03‏/11‏/2012

كيف أصبحوا السنة والرافضة والخوارج ؟

توضيحات مهمة حيال أهل السنة والشيعة الإمامية:
أرجو، ثم أرجو أن تقرؤوها بهدوء، ثم لا يتفلسف علينا إلا أهل الاختصاص فأنا إنما أكتب إليهم وللعقلاء، أما العامة والجهلة؛ فإن أحبوا أن يستفيدوا؛ فمرحبا، وإلا فليلزموا حدودهم، وليبكوا على جهلهم العريض، فيكفيهم عيباً أنهم لم يطلبوا العلم!
من المسلم به في الصدر الأول من تاريخ الإسلام أنّ عليّاً عليه السلام خرج عليه طوائف من المسلمين (انتبه إلى كلمة من المسلمين) وجميعهم كان مخطئاً في خروجه عليه وظالماً له كما هو منصوص عليه في كتب الإجماع عند أهل السنة.
- فخرج عليه طلحة والزبير وعائشة (رضي الله عنهم) ومن معهم، وفعلوا أفعالا في البصرة منها قتل (665) مسلماً، ونتفوا لحية الصحابي الجليل عثمان بن حنيف وأهانوه وطردوه حتى من منزله إلى الصحراء وأخذوا ما في بيت مال المسلمين في البصرة إلخ مما يعلمه أهل العلم، لكنه لا يدرس في مجالس الوعظ حتى لا تعلمه العامة... فهل كان عليّ ومن معه شيعة، أم رافضة، أم كانوا هم أهل السنة، وكان من يحاربه هم البغاة الظالمين؟
هل يستطيع واحد من علماء أهل السنة أن يعارض حرفاً واحداً مما ذكرته هنا بعلم؟ يستحيل!
- وخرج على عليّ معاوية وأهل الشام تحت ذريعة (الثأر لعثمان) والثأر مصطلح جاهليّ ليس له في الإسلام وجود البتة، إنما هناك قاتل ومقتول وولي الدم، وولي أمر المسلمين.
وولي أمر المسلمين ليس مطالباً أن يسلم القاتل لأولياء الدم من دون أن يرفعوا لديه دعوى، ومن دون أن يحددوا اسم القاتل وصفته ومن دون أن يقيموا أدلة الإثبات على أن من اتّهموه هو القاتل فعلاً.
ومعاوية يتكلم بلغة الجاهلية (الثأر) وعليّ يطالبه ومن معه بالخضوع لأمر الله وتحقيق ما تقدم.
لكن المسألة هي أنّ معاوية كان أميراً على الشام عشرين سنة، وكان يرتع في خيراتها ويلبس الذهب والحرير والديباج، وعهده بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قليل المدة، فكيف يترك هذا العزّ والسلطان ليحاسبه ابن أبي طالب حتى على الشراب الذي كان يشربه؟ إن هذا من المحال بالنسبة لأمثاله.
المهم هل كان عليّ ومعه سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكبار التابعين من الشيعة أو من الرافضة، أو كانوا هم أهل السنة، وكان معاوية ومن معه هم البغاة الظالمين بإجماع أهل السنة؟
- وخرج على عليّ طائفة من الخورارج بقيادة عبدالله بن وهب الراسبيّ، فدعاهم وحذرهم وتاركهم وشأنهم حتى سفكوا الدم الحرام.فهل كان عليّ ومن معه شيعةً أم رافضة، أو كانوا هم أهل السنة، وكان مخالفوه هم البغاة الظالمون بإجماع أهل السنة، وبقوله هو (إخواننا بغوا علينا، فنصرنا عليهم؟)
فكيف انقلب أتباع عليّ بعد مقتله إلى شيعة ورافضة ونادقة؟
وكيف انقلب أتباع معاوية البغاة الظالمين إلى أهل سنة؟
هل فكرتم يا معاشر أهل السنة وأنتم تتباهون باستعلائكم بالجواب على هذا السؤال؟
هل تعلمون أنّ قاعدتكم السياسية النتنة القذرة (إذا خرج إمام البغاة على إمام العدل، فغلبه ونفذت أحكامه على الرعية؛ صار إمام البغاة هو إمام العدل، تجب طاعته ويحرم الخروج عليه) وبناء على هذه القاعدة السياسية الوسخة؛ حكم أهل السنة على مدار التاريخ بعد معاوية طغاة بغاة مجرمون، وكانوا يخضعون لهم خضوع الشياه لجزاريها!
