06‏/04‏/2013

صلح الحسن بن علي عليه السلام مع معاوية لا أشبع الله بطنه

تحريم تعظيم الكافر والفاسق لمصلحة خاصة

فرع: فأما تعظيمه لمصلحة خاصة بالمعظم من تحصيل منفعة دنيوية، أو دفع مضرة في نفس أو مال، فالأقرب أن الشرع لم يبحه لذلك إذ عتاب الله تعالى للمؤمنين في قوله تعالى:( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ) [الممتحنة:1]، وسبب نزولها وعموم لفظ أولها لكل عدو لله يقتضي تحريم ذلك، إذ نزلت معاتبة على مداهنتهم رجاء منفعتهم، ولفظها عام لكل موادة، فلا يقصر على سببها، وقد نبهنا الله سبحانه على ذلك في قوله تعالى:?قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ?[التوبة:24]. إلى قوله تعالى:?وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ?[التوبة:24]،

فنبه سبحانه على أن خوف المضرة من منابذة الظالمين في النفس أو المال، ومفارقة الأحباب ليس وجهاً مرخصاً في ترك جهادهم حيث وجب، وإذا لم يكن كذلك لم يكن رجاء نفعهم وخوف مضرتهم سبب ترخيص في جواز تعظيمهم، سيما وقد قرب من التصريح بذم من فعل ذلك، حيث قال تعالى:?إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا?[النساء:97]، وكفى بظاهر قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((القوا الفساق بوجوه مكفهرة)) ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((من مشى إلى ظالم وهو يعلم أنه ظالم، فقد برئ من الإسلام))، فلا يخرج من هذا العموم إلا ما خصته دلالة واضحة شرعية، ولم يخصص هذا الوجه بالجواز دلالة، ولا يمكن قياس المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، مع أن الآيات التي قدمنا في حكم المصرحة في الفرق بين المصلحتين،

[ والخبر روي عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إن أناساً من أمتي يقرأون القرآن، ويتفقهون في الدين، يأتيهم الشيطان فيقول: لو أتيتم الملوك فأصبتم من دنياهم واعتزلتموهم في دينكم))] والخبر الذي رواه [الفقيه العالم علي بن محمد القرشي الصنعاني] في الشمس في ذم العلماء المواصلين للأمراء حيث قال: (فأصبتم من دنياهم، واعتزلتموهم في دينكم) مصرح بتحريم ذلك بلا إشكال، فأما ما اشتهر من مواصلة الحسن بن علي عليه السلام لمعاوية وزين العابدين رضي الله عنه لعبد الملك بن مروان، فمن بحث السير والآثار، علم يقيناً أنهم لم يصلوا إليهم وصول تعظيم، في مجرد قصد زيارة أو تهنئة أو وداع، وإنما وصلوا في الروايات المذكورة إما مطلوبين إلى حضرتهم، أو لطلب حاجة عامة، فإذا عرض خطاب، أو فعل ظهر منهم الاستخفاف الكلي بهم بالقول، أو بالفعل، ومنه القصة المشهورة للحسن بن علي مع معاوية وأخيه عتبة، وعمرو بن العاص، وما سجل عليهم في ذلك المجلس كل واحد وحده، ومنه ما روى أنه دخل على معاوية في بعض الحوائج، فانقطع معاوية في مشورة بعض أصحابه في جانب المجلس ساعة، فكتب الحسن بن علي في دواة معاوية هذين البيتين:

لنا الفضل يا هذا عَلَيك ببذلنا .... إليك وجوها لم تَشِنْهَا المطالبُ

وإِنَّ الذي يعطيك من حر وجهه .... لأفضلُ مما أنت معطٍ وواهبُ

وكفى بما حكاه ابن عبد ربه في عقده والمسعودي في مروجه: أن معاوية بعد عقد الصلح قال للحسن عليه السلام: قم فاعلم الناس أنك قد سلمت إلي هذا الأمر، فقام وخطب وشكا من أهل العراق، وكان مما قاله: إنما الخليفة من عمل بكتاب الله وسنة نبيه، وأما صاحبكم هذا فإنما هو رجل ملك ملكاً يتمتع به قليلاً، ويعذب بسببه طويلاً:?وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ? [الأنبياء:111]، أو كما قال، وكذلك قل ما نقل من مواصلة العلماء الراشدين لبعض الظلمة، فإنما كان لطلب حاجة أو إجابة طالب، لا لمجرد تعظيم بتسليم، أو تهنئة، أو وداع، نعم ربما نقل عمن مال قلبه إلى الدنيا، واتبع هواه من العلماء مواصلتهم تعظيماً، فقال فيه زين العابدين: (أكل من حلواهم فمال في هواهم)، فلا يحتج بفعل مثلهم إلا ضال عن الطريق.

المصدر :

الكتاب : تكملة الأحكام والتصفية من بواطن الآثام
المؤلف : الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى
http://www.azzaidiah.com/kotob_mojamaah/feqh/takmelat_alahkaam.html

عن سليم بن قيس قال: قام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام على المنبر حين اجتمع مع معاوية، فحمد الله واثنى عليه ثم قال: ايها الناس ان معاوية زعم: اني رأيته للخلافة اهلا ولم ار نفسي لها اهلا وكذب معاوية، انا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان نبي الله، فاقسم بالله لو ان الناس بايعوني واطاعوني ونصروني، لاعطتهم السماء قطرها، والارض بركتها، ولما طمعتم فيها يا معاوية، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (ما ولت امة أمرها رجلا قط وفيهم من هو اعلم منه الا لم يزل امرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ملة عبدة العجل). وقد ترك بنو اسرائيل هارون واعتكفوا على العجل وهم يعلمون ان هارون خليفة موسى، وقد تركت الامة عليا عليه السلام وقد سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي: (انت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة فلا نبي بعدي) وقد هرب رسول الله صلى الله عليه وآله من قومه وهو يدعوهم إلى الله حتى فر إلى الغار، ولو وجد عليهم اعوانا ما هرب منهم، ولو وجدت انا اعوانا ما بايعتك يا معاوية. وقد جعل الله هارون في سعة حين استضعفوه وكادوا يقتلونه، ولم يجد عليهم اعوانا، وقد جعل الله النبي في سعة حين فر من قومه لما لم يجد اعوانا عليهم كذلك انا وابي في سعة من الله حين تركنا الامة وبايعت غيرنا ولم نجد اعوانا، وانما هي السنن والامثال يتبع بعضها بعضا.

 وعن أبي سعيد عقيصي  قال: لما صالح الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان دخل عليه الناس فلامه بعضهم على بيعته فقال عليه السلام: ويحكم ما تدرون ما عملت، والله الذي عملت لشيعتي خير مما طلعت عليه الشمس أو غربت، ألا تعلمون اني امامكم، ومفترض الطاعة عليكم، واحد سيدي شباب أهل الجنة بنص من رسول الله علي ؟
 

لما طعن الحسن بن علي عليه السلام بالمدائن اتيته وهو متوجع، فقلت: ما ترى يا بن رسول الله فان الناس متحيرون ؟ فقال: ارى والله ان معاوية خير لي من هؤلاء، يزعمون انهم لي شيعة، ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي، وأخذوا مالي، والله لئن آخذ من معاوية عهدا احقن به دمي، واومن به في اهلي، خير من ان يقتلوني فتضيع اهل بيتي واهلي، والله لو قاتلت معاوية لاخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما، والله لئن اسالمه وانا عزيز خير من ان يقتلني وانا اسير، أو يمن علي فيكون سنة على بني هاشم آخر الدهر ولمعاوية لا يزال يمن بها وعقبه علي الحي منا والميت. (قال): قلت: تترك يابن رسول الله شيعتك كالغنم ليس لها راع ؟

المصدر : الإحتجاج للطبرسي ج 2

http://yasoob.com/books/htm1/m013/11/no1192.html

ومن شروط الصلح :-

ومن كلامه ع ما كتبه في كتاب الصلح الذي استقر بينه وبين معاوية حيث رأى حقن الدماء وإطفاء الفتنة

" وهو بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان صالحه على أن يسلم إليه ولاية أمر المسلمين على أن يعمل فيهم بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهدا بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين وعلى أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم وعلى أن أصحاب على وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم وعلى معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد الله وميثاقه وما أخذ الله على أحد من خلقه بالوفاء بما أعطى الله من نفسه وعلى أن لا يبغي للحسن ابن علي ولا لأخيه الحسين ولا لأحد من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غايلة سرا ولا جهرا ولا يخيف أحدا منهم في أفق من الآفاق شهد عليه بذلك وكفى بالله شهيدا فلان وفلان والسلام"
لاحظوا أن معاوية لم يلتزم بالشروط , فهو خائن الأمانة للأسف

ولما تم الصلح وانبرم الأمر التمس معاوية من الحسن ع أن يتكلم بمجمع من الناس ويعلمهم إنه قد بايع معاوية وسلم الأمر إليه فأجابه إلى ذلك فخطب وقد حشد الناس خطبة حمد الله تعالى وصلى على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فيها وهي من كلامه المنقول عنه ع :

"وقال أيها الناس ان أكيس الكيس التقى وأحمق الحمق الفجور وأنكم لو طلبتم ما بين جابلق وجابرس رجلا جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما وجدتموه غيري وغير أخي الحسين وقد علمتم إن الله هداكم بجدي محمد فأنقذكم به من الضلالة ورفعكم به من الجهالة وأعزكم به بعد الذلة وكثركم به بعد القلة أن معاوية نازعني حقا هو لي دونه فنظرت لصلاح الأمة وقطع الفتنة وقد كنتم بايعتموني على أن تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت فرأيت أن أسالم معاوية واضع الحرب بيني وبينه وقد بايعته ورأيت حقن الدماء خير من سفكها ولم أرد بذلك إلا صلاحكم وبقاءكم وان أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين وعنه عليه السلام انه قال لا أدب لمن لا عقل له ولا مروة لمن لا همة له ولا حياء لمن لا دين له ورأس العقل معاشرة الناس بالجميل وبالعقل تدرك الداران جميعا ومن حرم من العقل حرمهما جميعا"

فيتبين لنا أن الحسن كان مستضعفا وكان في قلة من المال والأنصار ... وهذا رد على الأمويين وعلى النواصب الخوارج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق