03‏/11‏/2012

كيف أصبحوا السنة والرافضة والخوارج ؟

توضيحات مهمة حيال أهل السنة والشيعة الإمامية:
أرجو، ثم أرجو أن تقرؤوها بهدوء، ثم لا يتفلسف علينا إلا أهل الاختصاص فأنا إنما أكتب إليهم وللعقلاء، أما العامة والجهلة؛ فإن أحبوا أن يستفيدوا؛ فمرحبا، وإلا فليلزموا حدودهم، وليبكوا على جهلهم العريض، فيكفيهم عيباً أنهم لم يطلبوا العلم!
من المسلم به في الصدر الأول من تاريخ الإسلام أنّ عليّاً عليه السلام خرج عليه طوائف من المسلمين (انتبه إلى كلمة من المسلمين) وجميعهم كان مخطئاً في خروجه عليه وظالماً له كما هو منصوص عليه في كتب الإجماع عند أهل السنة.
- فخرج عليه طلحة والزبير وعائشة (رضي الله عنهم) ومن معهم، وفعلوا أفعالا في البصرة منها قتل (665) مسلماً، ونتفوا لحية الصحابي الجليل عثمان بن حنيف وأهانوه وطردوه حتى من منزله إلى الصحراء وأخذوا ما في بيت مال المسلمين في البصرة إلخ مما يعلمه أهل العلم، لكنه لا يدرس في مجالس الوعظ حتى لا تعلمه العامة... فهل كان عليّ ومن معه شيعة، أم رافضة، أم كانوا هم أهل السنة، وكان من يحاربه هم البغاة الظالمين؟
هل يستطيع واحد من علماء أهل السنة أن يعارض حرفاً واحداً مما ذكرته هنا بعلم؟ يستحيل!
- وخرج على عليّ معاوية وأهل الشام تحت ذريعة (الثأر لعثمان) والثأر مصطلح جاهليّ ليس له في الإسلام وجود البتة، إنما هناك قاتل ومقتول وولي الدم، وولي أمر المسلمين.
وولي أمر المسلمين ليس مطالباً أن يسلم القاتل لأولياء الدم من دون أن يرفعوا لديه دعوى، ومن دون أن يحددوا اسم القاتل وصفته ومن دون أن يقيموا أدلة الإثبات على أن من اتّهموه هو القاتل فعلاً.
ومعاوية يتكلم بلغة الجاهلية (الثأر) وعليّ يطالبه ومن معه بالخضوع لأمر الله وتحقيق ما تقدم.
لكن المسألة هي أنّ معاوية كان أميراً على الشام عشرين سنة، وكان يرتع في خيراتها ويلبس الذهب والحرير والديباج، وعهده بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قليل المدة، فكيف يترك هذا العزّ والسلطان ليحاسبه ابن أبي طالب حتى على الشراب الذي كان يشربه؟ إن هذا من المحال بالنسبة لأمثاله.
المهم هل كان عليّ ومعه سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكبار التابعين من الشيعة أو من الرافضة، أو كانوا هم أهل السنة، وكان معاوية ومن معه هم البغاة الظالمين بإجماع أهل السنة؟
- وخرج على عليّ طائفة من الخورارج بقيادة عبدالله بن وهب الراسبيّ، فدعاهم وحذرهم وتاركهم وشأنهم حتى سفكوا الدم الحرام.فهل كان عليّ ومن معه شيعةً أم رافضة، أو كانوا هم أهل السنة، وكان مخالفوه هم البغاة الظالمون بإجماع أهل السنة، وبقوله هو (إخواننا بغوا علينا، فنصرنا عليهم؟)
فكيف انقلب أتباع عليّ بعد مقتله إلى شيعة ورافضة ونادقة؟
وكيف انقلب أتباع معاوية البغاة الظالمين إلى أهل سنة؟
هل فكرتم يا معاشر أهل السنة وأنتم تتباهون باستعلائكم بالجواب على هذا السؤال؟
هل تعلمون أنّ قاعدتكم السياسية النتنة القذرة (إذا خرج إمام البغاة على إمام العدل، فغلبه ونفذت أحكامه على الرعية؛ صار إمام البغاة هو إمام العدل، تجب طاعته ويحرم الخروج عليه) وبناء على هذه القاعدة السياسية الوسخة؛ حكم أهل السنة على مدار التاريخ بعد معاوية طغاة بغاة مجرمون، وكانوا يخضعون لهم خضوع الشياه لجزاريها!
أفهمتم الآن أنّ الأولى بأهل السنة أن يستحيوا على أنفسهم من مناصرتهم للطغاة والبغاة، وأنّ الشيعة الثائرين والخوارج الثائرين على الطغاة؛ هم أفضل منهم في هذه الناحية السياسية.
وأنّ الأولى بهم أن يخجلوا من دفاعهم عن أي طاغية ظالم حتى لو كان صحابياً؟
فالصحبة مرتبة شريفة عظيمة، لكنها لم تعصم من الردة ولم تعصم من النفاق، فكيف تعصم من الظلم وارتكاب الكبائر؟
إذا غدا هذا واضحا لدى من يفهم؛ فيجب معرفة الآتي :
إنّ أهل السنة أتباع عليّ انقسموا قسمين:
فقسم انخرطوا في مجتمع الحاكم الأموي الظالم الباغي، وتأصر هذا القسم بالنصب المستشري هناك، ثم جاء الجيل الثاني والثالث أكثر نصباً وحقداً، فهؤلاء أنتم يا أهل السنة من ذرياتهم !!
ثم حاول العلماء من أهل السنة أن ينصفوا آل البيت ويشيعوا فضائلهم في أيام الدولة السلجوقية والأيوبية، فخفّ النصب في بلاد الشام في القرن السادس الهجري في بلاد الشام، وفي القرن السابع الهجري في العراق، كما يقول الذهبي رحمه الله تعالى.
والقسم الثاني من أهل السنة؛ ثبتوا على ولائهم لآل البيت، ورفضوا البراءة منهم ومن لعنهم على المنابر، كما فعل أجدادكم المنحازون إلى النواصب، فسماهم بنو أمية شيعة عليّ، أو الشيعة، وحاربوهم وضيقوا عليهم ومنعوهم الأرزاق، حتى اضطر عدد كبير من علماء آل البيت للخروج على ساداتكم الطغاة الظالمين، فخرج الحسين بن علي (هل كان شيعياً؟) وخرج حفيده (زيد بن عليّ بن الحسين) فهل كان شيعياً، وخرج يحيى بن زيد، وخرج إبراهيم بن عبدالله بن الحسن وخرج وخرج، اقرؤوا كتاب (مقاتل الطالبيين) فسترون مئاتٍ من آل البيت خرجوا على طغاة أزمنتهم لعلهم يعيدون الأمة إلى مسارها الصحيح، بينما استكان أجدادكم تحت سلطان الظلم، وشاعت كلمتهم المشهورة (الذي يتزوج أمي؛ أسميه عمي!)
هل تعلمون يا أهل الشام لماذا يسمى عندنا الحذاء الخفيف (زنوبة) تشبيها لبنت علي (زينب) عليها السلام بها !
وهل تعلمون يا أهل الشام أن أقبح شتيمة توجه إلى رجل محترم أن يقال له (بابا حسن) يعني إذا شبهوه بعلي أبي حسن !
وهل تعلمون يا أهل الشام أنكم تستعملون حتى اليوم كلمة (حسن صبي) تنادون بها البنت القوية، تشبيها للإمام الحسن بن علي الذي حقن دماء المسلمين بتنازله لمعاوية بالبنت؛ لأنه لم يحارب ولم يقاوم كما ينبغي للرجال.
هل ينكر شامي واحدٌ أنّ أهل بيته حتى اليوم يستعملون هذه الألفاظ وعشرات غيرها، وهم لم يفكروا يوماً (علام تدلّ) !
فبالله عليكم، أليس الأولى أن تخجلوا من أنفسكم، وتستحيوا من التبجح بأنكم الطائفة المنصورة، وأنكم وحدكم أهل الحق، وأن الباقين أهل بدعة وضلالة؟
ألا تستحيون أن يسبّ عشرات من علمائكم السابقين الإمام أبا حنيفة رضي الله عنه لأنه كان يرى (جواز الخروج على الحاكم الظالم) حتى نقل الناصبي عبدالله بن أحمد أكثر من خمسين نصاً بتكفيره لأنه (يرى السيف على أمة محمد) يعني يرى الخروج على الطغاة!
وأنتم اليوم غيّرتم جلدكم وخرجتم على الطغاة تشبها بالشيعة والخوارج الذين كانوا منذ قرون يجوّزون الخروج على الطغاة قبلكم.
فهل يحقّ لكم أن تفخروا أو يجب أن تستحيوا من عونكم للظالمين على المؤمنين على مدار هذا التاريخ السياسي الحزين؟
اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون !
اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، إي والله إنهم لا يعلمون.