16‏/05‏/2012

إجتهاد أبي بكر وعمر

الكتاب : المصابيح في السيرة

المؤلف : الإمام السيد المسند أبو العباس الحسني أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم المتوفى سنة 353هـ

[بيعة أبي بكر ( رضي الله عنه ) وكيف تمت]

[106] أخبرنا عبد الله بن الحسن الإيوازي بإسناده عن أبي طلحة الأنصاري قال: لما حفر لرسول الله وأُلحد له، فهم في ذلك إذْ نادى رجل عمر بن الخطاب، فخرج إليه ورسول الله يدفن، ثم رجع وأخذ بيد أبي بكر فسارّه، وخرجا وتبعهما أبو عبيدة بن الجراح، وقال لجماعة من قريش: انطلقوا بنا فقد جاءنا أمر عظيم في سقيفة بني ساعدة.

فانطلقوا إليها حتى كان من هَمَّ بها - البيعة - لأبي بكر، وتولى علي وأهل بيته وخواص من المهاجرين ونفر من الأنصار دفن رسول الله ليلة الخميس بعد هَزِيعٍ مضى منها.

[107] أخبرنا عبد الله بإسناده عن عروة بن المغيرة بن شعبة، قال:سمعت أبي يقول: إن أول من أخرج هذا الأمر من آل رسول الله أنا.

قلت ( عروة ): وكيف ذاك يا أبة ؟

قال ( المغيرة ): انطلقت يوم قُبِض رسول الله إلى باب حجرته، وقد اجتمع كثير من الناس وفيهم أبو بكر، فقلت له:ما يجلسك هاهنا؟

قال ( أبو بكر ): ننتظر خروج علي بن أبي طالب فنبايعه، فإنه أولى بالقيام في أمر أمة محمد لسابقته وقرابته، مع علمه ومعرفته بالكتاب وشرائع الدين وقد عهد إلينا فيه رسول الله في حياته.

فقلت ( المغيرة ): يا أبا بكر، لئن فعلتموها لتكونن هرقْليَّة وقَيْصَرِيَّة، ينتظر بهذا الأمر الجنين في بطن أمه من أهل هذا البيت حتى تضع.

قال ( المغيرة ): فألقيتها في قلبه، ثم أتيت عمر بن الخطاب، فقلت: أدرك.
فقال: ومَا ذاك؟

قلت ( المغيرة ): إن أبا بكر جالس على باب حجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينتظر خروج علي بن أبي طالب ليبايعه، ولعمرى لئن فعلتموها لتكونن هرقلية وقيصرية تنتظر بها الحبلى في بطنها حتى تضع.

فقام عمر سريعاً واحمرت عيناه غضباً، حتى أتى أبا بكر، ثم قال: ما دعاك إلى ما يقول المغيرة، انظر يا أبا بكر لا تطمع بني هاشم في هذا الأمر فإنا إن فعلنا ذلك ذهبت الإمرة من قريش إلى آخر أيام الدنيا.
وأتاهما خبر سعد بن عبادة الأنصاري واجتماعهم في سقيفة بني ساعدة، فانطلق مع أبي بكر أبو عبيدة بن الجراح واجتمع إليهم المهاجرون من قريش وعدة من الأنصار حتى أتوهم وأبرموا أمرهم لبيعة أبي بكر وقد تنازعت فيه الأنصار وأكثروا المحاورة والكلام.
__________
 عن عُمَرَ بن الخطاب رضي الله عنه : أَنَّهُ قَالَ : " إِنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ فَلْتَةً ، وَقَى اللَّهُ شَرَّهَا "

 وفي صحيح البخاري ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "إنه بلغني قائل منكم يقول : والله لو قد مات عمر بايعت فلانا ، فلا يغترن امرؤ أن يقول : إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ، ألا وإنها قد كانت كذلك ، ولكن الله وقى شرها ، وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر ، من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي تابعه ، تغرة أن يقتلا ، وإنه قد كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن الأنصار خالفونا ، واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة ، وخالف عنا علي والزبير ومن معهما ، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر ، فقلت لأبي بكر : يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار ، فانطلقنا نريدهم ، فلما دنونا منهم ، لقينا منهم رجلان صالحان ، فذكرا ما تمالأ عليه القوم ، فقالا : أين تريدون يا معشر المهاجرين ؟ فقلنا : نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار ، فقالا : لا عليكم أن لا تقربوهم ، اقضوا أمركم ، فقلت : والله لنأتينهم ، فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة ، فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم ، فقلت : من هذا ؟ فقالوا : هذا سعد بن عبادة ، فقلت : ما له ؟ قالوا : يوعك ، فلما جلسنا قليلا تشهد خطيبهم ، فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام ، وأنتم معشر المهاجرين رهط ، وقد دفت دافة من قومكم ، فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا ، وأن يحضنونا من الأمر . فلما سكت أردت أن أتكلم ، وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أردت أن أقدمها بين يدي أبي بكر ، وكنت أداري منه بعض الحد ، فلما أردت أن أتكلم ، قال أبو بكر : على رسلك ، فكرهت أن أغضبه ، فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر ، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري ، إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت ، فقال : ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ، ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش ، هم أوسط العرب نسبا ودارا ، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين ، فبايعوا أيهما شئتم ، فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح ، وهو جالس بيننا ، فلم أكره مما قال غيرها ، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي ، لا يقربني ذلك من إثم ، أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر ، اللهم إلا أن تسول لي نفسي عند الموت شيئا لا أجده الآن . فقال قائل من الأنصار : أنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجب ، منا أمير ، ومنكم أمير ، يا معشر قريش . فكثر اللغط ، وارتفعت الأصوات ، حتى فرقت من الاختلاف ، فقلت : ابسط يدك يا أبا بكر ، فبسط يده فبايعته ، وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار . ونزونا على سعد بن عبادة ، فقال قائل منهم : قتلتم سعد بن عبادة ، فقلت : قتل الله سعد بن عبادة ، قال عمر : وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر ، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة : أن يبايعوا رجلا منهم بعدنا ، فإما بايعناهم على ما لا نرضى ، وإما نخالفهم فيكون فساد ، فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين ، فلا يتابع هو ولا الذي بايعه ، تغرة أن يقتلا ".

                  ومن خطبة له عليه السلام وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ بالشِّقْشِقِيَّة



وتشتمل على الشكوى من أمر الخلافة ثم ترجيح صبره عنها ثم مبايعة الناس له

يقول الإمام علي كرم الله وجهه :

أَمَا وَالله لَقَدْ تَقَمَّصَها[137] فُلانٌ (ابن أبي قحافة) وَإنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى. يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ، وَلا يَرْقَى إلَيَّ الطَّيْرُ; فَسَدَلْتُ[138]دُونَهَا ثُوْباً، وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً[139]، وَطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَد جَذَّاءَ[140] (جدّ)، أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَة[141] (ظلمة) عَمْيَاءَ، يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَيَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ، وَيَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ !


ترجيح الصبر

فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى[142] ، فَصَبَرْتُ وَفي الْعَيْنِ قَذَىً، وَفي الْحَلْقِ شَجاً[143]، أَرَى تُرَاثي[144] نَهْباً، حَتَّى مَضَى الأَولُ لِسَبِيلِهِ، فَأَدْلَى بِهَا[145]إلَى فُلان (ابن الخَطَّابِ) بَعْدَهُ (ثم تمثل بقول الأعشى) :


شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا[146] وَيَوْمُ حَيَّانَ أَخِي جَابِرِ

فَيَا عَجَباً !! بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُها[147] في حَيَاتِهِ إذْ عَقَدَهَا لآخر بَعْدَ وَفَاتِهِ ـ لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا[148] ضَرْعَيْهَا! ـ فَصَيَّرَهَا في حَوْزَة خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُهَا[149] (كلامها) وَيَخْشُنُ مَسُّهَا، وَيَكْثُرُ الْعِثَارُ[150] فِيهَا، وَالاِْعْتِذَارُ مِنْهَا، فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ[151]، إنْ أَشْنَقَ[152] لَهَا خَرَمَ[153]، وَإنْ أَسْلَسَ[154] لَهَا تَقَحَّمَ[155]، فَمُنِيَ[156] النَّاسُ ـ لَعَمْرُ اللهِ ـ بِخَبْط[157] وَشِمَاس[158]، وَتَلَوُّن وَاعْتِرَاض[159]; فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ، وَشِدَّةِ المحنة ; حَتَّى إذَا مَضَى لِسَبِيلِهِ جَعَلَهَا في جَمَاعَة زَعَمَ أَنِّي أَحَدُهُمْ، فَيَا للهِ وَلِلشُّورَى[160]! مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الأول مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إلَى هـذِهِ النَّظَائِرِ[161]! لكِنِّي أَسْفَفْتُ[162] إِذْ أَسَفُّوا، وَطِرْتُ إِذْ طَارُوا، فَصَغَى[163] رَجُلٌ مِنْهُمْ لِضِغْنِهِ[164]، وَمَالَ الآخر لِصِهْرِهِ، مَعَ هَن وَهَن[165]إلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْهِ[166] ، بَيْنَ نَثِيلِهِ[167] وَمُعْتَلَفِهِ[168]، وَقَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضِمُونَ[169] مَالَ اللهِ خِضْمَةَ (خَضْمَ) الإبل نِبْتَةَ الرَّبِيعِ[170]، إلَى أَنِ انْتَكَثَ[171] (عَلَيْه فَتْلُهُ، وَأَجْهَزَ[172] عَلَيْهِ عَمَلُهُ، وَكَبَتْ[173] بِهِ بِطْنَتُهُ[174]]!


مبايعة علي عليه السلام


فَمَا رَاعَنِي إلاَّ وَالنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ[175] إلَيَّ، يَنْثَالُونَ[176] عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِب حَتَّى لَقَدْ وُطِىءَ الْحَسَنَانِ، وَشُقَّ عِطْفَايَ[177] (عطافي)، مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ[178]. فَلَمَّا نَهَضْتُ بالأمر نَكَثَتْ طَائِفَةٌ[179]، وَمَرَقَتْ أُخْرَى[180]، وَقَسَطَ آخَرُونَ[181]، كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: (تِلْكَ الدَّارُ الآخرة نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُريدُونَ عُلُوّاً في الأرض وَلاَ فَسَاداً، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)[182] بَلَى! وَالله لَقَدْ سَمِعُوهَا وَوَعَوْهَا، وَلكِنَّهُمْ حَلِيَتِ الدُّنْيَا[183] في أَعْيُنِهِمْ وَرَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا[184]!

أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ[185]، لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ[186]، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ[187]، وَمَا أَخَذَ اللهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَلاَّ يُقَارُّوا[188] عَلَى كِظَّةِ[189] ظَالِم، وَلاَ سَغَبِ[190] مَظْلُوم، لألْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا[191]، وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِها، وَلألْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هـذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْز[192] !

قالوا : وقام إليه رجل من أَهل السواد[193] عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته، فناوله كتاباً ( قيل: إن فيه مسائل كان يريد الإجابة عنها)، فأَقبل ينظر فيه - فلما فرغ من قراءته - قال له ابن عباس : يا أمير المؤمنين ، لو اطَّرَدَتْ خُطْبَتُكَ[194] من حيث أَفضيتَ[195]!

فَقَالَ : هَيْهَاتَ يابْنَ عَبَّاس ! تِلْكَ شِقْشِقَةٌ[196] هَدَرَتْ[197] ثُمَّ قَرَّتْ[198]!

قال ابن عباس : فوالله ما أَسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام أَلاَّ يكون أَمير المؤمنين عليه السلام بلغ منه حيث أَراد.


قال السيد الشريف الرضي رضي الله عنه: قوله عليه السلام «كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم» يريد أنه إذا شدد عليها في جذب الزمام وهي تنازعه رأسها خرم أنفها، وإن أرخى لها شيئاً مع صعوبتها تقحمت به فلم يملكها; يقال: أشنق الناقة، إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه، وشنقها أيضاً: ذكر ذلك ابن السكيت في «إصلاح المنطق»، وإنما قال: «أشنق لها» ولم يقل «أشنقها» لأنه جعله في مقابلة قوله «أسلس لها» فكأنه عليه السلام قال: إن رفع لها رأسها بمعنى أمسكه عليها بالزمام. ْ!





وسأكتفي بالتعقيب على هذه الفقرة لأنها في رأيي قد أوجزت ما تلاها، وأوضح الامام علي سلام الله عليه فيها مجمل رأيه في القضية من أولها لآخرها،
فمن هذه الفقرة نفهم الكثير من الأمور وهي على الترتيب كالتالي:-

أولاً

 رأي الامام علي في طريقة التقدُّم عليه في أمر الإمامه (الخلافة) وفي المُتقدِّم
 :


قال الامام علي عليه السلام (أمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا ابن أبي قحافه.. ) ومن خلال معنى (تقمص) يتضح أن الامام علي يرى أن أبا بكر رضي الله عنه تقدم لشيئ (الخلافة) لم يكن يفترض به التقدم له أو الموافقة عليه ، فاجتهد في تقدمه وتقمص القيام بدور الخليفة الإمام علي أن التقدم عليه هو عبارة عن تكلف وتقمص واجتهاد يمكن الصبر عليه ؛ وأن المتقدم عليه متقمص لدور غيره.ويتضح ذلك أكثر من خلال ما يلي

ثانياً


 
 معنى أحقية الإمام بالخلافة ومنطلقاتها :