أفهمتم الآن أنّ الأولى بأهل السنة أن يستحيوا على أنفسهم من مناصرتهم للطغاة والبغاة، وأنّ الشيعة الثائرين والخوارج الثائرين على الطغاة؛ هم أفضل منهم في هذه الناحية السياسية.
وأنّ الأولى بهم أن يخجلوا من دفاعهم عن أي طاغية ظالم حتى لو كان صحابياً؟
فالصحبة مرتبة شريفة عظيمة، لكنها لم تعصم من الردة ولم تعصم من النفاق، فكيف تعصم من الظلم وارتكاب الكبائر؟
إذا غدا هذا واضحا لدى من يفهم؛ فيجب معرفة الآتي :
إنّ أهل السنة أتباع عليّ انقسموا قسمين:
فقسم انخرطوا في مجتمع الحاكم الأموي الظالم الباغي، وتأصر هذا القسم بالنصب المستشري هناك، ثم جاء الجيل الثاني والثالث أكثر نصباً وحقداً، فهؤلاء أنتم يا أهل السنة من ذرياتهم !!
ثم حاول العلماء من أهل السنة أن ينصفوا آل البيت ويشيعوا فضائلهم في أيام الدولة السلجوقية والأيوبية، فخفّ النصب في بلاد الشام في القرن السادس الهجري في بلاد الشام، وفي القرن السابع الهجري في العراق، كما يقول الذهبي رحمه الله تعالى.
والقسم الثاني من أهل السنة؛ ثبتوا على ولائهم لآل البيت، ورفضوا البراءة منهم ومن لعنهم على المنابر، كما فعل أجدادكم المنحازون إلى النواصب، فسماهم بنو أمية شيعة عليّ، أو الشيعة، وحاربوهم وضيقوا عليهم ومنعوهم الأرزاق، حتى اضطر عدد كبير من علماء آل البيت للخروج على ساداتكم الطغاة الظالمين، فخرج الحسين بن علي (هل كان شيعياً؟) وخرج حفيده (زيد بن عليّ بن الحسين) فهل كان شيعياً، وخرج يحيى بن زيد، وخرج إبراهيم بن عبدالله بن الحسن وخرج وخرج، اقرؤوا كتاب (مقاتل الطالبيين) فسترون مئاتٍ من آل البيت خرجوا على طغاة أزمنتهم لعلهم يعيدون الأمة إلى مسارها الصحيح، بينما استكان أجدادكم تحت سلطان الظلم، وشاعت كلمتهم المشهورة (الذي يتزوج أمي؛ أسميه عمي!)
هل تعلمون يا أهل الشام لماذا يسمى عندنا الحذاء الخفيف (زنوبة) تشبيها لبنت علي (زينب) عليها السلام بها !
وهل تعلمون يا أهل الشام أن أقبح شتيمة توجه إلى رجل محترم أن يقال له (بابا حسن) يعني إذا شبهوه بعلي أبي حسن !
وهل تعلمون يا أهل الشام أنكم تستعملون حتى اليوم كلمة (حسن صبي) تنادون بها البنت القوية، تشبيها للإمام الحسن بن علي الذي حقن دماء المسلمين بتنازله لمعاوية بالبنت؛ لأنه لم يحارب ولم يقاوم كما ينبغي للرجال.
هل ينكر شامي واحدٌ أنّ أهل بيته حتى اليوم يستعملون هذه الألفاظ وعشرات غيرها، وهم لم يفكروا يوماً (علام تدلّ) !
فبالله عليكم، أليس الأولى أن تخجلوا من أنفسكم، وتستحيوا من التبجح بأنكم الطائفة المنصورة، وأنكم وحدكم أهل الحق، وأن الباقين أهل بدعة وضلالة؟
ألا تستحيون أن يسبّ عشرات من علمائكم السابقين الإمام أبا حنيفة رضي الله عنه لأنه كان يرى (جواز الخروج على الحاكم الظالم) حتى نقل الناصبي عبدالله بن أحمد أكثر من خمسين نصاً بتكفيره لأنه (يرى السيف على أمة محمد) يعني يرى الخروج على الطغاة!
وأنتم اليوم غيّرتم جلدكم وخرجتم على الطغاة تشبها بالشيعة والخوارج الذين كانوا منذ قرون يجوّزون الخروج على الطغاة قبلكم.
فهل يحقّ لكم أن تفخروا أو يجب أن تستحيوا من عونكم للظالمين على المؤمنين على مدار هذا التاريخ السياسي الحزين؟
اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون !
اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، إي والله إنهم لا يعلمون.

