفرية ، وعليه فإنّا مُجيبونَ بما يفتّ عُضُدَ الباطل بإذن الله تعالى ، فنقول : خبّرونا عَن حالَكم معشر الجعفريّة في زمن الغيبَة ، أعلى الحق أنتُم أم على الباطل ؟ ، إن قُلتم : على الحق . قُلنا : وكيفَ عرفتُم ؟ ، فإن قالوا : لاتّباعنا آثار أهل بيت النبوّة ، وما صحّ عنهُم من إجماع وتقرير واجتهاد في أصول الدّين وفروعه. قُلنا : فإن لم يصحّ عنهُم إجماعٌ في شيءٍ مِن هذا كلّه ، كأن تقعَ عليكم أمورٌ حادثَة تحتاج للاجتهاد والنّظر ، ويحتاجها النّاس في أمورهِم اليوميّة تأتي على شكل فتاوىً في الدّين ، وكالخروج والثّورَة ، وعن قريب خرج الإمام الخميني في ثورة زكّاها جُلّ الجعفرية إن لم يكونوا كلّهم ، فكيفَ تعلمونَ بصحّة ما أنتم عليه من هذه الاجتهادات والخروج والجهاد ؟ . إن قلتم : نسألُ عنها إمامنا المعصوم المهدي ابن الحسن العسكري ؟. قلنا : لا سبيلَ إليه ، وليسَ هُوَ بكم يأبَه!! . فإن قالوا : نلجأ إلى فُقهائنا ، وعُلماءنا ، ونتبّع اجتهاداتهم ، وتوجيهَاتهِم ، فما أفتَوا به عَمِلنا به ، فإن قالوا: يجب الخروج على الطائفة الفلانيّة خرجنَا ، وإن قالوا : البِدِوا ، لَبدْنا ، فنحنُ مُقلّدينَ لمرجعياتنا الدينيّة . قُلنا : أصابَ السّهُم المَقتل ، فأخبرونا أيضاً عن مرجعيّاتكم الدينيّة التي تُقلّدونها أواحدةٌ هي في فتواها ، أم هيَ عدّة مراجع يُقلّد النّاس أيّهم ركنُوا إلى علمِهِ وفهمه ، ثمّ أخبرونا ، هل هؤلاء المراجع معصومين ؟ . فإن قُلتم : بل هُم مرجعيّاتٌ مُتعدّدة ، وقد تتّفق اجتهاداتهم ، وقد تختلف ، وليسوا هُم بمعصومين! . قُلنا: الآنَ اخترقَ السّهم المقتَل ، وافتضحَ ما زبرَهُ شُرّاحُكم ومُتكلّميكم ، وبانَ الوهُم الذي اعتمدوا عليه لإيجاب العِصمَة على الإمام ، فقولُكم : باللجوء إلى فقهائكم الغير معصومين ، فيما طرأ عليكم من أمورٍ دينيّة مُستجدّة ، يُثبتُ أنّكم لستُم إلاّ على الظنّ ، لا على اليقين ، وأنّ مَن هلكَ منكُم فإنّه هالكٌ لا على دين أهل البيت الجعفري ، فإنّ هُناك احتمالٌُ بأن يُخطأ المرجعية الجعفري في فتاواه واجتهاداته ، بما لا يُوافقهُ عليه الإمام المعصوم المهدي الغائب ، بل ولا يرتضيه ، ودعكَ من هذا أخي الجعفري ، ولكنّ هلّم بنا إلى الشّهداء من الجعفرية في ساحات الحروب ، وأقربُهم أصحاب الخميني الراحل ، هل اتّبعوا الخميني على اليقين ، هل أيقنوا بعصمَة رأي الخميني في الخروج والثورَة ، أم أنّهم جنّدوا أنفُسَهُم على الشكّ والريبَة ، وخرجوا على غير بيّنةٍ من إمامهم المعصوم الغائب ، فلربّما كان هذا الغائب المعصوم غيرُ راضٍ عن خروج الخميني في ثورته تلك ، فعندها ماذا سيكون موقفُ الخميني عند الله وعندَ الرّسول وأئمته من أهل البيت ، وعلى رأسهِم المعصوم المهدي الذي هُو إمامُ عصرِه ؟! ، وما حالُ أولئكَ الشّهداء الذين ماتوا وهُم على غير يقين ، ماذا سيقولون لإمامهم الحجة المهدي عندما يُساقون إلى المحشر وهو إمامهُم ؟! ، وما حال فقهاء الشيعة ومرجعياتهم المُؤازرون للخميني بعد موته بالإشادة والافتخار به ، أهل على يقينٍ يُندّدون أم على ظنّاً منهم بذاك ، ثمّ أخبرونا معشر الجعفرية عن مراجعكم الدينية المُختلفَة في فتاواها ، أجميعُ فتاواهم المُتناقضَة صحيحَة ؟! ، فمثلاً نجدُ بعضَهُم يُفتي بجواز نكاح المرأة من دُبُرِهَا ، والبَعض الآخَر لا يُفتي بذلك ، فيُقلّدُهم الأتباع!! ، فما حالُ المُفتي بالباطل ، وما حالُ المُقلّد ؟ فبلله عليكم معشر المُنصفين بعد كلّ ما مضَى ، ألِلعِصمَة في حياة الجعفريّة تطبيقٌ من حوالي أربعة عشر قرناً ؟! ، إلاّ في الدّفاتر والأوراق والأوهام ، ثمّ اعلَم أخي المُنصِف أنّ الجعفريّة لن يُطبّقوا العصمَة التي يؤمنونَ بها في زمان الغيبة إلاّ إذا عطّلوا الإفتاء، وتركوا اتخاذ القرارات التي هيَ للإمام ، من قبضٍ للزكوات ، ومن جهادٍ في سبيل الله ، ومن إقامَةٍ للجُمعات ، ومن استنباطِ أحكامٍ من الكتاب والسنة ، ..إلخ ، إن قالوا : إنّما على المرجعيّة أن تُفتي بما وصلَت إليه أنظارُهُم بعد التأمّل في الكتاب والسنّة الصحيحة وآثار أهل البيت الإثني عشر ، فإن وافقَ فله أجرٌ في هذا ، وإن خالفَ ، فإنّما يُخالفُ في فروع الدّين ، وأمّا أصوله فقد ثبتَ عن طريق أهل البيت ثبوتاً كاملاً لا يُحتاجُ إلى الاجتهاد فيه بعدَه . قلنا : فأنتُم بهذا تُبتون أنّه لا حاجَة للفقيه المرجع بأن يكون معصوماً ، وإنّما عليه الإقتداء بالكتاب وصحيح السنّة وآثار أهل البيت (ع) ، حتّى وإن خالفَ في اجتهاداته الفروعيّة فليسَ هذا بالضارّ في الدين المحمّدي ، وعندَها نوجّه الخطاب لكم  مشعر الجعفرية ، فنقول : أنّكم ما عَديتُم قولَنا في الإمام الفاطمي الحسني الحسيني ، فإنّما عليه عندما ينتصبُ لهذا الأمر أن يُطبّق ما قد أصّله الكتاب وصحيح السنّة وإجماع سادات أهل البيت بني الحسين والحسين ، في العقيدة المحمديّة ، وأن يجتهدَ للأمّة بما وافق الكتاب والسنة فيما لم يُؤثَر فيه إجماع ، وليسَ هُوَ مُحتاجٌ إلى العِصمَة ليكونَ إماماً ، لأنّ الأمّة بحاجةٍ إلى إقامة الجُمَع والجماعات ، وإقامة الحدود ، والقضاء بين النّاس ، وتجييش الجيوش والردّ على أعداء الله والرّسول ، والأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر ، وهذا كُلّه يستقيم على شرطِ الزيدية في الإمام لعدم اشتراطهم للعصمَة فيه ، وليسَ هُوَ يستقيم على شرط الجعفرية ، لاشتراطهِم العصمَة في الإمام ، فكلّ هذه الأمور السّابقة لا يَقومُ بها على شرط الجعفرية إلاّ المأمون المعصوم عن الخطأ فيها ، ولهذا السّبب أوجبوا العِصمَة لكي يأمنَ الأتباع جازمينَ لا ظانّين بما يُقلّدون فيه أئمّتهُم ، وبما أنّه لا أئمّة –على مذهب الجعفرية- في هذا الزمان ، إذاً لا خيارَ لمُتكلّمي الجعفرية ، فإمّا أن يُبطلوا تعليلهُم عدم صحّة الإمامَة في مَن ليسَ معصوماً لاحتماليّة وقوع الخطأ منه ، وإمّا أن يُسقطوا فروض الله تعالى ، ويُعطّلوا أحكامَه ، ولا يُفتوا بجواز تقليد واتّباع مراجعَ غير معصومين ، الأخطاء عليهِم واردةٌ مُحتملَة ، وهذا والله قولٌ عظيم . وبهذا أختم أطروحتي التي أعتذرُ فيها من أهل الشأن لترديدي للكلام فيها ،  بما أخافُ أن يكون ممُلاًّ ، ولكن ليسَ هذا إلاّ لطويّة انطوت عليها أنفُسنا ، نسأل الله أن يُتمّها . نعم! وبعد هذا كلّه تبيّن لنا أنّ نظرية العصمة الجعفرية ، لا تطبيق لها على أرض الواقع في زمان الغيبَة ، وهُنا نُواصل بيان أنّ هذه النظريّة لم يكُن لها أيضاً أيّ أساسٍ من الصحّة بما قبلَ عصر الغيبة ، أي في أزمنة الأئمة (ع) : 

2-      ما رواهُ العلاّمة الخبير عبد علي العروسي الحويزي في تفسيره نور الثقلين : أنّ يهود خيبر شتموا رسول الله (ص) ، فبلغ ذلك الرّسول (ص) (( فقال رسول الله صلى الله عليه واله : يا علي لعلهم شتموني ، إنهم لو رأوني لأذلهم الله ،  ثمّ دَنا رسول الله صلى الله عليه وآله مِن حِصنِهِم ، فَقال : يا إخوَة القِرَدَة والخنازير ، وعَبَدة الطّاغوت ، أتشتموني أنا ، إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباحهم ، فأشرف عليهم كعب بن أسيد من الحصن فقال : والله يا أبا القاسم ما كنت جهولا فاستحيا رسول الله حتى سقط الرداء من ظهره حياء مما قاله)) [21] . 

تعليق : هُنا تأمّل إقدام الرّسول (ص) على أمرٍ استحيا ، وليسَ (ص) يستحي إلاّ من أمرٍ ظهرَ لهُ خطأهُ فيه ، وعليكَ النّظر أخي الجعفري في جواز هذه الصغيرة على الرسول (ص) . 

3-     ومنها ما اتّفقت عليه الشيعة بعموم ، في كيفيّة تبليغ رسول الله (ص) لأهل مكة ، عندما بعث بآيات براءة إليهم ، فبعثَ بها أوّلاً مع أبي بكر ابن أبي قحافة ، ثمّ تراجع الرّسول (ص) بأمر الله سبحانه وتعالى ، وبَعَثَ عليّاً خلفَه ، ليؤدّيها عنه (ص) . 

تعليق : وهُنا نسألُ الجعفرية (ص) عن هذا الفِعل من رسول الله (ص) ، أيُعدّ خطأً أم صواباً ، وليسَ هذا الفعل إلاّ من الصغائر التي لا تضرّ الرسول (ص) . 

4-     ومنها وممّا اتفق على صحّته الشيعة بعموم ، يقول الإمام علي (ع) في النهج: ((اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، فَإِنْ عُدْتُ فَعُدْ لِي بِالْمَغْفِرَةِ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا وَأَيْتُ مِنْ نَفْسِي، وَلَمْ تَجِدْ لَهُ وَفَاءً عِنْدي. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ بِلِسَاني، ثُمَّ خَالَفَهُ قَلْبِي. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رَمَزَاتِ الْأَلْحَاظِ، وَسَقَطَاتِ الْأَلْفَاظِ ، وَشَهَوَاتِ الْجَنَانِ، وَهَفَوَاتِ اللِّسَانِ))[22]. 
  
5-    ما رواهُ المجلسي في البحار ، (( عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (ع) ، قال : إنَّ أبي ضربَ غلاماً له ، قرعة واحدة بسوط ، وكان بعثَهُ في حاجة فأبطأ عليه، فبكَى الغلام ، وقال : الله! ، يا علي بن الحسين ، تَبعثُني في حاجَتِكَ ، ثمّ تَضربني ، فبكَى أبي وقال : يا بني ، اذهب إلى قبر رسول الله (ص) فصلّ عندَهُ ركعتين ثمّ قُل : اللهمّ اغفِر لعليّ بن الحسين خطيئتَهُ يومَ الدّين ، ثمّ قال للغلام : اذهَب فأنت حرّ لوجه الله ، قال أبو بصير : فقلتُ له –للباقر- جُعلتُ فداك ، كانَ العتقُ كفّارةً الضّرب؟! فسكت ([23]) . 

تعليق : وهُنا تأمّل إثبات زين العابدين (ع) الخطيئة على نفسِه ، وطلب الله أن يغفرها له يوم الدّين ، تجد في هذا أّنه يُقدم على الله وله أخطاء مُتفاوتة في الصّغر والكبَر، ثمّ تأمّل نَدَمهُ (ع) على ضربه للغلام ، تجدهُ يدلّ على أنّه أخطأ ، ولَو معَ نفسِه في هذا الضرب للغلام . 

6-     وعن حمران قال : قلت لأبي عبدالله : أنبياء أنتم ؟ قال : لا ، قلت : حدثني من لا أتهم أنك قلت : إنكم أنبياء ؟ قال : من هو أبالخطاب ؟ قلت : نعم ، قال : كنت إذا أهجر ([24]) . 
  
7-      وعنه أيضا قال : فوالله ما نحن إلا عبيد الذي خلقنا واصطفانا ، ما نقدر على ضر ولا نفع ، وإن رحمنا فبرحمته ، وإن عذبنا فبذنوبنا ، والله مالنا على الله من حجة ولا معنا من الله براءة ، وإنا لميتون ومقبورون ومنشرون ومبعوثون وموقوفون ومسؤولون ([25]) . 
  
8-   وعنه [ الصادق] : إنا لنذنب ونسيء ثم نتوب إلى الله متابا ([26]) . 

نعم ! وبهذا القدر من النقولات نكتفي ، على كثرةٍ من النماذج المؤيّدة لما نقول ، فهذا كما ترى أخي في الله نقضٌ وتنزيهٌ لهؤلاء الأئمّة الأطهار من ادّعاء العصمَة من الأدناس والأرجاس الصغير منها والكبير ، بل هُم صلوات الله عليهم مُنزّهون من ادعاء الإمامة النصيّة ، ويكفيهُم دونَ ذلك المُدّعى عليهِم ، أن يكونوا فروعاً من دوحَة نبويّة حسنيّة حُسينيّة ، طابَت شمائلُهُم بأفعالهِم ، وشَهِدَ لهُم القاضي والدّاني ، وليسَ حالهُم عندَنا إلاّ كحالَ الإمام الحسن بن الحسن السبط ، والإمام زيد بن علي بن الحسين السبط ، والإمام شيخ آل الرسول في زمانه عبدالله المحض بن الحسن بن الحسن ، في الاعتبار والقدوة . 

مَنْ تَلْقَ مِنهُم تَقُلْ لاقيتُ سَيّدهم ****** مِثْلَ النُّجوم الّتي يسري بها الساري 
  
وبهذا نختمُ كلامنا في هذه المقدّمة ، بعد أن عَرفنا أنّ العِصمَة الجعفريّة ، نظريّةٌ لم تُصَغَ جيّداً ، وجميع الإماميّة مُتهّمَون في أديانهِم بوجودِهَا ، كما بيّنَا ذلك في موضعه ، والله المستعان . 
  
الفَصل الثالث شُبَه يُثيرها الجعفرية حول الزيدية 
  
في هذا الفصل نتكلّم بإذن الله تعالى ، عن شُبه يُثيرها الجعفرية ضدّ الزيدية فيما يخصّ موضوع العِصمَة ، ولسنَا نعيبُهُم لهذا ، لأنّا لا نأمَلُ ولا نتوقّعُ أن يعيبونا في أبحاثنا المُخاطِبَة المذهب الجعفري ، ولهُم علينا الإجابَة بالدّليل ، وأين ما مالَ الدّليل نميلُ وإياهُم معَه ، فممّا أوردهُ الجعفرية على الزيدية : 
  
قالت الجعفرية 
  
قَد قال بالعصمة في حقّ الإمام ، وأثبَتَها حافظ الزيدية أبو الحسن أحمد بن إبراهيم الحسني (ع) (ت353هـ) ، صاحب المصابيح ، وفي هذا دلالة على أصالَة العصمة التي أثبتَها الجعفرية . 

