06‏/04‏/2013

تاريخ الثورات العلوية


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أين تاريخ الزيدية في عهود التاريخ الأموي والعباسي وما بعده؟ وهل هناك كُتب تاريخ مُعتبرة عن ذلك غير كُتب الزيدية؟ ولماذا يُخفى التاريخ الزيدي؟ هل هناك كتب تاريخ غير الزيدية عن آئمة الزيدية؟ ولكم تحية الإسلام ورحمة الله وصلوات ربي وسلامه على محمد وآل محمد
وعليكُم السّلام ورحمَة الله وبركاتُه
تأريخ الزيديّة في العَهدين الأموري والعبّاسي وما بعَده حاضرٌ بحضورٍ أصحابِه وأئمّته ، فأئمّة الزيديّة قد اشتُهروا بإحياء فريضَة الأمر بالمَعروف والّنهي عن المُنكر والخُروج على حُكام الجّور والظّلم ، وسجّلت المصنّفات التأريخيّة الزيديّة وغير الزيديّة مواقفَهم كتاريخ الطّبري ، وتاريخ الإسلام للذهبيّ ، والكامل في التأريخ لابن الأثير ، ومروج الذّهب للمسعوديّ ، ومصنّفات الشيعة الإمامية قد حوَت تأريخهم أيضاً عند ترجمة رجال الزيديّة ، ومن تأريخ الزيدية بلا حصر :
- ثورة الإمام الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت94هـ) على الوليد بن عَبدالملك الأمويّ .
- ثَورَة الإمَام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (75-122هـ) ، على هشام بن عبدالملك الأمويّ .
- ثورَة الإمَام يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن عَلي بن أبي طالب (ت126هـ) ، على الوليد بن يَزيد بن عَبدالملك الأمويّ .
- ثورَة الإمَام النّفس الزكيّة محمّد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت145هـ) ، على أبي جعفر المنصور العبّاسي ، وبايعَه الإمَام جَعفر بن محمّد الصّادق ، وكان يقول ((ما آسَى على شي إلاّ على عَدم خروجي مع ابنَي هِند)) [مقاتل الطالبيين] ، يقصد محمّد وإبراهيم .
- ثورَة الإمَام النّفس الرضيّة إبراهيم بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت145هـ) ، على أبي جَعفر المنصور العبّاسي .
- ثورَة الإمام الفخّي الحُسين بن عَلي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت169هـ) ، على موسى بن محمّج العبّاسي ، وبايعَه الإمام موسى بن جَعفر الكاظِم وجمَاعة من الفاطميين والعَلويين ووجوه العترة ذل ذلك الزّمان .
- ثورة الإمَام يحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب على هارون الرّشيد العباسي .
- ثورَة الإمام إدريس بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طَالب ، في المغرب على هارون الرّشيد العبّاسي.
- ثورَة الإمام محمّد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن عَلي بن أبي طالب (ت199هـ) ، في الكوفَة ، على العبّاسيين .
- ثورَة الإمام محمّد بن جَعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طَالب (ت203هـ) ، على العبّاسيين .
- ثورة الإمَام القاسم الرّسي بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بم الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت246هـ) على العباسيين .
- ثورة الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (245-298هـ)، في اليمن، وقد أسس دولَة زيديّة على منهاج آبائع وسلفه من العترَة الفاطميّة الحسنيّة والحسينيّة ، وذلك أن أهل اليمن من قبائل همدان وغيرهم أقبلوا عليه وهو في المدينة لتشيّعهم وحبّهم لأمير المؤمنين وأهل بيت النّبي صلّى الله عليه وآله ، فأتوا الإمام الهادي وهو في وادي الفرع في المدنية النبويّة وطلبوه أن يهذب معه إلى اليمن ليُصلح الله به البلاد والعباد حيث أنّ الجهل قد حلّ بهم ورغبتُهم في العَدل قويّة ، وفعلاً أجابهم وقامَ فيهم وأسّس مسجدَه المشهور في مدينَة صعدَة عام 284هـ ،وهو إلى اليوم باق عامر بذكر الله تعالى وبعلوم الكتاب السنّة والعترة المحمديّة ، وقال في همدان قصيدَة مشهورَة خلفَت في الهيبَة قصيدَة جدّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .
- ثورة الإمام الناصر الأطروش الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (235-301هـ) في بلاد الجيل والدّيلم وطبرستان (وهي بلاد إيران حالياً) .
وكلهم كان يدعو للكتاب والسنة .