02‏/11‏/2012

سبب نقص مرويات الإمام علي

بسم الله و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله و من والاه ؛ 

فإني أسوق لحضراتكم هذا الاعتراف الجلي من العالم المنصف النقي الشيخ محمد أبو زهرة والذي يقول فيه كما في كتاب (الإمام الصادق) ص 162 عند كلامه على (الفقه في عصر الإمام الصادق) ما نصه بالحرف :

(وإنه يجب علينا أن نقرر هنا أن فقه علي وفتاويه وأقضيته لم ترو في كتب السنة بالقدر الذي يتفق مع مدة خلافته ، ولا مع المدة التي كان منصرفا فيها إلى ا
لدرس ، والإفتاء في مدة الراشدين قبله ، وقد كانت حياته كلها للفقه وعلم الدين ، وكان أكثر الصحابة اتصالا برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقد رافق الرسول وهو صبي قبل أن يبعث عليه السلام ، واستمر معه إلى أن قبض الله تعالى رسوله إليه ، ولذا كان يجب أن يُذكر له في كتب السنة أضعاف ما هو مذكور فيها.
وإذا كان لنا أن نتعرف السبب الذي من أجله اختفى عن جمهور المسلمين بعض مرويات علي وفقهه ، فإنا نقول: انه لابد أن يكون للحكم الأموي أثر في اختفاء كثير من أثار علي في القضاء والإفتاء، لأنه ليس من المعقول أن يلعنون عليا فوق المنابر ، وأن يتركوا العلماء يتحدثون بعلمه ، وينقلون فتاويه وأقواله للناس، وخصوصا ما كان يتصل منها بأساس الحكم الإسلامي .

والعراق الذي عاش فيه عليّ رضي اللّه عنه وكرّم اللّه وجهه، وفيه انبثق علمه، كان يحكمه في صدر الدولة الأموية ووسطها حكّام غلاظ شداد، لا يمكن أن يتركوا آراء علي تسري في وسط الجماهير الإسلاميّة، وهم الذين يخلقون الريب والشكوك حوله، حتى إنّهم يتخذون من تكنية النبي (صلى الله عليه وسلم) له (بأبي تراب) ذريعة لتنقيصه، وهو (رضي الله عنه) كان يطرب لهذه الكنية، ويستريح لسماعها; لأنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قالها في محبّة، كمحبّة الوالد لولده".)

تأكيدا ً على ما جاء به الشيخ أبو زهرة يقول الإمام الفخر الرازي رحمه الله في مبحث [الجهر بالبسملة في الصلاة] من تفسيره الكبير : (1/ 181)

( أَنْ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُبَالِغُ فِي الْجَهْرِ بِالتَّسْمِيَةِ، فَلَمَّا وَصَلَتِ الدَّوْلَةُ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ بَالَغُوا فِي الْمَنْعِ مِنَ الْجَهْرِ، سَعْيًا فِي إِبْطَالِ آثَارِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ !) انتهى.

01‏/11‏/2012

الإمام علي بين النص الجلي والخفي

الرد على السبيئة

لأن بعض الناس يخلطون بين الامامية والزيدية في تعريف الامامة 

الزيدية لا يقولون بان الامام علي بن أبي طالب منصب من الله بنص تام جلي

وإنما يقولون بان الامام علي وصي رسول الله الذي بين فضائله التي تدل على أحقيته في الخلافة وهذا هو النص الخفي 

واما قول بعض الائمة بانه نص جلي ... فانهم يقصدون بأنخ جلي من حيث باب تبيان فضائل وأحقية  الإمام علي عليه السلام

وللمزيد من المعلومات ... رجعوا كتاب الشوكاني 
العقد الثمين في اثبات وصاية امير المؤمنين الشوكاني.http://www.mediafire.com/?jgj3bit622fg8ls

قال الإمام المنصور عبدالله بن حمزة (ع) في كتاب العقد الثمين : ((أمَّا الخلاف في النص: فمذهبنا أن النص عليه ـ عليه السلام ـ من الكتاب والسنة نصٌ لا يعلم المراد منه بظاهره ضرورة، ولا بد من الإستدلال، وترجيح ما نقول فيه على سائر الأقوال، مع إجماعنا على أن النص في نفسه معلوم ضرورة من الله سبحانه ومن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ وإنما الخلاف في المقصود منه، والمراد به، ويخالفنا في ذلك الغلاة، والإمامية)).