قال الامام (إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَ لَا يَرْقَى إِلَيَّالطَّيْرُ ..) من هذا يتضح أن الامام علي يرى أن محله من الامامه هو محل الاستحقاق والتلاؤم، بالنص (شرعية) وبالمؤهلات والفضل (جدارة)؛ ولذا قال (محلي منها محل القطب من الرحى) - فالقطب هو العمود الذي تستند إليه رحى الطاحون وتدور بدورانه- ولايتم عمل الرحى إلا بالقطب....ومعلوم أن استخدام هذا التشبيه (القطب من الرحى) هو دلالة أن الأمر المشبه له هو الثابت والمفترض ،فالامامة (الرحى) تناسب الامام علي (القطب) مثل ولا تدور الرحى وتؤتي ثمارهاإلا بوجود القطب ودورانه، فإذا أقيم قطب غير القطب المفترض والمحدد للرحى لسبب أو آخرفهو مجرد محاكاة (تقمص) وتكلف وإجتهاد،وما أفهمه يتضح أكثر ويؤيده قول الامام (يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَ لَا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ) وكأنه أرادبهذا التذكير بصفاته ومؤهلاته المشهورة المعلومه إلى جانب الإشارة إلى ما قاله فيه الرسولفي أكثر من مناسبة وحديث مثل: ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي(،
(علي مع الحق /القرآن ، والحق / القرآن مع علي؛ يدوران حيثما دار) ، وربما يشير إلى ما رُوي عن ابا بكر قوله حين خطب في الناس حين قال (وٌليت عليكم ولست بخيركم)،وما يشهد ويؤكد أن الامام كان يرى أحقيته تلك بالاستحقاق من خلال النص وكذا المؤهلات والإمكانات أنه بدأ كلامه بقوله عن أبي بكر (ِإنَّهُ لَيَعْلَمُ...) فاستخدم اللام وقرنها بصيغة الفعل المضارع وكأنه عليه السلام يحذِّر ويذكِّر في نفس الوقت إلى جانب العتب الجميل.ثم بعد ذلك وبعد أن أوضح الامام رأيه في طريقة التقدم والمتقدِم ورؤيته لمبدأ الأحقية أتىليوضح لناركزوا على ضمير "لنا" نحن المسلمون الذي ندعي الإعتزاء إليه والتأسي به لتأسيه بالمصطفى صلى الله عليه وآله وسلمرأيه في الأمر بعد إنفاذ عملية التقدم ورأيه فيمن تقدَّم عليه للأمر وكان في غاية الحكمة والعدل سلام الله عليه حسبما يلي،3- رأيه الامام علي في : الأمر بعد أن تم لمن تقدم عليه، وفي المُقدِم، إيضاح موقفه من الأمر برمته:
يقول الامام في تلك الفقرة من خطبته تلك : (فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً وَ طَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً وَ طَفِقْتُ رْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَ يَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ وَ يَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يلقَى رَبَّهُ)،كان موقف الامام من الأمر برمته بعدما جرى ما جرى هو(فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً) أي ترك من قام وساهم بالتقدم وشأنهم ، (وَ طَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً) أي لم يصر ويقاتل على ما يراه أنه الأحق به لأنه أمر متعلق بكل المسلمين حينها (الامام والمأموم) وبالتالي ( بل على الإنسان على نفسه بصيرا) و(كل نفس بما كسبت رهينة) ، ومعلوم أنه أكتفى بالتذكير والتنبيه إلى ذلك الحق -وليس أدل من عدم مبايعته لأبي بكر منذ البداية على أنه كان يرى أنه الأحق ولم يكن موافقاُ على تقدم غيره- فشبَّه الامام ذلك التقدم والتقمص كـ( طخية عمياء) ،،وهنا أتذكر ما روي عن عمر رضي الله عنه حين قال واصفاً خلافة أبي بكر ( إنها فلته وقى الله شرها ) ؛نعم وكأنه أمر اُجتهد فيه -من حيث المبدأ- بغض النظر عن مدى صوابية ونتائج ذلك الاجتهاد ،، فرأي الامام أنها طخيه أي فتنه بعنى أوضح بدلالة ما بعدها (يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَ يَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ .....) وكأنه بقوله هذا يلتمس عذراً لمن سبقه ويرثى لحالهم وحال الأمة حينها أمام ذلك الإبتلاء حيث أردف ذلك بقوله ( ويَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يلقَى رَبَّهُ) فاستخدم لفظة (الكدح) تأسياً بقوله تعالى (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه)، فهو يعتبر الجميع من إخوانه الصحابة مؤمنين يكدحون في ذلك،ولا يفوتني ما أوضحه الامام علي كرم الله وجهه لنا حول دافع موقفه النهائي المسالم بشكل عام إن جاز التعبير حين قال (وَ طَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ(فمن هذا التعبير يتضح لنا وكأن الامام إختار (أخف الضررين) فلم يكن يرد تفريق وحدة المسلمين بالقتال من أجل أن يتولى الأمر خاصة وأن هناك من أصحاب الأطماع من بدأ يحرض الامام على القيام ويعده بالنصرة إلى جانب بدء أحداث ما سُمي بـ (حروب الردة) وعلاقة بعض المتهمين بالردة ودافعهم بالإمام علي حين أبى بعضهم إلا دفع الزكاة إلى الإمام علي،فكان الامام أن صبر (أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ) على تقدم غيره للأمر خوفاً على دولة الإسلام خاصة،والخلاصة في هذه الجزئية أن الامام صبر على من تقدم عليه واحتفظ بأحقيته فكان يُذكِّر المتقدمين عليه بين الفينة والأخرى، كما أنه كان حريصاً على تصويب ما يراه خطأ من الأخطأ ، وكان يبدي رأيه كمستشار أمين طُلبت إستشاراته أم لا، فقد كان همه الأول تطبيق شرع الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.أكتفي بهذا لأن ما بقي من الخطبة -وهو الكثير وفيه العظيم من الفوائد لمن أراد التفصيل- مجرد إيضاح وبيان للتفاصيل التي إحتوتها الفقرة الأولى،فكان عليه السلام يرى أنه الأحق بكل المعايير ، ولكنه صبر مؤثراً وحدة ومنعة ودولة الاسلام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ومع ذلك فكان يعاتب المتقدمين العتب الجميل ويذكِّرهم وموافقيهم بخطأهم في ذلك التقمص ،وكان معياره حسب ما أفهم والله أعلم :سأسالم ما سلمت أمور المسلمين،
فالزيدية تقتدي بالامام علي في تعامله مع الصحابة فلا تسبهم ولا تكفرهم بل تقول أن منهم من أخطأ بالتقدم وإن عفا الله عنهم ذلك الخطأ فهم جديرون بعفوه،فالزيدية تفضل علي ولا يعني تفضيلها له أن ألاخرين غير فاضلين،بل وكأنها تقول ان الامام علي أفضل الفاضلين من الصحابة والقرابة،والله الهادي للرشاد وأسأله حسن المعاد،والعاقبة للمتقين،
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطبيبن الطاهرينورضوان الله على صحابته الراشدين،ومن والاه واتبع هديه إلى يوم الدينآمين ... آمين ... آمين .

[137] تَقَمّصَها : لبسها كالقميص.