بيعة الإمام جعفر الصادق لزيد بن علي :

كان من سبل دعوته أن يبعث الرسل لمن يريدهم في صفه ثم يذهب لمواجهتهم أو أنه كان يرسل رسله دون أن يلتقي بمن يحتاجهم لتأييده. فكان اثنان من دعاة زيد (ع) يُدخلان الناس عليه وعليهم براقع لا يعرفون موضع زيد، فيأتيان بهم من مكان لا يبصرون شيئُا حتى يدخلوا فيه فيبايعونه، فأقام بالكوفة ثلاثة عشر شهرًا، وكانت بيعته الني يبايع الناس عليها أنه يبدأ فيقول: " إنا ندعوكم أيها الناس إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وإلى جهاد الظالمين والدفع عن المستضعفين، وقسم الفيء بين أهله، وردّ المظالم، ونصرنا أهل البيت على من نصب لنا الحرب. أتبايعونا على هذا ؟" فإذا قالوا: نعم، وضع يد الرجل على يده فيقول: " عليك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله، لتفِينّ ببيعتي، ولتُقاتلنّ معي عدونا، ولتنصحنّ لنا في السرّ والعلانية ". فإذا قال: نعم، مسح على يده ثم قال: " اللهم اشهد ".
فكانت عناصر دعوته كالتالي:
1- " كتاب الله وسنة نبيه "؛ لذلك هبّ رجال العلم والفقهاء للنصرة وفي مقدمتهم أبو حنيفة النعمان الذي تبرّع بعشرة آلاف درهم لتساند زيدًا في ثورته.
2- " وجهاد الظالمين والدفع عن المستضعفين وإعطاء المحرومين "؛ وهذا ما دفع العديد من سكان الكوفة ممن أصابهم الضرر للبيعة لزيد (ع).
3- " وقسم الفيء بين أهله وردّ المظالم "؛ فالصراع كان قائمًا بين أهل الشام وأهل العراق لهذا السبب، مما حدا بأهل العراق أن يلتفوا حول زيد ليساعدهم في إبقاء أموالهم وعدم إرسالها إلى الشام.
4- " ونصرنا أهل البيت على من نصب لنا الحرب "؛ وهذا ما دعا الشيعة لمناصرته.
وبعد توضيح دوافع الثورة كان يسألهم السؤال التالي: " أتبايعونا على هذا؟ " فإذا قالوا: نعم، وضع يد الرجل على يده فيقول: " عليك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله، لتفِينَّ ببيعتي، ولتُقاتلنّ معي عدونا، ولتنصحنّ لنا في السرّ والعلانية ". فإذا قال: نعم، مسح على يده ثم قال: " اللهم اشهد ".
... وقيل لرفيق دربه في دراساته- الإمام جعفر الصادق (ع) عن الرافضة إنهم يبرؤون من عمك زيد، فقال: " برئ الله ممن برئ من عمي. كان والله أقرأنا لكتاب الله وأفقهنا في دين الله، وأوصلنا للرحم. والله ما ترك فينا لدنيا ولا لآخرة مثله " (1). ومن هنا يظهر مدى قوة العلاقة التي ربطت زيدًا بجعفر، بعكس ما ادّعاه البعض أن سبب عدم اتّباع جعفر زيدًا إنما كان الحسد لا سواه. وقد استفسرت الشيعة جعفرًا في مبايعتها لزيد، فقال: " نعم بايعوه، فهو والله أفضلنا وسيدنا وخيّرنا ".وقد أراد جعفر (ع) الخروج مع زيد (ع) لَمَّا خرج المرة الأخيرة من المدينة إلى الكوفة، وقال له: " أنا معك يا عم " . فقال له الإمام زيد: " أما علمت يا ابن أخي أن قائمنا لقاعدنا، وأن قاعدنا لقائمنا، فإذا خرجتُ أنا وأنت فمن يخلفنا في حرمنا؟ ". فتخلف جعفر بأمر عمه زيد، ودفع بولديه عبد اللّه ومحمد معه. وقال: "من قُتِل مع عمي زيد كمَنْ قتل مع الحسين، ومن قتل مع الحسين كمن قتل مع علي بن أبي طالب، ومن قتل مع علي كمن قتل مع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم " (2).
 ولقد دعم الإمام الصادق (عليه السلام) ثورة عمّه زيد حتى كان يقول: «رحم الله عمّي زيداً إنّه دعا إلى الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه، وقد استشارني في خروجه فقلتُ له يا عم إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك» [2]. بحار الأنوار 46: 74 ح27.