قالت الزيدية 

        أمّا ما يخصّ حافظ الزيدية ومُحدّثها أبي العباس أحمد بن إبراهيم الحسني (ع) (ت353هـ) ، من إيجابه للعصمَة في الإمام ، فإنّ هذا يُأوَّل ، خصوصاً مع تيقننا من زيديّته ، ونفيّه النص على الأئمّة بعد علي والحسنين صلوات الله عليهم ، فكلّ زيديّ يقول بالعصمَة ، فإنّه يُستحالُ أن يكونَ مَقصدُهُ ما ذَهبت إليه الجعفرية من معناها ، الذي هُو : العِصمَة من الصّغائر والكبائر والسّهو والنّسيان ، إن قيلَ : لماذا ؟! ، قلنا : لأنّه زيديّ العقيدة في الإمامة ، والزيديّ ينفي النصّ عن الأئمّة بعد الحسنين ، ويؤمنُ بأنّ طريقَ الإمامة الدّعوة مع اجتماع الشروط الواجبة في الدّاعي الحسني أو الحسيني ، فكيف يقول بإيجاب العصمَة -بالمعنى الجعفري- على شخصٍ ليسَ بمنصوصٍ عَليه ، وهَل هذا إلاّ من تكليف ما لا يُطاق ، بل منَ المُستحال مَعرفتهُ في الإمام ، وهذا كلّه ، مع معرفتنا لمنزلة أبي العباس الحسني ، وعلوّ شأنه ومرتبته في الزيدية ، يجعلُنا ننفي أن تكونَ العصمَة الجعفريّة مُبتغاه من تصريحِه هذا ، فالعِصمَة كلمةٌ تختلفُ باختلاف المشارب ، فمحمد بن محمد المفيد من الجعفرية يجعلُها شاملة للكبائر والصغائر والسّهو والنسيان ، بينما يجعلُها الشيخ الصدوق وابن الوليد من الجعفرية أنفسَهُم في الكبائر والصغائر من دون السّهو والنسيان ، والزيدية تجعلُها في حقّ أصحاب الكساء والأنبياء ، عِصمةً من الكبائر والإصرار على الصغائر ، وأنّ العصمة في مَن دونَ أصحاب الكساء من الأئمّة إنّما هي في إجماعاتهم ، وكذلك يجب أن نقول مع قول أبي العباس الحسني (ع) ، فإنّ زيديّته تمنَعُهُ من القول فيها بقولَي الجعفرية ، فكانَ علينا التأويل بقدر المعقول ، وهُوَ أنّه صلوات الله عليه، ما عنَى إلاّ أنّ الإمام القائم من بني الحسن أو الحسين ، يجب أن تكون معه عِصمةُ توفيقٍ من الله ، فيكون بها في أكثر أعماله إن لم يكن كُلّها صائباً ، وهذه العِصمَة الإلهية التوفيقية لَن نعلَمَها في هذا الإمام إلاّ بسلامَة ظاهِره ، وبظهور علامات الصّلاح عليه وعلى تصرفاته في رعيّته المؤتمّين به ، بأن يَظهرَ العَدل ، وتأمَن البلادُ والعِباد ، ويُنتصر للضعيف ، ويُؤخَذُ الحقُّ من الشريف ، وتُقامُ الحدود ، وعليه نضربُ مثالاً سيرةُ الهادي والناصر الأطروش صلوات الله عليهما ، فإنّ الخطيئَة الكبيرَة ، والجور الفادح ما نُسِبَ إلى أحدِهِما، فهؤلاء حقيقٌ أن يُقالَ أنّهما معصومينَ توفيقاً من الله تعالى ، بسلامَة اتّخاذ القرار ، ويدخُلُ في قول أبي العباس أيضاً أنّ من يتصدّى لهذا الأمر من بني فاطمة لو كانَ مُبطلاً في الباطن ، لَحُجِبَ عن النّصر والتوفيق من الله ، فليسَ ينالُ رضوان الله وتوفيقه إلاّ مَن كانت همّتهُ العلياء ، والارتقاء بكلمة الرحمن ، إلى أعالي الشِّمَمِ والقِمَم ، فكانَ زيد بن علي (ع) ، يُنادي أصحابَه إلى الجنّة ، مُنادَاة الواثق ، معَ أنّه يعلمُ صلوات الله عليه أنّه ليسَ بمعصوم ، ولكنّ أيادِ الله الخفيّة التوفيقية مُحيطةٌ بزيدٍ (ع) من حيثُ لا يعلَم ، فصُلِبَ وتحقّقَت ثِقةُ زيدٍ في دَعوته ، بأن ظهرَت كرامات الله عليه بعد استشهاده وتحريقه، وكانَ كذلك الإمام النفس الزكيّة محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن (ع) ، فإنّه ما باتَ في أمّة جدّه إلاّ داعياً مُخطّطاً ، مُدبّراً ، مُفتياً ، مُجَاهداً ، كلّ هذا وثوقاً منه في دَعوته التي اقتبسَها من أسلافه سادات بني الحسن والحسين ، وكانَ (ع) يعملُ هذا كلّه وهُوَ يعلمُ أنّه ليسَ بمعصومٍ تلك العِصمَة الجعفريّة ، ولكنّ أيادِ الله الخفيّة التوفيقيّة كان تُحيطُ به وترعاه ، فاستُشهِدَ وهُوَ النّفس الزكيّة التي أخبرَ عنها الرّسول (ص) ، بأنّ دمهَا يسيلُ إلى أحجار الزّيت ، فلَو اتّبعنا قول الجعفريّة في اشتراط العصمَة من جميع الصغائر والكبائر والنسيان ، ورفَضنا دعوَة هذا الحسني القرم ولم نُجبه ، مُتعذّرين بهكذا أعذار ، مِنْ أنّه قد يُخطأ ويُصيب فكيفَ نخرجُ على الظنّ!! معه ، لفَاتَنَا حَظّ عَظيم ، وأجرٌ مِنَ الله كَبير ، وهُوَ الحال مع بقيّة الأئمّة صلوات الله عليهم ، فحديث الثّقلين والسفينة والنجوم في حقّهم تَضمنُ بقاء الصّلاح والإصلاح فيهِم دائماً أبدَ الدّهر ، وكنُا قد سَمِعنَا عالمَ آل محمّد وعلاّمتَهُم السيّد الحسني عبدالرحمن بن حسين شايم حفظه الله ، يقول به أو بما معناه: إنّ لعلماء آل محمّدٍ عصمةُ توفيق فيما يعملون به ، وصدقَ رضوان الله عليه . 
  
قالت الجعفرية 
  
       ذكر السيد مجدالدين المؤيدي في مجمع الفوائد عن الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة (ع) ، أنّه قال : ((يَجوزُ أن يُخطِئ الإمامُ بلا خِلاف فِي ذَلك)) ، فكيف يصحّ منّا الإيمان بأئمّةٍ يُصيبونَ ويُخطئون ، فنكونُ بهذا مُتّبعينَ على الشكّ والظنّ ؟! . 
  
قالت الزيدية : 

        قد سبقَ مُناقشَة احتماليّة خطأ الإمام [راجع الفصل الأول] ، وأنّ هذا عُذرٌ يُضخّمُ حسبَ الميلِ والهَوَى، وإلاّ فإنّ الواقع العِلمي البَحثي يجعلُه صغيراً ، خصوصاً إذا أُرفِقَ بالمُقارنَة بين حال الاختلافات عند الزيدية أتباع غير المعصومين ، والجعفرية أتباع المعصومين! ، على أنّ من سيتتبّع في هذا المجال ، لن يجدَ إلاّ اختلافاتٍ فروعيّة فقهيّة في الغالب الكثير بين أئمة الزيدية ، وقد أشرنا أنّ هذا مما لا بأس به عند الزيدية ما دام مُحاطاً ومُستَنِدَا بأدلة الكتاب والسنة والهَدي الفاطِمي ، وبمعنى آخر : أنّ هذا الاختلاف لا يَمسّ العقيدة المحمّدية ، ومَن ثبتَ عنه من غير الأئمّة كالعلماء والفقهاء والقضاة والشيعة ممّن يشمَلهُم اسم الزيدية ، مُخالفَة العقائد الزيدية ، فإنّه في الغالب الكثير ، يقولُ بقولهِ واجتهادِه ، وليسَ معهُ مُستندٌ إلى أهل البيت في اجتهادهِ المُخالِف هذا ، وأمّا الأئمة فإنّهم لا يختلفونَ في عقائدهم المحمّدية " أصول الدّين" ، ومن أخطأ (على الافتراض) ، فإنّ الإجماع يُصحّح خطأه ، ولكن أخبرني أيّها السّائلُ الجعفري كيفَ تعرفُ دينَ أئمّتك الأحد عشر ، إن كانَت تأتي الرّوايات عنهُم مُختلفَة ، بل ومُتضادّة ؟! ، ويشَهَدُ بتضادّها منكُم شيخ الطائفة الطوسي في مقدمة كتابه التهذيب أنّ سبب تأليفه لهذا الكتاب ، هُو : (( مَا وَقَعَ فِيهَا –أحَاديث الجعفرية- مِنَ الاختِلاف، والتَباين والمُنَافَاة والتّضَاد، حتّى لا يَكادُ يَتّفِقُ خَبرٌ إلا وبإزَائهِ مَا يُضَادّه ، ولا يَسْلَمُ حَدِيثٌ إلاّ وفِي مُقابلِه مَا يُنافِيه !! )) [27] ، نعم ! كيفَ تعرفُ دين أئمّتك عندما تجدُ روايةً رواها النعماني : (( عَن الأصبغ بن نباتة، قَال: سَمِعتُ عَلياً (ع) يقول: " كَأنّي بِالعجم ، فَسَاطِيطُهم في مَسجِدِ الكُوفَة ، يُعَلّمُونَ النّاسَ القُرآن كَمَا أُنزِل!! ، قُلتُ: يَا أميرَ المؤمنين أوَ لَيسَ هُوَ كَمَا أُنزِل؟ فَقَالَ: لا! ، مُحيَ! مِنهُ سَبعُونَ مِن قُريشٍ بِأسْمَائهِم وأسْمَاءِ آبائهِم!، ومَا تُرِكَ أبولهب إلا إزرَاءً عَلى رسول الله (ص) ، لأنّهُ عمّه " ))[28] ، وهيَ روايةٌ صريحةٌ في تحريف القرآن ، وعندما تجدُ روايةً أخرى وأقوالَ مشائخ ينفون التحريف ، فهُنا اختلاف وتضادّ في عقيدة أصيلة يُصبح بها الإنسان كافراً والعياذ بالله ؟! ، إن قُلتَ : بأقوال المشائخ وترجيحاتهم ؟! ، قُلتُ : هُم غير معصومين ، والروايات عن المعصومين مُختلفَة ومُتضادّة ، فترجيحهُم واختيارُهُم وتصحيحهُم وتضعيفُهُم ليسَ بمُعتمَد في ردّ وقبول هذه الآثار المُتعارضَة عن أئمتكم المعصومين ، لأنّ هؤلاء الفقهاء بشرٌ يُصيبون ويُخطئون ، فلربّما ضّعفوا صحيحاً ، وصحّحوا ضعيفاً ، بما له نواتج وخيمة كمسألة التحريف مثلاً ، فإن قلتَ : كلامكُ فيه مُجازفَة ، وتضييق شديد ؟! . قلتُ : وكلامُكم في أنّ جميع الأمّة مؤمنةٌ على الشكّ والرّيب عند اتّباعهم غير المعصومين ، أليسَ فيه تضييقٌ شديد؟ ، فقد وقعتُم فيما عِبتُم به على الأمّة! ، وأصبحَ يلزمُكم في زمن اللامعصومين أن تكونوا مثلَهُم بحاجةٍ إلى معصومين ، يُقرّروا لكم أصول الكتاب والسنّة ، ويُعلّمُوكُم صحيح الأحاديث وضعيفها الموجودة في كُتُبكم ، وهي كثيرةٌ جداً ، حتّى صرّح المُحدّث البحراني بأنّ نصف كتاب الكافي لثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني محكومٌ عليه بالضّعف[29]!! ، فكيفَ حكم الغير معصومين على نصف كتاب أمضى فيه صاحبه حوالي عشرين سنة[30] وهُو يجمعُ أحاديثه!! بالضّعف؟! . إن قُلتم : بالاجتهاد ، وإرجاع الأصول للكتاب والسنّة ، ففيها كلّ شيء . قلنا : هذا لا يُسقطُ احتجاجنا عليكُم ، من أنّ الاجتهاد مهمّة المعصومين من أئمتكم دونَ الفقهاء والعلماء ، ولكن سنُسلّم لكم جدلاً ، حتّى لا يطول النّقاش بما نعتقد أنّه تكرار ، فنقول : الاجتهاد الجعفري هذا ، هل يحتملُ الاختلاف ؟! ، إن قلتم : لا ، كذّبتم الواقع . وإن قُلتم: نعم ، قلنُا فلما تعيبونَ علينا رُحمِتَ بوازيكم ، فأنتمُ من خلافٍ في خلافٍ ، ومن تناقضٍ إلى تناقض ، فهلاّ أجبتم ، وأجاب السّائل على نفسه بما يُمليه عليه بحثهُ المُتبصِّر المُتبحِّر ، والله الرّقيب . 

[ فائدة ، وخاتمة لهذا المبحَث حول العِصمَة ] 

        بعد الذي كان وذُكِرَ حول العِصمَة ، فإنّي كُنتُ أكتُب ما يُمليه عليَّ عقلي قبل نقلي ، فأحببتُ الاستزادَة من الخير ، وإيصالَ الفكرَة لمَن يطلُبُها قدر المُستطاع ، فبحثتُ في مكتبتي فإذا بحثٌ رائقٌ عظيم لأخي ورفيقي في البحث ياسر بن عبدالوهاب الوزير الحسني أسعده الله ، بعنوان ((الإمامة الدينية والسياسية عند أهل البيت (ع) ))، وجدتُهُ فيه نطقَ على لسان الحقّ ، ولم يُخالف استنتاجنا العقلي استنتاجَه ، وهُوَ ذا ننقلُه كاملاً للفائدَة ، وما كان بين [ ] فهو مُضافٌ منّا على البحث : 

إن قيل : ] لا بد إن يكون الإمام معصوماً و إلا وقع الاختلال في أمور الدين والدولة ، وأمر بالمحظور ونهى عن الواجب ، ويدل على ذلك قوله تعالى : (( لا ينال عهدي الظالمين )) ، وقوله تعالى : (( يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) ، وكذلك القياس على النبي . رُدّ على هذا. 

قُلنا : ] العصمة في الإمام هي أحد ما يعترض به بعض المخالفين مدعين ضرورتها ، ونحن نجيب عليهم إجابة كافية شافية إن شاء الله فنقول وبالله التوفيق : هذه العصمة المدعاة ليست إلا لأحد شيئين ؛ الأول الحفاظ على الدين ، والثاني القيام بأمر الدولة ، ونحن نبطلهما ثم نبرز الشبهات الحائمة حول مدّعَى المخالف بناء على أصوله ، والتي لا يجد سبيلاً إلى ردها . 
  
أما كون الغرض من عِصمَة الإمام الحفاظ على الدين فقد أغنى عنها نقل الشريعة بشكل عام والنقل المتواتر فيما يتعلق بالعقيدة ، فجميع المذاهب التي لا توجب العصمة لا تشك في القرآن ونحوه وما ذاك إلا لتواتره عن الرسول بحيث يحيل العقل كذبه. 
  
وكون أكثر المسائل الفقهية مروية بطرق آحادية لا تفيد إلا الظن ليس قادحاً ؛ لأن الشارع أوجب علينا العمل بالظن – مع مراعاة شروطه المعتبرة – فأوجب العمل بشهادة شاهدين عدلين في القصاص ونحوه مع كون شهادتهما لا تفيد إلا ظناً ، ثم إن بعث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالآحاد لتبليغ الشريعة كما علم من فعله دليل على ما قلناه ، إلى غير ذلك من الأدلة الموضّحة في كتب الأصول ، على أن ذلك لا يعني أن الأحكام قد تتبدل لأن الله وعد بحفظها ، كيف وأهل البيت - وهم الحجة علينا مع القرآن - بين أظهرنا لا يخرج الحق عن أقوالهم على ما قدمناه ، فلا نجوّز خفاء أو ضياع الأدلة الموصلة إلى مراد الله . 
  
وأما كون الغرض منها القيام بأمر الدولة فهذا أوسع من مفهوم العصمة في حق الأنبياء أنفسهم صلوات الله عليهم ، لأن النبي كان جائزاً عليه الخطأ في بعض الأمور الدنيوية ولا يعد ذلك قدحاً في دينه ، يؤكد ما ذكرناه ما حدث في غزوة بدر عندما نزل قبل الآبار فسأله بعضهم إن كان أمراً من الله أم رأياً رآه ، فقال إنه رأي رآه فأشار عليه بالنزول بعد الماء حتى لا يجد الكفار ماء يشربونه ، وكذلك استشارته المعلومة لأصحابه كما في الخندق عندما استشارهم فأشار عليه سلمان الخير رضوان الله عليه بما رآه في بلده من حفر الخندق ففعل ، وكذلك خروجه صلوات الله عليه وآله إلى الطائف ظناً منه أنه سيلقى استجابة من أهلها ، ويدل عليه كذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إنكم تختصمون إلي ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض ، فمن قضيت له بشيء من مال أخيه فلا يأخذنه فإنما أقطع له قطعة من النار ) ، على أن ذلك لا يعني جهل النبي أو الإمام بالأمور التي تحتاجها الدولة ، بل المقصود أنه يجوز عليه الخطأ فقط لا أن حاله مطردة في الخطأ ، فالإمام لو كان ذلك لم تصح إمامته إذ من شروطها القدرة على تدبير الأمور وذلك واضح فيه . 
  
ثم نقول للمخالفين قد صحّحنَا قَولنَا وهَاكم هذه الأدلة على بطلان قولكم فَردّوها إن استطعتم : 
  
قلتم : إن عصمة الإمام واجبة للحِفَاظِ على الدين ، فنحن اليوم بلا إمام معصوم ، فالإمام بزعمكم غائب منذ ألف ومائة وستين عاماً ؛ فهل تقولون إن الدين الصحيح باقٍ مَعَنا أم لا ؟ إن قلتم : إنه غير باقٍ . فهل نحن مُكلّفون بِهِ أم لا ؟ إن قلتم: إنا لسنا مكلفين به – وحاشاكم من قولها – ، فهذا انسلاخ عن الدين ومخالفة لما علم ضرورةً منه ، وإن قلتم: إنا مكلفين به . فهل هذا إلا تكليف ما لا يطاق وهو ظلم يتعالى الله عن فعله . وإن قلتم: إنه باقٍ لكن لا نستطيع معرفته إلا بواسطة الإمام . قلنا: وهل نحن الآن مكلفون به أم لا ؟ إن قلتم: لا . كان انسلاخاً من الدين وحاشاكم ، وإن قلتم: نعم. فهل نحن مكلفون بالدين الذي جاء به أبو القاسم صلوات الله عليه وآله ، أم بما توصلنا إليه فقط ؟ إن قلتم: إنا مكلفون بعين ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فإمّا أن نَعرفَه من دون المعصوم وهو الذي نقول ، وإمّا أن لا نَعرِفَه إلا به وأنتم لا تقولون بوجوده فَكانَ تَكليفاً لما لا يُطاق ، وإن قلتم: لَسنا مُكلّفين بعين ما جاء به الرسول ، بَل بِمَا تَوصّلنا إليه فقط كيفَ مَا كَان – مع كونكم أدخلتم القدح في الشريعة وفتحتم باباً للملاحدة واليهود لنقضها – . قلنا: إنّا توصلنا إلى عدم اشتراط عصمة الإمام، ثم ما معنى دفاعكم عن مذهبكم وإيجابكم على الناس اتباعه ؟!! هل لأن الحق معكم ؟ فكيف عرفتموه مع غياب المعصوم ؟!! . 
  
وقلتم: إن عصمة الإمام واجبة حتى لا يخطئ في قيامه بأمر الدولة ، فأي دولة هذه التي يُحافِظ عليها!، ولا يوجد إمامٌ لكم حَكَم دولة على مرّ التاريخ غير الإمام علي عليه السلام الذي ما حكم إلا خمس سنوات فقط ، فَلَم تُفِدْ عِصمَة أولئك الأئمّة بِزَعمِكُم شَيئاً ، وهَا هُو الإمام الحسن عليه السلام الإمَام المعصوم ، ألَمْ يُرسِل عبيد الله بن العباس المخذولَ – كافأه الله - في مُقدّمة جَيشه ، فَهل يُعدّ ذَلكَ قدحاً في عِصمَتِه ؟! ، وهَاهُو الإمام الحسين عليه السلام ؛ ألَمْ يُخطِئ فِي إجَابَته أهل الكوفة المخذولين؟، أوَلَمْ يَكُن أجدر بِهِ مُتَابَعَةُ ابن عمّه عبد الله بن العباس رضي الله عنهما فِي الخروج إلى اليَمَن !! ، ثمّ هلاَّ أوْجَبتُم عِصمَة كلّ مَن يَعمَلُ فِي الدّولَة مِنَ القُضَاة والولاة ، والوُزَرَاء وغَيرِهِم لأنهم قَد يُخطئون!!. 

نعم ! وأما بقية ما زعمتموه دليلاً فنقول فيه : 
  
أما الآية وهي قوله تعالى : (( لا ينال عهدي الظالمين )) ، فَلا تُفيدُ العِصمَة مِن قَريبٍ ولا بَعيد ، فَهل كلّ مَنْ لَيسَ مَعصُوماً ظَالِم ؟! ، وهَلْ مَنْ أخطَأ فِي حُكمٍ مِنَ الأحكامِ يُسمّى ظَالِمَاً ؟ أليس هذا تكليفاً لما لا يطاق ؟! فإن قيل: إنّ غير المعصوم قَد يَكونُ مُبطناً للشرّ . قلنا: نحن قد اشتَرَطنَا العَدَالة والوَرَع ، وهي أمَارة على البَاطِن ، واستَدَلّينَا على هذا بِنفس الآيَة ، فَإنْ كَان بَاطِنُه غَيرُ ظَاهِرِه ، فَلسنَا مُكلّفِينَ بِه ، إلاَّ إنْ أظْهَرَه ، فَإنْ أظهرَهُ بَطُلَت إمَامَته ، كمَا أنّ إمام الصّلاة قَد يَكون كَافِراً ، والزّوج كذلك، فَهل هذا الإمكَان يُعمَل بِه فِي الشّريعَة أمْ أنّ الشَارِعَ حرّم العَمَل بِهَذَا الإمْكَان المجرّد ! . 
  
وأما قوله تعالى : (( يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) ، فالمقصود به الطاعة فيما يتعلق بالدولة إذ لا يتم المقصود بالإمامة إلاّ مَعَ الطاعة، لا أنّ قَولَ الإمام حجّة قَاطِعَة يَحرُم مُخَالَفَتُهَا [ فيما هُوَ ليس بمعصومٍ منه ]، يَدلّ عَلى هذا بقيّة الآيّة وهُو قَوله عز وجل : (( فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرّسول)) ، وأمّا قِياس الإمامَة بالنبوّة فَهو قياس مَع وجود الفَارق ، فَنحن إنّمَا أوْجَبنا عِصمَة الأنبياء عليهم السلام عن الخطأ فيمَا طَرِيقه التّبليغ حتّى نَعلَم صحّة جَميع مَا يُبلّغون ، ولا نُجوّزُ خَطَأهُم ونَحوه ، وقَدْ أغنَى عَنه النّقل المتواتر عَن النبيّ المعصوم )) . 
  
انتهى البحث ، وبه نختم ، مُشيرين إلى أنّ عقيدة الجعفرية في العِصمَة مُنهارةٌ عند التحقيق ، ولن يَعرِفَ حقيقة كلامنا إلاّ من كان قريباً فِكرُهُ من الجعفرية بسعَة الإطّلاع ، ولو تأمّلنا ما طرأ على مُتأخري الجعفرية من إدخالٍ أصلٍ جديد ليس يعرفهُ مُتقدّموهم ، ولا حتّى أئمّتَهُم ، نعني أصل ما يُسمّى بـ ((ولاية الفقيه)) ، فإنّا سنقفُ منهُم على نفيٍ لأصل عقيدة العِصمَة التي احتجّوا علينا بها ، ومن أنّها لا تُفيدّ إلاّ الاتباع على الظنّ ، ونكتفي بهذه الإشارة ، التي لن يُدرك أبعادَ مغزاها إلاّ الحاذق الفطين ، وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمّد وعلى آله الطيبين الطاهرين . 
  
  
الأحد 8/5/1427هـ 
  
  
================================ 

[1] الجامع الكافي ، للشريف العلوي : ج6 
[2] مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، للحافظ محمد بن سليمان الكوفي (ع) : ج2/ص153/ح628 
[3] تاريخ دمشق : 19/464 
[4] مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) : ج2/ص162/ح639 
[5] الرسالة النافعة بالأدلة الواقعة . 
[6] نهج البلاغة ، خ176 . 
[7] الجواب الكشاف للالتباس عن مسائل الإفريقي إلياس ويليه الجواب الراقي عن مسائل العراقي . 
[8] نظرات في ملامح المذهب الزيدي ، للعلامة الضحياني . 
[9] نهج البلاغة ، خ78 . 
[10] أمالي أحمد بن عيسى : نسخة الكترونية . 
[11] أمالي أحمد بن عيسى : نسخة الكترونية . ، وأورده الشريف العلوي في جامع علوم آل محمد م6 . 
[12] جامع علوم آل محمد م6 ، باب القول في الإجماع . 
[13] جامع علوم آل محمد م6 ، باب القول في الإجماع . 
[14] بصائر الدرجات في فضائل آل محمد (ص) : م1 ب6 ق نادر ح 2 
[15] بحار الأنوار  ، 17/108 ، 25/350 
[16] عيون أخبار الرضا م2ب46ح5 
[17] عدم سهو النبي ، للشيخ المفيد ، ص20 
[18]بحار الأنوار ، 10/393 
[19] من لا يحضره الفقيه ، للشيخ الصدوق ، باب أحكام السهو في الصلاة ،  1/359. 
[20] تفسير نور الثقلين 5/718 ، وله طريقٌ أخرى عن الصادق (ع) ، انظر 5/719 . 
[21]  تفسير نور الثقلين ، 4/216 
[22] نهج البلاغة ، خ78 . 
[23] - بحار الأنوار ، 46/32 
[24] - البصاير ، 134 البحار ، 25/56 ، 52/320 
[25] - الكشي ، 147 البحار ، 25/289 
[26] - البحار ، 25/207 
[27] تهذيب الأحكام 1/ص2 . 
[28] الغيبة للنعماني ب21/ح5 . 
[29] نقلَ الشيخ السبحاني ، عن المحدّث البحراني عن مشائخه ، ما نصّه : (( أمّا الكَافِي فَجَمِيعُ أحَادِيثِه حُصِرَت فِي ستّة عشر ألفَ حَديث ومَائة وتِسعَة وتسعين حَديثَا (16199حديث) ، الصّحِيحُ مِنَهَا (تأمّل) باصطِلاحِ مَن تأخّر ، خَمسةُ آلاف واثنان وسبعون حديثاً (5072حديث) والحَسن مائة وأربعة وأربعون حديثا (144حديث) ، والموثّق مائة حديث وألف حديث وثمانية عشر حديثا (1118حديث)، والقَوي منها اثنان وثلاثمائة (302حديث)، والضّعيف! (تأمّل) منها أربعمائة وتسعة آلاف وخمسة وثمانون حديثا!! (9485حديث) ))  . ص307 
[30] كليات في علم الرجال : 312


المصدر : 
http://76.162.41.31/forums/viewtopic.php?f=2&t=4311&sid=22a21ee5b03c7af05e8045c376da1f7d