[138] سَدَلَ الثوبَ : أرخاه.

[139] طَوَى عنها كشحاً : مالَ عنها.

[140] الجَذّاءُ : بالجيم والذال المعجمة : المقطوعة.

[141] طَخْيَة - بطاء فخاء بعدها ياء، ويثلّثُ أوّلها : ظلمة.

[142] أحجى : ألزم، من حَجِيَ بهِ كرَضيَ : أولِعَ به ولَزِمَهُ.

[143] الشّجَا : ما اعترض في الحلق من عظم ونحوه.

[144] التراث : الميراث.

[145] أدْلى بها : ألقى بها.

[146] الكُور، بالضم : الرّحْل أو هو مع أداته.

[147] يَسْتَقِيلها : يطلب إعفاءه منها.

[148] تَشَطّرَا ضَرْعَيْها : اقتسماه فأخذ كلٌ منهما شطراً.

والضرع للناقة كالثدي للمرأة.

[149] كَلْمُها : جرحها، كأنه يقول : خشونتها تجرح جرحاً غليظاً.

[150] العِثار : السقوط والكَبْوَةُ.

[151] الصّعْبة من الإبل : ما ليست بِذَلُول.

[152] أشْنَقَ البعير وشنقه : كفه بزمامه حتى ألصق ذِفْرَاه العظم الناتىء خلف الأذن بقادمة الرحل.

[153] خَرَمَ : قطع.

[154] أسْلَسَ : أرخى.

[155] تَقَحّمَ : رمى بنفسه في القحمة أي الهلكة.

[156] مُنيَ الناسُ : ابتُلُوا وأُصيبوا.

[157] خَبْط : سير على غير هدى.

[158] الشّمِاس - بالكسر - : إباء ظَهْرِ الفرسِ عن الركوب .

[159] الاعتراض : السير على غير خط مستقم، كأنه يسير عَرْضاً في حال سيره طولاً.

[160] أصل الشّورى : الاستشارة.وفي ذكرها هنا إشارة إلى الستة الذين عيّنَهم عمر ليختاروا أحدهم للخلافة.

[161] النّظَائر : جمع نَظِير أي اُلمشابِه بعضهم بعضاً دونه.

[162] أسَفّ الطائر : دنا من الأرض.

[163] صفى صَغْياً وصَغَى صَغْواً : مالَ.

[164] الضّغْنُ : الضّغِينَة والحقد.

[165] مع هَن وَهَن : أي أغراض أخرى أكره ذكرها.

[166] نافجاً حِضْنَيْه : رافعاً لهما، والحِضْن : ما بين الإبط والكَشْح.

يقال للمتكبر : جاء نافجاً حِضْنَيْه.

[167] النّثِيل : الرّوْثُ وقذَر الدوابّ.

[168] اُلمعْتَلَفُ : موضع العلف.

[169] الخَضْم : أكل الشيء الرّطْب، والخضْمَة بكسر الخاء مصدر هَيْئَة.

[170] النّبْتَة : بكسر النون - كالنبات في معناه.

[171] انْتَكَثَ فَتْلُهُ : انتقض.

[172] أجهزَ عليه عملُه : تَمّمَ قتله.

[173] كَبَتْ به : من كَبَابِه الجوادُ : إذا سقط لوجهه.

[174] البِطْنَةُ : - بالكسر - البَطَرُ والأشر والتّخْمة.

[175] عُرْفُ الضّبُع : ما كثر على عنقها من الشعر، وهو ثخين يُضرب به المثل في الكثرة والازدحام.

[176] يَنْثَالون : يتتابعون مزدحمين.

[177] شُقّ عطفاه : خُدِشَ جانباه من الاصطكاك.

[178] رَبيضَةُ الغنم : الطائفة الرابضة من الغنم.

[179] نَكَثَتْ طائفة : نَقَضَتْ عهدَها، وأراد بتلك الطائفة الناكثة أصحابَ الجمل وطلحةَ والزبيرَ خاصة.

[180] مَرَقَتْ : خَرَجَتْ : والمراد الخوارج وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنهم بقوله : «يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» .

[181] قَسَطَ آخرون : جاروا، وأراد بالجائرين أصحاب صفين.
[182] القصص : 73 .

[183] حَليَتِ الدنيا : من حَلِيَتِ المرأةُ إذا تزيّنَت بِحُليّها.

[184] الزِبْرِجُ : الزينة من وَشْي أو جوهر.

[185] النَسَمَة : - محركة - الروح وهي في البشر أرجح ، وبَرَأها : خلقها.

[186] أراد «بالحاضر» هنا : من حضر لِبَيْعَتِهِ، فحضوره يُلْزِمه بالبيعة .

[187] أراد «بالناصر» هنا : الجيش الذي يستعين به على إلزام الخارجين بالدخول في البيعة الصحيحة.

[188] ألاّ يُقَارّوا : ألاّ يوافقوا مُقرّين.

[189] الكِظّةُ : ما يعتري الأكلَ من الثّقَل والكَرْب عند امتلاء البطن بالطعام، والمراد استئثار الظالم بالحقوق.

[190] السّغَب : شدة الجوع، والمراد منه هضم حقوقه.

[191] الغارب : الكاهلُ، والكلام تمثيلٌ للترك وإرسال الأمر.

[192] عَفْطَة العَنْز : ما تنثره من أنفها وأكثر ما يستعمل ذلك في النعجة وإن كان الأشهر في الاستعمال «النّفْطَة» بالنون.

[193] السّوَاد : العراق، وسُمّيَ سواداً لخضرته بالزرع والأشجار، والعرب تسمي الأخضر أسود.

[194] اطّرَدَتْ خطبتُكَ : أُتْبِعَتْ بخطبة أُخرى، من اطّرد النهر إذا تتابع جَرْيُهُ.

[195] أفْضَيْتَ : أصل أفضى : خرج إلى الفضاء، والمراد هنا سكوت الإمام عليه السلام عما كان يريد قوله.

[196] الشّقْشِقَةُ : بكسر فسكون فكسر : شيء كالرّئَةِ يخرجه البعير من فيه إذا هاج.

[197] هَدَرَتْ : أطْلَقَتْ صوتاً كصوت البعير عند إخراج الشّقْشِقَةِ من فيه.
ونسبة الهدير إليها نسبة إلى الآلة.

[198] قَرّتْ : سكنت وَهَدَأتْ.