 وعن أبي عبدون قال: لمّا حمل زيد بن موسى بن جعفر إلى المأمون وقد كان خرج بالبصرة وأحرق دور ولد العباس، وهب المأمون جرمه لأخيه علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وقال له: يا أبا الحسن لئن خرج أخوك وفعل ما فعل لقد خرج قبله زيد بن علي فقُتل ولولا مكانك منّي لقتلته، فليس ما أتاه بصغير. فقال الرضا (عليه السلام): يا أمير المؤمنين لا تقس أخي زيداً إلى زيد بن علي (عليه السلام)، فإنه كان من علماء آل محمد، غضب لله عزّوجلّ فجاهد أعداءه حتى قُتل في سبيله، ولقد حدّثني أبي موسى بن جعفر (عليه السلام) أنّه سمع أباه جعفر بن محمد يقول: رحم الله عمّي زيداً إنّه دعا إلى الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه» بحار الأنوار 46: 174 ح27.
 Translated: Ja’afar appreciated and used to compliment his uncle Zaid as narrated by Umar Bin al Qassem: “I entered on Ja’afar al Sadik and he had some people of the Rafidah so I told him that those people disassociate themselves from your uncle Then Imam Ja’afar said: May Allah Disassociate himself from those who disassociate themselves from my uncle, By Allah he was the one who read the Quran more than any of us and had more fiqh than any of us and kept the family united, none of us were like him.
Translated: Al Tubuli and IbnAtheer narrated that a group of Shiites passed by Ja’afar al Sadiq before Zaid took off and they told him that Zaid bin Ali was looking for baya’ah(their allegiance to him) so should they give him the Baya’ah Then Al Sadiq told them: Yes give him the Baya’ah for he is our Sayyed and the best from amongst us. Then when they came they concealed this order from him
 'Uyun al-akhbar, p. 252. >>  Zayd was a pious, knowledgeable, and truthful person. He had the necessary qualifications for becoming a leader of the movement. Imam Sadiq's own evaluation of his uncle's character provides the main evidence for his endorsement of his revolution. He says: "My uncle Zayd was beneficial to us in this and the next world. Indeed, he attained martyrdom in God's way. He is like those who were killed and attained martyrdom fighting with the Prophet, 'Ali b. Abi Talib, Hasan and Husyan.

 Zayd's goal in his revolt was sound. He was not claiming to be an Imam. His main aim was to overthrow the unjust government and to restore the authority to the rightful Imam among the ahl al-bayt. If he had succeeded he would have kept his promise. Again, Imam Sadiq used to say: "May God have mercy on my uncle Zayd! Had he succeeded in his mission he would have fulfilled his promise. He used to call people to acknowledge a person among the ahl al-bayt who was acceptable to and endorsed by them >> Bihar al-anwar, Vol. 46, p. 199.

صلح الحسن بن علي عليه السلام مع معاوية لا أشبع الله بطنه

تحريم تعظيم الكافر والفاسق لمصلحة خاصة

فرع: فأما تعظيمه لمصلحة خاصة بالمعظم من تحصيل منفعة دنيوية، أو دفع مضرة في نفس أو مال، فالأقرب أن الشرع لم يبحه لذلك إذ عتاب الله تعالى للمؤمنين في قوله تعالى:( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ) [الممتحنة:1]، وسبب نزولها وعموم لفظ أولها لكل عدو لله يقتضي تحريم ذلك، إذ نزلت معاتبة على مداهنتهم رجاء منفعتهم، ولفظها عام لكل موادة، فلا يقصر على سببها، وقد نبهنا الله سبحانه على ذلك في قوله تعالى:?قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ?[التوبة:24]. إلى قوله تعالى:?وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ?[التوبة:24]،

فنبه سبحانه على أن خوف المضرة من منابذة الظالمين في النفس أو المال، ومفارقة الأحباب ليس وجهاً مرخصاً في ترك جهادهم حيث وجب، وإذا لم يكن كذلك لم يكن رجاء نفعهم وخوف مضرتهم سبب ترخيص في جواز تعظيمهم، سيما وقد قرب من التصريح بذم من فعل ذلك، حيث قال تعالى:?إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا?[النساء:97]، وكفى بظاهر قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((القوا الفساق بوجوه مكفهرة)) ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((من مشى إلى ظالم وهو يعلم أنه ظالم، فقد برئ من الإسلام))، فلا يخرج من هذا العموم إلا ما خصته دلالة واضحة شرعية، ولم يخصص هذا الوجه بالجواز دلالة، ولا يمكن قياس المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، مع أن الآيات التي قدمنا في حكم المصرحة في الفرق بين المصلحتين،

[ والخبر روي عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إن أناساً من أمتي يقرأون القرآن، ويتفقهون في الدين، يأتيهم الشيطان فيقول: لو أتيتم الملوك فأصبتم من دنياهم واعتزلتموهم في دينكم))] والخبر الذي رواه [الفقيه العالم علي بن محمد القرشي الصنعاني] في الشمس في ذم العلماء المواصلين للأمراء حيث قال: (فأصبتم من دنياهم، واعتزلتموهم في دينكم) مصرح بتحريم ذلك بلا إشكال، فأما ما اشتهر من مواصلة الحسن بن علي عليه السلام لمعاوية وزين العابدين رضي الله عنه لعبد الملك بن مروان، فمن بحث السير والآثار، علم يقيناً أنهم لم يصلوا إليهم وصول تعظيم، في مجرد قصد زيارة أو تهنئة أو وداع، وإنما وصلوا في الروايات المذكورة إما مطلوبين إلى حضرتهم، أو لطلب حاجة عامة، فإذا عرض خطاب، أو فعل ظهر منهم الاستخفاف الكلي بهم بالقول، أو بالفعل، ومنه القصة المشهورة للحسن بن علي مع معاوية وأخيه عتبة، وعمرو بن العاص، وما سجل عليهم في ذلك المجلس كل واحد وحده، ومنه ما روى أنه دخل على معاوية في بعض الحوائج، فانقطع معاوية في مشورة بعض أصحابه في جانب المجلس ساعة، فكتب الحسن بن علي في دواة معاوية هذين البيتين:

لنا الفضل يا هذا عَلَيك ببذلنا .... إليك وجوها لم تَشِنْهَا المطالبُ

وإِنَّ الذي يعطيك من حر وجهه .... لأفضلُ مما أنت معطٍ وواهبُ

وكفى بما حكاه ابن عبد ربه في عقده والمسعودي في مروجه: أن معاوية بعد عقد الصلح قال للحسن عليه السلام: قم فاعلم الناس أنك قد سلمت إلي هذا الأمر، فقام وخطب وشكا من أهل العراق، وكان مما قاله: إنما الخليفة من عمل بكتاب الله وسنة نبيه، وأما صاحبكم هذا فإنما هو رجل ملك ملكاً يتمتع به قليلاً، ويعذب بسببه طويلاً:?وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ? [الأنبياء:111]، أو كما قال، وكذلك قل ما نقل من مواصلة العلماء الراشدين لبعض الظلمة، فإنما كان لطلب حاجة أو إجابة طالب، لا لمجرد تعظيم بتسليم، أو تهنئة، أو وداع، نعم ربما نقل عمن مال قلبه إلى الدنيا، واتبع هواه من العلماء مواصلتهم تعظيماً، فقال فيه زين العابدين: (أكل من حلواهم فمال في هواهم)، فلا يحتج بفعل مثلهم إلا ضال عن الطريق.

المصدر :

الكتاب : تكملة الأحكام والتصفية من بواطن الآثام
المؤلف : الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى
http://www.azzaidiah.com/kotob_mojamaah/feqh/takmelat_alahkaam.html

عن سليم بن قيس قال: قام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام على المنبر حين اجتمع مع معاوية، فحمد الله واثنى عليه ثم قال: ايها الناس ان معاوية زعم: اني رأيته للخلافة اهلا ولم ار نفسي لها اهلا وكذب معاوية، انا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان نبي الله، فاقسم بالله لو ان الناس بايعوني واطاعوني ونصروني، لاعطتهم السماء قطرها، والارض بركتها، ولما طمعتم فيها يا معاوية، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (ما ولت امة أمرها رجلا قط وفيهم من هو اعلم منه الا لم يزل امرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ملة عبدة العجل). وقد ترك بنو اسرائيل هارون واعتكفوا على العجل وهم يعلمون ان هارون خليفة موسى، وقد تركت الامة عليا عليه السلام وقد سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي: (انت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة فلا نبي بعدي) وقد هرب رسول الله صلى الله عليه وآله من قومه وهو يدعوهم إلى الله حتى فر إلى الغار، ولو وجد عليهم اعوانا ما هرب منهم، ولو وجدت انا اعوانا ما بايعتك يا معاوية. وقد جعل الله هارون في سعة حين استضعفوه وكادوا يقتلونه، ولم يجد عليهم اعوانا، وقد جعل الله النبي في سعة حين فر من قومه لما لم يجد اعوانا عليهم كذلك انا وابي في سعة من الله حين تركنا الامة وبايعت غيرنا ولم نجد اعوانا، وانما هي السنن والامثال يتبع بعضها بعضا.

 وعن أبي سعيد عقيصي  قال: لما صالح الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان دخل عليه الناس فلامه بعضهم على بيعته فقال عليه السلام: ويحكم ما تدرون ما عملت، والله الذي عملت لشيعتي خير مما طلعت عليه الشمس أو غربت، ألا تعلمون اني امامكم، ومفترض الطاعة عليكم، واحد سيدي شباب أهل الجنة بنص من رسول الله علي ؟
 

لما طعن الحسن بن علي عليه السلام بالمدائن اتيته وهو متوجع، فقلت: ما ترى يا بن رسول الله فان الناس متحيرون ؟ فقال: ارى والله ان معاوية خير لي من هؤلاء، يزعمون انهم لي شيعة، ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي، وأخذوا مالي، والله لئن آخذ من معاوية عهدا احقن به دمي، واومن به في اهلي، خير من ان يقتلوني فتضيع اهل بيتي واهلي، والله لو قاتلت معاوية لاخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما، والله لئن اسالمه وانا عزيز خير من ان يقتلني وانا اسير، أو يمن علي فيكون سنة على بني هاشم آخر الدهر ولمعاوية لا يزال يمن بها وعقبه علي الحي منا والميت. (قال): قلت: تترك يابن رسول الله شيعتك كالغنم ليس لها راع ؟

المصدر : الإحتجاج للطبرسي ج 2

http://yasoob.com/books/htm1/m013/11/no1192.html

ومن شروط الصلح :-

ومن كلامه ع ما كتبه في كتاب الصلح الذي استقر بينه وبين معاوية حيث رأى حقن الدماء وإطفاء الفتنة

" وهو بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان صالحه على أن يسلم إليه ولاية أمر المسلمين على أن يعمل فيهم بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهدا بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين وعلى أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم وعلى أن أصحاب على وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم وعلى معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد الله وميثاقه وما أخذ الله على أحد من خلقه بالوفاء بما أعطى الله من نفسه وعلى أن لا يبغي للحسن ابن علي ولا لأخيه الحسين ولا لأحد من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غايلة سرا ولا جهرا ولا يخيف أحدا منهم في أفق من الآفاق شهد عليه بذلك وكفى بالله شهيدا فلان وفلان والسلام"
لاحظوا أن معاوية لم يلتزم بالشروط , فهو خائن الأمانة للأسف

ولما تم الصلح وانبرم الأمر التمس معاوية من الحسن ع أن يتكلم بمجمع من الناس ويعلمهم إنه قد بايع معاوية وسلم الأمر إليه فأجابه إلى ذلك فخطب وقد حشد الناس خطبة حمد الله تعالى وصلى على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فيها وهي من كلامه المنقول عنه ع :

"وقال أيها الناس ان أكيس الكيس التقى وأحمق الحمق الفجور وأنكم لو طلبتم ما بين جابلق وجابرس رجلا جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما وجدتموه غيري وغير أخي الحسين وقد علمتم إن الله هداكم بجدي محمد فأنقذكم به من الضلالة ورفعكم به من الجهالة وأعزكم به بعد الذلة وكثركم به بعد القلة أن معاوية نازعني حقا هو لي دونه فنظرت لصلاح الأمة وقطع الفتنة وقد كنتم بايعتموني على أن تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت فرأيت أن أسالم معاوية واضع الحرب بيني وبينه وقد بايعته ورأيت حقن الدماء خير من سفكها ولم أرد بذلك إلا صلاحكم وبقاءكم وان أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين وعنه عليه السلام انه قال لا أدب لمن لا عقل له ولا مروة لمن لا همة له ولا حياء لمن لا دين له ورأس العقل معاشرة الناس بالجميل وبالعقل تدرك الداران جميعا ومن حرم من العقل حرمهما جميعا"

فيتبين لنا أن الحسن كان مستضعفا وكان في قلة من المال والأنصار ... وهذا رد على الأمويين وعلى النواصب الخوارج