وقال في الشافي : ((ولا نقول بأن النص جلي فإنهم علموا قصد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ضرورة وخالفوه عنوة بل هذا إنما يلزم من قال أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نص على علي نصاً جلياً , واضطر الكل من الصحابة إلى معرفة المراد منه , وهؤلاء الإمامية ومن تبعهم على غوايتهم في ذلك عن الحق الباطنية توصلاً إلى الطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , أما عند فضلاء الزيدية ومن شاركهم من علماء البرية فهو نص محتمل التأويل , بل يحتاج إلى النظر من الدليل)).
قال الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة (ع) : ((والمراد بكون النص خفياً أن المراد منه ليس معلوماً بالضرورة من قصده وإنما يدرك بنوع من النظر والاستدلال ويحصل المقصود منه بنظر خفي كسائر الأمور النظرية، وهذا ما ذهب إليه أئمة العترة)).

واليكم بهذا الكتاب الجميل
المجموع المنصوري

الجزء الأول
للإمام المنصور بالله أمير المؤمنين عبدالله بن حمزة بن سليمان عليه السلام

كتاب العقد الثمين في تبيين أحكام الأئمة الهادين
http://www.almahatwary.org/p8-1-qq.htm

http://www.4shared.com/file/7W8148Bm/_____________.html

[وجوه الخلاف بين الشيعة في علي عليه السلام]

فالخلاف بين الشيعة في علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام في وجوه:
- أحدها: في كيفية النص عليه عليه السلام بعد اتفاقهم على ثبوت إمامته بالنص.
- وثانيها: في حاله بعد ظهور قتله وإخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك، وإخبار علي عليه السلام بذلك من بعده، وكون ذلك معلوماً بالضرورة.
- وثالثها: في حكم المتقدمين عليه المخالفين له.

[الخلاف في النص]
أمَّا الخلاف في النص: فمذهبنا أن النص عليه عليه السلام من الكتاب والسنة نصٌ لا يعلم المراد منه بظاهره ضرورة، ولا بد من الإستدلال، وترجيح ما نقول فيه على سائر الأقوال، مع إجماعنا على أن النص في نفسه معلوم ضرورة من الله سبحانه ومن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ وإنما الخلاف في المقصود منه، والمراد به، ويخالفنا في ذلك الغلاة، والإمامية.
فأمَّا الغلاة: فمذهبهم يخرج عن الإسلام ؛ لأنهم يفترقون على ثلاث فرق:
- فرقة زعمت أنه تعالى ظهر في الأئمة على ما لم يزل عليه في القدم.
- وفرقة زعمت أنه ظهر على صورة البشر.
- وفرقة زعمت أنه فوض إلى الأئمة الخلق والرزق، ومن قال إنه يظهر في صورة البشر قال إنه احتجب بالأئمة فعندهم عليَّ هو الله، تعالى عما يقولون علواً كبيراً، ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم عندهم رسول علي عليه السلام، فكيف ينبغي أن يذكر من هذه حاله في فرق الإسلام؟؟ ولا نرد عليهم إلاَّ ما نرد على المشبهة والثنوية، وإنما أضفناهم إلى التشيع للتسمية لا غير.

[السبأية والإمام علي]