موقف الإمام زيد بن علي رحمه الله من
(أبوبكر وعمر بن الخطاب )
رضي الله عنهما
ليس غدر أهل الكوفة بالشهيد زيد باكورة من نفاقهم ولا بدعاً من غرائزهم. جاء إليه جماعة من الرؤساء وذوي البصائر وأهل الحل والعقد فسألوه عما يراه في أبي بكر وعمر فتلكّأ واحتبس وما يدري ماذا يجب في ذلك الحال الرهيب حال التجمع والتحزب والتألف والتجمهر كله لمكافحة الباطل والضلال، وكيف لا يرتكب المجاز في القول وهو يقرأ على صفحات وجوههم الغدر والخذلان. فمن هنا نشاهده يقول لهم في الجواب:(ما سمعت أحداً من آبائي تبرّأ منهما، ولا يقول فيهما إلاّ خيراً) (109)، فلم يقتنع القوم منه بهذا بعد أن كان غرضهم حلّ عُرى العهود والمواثيق الصادرة منهم، فاتخذوا علامة التبرّي من الخلفاء ذنباً يستوجب به عدم النصرة والمحاماة، وصاحوا باجمعهم: إنك لم تطلب بدم أهل هذا البيت إلاّ أن وثبا على سلطانكم فانتزعاه من أيديكم. فقال زيد بن علي : إن أشد ما أقول فيما ذكرتم أنّا كنا أحق بسلطان رسول الله صلّى الله عليه وآله من الناس أجمعين، وإن القوم ( الشيخين ) استأثروا علينا ودفعونا عنه ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفراً، قد وُلوا فعدلوا في الناس أجمعين، وعملوا بالكتاب والسنة، فقالوا له: إذا لم يظلمك أولئك فلِم يظلمك هؤلاء، فلم تدعو إلى قتال قوم ليسوا لك بظالمين ؟ فقال: ان هؤلاء ظالمون لي ولكم ولانفسهم؛ وإنما ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلّى الله عليه وآله وإلى السنن أن تُحيى وإلى البدع أن تُطفأ، فان أنتم أجبتمونا سُعدتم وإن أنتم أبيتنم فلست عليكم بوكيل، ففارقوه ونكثوا بيعته (110). فتبرأ زيد منهم وصاح: فعلوها حسينية. ولما بلغ الصادق عليه السّلام حديثهم معه تبرأ منهم؛ وقال: برئ الله ممّن تبرّأ من عمّي زيد. وقال لجماعة من أهل الكوفة سألوه عن زيد والدخول في طاعته: ( هو والله سيدنا وخيرنا ) (111)، فكتموا ما أمرهم به وتفرقوا عنه.

عن عمر بن ثابت قال : حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب قال : إن أبا بكر وعمر عدلا في الناس وظلمانا فلم يغضب الناس لنا ، وإن عثمان ظلمنا وظلم الناس فغضب الناس لأنفسهم فآلوا إليه فقتلوه .

المصدر : تقريب المعارف , أبو الصلاح الحلبي, ص 254, بحار الأنوار , المجلسي, ج30 ص389.



ومن كلام له عليه السلام
لما اجتمع الناس اليه وشكوا ما نقموه على عثمان وسألوه مخاطبته واستعتابه لهم، فدخل عليه فقال:
إِنَّ النَّاسَ وَرَائي، وَقَدِ اسْتَسْفَرُوني (1) بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ، وَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ! مَا أَعْرِفُ شَيْئاً تَجْهَلُهُ، وَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَمْر لاَ تَعْرِفُهُ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نَعْلَمُ، مَا سَبَقْنَاكَ إِلَى شَيْءٍ فَنُخْبِرَكَ عَنْهُ، وَلاَ خَلَوْنَا بِشَيْءٍ فَنُبَلِّغَكَهُ، وَقَدْ رَأَيْتَ كَمَا رَأَيْنَا، وَسَمِعْتَ كَمَا سَمِعْنَا، وَصَحِبْتَ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه- كَمَا صَحِبْنَا. وَمَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَلاَ ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمِ- وَشِيجَةَ (2) رَحِمٍ مِنْهُمَا، وَقَدْ نِلْتَ مَنْ صَهْرِهِ مَا لَمْ يَنَالاَ. فَاللهَ اللهَ فِي نَفْسِكَ! فَإِنَّكَ ـ وَاللهِ ـ مَا تُبَصَّرُ مِنْ عَمىً، وَلاَ تُعَلّمُ مِنْ جَهْلٍ، وَإِنَّ الْطُّرُقَ لَوَاضِحَةٌ، وَإِنَّ أَعْلاَمَ الدِّينِ لَقَائِمَةٌ. فَاعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ عِبَادِاللهِ عِنْدَ اللهِ إِمَامٌ عَادِلٌ، هُدِيَ وَهَدَي، فَأَقَامَ سُنَّةً مَعْلُومَةً، وَأَمَاتَ بِدْعَةً مَجْهُولَةً، وَإِنَّ السُّنَنَ لَنَيِّرَةٌ، لَهَا أَعْلاَمٌ، وَإِنَّ الْبِدَعَ لَظَاهِرَةٌ، لَهَا أَعْلاَمٌ، وَإِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَاللهِ إِمَامٌ جَائِرٌ ضَلَّ وَضُلَّ بِهِ، فَأَمَاتَ سُنَّةً مَأْخُوذَةً، وَأَحْيَا بِدْعَةً مَتْرُوكَةً. وَإِني سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه- يَقُولُ: «يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْإِمَامِ الْجَائِرِ وَلَيْسَ مَعَهُ نَصِيرٌ وَلاَ عَاذِرٌ، فَيُلْقَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيَدُورُ فِيهَا كَمَا تَدُورُ الرَّحَى، ثُمَّ يَرْتَبِطُ (3) فِي قَعْرِهَا». وَإِني أَنْشُدُكَ اللهَ ألَّا تَكُونَ إِمَامَ هذِهِ الْأُمَّةِ الْمَقْتُولَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُقَالُ: يُقْتَلُ فِي هذِهِ الْأُمَّةِ إِمَامٌ يَفْتَحُ عَلَيْهَا الْقَتْلَ وَالْقِتَالَ إِلى يَوْمِ الْقُيَامَةِ، وَيَلْبِسُ أُمُورَهَا عَلَيْهَا، وَيَبُثُّ الْفِتَنَ فِيهَا، فَلاَ يُبْصِرُونَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، يَمُوجُونَ فِيهَا مَوْجاً، وَيَمْرُجُونَ فِيهَا مَرْجاً (4) . فَلاَ تَكُونَنَّ لِمَرْوَانَ سَيِّقَةً (5) يَسُوقُكَ حَيْثُ شَاءَ بَعْدَ جَلاَلَ السِّنِّ وَتَقَضِّي الْعُمُرِ. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: كَلِّمِ النَّاسَ فِي أَنْ يُؤَجِّلُونِي، حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْهِمْ مِن مَظَالِمِهِمْ، فَقالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَاكَانَ بِالْمَدِينَةِ فَلاَ أَجَلَ فِيهِ، وَمَا غَابَ فَأَجَلُهُ وُصُولُ أَمْرِكَ إِلَيْهِ.

ومن كلام له عليه السلام
لما اجتمع الناس اليه وشكوا ما نقموه على عثمان وسألوه مخاطبته واستعتابه لهم، فدخل عليه فقال:
إِنَّ النَّاسَ وَرَائي، وَقَدِ اسْتَسْفَرُوني (1) بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ، وَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ! مَا أَعْرِفُ شَيْئاً تَجْهَلُهُ، وَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَمْر لاَ تَعْرِفُهُ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نَعْلَمُ، مَا سَبَقْنَاكَ إِلَى شَيْءٍ فَنُخْبِرَكَ عَنْهُ، وَلاَ خَلَوْنَا بِشَيْءٍ فَنُبَلِّغَكَهُ، وَقَدْ رَأَيْتَ كَمَا رَأَيْنَا، وَسَمِعْتَ كَمَا سَمِعْنَا، وَصَحِبْتَ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه- كَمَا صَحِبْنَا. وَمَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَلاَ ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمِ- وَشِيجَةَ (2) رَحِمٍ مِنْهُمَا، وَقَدْ نِلْتَ مَنْ صَهْرِهِ مَا لَمْ يَنَالاَ. فَاللهَ اللهَ فِي نَفْسِكَ! فَإِنَّكَ ـ وَاللهِ ـ مَا تُبَصَّرُ مِنْ عَمىً، وَلاَ تُعَلّمُ مِنْ جَهْلٍ، وَإِنَّ الْطُّرُقَ لَوَاضِحَةٌ، وَإِنَّ أَعْلاَمَ الدِّينِ لَقَائِمَةٌ. فَاعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ عِبَادِاللهِ عِنْدَ اللهِ إِمَامٌ عَادِلٌ، هُدِيَ وَهَدَي، فَأَقَامَ سُنَّةً مَعْلُومَةً، وَأَمَاتَ بِدْعَةً مَجْهُولَةً، وَإِنَّ السُّنَنَ لَنَيِّرَةٌ، لَهَا أَعْلاَمٌ، وَإِنَّ الْبِدَعَ لَظَاهِرَةٌ، لَهَا أَعْلاَمٌ، وَإِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَاللهِ إِمَامٌ جَائِرٌ ضَلَّ وَضُلَّ بِهِ، فَأَمَاتَ سُنَّةً مَأْخُوذَةً، وَأَحْيَا بِدْعَةً مَتْرُوكَةً. وَإِني سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه- يَقُولُ: «يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْإِمَامِ الْجَائِرِ وَلَيْسَ مَعَهُ نَصِيرٌ وَلاَ عَاذِرٌ، فَيُلْقَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيَدُورُ فِيهَا كَمَا تَدُورُ الرَّحَى، ثُمَّ يَرْتَبِطُ (3) فِي قَعْرِهَا». وَإِني أَنْشُدُكَ اللهَ ألَّا تَكُونَ إِمَامَ هذِهِ الْأُمَّةِ الْمَقْتُولَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُقَالُ: يُقْتَلُ فِي هذِهِ الْأُمَّةِ إِمَامٌ يَفْتَحُ عَلَيْهَا الْقَتْلَ وَالْقِتَالَ إِلى يَوْمِ الْقُيَامَةِ، وَيَلْبِسُ أُمُورَهَا عَلَيْهَا، وَيَبُثُّ الْفِتَنَ فِيهَا، فَلاَ يُبْصِرُونَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، يَمُوجُونَ فِيهَا مَوْجاً، وَيَمْرُجُونَ فِيهَا مَرْجاً (4) . فَلاَ تَكُونَنَّ لِمَرْوَانَ سَيِّقَةً (5) يَسُوقُكَ حَيْثُ شَاءَ بَعْدَ جَلاَلَ السِّنِّ وَتَقَضِّي الْعُمُرِ. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: كَلِّمِ النَّاسَ فِي أَنْ يُؤَجِّلُونِي، حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْهِمْ مِن مَظَالِمِهِمْ، فَقالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَاكَانَ بِالْمَدِينَةِ فَلاَ أَجَلَ فِيهِ، وَمَا غَابَ فَأَجَلُهُ وُصُولُ أَمْرِكَ إِلَيْهِ.

http://www.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=334&hid=1418&pid=377004


1. اسْتَسْفَرُوني: جعلوني سفيراً.
2. الوَشِيجة: اشتباك القرابة.
3. ربطه فارتبط: أي شدّة وحبسه.
4. المَرْج: الخلط.
5. الّسيِّقة ـ كَكَيّسة ـ : ما استاقه العدو من الدواب.

حدثني السيد أبو الحسن يحيى بن الحسين(1)، قال: حدثني الشريف أبو عبدالله محمد بن علي الحسني الكوفي(2)، قال: أخبرنا أبو الحسن عبدالرحمن البكائي (3)قراءة عليه في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، حدثنا الحسن بن الطيب البلخي (4)، حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري(5)، حدثني عمرو بن عبدالغفار(6)، عن حسين بن زيد بن علي (7)،
حدثني سالم مولى أبي الحسين(8) قال: كنت جالساً مع أبي الحسين زيد بن علي ومعه ناس من قريش ومن بني هاشم وبني مخزوم، فتذاكروا أبا بكر وعمر فكان المخزوميون قدموا أبا بكر وعمر ، وزيد بن علي ساكت لايقول لهم شيئاً، قال: ثم سكتوا فتفرقوا، ثم عادوا بالعشي إلى مجلسهم، فقال زيد بن علي: إني سمعت مقالتكم وإني قلت في ذلك كلمات فاسمعوهن، ثم أنشد زيد بن علي عليهما السلام:
ومن فضل الأقوام يوماً برأيه .... فإن علياً فضلته المناقب
وقول رسول اللّه والحق قوله .... وإن رغمت فيه الأنوف الكواذب
بأنك مني ياعلي معالنا .... كهارون من موسى أخ لي وصاحب
دعاه ببدر فاستجاب لأمره .... فبادر في ذات الإله يضارب
فلازال يعلوهم له وكأنه .... شهاب تلقاه القوائبس ثاقب

1- هو الامام المرشد بالله عليه السلام
2 - حكى الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة أبي عبد الله العلوي عن بعضهم أنه قال : ما رأيت من كان يفهم فقه الحديث مثله . قال : وكان حافظا ، أخرج عنه الحافظ الصوري وأفاد عنه وكان يفتخر به .
3- الصحيح هو أبو الحسن علي بن عبدالرحمن البكائي وسقط إسمة الاول من النساخ من أئمة الحديث بالكوفة ، ثقة
4- الحسن بن الطّيب البَلخي ، له في كُتب الزيديّة روايتَان ، في المُحيط بالإمامَة ، وفي الأمالي الخميسيّة ، وقرأتُ قدحَ أهل الجَرح والتّعديل من أهل الحَديث له ، فوجدتُ مدارَه على قَولين ، الأوّل: أنّه انتحَل رواية عمّه الحسن بن شجاع ، فنسبهَا إليه . والثّاني: أنّه كان يروي عن رجالٍ لم يسمَع منهُم بفارق الزّمن ، وهي تُهمٌ بحاجَة إلى التّحقيق ، يظهَر مبدئياً أنّ هُناك مُبالغَة وهي بحاجَة إلى مُراجعَة لتثبيت التّهمة من عدمهَا ، إلاّ أنّ هُناك من وثّقه :
- قالَ أبو الحسن بن سُفيان الكوفيّ : رأيتُ كثيراً من مشائخنا المُتقدّمين يُوثّقونَه .
- وقال علي بن عمر الحربي : كان جيّد الحفظ لحديثِه .
- وقال مسلمة بن القاسم الأندلسي : ثقة .
- وقال البَغوي ، أو هُو ابن عقدَة : ((مَا للبَلخِي ، مَا سَألتُه عَن شَيخٍ إلا أعطَاني صِفَتَه وعَلامَتَهُ وَمَنزِلَه)) ، يُريدُ أنّه سمعَ من مشائخه .إفادة العلامة فهد شايم. ويخلص لي أنه مقبول.
5- أمام ثقة متفق على توثيقة وأنكر بعضهم تشيعة
6- هو أحد رجال الشيعة، وقد نالوا منه، قال في الطبقات: وثقه المؤيد بالله.
7- ثقة بإتفاق أئمة آل البيت عليهم السلام
8- ثقة عند آل البيت عليهم السلام ويكفي رواية الحسين بن زيد عنه


