06‏/02‏/2014

تلخيص الفصل الرابع من كتاب الانتحار لدوركاهيم

تلخيص الفصل الرابع من كتاب الانتحار لدوركاهيم

تعريف الإنتحار الغيري : هو الإنتحار الذي يدفع إليه الغير ويلزمه .

كما رأينا آنفاً , إذا كانت الفردانية المفرطة تقود إلى الإنتحار , فكذلك الفردانية الناقصة والإندماجية الزائدة تؤدي إلى نفس النتائج .

تحدّث الكاتب عن الفرق بين الانتحار الأناني وهو الذي يفقد به الانسان أي صلة بالمجتمع (الديني، العائلي أو السياسي) الذي يحيطه ويكون متمركزا كليا في ذاته، والانتحار الغيري وهو ذلك الذي يفقد فيه الشخص احساسه الكلي بذاته ويصبح وجوده مرتبطا بالآخرين، مثّل هذين الانتحارين من خلال المقارنة بين الانتحار المدني (نوع الطائفة التي ينتمي لها، وان كان لديه عائلة..) . وبين الإنتحار العسكري والذي أثبت أن العسكرية تقود الى الانتحار الغيري وتكون منتشرة بين صفوف أولئك الذين هم في صفوف متقدمة وخدموا لسنوات أكثر من الإلزامية على الرغم من أن ذلك كان بخيارهم، ويتضّح أن طبيعة الحياة ضمن صفوف العسكر تقود الى تفريغ الانسان من الإحساس بقيمته والحط من قدره وقدرته على التفكير المستقل ووجوب الطاعة طوال الوقت.
كما أن الكاتب لخص أمثلة على الإنتحارات في الشعوب البدائية في مختلف البلدان و الثقافات وبين مسبباتها , فعلى سبيل المثال :

الفئة الأولى : انتحار الرجال الذين بلغوا عتبة الشيخوخة أو أصيبوا بمرض

1- المحاربين الدنمركيين : ينظرون إلى الموت في الفراش أو بسبب الشيخوخة أو المرض عار , فيضطرون إلى الإنتحار .

في رأيي الشخصي , سبب إنتحار هؤلاء الدنماركيين هو أنهم كانوا يعيشون في صراعات وحروب قبلية مستمرة وقد شاهدوا الكثير من أقربائهم وأصدقائهم قتلوا في المعارك , فلا يتحملون الموت على الفراش ويفضلون الموت في المعارك كي يتخلصوا من آلامهم .

2- القوطيون و الثراسيين والهيروليين : كان المسنون يلقون أنفسهم من أماكن عالية , ويعلق الكاتب أن سبب هذا الإنتحار هو أن صبرهم قد نفذ من هذا الزمن , وأن ضعفه وشيخوخته لا تتحمل مشقات الحياة .
لذلك أنا أعتقد أن الكثير من الدول المتقدمة إخترعت نظام التقاعد للمسنين , ونجد أن الدول المتقدمة تهتم كثيراً في رعاية المسنين .

3- الثقافة الهندية : أصبح إنتحار البراهمان عيداً وشرفاً لجميع أتباعه , حيث أنهم يحرقون أنفسهم في ذلك اليوم عندما يبدأون في التقدم في السن أو المرض , فهم كذلك يعتبرون إنتظار الموت عاراً يشين الحياة , فيعتقدون أن النار ( لما تحرق أجسادهم تطهرهم من الرجس ) .

الفئة الثانية : انتحار النساء بعد موت ازواجهن .

قال دوركاهيم " نحن نعلم بأن النساء لدى هذه الشعوب ( إقليم الهند ) يحرصن على الانتحار غالباً لحظة موت أزواجهن " . حيث إنتحرت 706 أرملة عام  1817في مقاطعة البنغال , وفي عام 1821 انتحرت 2366 في عموم الهند .
الفئة الثالثة : انتحار الحاشية أو الخدم عند موت زعمائهم

الأشانتيين : يعتقدون بوجوب انتحار الضباط عندما يموت ملكهم

إستنتاج دوركاهيم :

1- فيستنتج دوركاهيم في كلامه " والواقع أن إذا الإنسان انتحر , في جميع الحالات , فليس لأنه يملك الحق بالانتحار , بل لأن الانتحار , وهذا هو وجه الاختلاف واجب عليه , وإذا ما قصر في أداء هذا الواجب فإن جزاءه الخزي والعار , بل إنه ينال في أغلب الأحيان عقاباً دينياً أيضاً " . أي أن المجتمع يضغط بثقله عليه ليدفع إلى الانتحار .

2- كما أنه فرق بين الإنتحار الأناني والغيري , فقال " ففي الإنتحار الأناني يكتفي هذا المجتمع بأن يتصل بالإنسان بلغة تفصله عن الوجود , وفي الانتحار الغيري يأمره صراحة بأن يخرج من الوجود " . أي أن الانتحار الأناني يشجع وينصح بينما الانتحار الغيري يلزم ويضغط .

3- سبب الإنتحار الغيري :

1- هو العلاقة التبعية الإجتماعية , أي أن طبيعة وبنية المجتمعات تتضمن التبعية المفرطة بين الملك وحاشيته , وبين الرجل وزوجها , والإنفصال عن هذه التبعية هلاك وعار لا يحتمل .

2- وهذه التبعية هو سببها التماسك الشديد في هذه المجتمعات وأن الشخصية الفردية لا قيمة لها , فيجب على الفرد أن يكون مندمجاً داخل جماعته بأقصى درجة ممكنة . ومن الصعب أن يتفرد الشخص في هذه المجتمعات , لأن البيئة الإجتماعية و الأفكار و المشاعر والاهتمامات مشتركة للكل , وكانت هذه المجتمعات صغيرة , فهي قريبة من كل فرد ولا يغيب أي شخص أن أنظارها , فيؤدي ذلك إلى المراقبة الجماعية المستمرة . بينما سبب الإنتحار الأناني : هو في إفراطه في الفردانية , نتيجة لتفكك المجتمع وعدم الإكتراث به .

4- الإنتحار الغيري نوع من الإنتحارات يضم 3 أصناف وليس بالضرورة أن يكون إلزامياً , بل أحياناً يكون انتحاراً حاداً وأحياناً يكون إختيارياً مثل :

الإنتحار الإختياري :-

1- الهنود الحمر في أمريكا الشمالية ينتحرون إختيارياً إثر خصومة زوجية أو الشعور بالغيرة .
2- اليابانيون يشقون بطونهم لأتفه الأسباب , ويعتبرونها نوعاً من المبارزة الغريبة , مثل مبارزة تصادم السيارات , حيث يعرض السائقان حياتهم للخطر , والذي ينحرف عن مساره سيلحق به العار .

الانتحار الحاد ( الانتحار الصوفي )

هو الانتحار الذي يعرض نفسه بإرادته للهلاك نتيجة التضحية والعاطفة المفعمة بالحماسة لصالح أيدلولجية أو معتقد .

فيعتبرها سجية أخلاقية ونخوة لا يمكن التنازل عنها مهما كان الظروف , مثلاً نجد في تراثنا العربي " نحن قوم نموت كي نحيى , ولا نحيى كي نموت " , أو كما قال عمر المختار " نحن قوم لا نستسلم , ننتصر أو نموت " .
فدوركاهيم لا يعتبر هذا النوع انتحاراً وقد سمى هذا " الانتحار البطولي " لأنه قال في كتابه " إذا كانت الانتحارات الناجمة , بنحو مرئي ومباشر , عن روح التضحية ونكران الذات لا تستحق صفة الانتحار "


5- علاقة الحلولية بالإنتحار :-


تعريف الحلولية : الفكرة القائلة بأن هناك كائناً داخل الفرد غريباً عن طبيعته . وأن الروح التي تبث فيه نسمة الحياة ليست روحه , وفي المحصلة , فليس له وجود شخصي .

يقول دوركاهيم " لا يمكننا التسليم بأن الحلولية هي التي تسبب الانتحار . فليست الأفكار المجردة هي من يقود البشر , ولا يمكننا تفسير التطور التاريخي من خلال فعل المفاهيم الميتافيزيقية الخالصة , ذلك أنه , لدى الشعوب مثلما لدى الأفراد , فإن وظيفة التصورات هي قبل كل شيء التعبير عن واقع لا تصنعه هي , بل إنها على العكس , تنتج عنه , وإذا استطاعت أن تفيد , بالتالي , في تعديله فلا يكون ذلك قط إلا في نطاق محدود . والتصورات الدينية إنما هي نتاجات وسط اجتماعي , وليست هي على الإطلاق من ينتجه . وإذا ما قامت بعد تشكلها بالاستجابه للأسباب التي أوجدتها فإن استجابتها هذه لا تملك أن تكون عميقة جداً. فإذا كان ما يشكل الحلولية إذن هو نفي أكثر أو أقل جذرية لكل فردي , فإن مثل هذا المذهب الديني لا يمكن أن يتشكل إلا في وسط مجتمع ليس للفرد في الواقع أدنى أهمية فيه , أي أنه تقريباً , مضمحل كلياً داخل الجماعة . لأن الناس هنا لا يستطيعون أن يتصوروا العالم إلا في صورة العالم الاجتماعي الصغير الذي يعيشون فيه . فالحلولية الدينية ليست إذن سوى نتيجة , أو انعكاس للنظام الحلولي للمجتمع . وبالتالي , ففي داخل هذا النظام أيضاً يكمن سبب هذا الانتحار الخاص الذي يتبدى في كل مكان على صلة بالحلولية . "

الانتحار في وسط الجيش :

1- واقعة عامة في جميع دول أوروبا , هي أن استعداد العسكريين للانتحار أعلى بكثير من استعداد المدنيين في العمر نفسه بإستثناء الدنمارك , حيث يتساوون المدنيين والعسكريين في اعداد الانتحارات .
2- قارن بين العسكريين العزاب و المتزوجين خلال 1888-1891 , هناك 100 منتحر من العزاب المدنيين و 100 منتحر من العزاب العسكريين في اعمار تتراوح بين 20-25 .
3- مدمني الكحول تتضاعف نسبة انتحارهم مرتين او ثلاث مرات عند العسكريين مقارنة مع المدنيين .
4- معدل الإنتحار عند الضباط أعلى من الجنود بالرغم من أن مهنة الضابط أخف صرامة من الجندي .
5- عدد المنتحرين الذين دخلوا العسكرية طواعيةً أكثر من الذين دخلوا إجباراً .
6- كلما قصرت مدة الخدمة العسكرية كلما قل اعداد المنتحرين .
سبب الانتحار في الجيش
النفور الشديد من الخدمات العسكرية بسبب صعوبات وقسوة الحياة العسكرية التي تفقد الإنسان حريته وتحرمه من كل دواعي الراحة والطمأنينة .