وأول من أسس هذه المقالة ابن سبا لعنه الله ؛ لأن علياً عليه السلام لما تجهز لغزو الشام ونهد إلى معاوية في الجنود العظيمة، فيهم أربعون ألف مستميت قد تبايعوا على الموت، وقد قدم عليه السلام كتاباً إلى معاوية لعنه الله فيه قاصمة الظهر، قال في فصلٍ منه: والله لئن جمعتني وإياك صروف الأقدار لا رجعت إلى أهلٍ ولا مالٍ حتى يقضي الله بيني وبينك ما هو قاض، فلما [أن] رأى معاوية أليته عليه السلام ضاق به أديمه، ولم يسعه مجلسه، فاستنفر علي عليه السلام الناس، فنفروا وعسكروا بالمدائن وتخلف علي عليه السلام في المصر لاستحثاث الناس ولصلاة الجمعة، فاغتاله عدو الله ابن ملجم لعنه الله، وقد خرج إلى مسجده لورد تهجده، فضربه فقتله، فبلغ الخبر إلى المدائن بقتله، فأنكر ذلك ابن سبا أشد الإنكار، فقال: ما قتل، ولا ينبغي أن يقتل، فجاءوا إليه بمن شهد أنه عليه السلام ضرب على هامته حتى وصل السيف إلى أم دماغه، وكثر الحاكي لذلك، فقال لهم: والله لو اتيتموني بدماغه في سبعين صرة ما أقررت لكم أنه مات، ولا يموت حتى يسوق العرب بعصائه إلى الحق كما يسوق الراعي غنمه إلى الماء، ولكن رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم إلى غير ذلك من الجهالات التي سردها، واتبعه على ذلك طائفة من الجهَّال، والجهل لا غاية له، والجهال لا سبيل إلى تعيينهم على التفصيل فهؤلآء زادوا على النص والإمامة فنقصوا بزيادتهم، وخرجوا من جملة أهل ملتهم.
[عقيدة الإمامية في علي عليه السلام]

وأمَّا الإمامية: فزعموا أن النص جلي بحيث نعلم أن الجميع اضطروا إلى العلم بالمراد به، وأن الكل علم أن قصد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن علياً إمام الأمة بعده بلا فصل دون أبي بكر وعمر وعثمان، وأن من تقدم علياً عليه السلام مكابر عامل بخلاف ما علم ضرورة من دين النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن الصحابة كابروا وباهتوا في أمره عليه السلام، ورجال الإمامية المؤسسين للكلام في الإمامة هشام بن الحكم، وهشام بن سالم، وكانا يقولان بالتشبيه ذكره الحاكم رحمه الله في كتابه المسمَّى (شرح العيون)، وذكره الشيخ العالم [الدَّيِّن] أبوالحسن علي بن الحسين بن محمد الزيدي شياه سريجان في (المحيط بالإمامة).ومن رجالهم ابن ميثم، وعلي بن منصور، وشيطان الطاق، وليس لهم سلف في الصحابة ولا في التابعين رضي الله عنهم.

[الرد على الإمامية في القول بالنص الجلي]

والكلام عليهم: أنَّا نقول: إنكم أتيتم ما لا دليل عليه، وكل مذهب لا دليل عليه فهو باطل، أمَّا أنه لا دليل عليه ؛ فلأن الأدلة محصورة على دلالة العقل، ولا برهان في العقل يدل على ذلك، وعلى الكتاب الكريم والسنة المعلومة والإجماع الظاهر.
أمَّا الكتاب فلا يمكن ادعاء ذلك لوقوع الاختلاف في معنى الآية، وافتقار ما تذهب إليه إلى الترجيح، وكذلك حديث الغدير والمنزلة، وما انفردت بروايته الإمامية فلا تصححه الأمة فضلاً من أن يقضى ببلوغه حد التواتر، وحصول العلم الضروري، ولأنا نعلم أن رجال الإمامية وعلماءهم ونحارير مقالتهم يسلكون مسلكنا في الإستدلال بخبر الغدير والمنزلة، وآية الزكاة في الركوع، وهو معلوم في تصانيفهم وكتبهم، ويرجحون ويبالغون في الكشف والتبيين، والاستدلال إلى نهاية الإمكان في الآثار والأخبار، فلو كان المراد بها معلوماً عندهم ضرورة كما زعموا لاستغنوا بذلك عن الكشف والبيان، كما فعلنا في أصول الشرائع المعلومة ضرورة، لأننا لا ننصب لأهل الإسلام الدليل على أن الصلوات خمس، وأن الزكاة مفروضة في الأموال، وأن الحج إلى بيت الله تعالى، وأن نبي هذه الأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لما كانت هذه الأمور معلومةً ضرورة لم تفتقر إلى بيان ولا كشف لمن قد أظهر اعتقاد دين الإسلام بل وكلناه إلى عمله، فلما رأينا علمائهم المبرزين كالشريف المرتضى الموسوي ومن تقدمه، وتأخر عنه من أهل الكلام بالغوا في تبيين معنى الآية والخبر بل الأخبار، علمنا أنهم من اعتقاد الضرورة على شفا جرف هارٍ ؛ لأن من تحمل المشقة في إظهار الظاهر كان عابثاً، وكيف يكشف المكشوف؟ أو يجتهد في صفة المشاهد المعروف؟ ولأنا قد اتفقنا نحن وإياهم ونحن الجم الغفير، والعدد المتعذر الإنحصار الكثير، فكيف لم يحصل العلم لكلنا أو بعضنا، ونحن وإياهم قد اتفقنا على أن الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

بلا فصلٍ علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، وأن من تقدم عليه فقد أخطأ وعصى، فلو كان ما ذكروا من النص يوصل إلى الضرورة لوصلنا لإتفاقنا نحن وإياهم على العلم بالدليل، وكيفية ترتيب الإستدلال، فلو حصل العلم لهم لحصل لنا ضرورة، وكما لا يصح أن يدعي بعض المشاهدين العلم بالمشاهدة دون صاحبه، كذلك هذا، وكما لا يحصل العلم لبعض السامعين بمخبر الأخبار المتواترة دون بعض، فكذلك هنا.
فإن قالوا: نحن كثرة لا يجوز على مثلنا التواطئ على الكذب، وقد حكينا عن نفوسنا حصول العلم الضروري بإمامة أمير المؤمنين من طريق النص الجلي.
قلنا: فارضوا من خصومكم بمثل هذا، فإن البكرية والنوابت، لا تنحصر أعدادهم، ولا توالى بلادهم، يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نصَّ على أبي بكر نصاً جلياً بلفظ الخلافة أو نصاً عُلم منه أنه الإمام بعده ضرورة، وهو تقديمه له في الصلاة ؛ ولأن الإحالة على النفوس لا (يختص) ببعض أهل المذاهب دون بعض.
ونحن نقول: نحن لا نعلم ونحن العدد الكثير الذي لا يجوز على مثلهم التواطئ على الكذب، فأي القولين يكون أولى بالتصديق على أن الإمامية قد روت الآثار الكثيرة على ان المحقّ منها هو العدد اليسير، وعلى أن عدة المنتظمين مع الإمام لا يتجاوزون [عدد] أهل بدر، وعلى أن الإمام إن لم يكن في تلك العدة لم يصح قولها.

فإن كان الحجة الخبر رجع إليه، وإن كان قول الإمام فما الطريق إليه؟ والأدلة، يجب أن تكون عامة لعموم التكليف، ولا يصح أن يدعيها البعض دون البعض، وإنما ينازع في معانيها المخالف ويصححها المؤالف، ولأن علياً عليه السلام كان ينبههم على الإستدلال، ويذكر لهم متون الأخبار كما يذكر آي الكتاب الكريم، وهو معلوم ضرورةً إذا أردنا الإحتجاج على مخالفينا ذكرنا متن الخبر لنتمكن من الكلام في معانيه، وقد ذكر حديث الشورى وبيَّن فيه سبعين فضيلة دلالة على أن الإمامة لا تجوز للمفضول مع وجود الفاضل، وكذلك ما كان يحقق من القرابة، وإن كان معلوماً، وكذلك ما روت الإمامية والزيدية من قوله: والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وهو يعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا لا ترقى إليَّ الطير ولا غثاء السيل.

فإنَّا نقول: وكذلك الأمر ؛ لأن أبا بكرٍ لم يكن ينكر شرف بيته ولا علو صوته، وأنه كما قال من الرئاسة بمحل القطب من الرحا، وأنه في علو شرفه بقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحيث لا يرقى إليه الطير ولا غثاء السيل ؛ ولكن ما في هذا مما يدل على أنه علم إمامته ضرورة ؛ لأنه لم يصرح بلفظ علمه بالإمامة، وإنما ذكر أنه علم أنه محلها ومستحقها، ومن يعتذر له يقول: إنه لا يشك في ذلك، وإنما تقدم وقبل البيعة مخافة الفتنة، وأن يتراخي فتثب عليها الأنصار فتخرج عن قريش، ولهذا استقال لما استقر الأمر، وقال: (من يأخذها بما فيها)، وكذلك قوله: (وليتكم ولست بخيركم)...إلى غير ذلك.
وأمَّا قولهم: أنهم باهتوا فمثل ذلك يقول لهم خصومهم أنكم باهتم في الدعوى علينا بأنا علمنا ضرورة، فأي الأمرين أولى بالتصديق على أن عددنا يقولون أكثر من عددكم فهذا كما ترى.