وفي تاريخ دمشق لإبن منظور (5/439)  http://islamport.com/w/tkh/Web/346/2439.htm

وعن سالم مولى أبي الحسين قال: كنت جالساً مع أبي الحسين زيد بن علي، ومعه ناس من قريش، ومن بني هاشم، وبني مخزوم، فتذاكروا أبا بكر وعمر، فكأنّ المخزوميين قدّموا أبا بكر وعمر، وزيد ساكت، لا يقول لهم شيئاً، ثم قاموا فتفرّقوا، فعادوا بالعشي إلى مجلسهم، فقال زيد بن علي: إني سمعت مقالتكم، وإني قلت في ذلك كلمات، فاسمعوهنّ ثم أنشد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم: الطويل
ومن فضّل الأقوام يوماً برأيهم ... فإنّ عليّاً فضّلته المناقب
وقول رسول الله والحقّ قوله ... وإن رغمت فيه الأنوف الكوذاب
بأنّك مني يا عليّ معالناً ... كهارون من موسى أخٌ لي وصاحب
دعاه ببدرٍ فاستجاب لأمره ... فبادر في ذات الإله يضارب
فما زال يعلوهم به وكأنّه ... شهابٌ تثنّى بالتّوائم ثاقب
أنشد القاسم بن يسار وأبو عبد الله بن الحميم: الطويل
إذا ما ذكرنا من عليّ فضيلةً ... رمونا لها جهلاً بشتم أبي بكر
يديروننا لا قدّس الله أمرهم ... على شتمه تبّاً لذلك من أمر
إذا ما ذكرنا فضله فكأنما ... نجرّعهم منحه أمرّ من الصّبر
وهل يشتم الصّدّيق من كان مؤمناً ... ضجيع رسول الله في الغار والقبر
وقد سال الصّدّيق من آل هاشمٍ ... عليّ الهدى عند ارتداد ذوي الكفر
فقال له إن مانعوك زكاتهم ... وما كان قد يعطونه سيّد البدر
فحارب على ردّ الشريعة إنها ... شريعة ربّ الناس ذي العزّ والفخر
فلا تنكروا تفضيل من كان هادياً ... فإن عليّاً خيركم يا بني فهر

حدثني والدي رضي اللّه عنه قال: حدثنا الشريف أبو يعلى حمزة بن أبي سليمان العلوي، قال: حدثني ابن البقال، قال: حدثني أبو جعفر أحمد بن هارون العطار، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن فضيل بن المرزوق، قال:
قال زيد بن علي عليهما السلام قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فكان أولى الناس بالناس علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ثم قبض علي فكان أولى الناس بالناس الحسن بن علي، ثم قبض الحسن فكان أولى الناس بالناس الحسين بن علي عليهما السلام ثم سكت.

روى الشريف المرتضى رحمه اللّه، عن زيد بن علي عليهما السلام أنه كان يقول علي عليه السلام: بايع والله الناس أبا بكر وأنا أولى بهم مني بقميص هذا فكظمت غيظي وانتظرت أمري وألزقت كلكلي بالأرض ثم أن أبا بكر هلك واستخلف عمر وقد والله أعلم أني اولى بالناس بقميصي هذا فكظمت غيظي وانتظرت أمري ثم إن عمر هلك وجعلها شورى وجعلني فيها سادس ستة كسهم الجدة، فقالوا: اقتل الأول فكظمت غيظي وانتظرت أمري وألزقت كلكلي بالأرض حتى ماوجدت إلا القتال أو الكفر بالله.

حدثني السيد أبو الحسن يحيى بن الحسن الحسني الكوفي، قال: أخبره أبو عبدالله محمد بن علي بن الحسن الحسني الكوفي قال: فيما أجاز لي زيد بن جعفر بن حاجب، أخبرنا عبدالعزيز بن إسحاق البغدادي في كتابه محمد بن القاسم، حدثنا عبدالرحمن بن محمد، حدثنا العذري، حدثنا إسرائيل بن يونس بن إسحاق، قال:
قال زيد بن علي عليهما السلام: كان علي بن أبي طالب من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بمنزلة هارون من موسى إذ قال له: {وأصلح ولاتتبع سبيل المفسدين} فألزق على كلكله بالأرض ما رأى صلاحاً فلما رأى الفساد بسط يده وشهر سيفه ودعا إلى سبيل ربه. 
حدثني أبو الحسين علي بن أبي طالب قال: أخبرنا السيد أبو الحسين زيد بن إسماعيل الحسني، قال: اخبرنا أبو العباس الحسني رضي اللّه عنه، قال: اخبرنا أبو الطيب أحمد بن محمد بن فيروز الكوفي، قال: حدثني يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليه السلام، قال: حدثني أبي،
عن أبيه، قال: لما ظهر زيد بن علي عليه السلام ودعا الناس إلى نصرة الحق فأجابته الشيعة وكثير من غيرها، [و] قعد قوم عنه، وقالوا له: لست الإمام، قال: فمن هو؟ قالوا: ابن اخيك جعفر. فقال: إن قال: جعفر إنه الإمام فقد صدق. فاكتبوا إليه واسألوه. قالوا الطريق مقطوعة ولا نجد رسولا إلا بأربعين ديناراً، قال: هذه اربعون ديناراً، فاكتبوا وارسلوا إليه، فلما كان من الغد أتوه، فقالوا: إنه يداريك، فقال: ويلكم إمام يداري من غير بأس، أويكتم حقاً أو يخشى في اللّه أحداً، اختاروا أن تقاتلوا معي وتبايعوني على ما بويع عليه علي والحسن والحسين عليهم السلام، أو تعينوني بسلاحكم وتكفوا عني السنتكم، قالوا: لا نفعل، فقال: اللّه اكبر أنتم والله الروافض الذي ذكر جدي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، قال: <سيكون من بعدي قوم يرفضون الجهاد مع الأخيار من أهل بيتي، ويقولون ليس عليهم أمر بمعروف ولا نهي عن منكر، يقلدون دينهم ويتبعون أهواء

حدثني والدي رحمه اللّه، قال: وحدثني أبو يعلى يحيى بن حمزة بن أبي سليمان العلوي، قال: حدثني ابن البقال، قال: وحدثني أبو عبدالله جعفر بن محمد بن الحسن الحسني نضر اللّه وجهه، قال: حدثنا عيسى بن مهران، قال: حدثني الحسن بن الحسن، قال: حدثنا يحيى بن المساور، قال:
حدثني فضيل بن الزبير، قال: سمعت زيد بن علي قال: كل راية رفعت ليست لنا ولا تدعى، إلينا فهي راية ضلالة.


خطب ‏ ‏معاوية


 
‏ ‏قال : من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر ‏ ‏فليطلع ‏ ‏لنا ‏ ‏قرنه ‏ ‏فلنحن أحق به منه ومن أبيه

 
قال ‏ ‏حبيب بن مسلمة ‏ ‏فهلا أجبته ؟

 
قال عبد الله بن عمر : ‏ ‏فحللت ‏ ‏حبوتي ‏ ‏وهممت أن أقول أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام

 
فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع وتسفك الدم ويحمل عني غير ذلك فذكرت ما أعد الله في الجنان

لاحظوا أن ابن عمر كان يرى أفضلية وأحقية الإمام علي عليه السلام على أبيه عمر وأبي بكر ، فقال : أحق بهذا الأمر منك ( في الخلافة ) من قاتلك ( الإمام علي قاتل معاوية ) وأباك ( النبي ص قاتل أبي سفيان ) على الإسلام .
واضح جداً أن إبن عمر كان يرى نفاق معاوية وأبيه


بني هاشم كانوا يرون أن الإمام علي بن أبي طالب هو الأحق بالخلافة 

وكان العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه قد لقي عليا كرم الله وجهه،

فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم يقبض، فاسأله إن كان الامر لنا بينه وإن كان لغيرنا أوصى بنا خيرا،

محاولة العباس مبايعة الامام علي فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العباس لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه: أبسط يدك أبايعك، فيقال: عم رسول الله بايع ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبايعك أهل بيتك،

فإن هذا الامر إذا كان لم يقل ، فقال له علي كرم الله وجهه: ومن يطلب هذا الامر غيرنا ؟

وقد كان العباس رضي الله عنه لقي أبا بكر فقال: هل أوصاك رسول الله بشئ ؟ قال: لا.

ولقى العباس أيضا عمر، فقال له مثل ذلك. فقال عمر: لا. فقال العباس لعلي رضي الله عنه: ابسط يدك أبايعك ويبايعك أهل بيتك

____________________________

المصدر :

الامامة والسياسة

ابن قتيبة الدينوري، تحقيق الزيني ج 1



الخلاصة : 

1- أن أبي بكر الصديق كان يرى أن الإمام علي عليه السلام الأحق بالأمر بعد رسول الله ، لكن المغيرة بن شعبة ( عليه من الله ما يستحق ) أثار شبهة الهرقلية ، وكان عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) يدفعه إلى التقدم .

2- بيعة أبي بكر كانت فلتة بإعتراف إبن الخطاب.
 

3- وقول أبي بكر : وليت عليكم ولست بخيركم ... 
 وقوله: أقيلوني بيعتي، فقالوا: لا نقيلك ولا نستقيلك
خطبة أبو بكر الصديق عند توليه الخلافة (11 هجرية)

لما بويع أبو بكر بالخلافة بعد بيعة السقيفة تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

"أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".

كان ابن أحمد بن يحيى المرتضى - كسائر الزيدية - قريباً من مذهب الاعتزال، وفي قضية الإمامة كان يتولى - كسائر الزيدية - أبو بكر وعمر، وعثمان بن عفان في السنين الأولى من حكمه، ويرى أفضلية علي على أبي بكر، ولكن يقول بجواز تقديم إمامة المفضول على الأفضل لاعتبارات سياسية وعملية.. ويقول بتأول بعض الصحابة تأويلاً خاطئاً لا يقدح في إسلامهم ولا في فضلهم، وهو يحكم بالخطأ القريب من الفسق على من قاتل علياً في موقعة الجمل، ويقول بفسق معاوية بن أبي سفيان، ولا يكفره.
كلام ابن تيمية:

وَكَذَلِكَ عُمَرُ لَمَّا عَهِدَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ، إِنَّمَا صَارَ إِمَامًا لَمَّا بَايَعُوهُ وَأَطَاعُوهُ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُمْ لَمْ يُنَفِّذُوا عَهْدَ أَبِي بَكْرٍ وَلَمْ يُبَايِعُوهُ لَمْ يَصِرْ إِمَامًا،..وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ عُمَرَ وَطَائِفَةً مَعَهُ بَايَعُوهُ، وَامْتَنَعَ سَائِرُ الصَّحَابَةِ عَنِ الْبَيْعَةِ، لَمْ يَصِرْ إِمَامًا بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا صَارَ إِمَامًا بِمُبَايَعَةِ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ، الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْقُدْرَةِ وَالشَّوْكَةِ. وَلِهَذَا لَمْ يَضُرَّ تَخَلُّفُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ [لَا] (2) يَقْدَحُ فِي مَقْصُودِ الْوِلَايَةِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ الْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ اللَّذَيْنِ بِهِمَا تَحْصُلُ (3) مَصَالِحُ الْإِمَامَةِ، وَذَلِكَ قَدْ حَصَلَ بِمُوَافَقَةِ الْجُمْهُورِ عَلَى ذَلِكَ.فَمَنْ قَالَ إِنَّهُ يَصِيرُ إِمَامًا بِمُوَافَقَةِ وَاحِدٍ أَوِ اثْنَيْنِ أَوْ أَرْبَعَةٍ، وَلَيْسُوا هُمْ ذَوِي الْقُدْرَةِ وَالشَّوْكَةِ، فَقَدْ غَلِطَ؛ كَمَا أَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ تَخَلُّفَ الْوَاحِدِ أَوِ الِاثْنَيْنِ وَالْعَشَرَةِ يَضُرُّهُ، فَقَدْ غَلِطَ.

وَأَبُو بَكْرٍ بَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، الَّذِينَ هُمْ بِطَانَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالَّذِينَ بِهِمْ صَارَ لِلْإِسْلَامِ قُوَّةٌ وَعِزَّةٌ، وَبِهِمْ قَهَرَ الْمُشْرِكُونَ، وَبِهِمْ فُتِحَتْ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ، فَجُمْهُورُ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ. وَأَمَّا كَوْنُ عُمَرَ أَوْ غَيْرِهِ  سَبَقَ إِلَى الْبَيْعَةِ، فَلَا بُدَّ فِي كُلِّ بَيْعَةٍ (2) مِنْ سَابِقٍ

المصادر: 
 http://www.azzaidiah.com/Azzaidiah%20Library/tareekh/almasabeeh%20fee%20asserah.html

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1655&idto=1655&bk_no=58&ID=825

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق