11‏/04‏/2011

موالاة الخليفتين لتثبيت أحاديث الثقلين


أحاديث الثقلين

سمّاهما رسول الله صلى الله وعليه وعلى آله وسلم ثقلين لعظم خطرهما وجلالة قدرهما



 أحاديث الثقلين جائت بطرق كثيرة وبأساليب متعددة, ولا يمكن أن نفهم الأحاديث إلا من خلال تجميعها وفهم سياقها , ولا ينبغي الإعتماد على رواية واحدة , وعلى سبيل المثال جاء في سنن الترمذي في باب مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه - وعلى آله - وسلم عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما قالا


قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما

وهناك حديث آخر مشابه عن مالك بن أنس مرسلا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 

تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله وسنة رسوله



فاشتعل الصراع بين السنة والشيعة حول صحة حديثي كتاب الله وعترتي وكتاب الله وسنتي , لكن الأمر ليس كذلك , لا يوجد أي تعارض بين الروايتين إطلاقاً 

جاء في مسند الإمام زيد بن علي في باب حديث الثقلين : (( حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام قال: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه والبيت غاص بمن فيه قال: (( ادعوا لي الحسن والحسين فدعوتهما فجعل يلثمهما حتى أغمي عليه، قال: فجعل علي عليه السلام يرفعهما عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ففتح عينيه فقال: دعهما يتمتعان مني وأتمتع منهما فإنه سيصيبهما بعدي أثرةٌ، ثم قال: يا أيها الناس إني خلفت فيكم كتاب الله وسنتي وعترتي أهل بيتي فالمضيع لكتاب الله كالمضيع لسنتي، والمضيع لسنتي كالمضيع لعترتي، أما إن ذلك لن يفترقا حتى ألقاه على الحوض )). (1)
رووا عن أبي جعفر عن رسول الله أنه قال « فإذا أتاكم الحديث عني فأعرضوه على كتاب الله وسنتي، فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به، وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به» (الاحتجاج2/246 للطبرسي بحار الأنوار2/225 الصراط المستقيم للبياضي3/156 ).

وجاء في الكافي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « إني مسئول عن تبليغ هذه الرسالة وأما أنتم فتسألون عما حملتم من كتاب الله وسنتي» (الكافي2/606 التفسير الصافي1/17 و3/443).

وقد تكلمت كتب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية عن ضرورة التمسك بالسنة، وجاء في كتاب الكافي للكليني أن من رد شيئاً من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد كفر (الكافي الأصول 59:1 باب الرد إلى كتاب الله والسنة. و 70:1 باب فضل العلم).

وقد ذكر الحلي بأن الشيعي والسني لا يختلفان في أن السنة هي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن (المختصر النافع ص17).

وقد رووا عن علي أنه قال » علينا العمل بكتاب الله وسيرة رسوله ، والنعش لسنته « (نهج البلاغة 82:2). 

بل رووا عن أبي عبد الله أنه قال «من خالف كتاب الله وسنة محمد فقد كفر» (وسائل الشيعة27/111 ح 33349 مستدرك الوسائل1/80).

وأسند الصدوق إلى عبد الله بن أوفى قوله «آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وترك عليا فقال له: آخيتَ بين أصحابك وتركتني؟ فقال: والذي نفسي بيده ما أبقيتك إلا لنفسي، أنت أخي ووصيي ووارثي. قال: وما أرث منك يا رسول الله؟ قال: ما أورث النبيون قبلي: كتاب ربهم وسنة نبيهم» (الأمالي للصدوق346 تفسير الميزان 8/117 للطباطبائي كتاب الأربعين للماحوزي ص236).

وجاء في كتاب الإحتجاج للطبرسي » فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنتي

قوله : " أحدهما " وهو كتاب الله " أعظم من الآخر " وهو العترة " كتاب الله " بالنصب وبالرفع " حبل ممدود " أي : هو حبل ممدود ومن السماء إلى الأرض يوصل العبد إلى ربه ويتوسل به إلى قربه " وعترتي " أي : والثاني عترتي " أهل بيتي " بيان لعترتي

والعترة في اللغة تعني غصن الشجرة .... لذلك جاء اللفظ عترتي أهل بيتي

المقصود بالحبل القرآن الكريم ... والدليل كما قال الله تعالى

 (
وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ( 



والاعتصام افتعال من العصمة ، وهو التمسك بما يعصمك ، ويمنعك من المحذور والمخوف ، فالعصمة : الحمية ، والاعتصام : الاحتماء ، ومنه سميت القلاع : العواصم ، لمنعها وحمايتها . 

ومدار السعادة الدنيوية والأخروية على الاعتصام بالله ، والاعتصام بحبله ، ولا نجاة إلا لمن تمسك بهاتين العصمتين . 

فأما الاعتصام بحبله فإنه يعصم من الضلالة ، والاعتصام به يعصم من الهلكة ، فإن السائر إلى الله كالسائر على طريق نحو مقصده ، فهو محتاج إلى هداية الطريق ، والسلامة فيها ، فلا يصل إلى مقصده إلا بعد حصول هذين الأمرين له ، فالدليل كفيل بعصمته من الضلالة ، وأن يهديه إلى الطريق ، والعدة والقوة والسلاح التي بها تحصل له السلامة من قطاع الطريق وآفاتها . 

فالاعتصام بحبل الله يوجب له الهداية واتباع الدليل ، والاعتصام بالله ، يوجب له القوة والعدة والسلاح ، والمادة التي يستلئم بها في طريقه ، ولهذا اختلفت عبارات السلف في الاعتصام بحبل الله ، بعد إشارتهم كلهم إلى هذا المعنى . 

فقال ابن عباس : تمسكوا بدين الله . 

وقال ابن مسعود : هو الجماعة ، وقال : عليكم بالجماعة ، فإنها حبل الله الذي أمر به ، وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة. 

وقال مجاهد و عطاء : بعهد الله ، وقال قتادة و السدي وكثير من أهل التفسير : هو القرآن . 

قال ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه - وعلى آله - وسلم إن هذا القرآن هو حبل الله ، وهو النور المبين ، والشفاء النافع ، وعصمة من تمسك به ، ونجاة من تبعه
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه – وعلى آله - وسلم في القرآن هو حبل الله المتين ، ولا تختلف به الألسن ، ولا يخلق على كثرة الرد ، ولا يشبع منه العلماء .

وقال مقاتل : بأمر الله وطاعته ، ولا تفرقوا كما تفرقت اليهود والنصارى .
وفي الموطأ من حديث مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يرضى لكم ثلاثا ، ويسخط لكم ثلاثا ، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ، ويسخط لكم قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال رواه مسلم في الصحيح . 

قال صاحب المنازل : الاعتصام بحبل الله هو المحافظة على طاعته ، مراقبا لأمره .
ويريد بمراقبة الأمر القيام بالطاعة لأجل أن الله أمر بها وأحبها ، لا لمجرد العادة ، أو لعلة باعثة سوى امتثال الأمر ، كما قال طلق بن حبيب في التقوى : هي العمل بطاعة الله على نور من الله ، ترجو ثواب الله ، وترك معصية الله على نور من الله ، تخاف عقاب الله .


قال الطيبي في قوله : " إني تارك فيكم إشارة " إلى أنهما بمنزلة التوأمين الخلفين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنه يوصي الأمة بحسن المخالقة معهما وإيثار حقهما على أنفسهم كما يوصي الأب المشفق الناس في حق أولاده ، ويعضده ما في حديث زيد بن أرقم عند مسلم : أذكركم الله في أهل بيتي كما يقول الأب المشفق : الله الله في حق أولادي " ولن يتفرقا " أي : كتاب الله وعترتي في مواقف القيامة " حتى يردا علي " بتشديد الياء " الحوض " أي : الكوثر يعني فيشكرانكم صنيعكم عندي " فانظروا كيف تخلفوني " بتشديد النون وتخفف أي : كيف تكونون بعدي خلفاء أي : عاملين متمسكين بهما


قال الطيبي : لعل السر في هذه التوصية واقتران العترة بالقرآن أن إيجاب محبتهم لائح من معنى قوله تعالى قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى فإنه تعالى جعل شكر إنعامه وإحسانه بالقرآن منوطا بمحبتهم على سبيل الحصر فكأنه -صلى الله عليه وسلم- يوصي الأمة بقيام الشكر ، وقيل : تلك النعمة به ويحذرهم عن الكفران فمن أقام بالوصية وشكر تلك الصنيعة بحسن الخلافة فيهما لن يفترقا فلا يفارقانه في مواطن القيامة ومشاهدها حتى يرد الحوض فشكرا صنيعه عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحينئذ هو بنفسه يكافئه ، والله تعالى يجازيه بالجزاء الأوفى



ومن أضاع الوصية وكفر النعمة فحكمه على العكس ، وعلى هذا التأويل حسن موقع قوله " فانظروا كيف تخلفوني فيهما " ، والنظر بمعنى التأمل والتفكر أي : تأملوا واستعملوا الروية في استخلافي إياكم هل تكونون خلف صدق ، أو خلف سوء . قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) وأخرجه مسلم من وجه آخر ولفظه : ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي الحديث .



نسب وصهر الرسول باقي إلى يوم القيامة


( أن عمر بن الخطاب خطب إلى علي ابنته (أم كلثوم) فاعتل بصغرها وقال : إني أعددتها لابن أخي جعفر ، فقال عمر : إني والله ما أردت بها الباءة ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة غير سببي ونسبي ) (2)


وفي السلسلة الصحيحة للألباني , عن المسور بن مخزمة : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( فاطمة شجنة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها وإن الأنساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي وسببي وصهري )


حدثنا أحمد بن منصور ثنا داود بن عمرو ثنا صالح بن موسى بن عبدالله قال: حدثني عبدالعزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اني قد خلفت فيكم اثنين كتاب الله ونسبي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض". (3)


أن كما الله تعهد بحفظ القرآن الكريم من التحريف إلى يوم القيامة كذلك تعهد بحفظ نسل الرسول صلى الله عليه وعلى آله إلى يوم القيامة....(ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض) وقال (كل سبب و نسب منقطع يوم القيامة ، إلا سببي ونسبي وصهري)


وصهر الرسول هو الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه , أي أبناء فاطمة الحسن والحسين عليهما السلام



 وكذلك الاهتمام بالقرآن الكريم المحفوظ من التحريف والنقص وهو الثقل الأكبر والأعظم كذلك يجب أن نهتم بعترة الرسول ونكرمهم وهو الثقل الأصغر


 فالرافضة الإمامية الإثنى عشرية لا يهتمون بالثقل الأكبر( المحرف كما في معتقدهم ) ولا بالثقل الأصغر .... واقتصروا أهل البيت في إثنى عشر إماماً معصوماً فقط من ذرية الحسين عليه السلام !!! , وأما الحسن عليه السلام وذريته , فهم مذلولين لأن الحسن عليه السلام كما عندهم مذل المؤمنين , وكما يقولون السبب أنه بايع معاوية فأراد الله أن يعاقبة ويجعل الإمامة في ذرية الحسين فقط


فأهل البيت ليسوا إثنى عشر إماماً من ذرية الحسين فقط وليسوا بمعصومين , قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله: ( إنما مثلي ومثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق .) وهذا يدل على أن ذرية الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليسوا بمعصومون وانهم معرضون للخطأ

وإذا لم يتبعوا التعاليم الإسلامية سيدخلون جهنم كما حصل مع إبن النبي نوح عليه الصلاة والسلام

الامام زيد ما كان يؤمن بنظرية العصمة والإثنى عشرية ، وكان يختلف مع أخيه الباقر في بعض المسائل .

أئمة أهل البيت كثير ومن أبرزهم : زيد بن علي ، والباقر ، وأبوه زين العابدين ، وعبد الله المحض ، والنّفس الزكية ، والحسين الفخّي ، والكاظم ، وإدريس بن عبدالله ، وأحمد بن عيسى ، والقاسم الرّسي ، وغيرهم من أئمّة أهل البيت عليهم السلام من أبناء الحسن وأبناء الحسين .

موقف الحسن بن المثنى رحمه الله رحمةً واسعة كما في سير أعلام النبلاء للذهبي


وقال يوما لرجل من الرافضة: والله إن قتلك لقربة إلى الله، عز وجل. فقال له الرجل: إنك تمزح. فقال: والله ما هذا مني بمزح ولكنه الجد. وقال له آخر منهم: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه ؟ فقال: بلى، ولو أراد الخلافة لخطب الناس فقال: أيها الناس، اعلموا أن هذا ولي أمركم وهو القائم عليكم من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا، والله لئن كان الله ورسوله اختار عليا لهذا الأمر ثم تركه علي لكان أول من ترك أمر الله ورسوله. وقال لهم أيضا: والله لئن ولينا من الأمر شيئا لنقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لا نقبل لكم توبة، ويلكم غررتمونا من أنفسنا، ويلكم لو كانت القرابة تنفع بلا عمل لنفعت أباه وأمه. فلو كان ما تقولون فينا حقا لكان آباؤنا إذ لم يعلمونا بذلك قد ظلمونا وكتموا عنا أفضل الأمور، والله إني لأخشى أن يضاعف للعاصي منا العذاب ضعفين، كما إني لأرجو للمحسن منا أن يكون له الأجر مرتين، ويلكم أحبونا إن أطعنا الله، وأبغضونا إن عصينا الله .

وروي : أن سأل رجل الحسن رضي الله عنه ذات يوم:

أتخاف من عذاب الله وعندك أسباب النجاة؟

ابن رسول الله وشفاعته لك ورحمة الله التي وسعت كل شيء ؟

فقال الحسن رضي الله عنه أما إني ابن رسول الله ( فالله تعالى يقول: (إذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) [المؤمنون: 101] 

وأما عن الشفاعة فالله سبحانه وتعالى يقول: (من ذا
الذي يشفع عنده إلا بإذنه)  البقرة: 255

وإما الرحمة التي وسعت كل شيء فالله يقول: (فسأكتبها للذين يتقون ) الأعراف: 156 فكيف الأمان بعد ذلك ؟!

 وإذا أخذنا بسريان مصطلح "أهل البيت" على سلالة الحسن والحسين "رض" ‏‏– وهي تسمية، من ناحية استحقاق فضل أو كفاءة، لا تقدّم ولا تؤخّر -  فهاهو ‏الإمام القاسم بن محمد (10) يورد عن الإمام زيد بن علي "رض" قوله: "إنما نحن ‏مثل الناس، منا المخطئ ومنا المصيب، فسائلونا ولا تقبلوا منا إلا ما وافق كتاب الله ‏وسنة نبيه "ص"".(11) وبالتالي فإن ما كرّسته "الوثيقة" من حاكمية "أهل ‏البيت" وأنهم مرجعية فهم القرآن الكريم والسنة المطهرة، أمر لا قيمة له، ذلك أن ‏‏"أهل البيت" في ما يذهبون إليه – شأنهم شأن غيرهم – معرضون للخطأ والزلل، ‏ومن ثم فإن القطعي في دلالته من القرآن الكريم، وقطعي الثبوت والدلالة من السنة ‏المطهرة، هو الحاكم على "أهل البيت" وغير "أهل البيت".‏
 وفي صحيح البخاري عن أبي بكر الصديق : والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي


وقال رضي الله عنه رضي الله عنه : ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته . 

جاء في مسند أحمد ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه قال : فزاد الناس بعد وال من والاه وعاد من عاداه) حينئذ قال عمر بن الخطاب لعلي رضي الله عنهم : ( هَنِيئًا لَكَ ، أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ )


عن علي بن ابي طالب كرم الله وجهه قال : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم حضر الشجرة بخم ثم خرج آخذا بيد علي رضي الله عنه قال : ألستم تشهدون أن الله – تبارك وتعالى – ربكم ؟ قالوا : بلى . قال صلى الله عليه وسلم : ألستم تشهدون أن الله – عز وجل – ورسوله أولى بكم من أنفسكم ، وأن الله – تعالى – ورسوله ( أولياؤكم ) ؟ فقالوا : بلى . قال : فمن كان الله ورسوله مولاه ، فإن هذا مولاه ، وقد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا : كتاب الله – تعالى – سببه بيده ، وسببه بأيديكم ، وأهل بيتي . ) (4)


عن علي بن ابي طالب كرم الله وجهه قال : ( نشد علي الناس في الرحبة من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم إلا قام فقام من قبل سعيد ستة ومن قبل زيد ستة فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي رضي الله عنه يوم غدير خم أليس الله أولى بالمؤمنين قالوا بلى قال اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه . ) (5)



وكذلك حديث الثقلين الأصح والمشهور عند أهل السنة في صحيح مسلم


 عن يزيد بن حيان (انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم . فلما جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت ، يا زيد ! خيرا كثيرا . رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم . وسمعت حديثه . وغزوت معه . وصليت خلفه . لقد لقيت ، يا زيد خيرا كثيرا . حدثنا ، يا زيد ! ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : يا ابن أخي ! والله ! لقد كبرت سني . وقدم عهدي . ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فما حدثتكم فاقبلوا . وما لا ، فلا تكلفونيه . ثم قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا . بماء يدعى خما . بين مكة والمدينة . فحمد الله وأثنى عليه . ووعظ وذكر . ثم قال " أما بعد . ألا أيها الناس ! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب . وأنا تارك فيكم ثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله . واستمسكوا به " فحث على كتاب الله ورغب فيه . ثم قال " وأهل بيتي . أذكركم الله في أهل بيتي . أذكركم الله في أهل بيتي . أذكركم الله في أهل بيتي " . فقال له حصين : ومن أهل بيته ؟ يا زيد ! أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال : نساؤه من أهل بيته . ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده . قال : وهم ؟ قال : هم آل علي ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عباس . قال : كل هؤلاء حرم الصدقة ؟ قال : نعم . وزاد في حديث جرير " كتاب الله فيه الهدى والنور . من استمسك به ، وأخذ به ، كان على الهدى . ومن أخطأه ، ضل " . وفي رواية : دخلنا عليه فقلنا له : قد رأيت خيرا . لقد صاحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصليت خلفه . وساق الحديث بنحو حديث أبي حيان . غير أنه قال " ألا وإني تارك فيكم ثقلين : أحدهما كتاب الله عز وجل . هو حبل الله . من اتبعه كان على الهدى . ومن تركه كان على ضلالة " . وفيه : فقلنا : من أهل بيته ؟ نساؤه ؟ قال : لا . وايم الله ! إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر . ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها . أهل بيته أصله ، وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده ")



فنستنتج من خلال الأحاديث 

1. أهل البيت عليهم السلام بشكل عام :


زوجات الرسول و كل بني هاشم وذريته المؤمنين الذين حرمت عليهم الصدقة

2. وبشكل خاص :


كل من حرمت عليه الصدقة من بني هاشم

3. وبشكل أخص أو تخصيصاً :


أهل الكساء عليهم السلام



وفي صحيح مسلم , حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير واللفظ لأبي بكر قالا : حدثنا محمد بن بشر ، عن زكريا ، عن مصعب بن شيبة ، عن صفية ابنة شيبة قالت : قالت عائشة – أم المؤمنين - : خرج النبي غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا "

ففي صحيح الترمذي عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: لما نزلت هذه الآية على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ( إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً ): في بيت أم سلمة؛ فدعا فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره فجلله بكساء ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهـم الرجس وطهـــرهم تطهيرا قالت أم سلمة: وأنا معهم يا نبي الله؟ قال: أنت على مكانك، وأنك على خير
إن الذي ينكر على أزواج النبي أنهن لسن من آل البيت فهو إما بجاهل أو حاقد أو غبي , لأن الآيات نزلت على النساء في القرآن , في سورة الأحزاب لأزواج النبي محمد و هود لأزواج النبي إبراهيم والقصص لأم موسى عليهم الصلاة وأفضل التسليم .

وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [الأحزاب : 33]


قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ [هود : 73]

( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ) [القصص 12] 



نحن العرب عندما نزور أقاربنا نقول لهم : السلام عليكم أهل البيت .... والنبي عليه الصلاة والسلام عندما دخل على عائشة أم المؤمنين قال لها : السلام عليكم أهل البيت كما قال لفاطمة - عليها السلام - 



عن أنس بن مالك رضي الله عنه في صحيح البخاري : بني على النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش بخبز ولحم ، فأرسلت على الطعام داعيا ، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون ، ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرجون ، فدعوت حتى ما أجد أحدا أدعوا ، فقلت : يا نبي الله ما أجد أحدا أدعوه ، قال : ( ارفعوا طعامكم ) وبقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق إلى حجرة عائشة ، فقال : ( السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله ) . فقالت : وعليك السلام ورحمة الله ، كيف وجدت أهلك ، بارك الله لك . فتقرى حجر نسائه كلهن ، يقول لهن كما يقول لعائشة ، ويقلن له كما قالت عائشة ، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا ثلاثة من رهط في البيت يتحدثون ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحياء ، فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة ، فما أدري : آخبرته أو أخبر أن القوم خرجوا ، فرجع ، حتى إذا وضع رجله في أسفكة الباب داخلة وأخرى خارجة ، أرخى الستر بيني وبينه ، وأنزلت آية الحجاب .

الكلام على الأدلّة القاضيَة بوجوب اتّباع أهل البيت (ع) :

* والآن ، وقد جَدّ الجدّ ، حانَ وقت إظهارُ حجّة أهل البيت (ع) في أحقيّة كونهم متبوعين ، وأنّ قولَهُم حجّةٌ لازمَة ، وأنّ الله والرّسول (ص) لم يحثّوا على اتّباع كتاب وسنّة ليسَ عليها أهل البيت (ع) ، فمنهَا :

* ما تواترَ معناهُ من حديث الثّقلين ، وهُو قول الرّسول (ص) : ((إنّي تاركٌ فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردَا عليه الحوض)) .

تعليق: وهُو لمّا ظهرَ لطائفَةٍ من الفرقَة السنيّة تواتر معناه ، قالوا لأجلِه بحجيّة إجماع أهل البيت هؤلاء ، وإن لم يُصرّحوا بإطلاق التواتر في حقّه ، إلاّ أنّ تقريرَهُم لحجيّة إجماعهِم لن ينطلق من حديث آحادٍ ظنّي ، فمن رّد هذا رَدّ قولَ طائفةٍ من أصحابِه ، أيضاً قال ابن حجر الهيثمي عن هذا الخبر : ((ثمّ اعلَم أنّ لِحَديث التمسّك بذلك طُرقاً كَثيرة، وردَت عن نيّفٍ وعِشرين صَحابيّاً ، ومر لَه طُرقٌ مَبسوطة)) [الصواعق المحرقة:2/440] ، وصحّح هذا الحديث من العلماء الذّهبي و محمد بن إسحاق ، والألباني ، وحسّنه الترمذي ، ووثق صاحب مجمع الزوائد عدداً من أسانيده .

قالوا: مهلاً ، فإنّا لا نُسلِّم لكم بصحّة حديث الثّقلين بلفظ (كتاب الله وعترتي) ، وإنّما الصحيحُ منهُ ما رواه مسلم في صحيحه من حديث زيد بن أرقم ، فروى مسلم بإسناده ، قال : (حدّثني أبو حيّان ، حدّثني يزيد بن حيّان ، قال : انطَلَقتُ أن وحُصين بن سَبرَة ، وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم ، فلمّا جَلسنا إليه ، قال له حُصين: لقد لَقيتَ يا زيدُ خيراً كثيراً ، رأيتَ رسول الله (ص) ، وسَمعت حديثَه ، وغزوتَ معه ، وصلّيتَ خلفَه ، لقد لَقيتَ يا زيد خيراً كثيراً ، حدِّثنا يا زيد ما سَمِعتَ من رسول الله (ص)؟! ، قال: يا بن أخي والله لقَد كَبرَت سنّي ، وقَدُمَ عهدي ، ونسيتُ بعض الذي كُنتُ أعِي من رسول الله (ص) ، فما حدّثتُكم به فاقبَلوا ، وما لا فلا تكلّفونيه ، ثمّ قال ، قام رسول الله يوماً فينا خطيباً بماءٍ يُدعَى خُمّاً بين مكة والمدينة ، فحمدَ الله وأثنَى عليه ، ووعظَ وذكّر ، ثمّ قال: أمّا بعَدُ ألا أيّها النّاس ، فإنّما أن بشرٌ يُوشِكُ أن يأتيَ رسول ربّي فأُجيبَ ، وأنا تاركٌ فيكُم ثَقَلَينِ ، أوّلُهُما كتاب الله فيه الهُدَى والنّور ، فخذُوا بِكتابِ الله ، واستمسِكوا به ، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ، ثمّ قال: وأهلُ بيتي أُذكّرُكُم الله في أهل بيتي ، أُذكِّركُم الله في أهل بيتي ، أُذكّركُم الله في أهل بيتِي)) ، فهذا من الرّسول (ص) ينصرفُ إلى التوصيَة بهم خيراً دون الاتباع ، وهو أصحّ ممّا يُروى من وجه (كتاب الله وعترتي) ، فسقطَ بهذا ما اعتمدتُم عليه من وجوب الاّتباع لأهل البيت رضوان الله عليهم وكونهم ثَقَل مُلازمٌ للقرآن .

قُلنَا : قد سَئمنا ، وعندي أنّ حالكم من السأم كحالِنا ، سئمنَا مُناقشَة إثبات وصحّة أسانيد (كتاب الله وعترتي) ، نحنُ نزيدُ في الاحتجاج ، وأنتم تزيدون ، ذاكَ الرّواي واهٍ ، وهذا ضعيف ، بل ثقَة ، هو إسنادٌ حسَن ، بل ضعيف ، يُحتجّ به ، بل غير صحيح ، هذه احتجاجاتٌ سئناهاَ منكم ، ولا شكّ سئمتموهَا منّا ، إلاّ أنّ تلخيصَها بقول ابن حجر الهيثمي مهمّ هُنا عندما تكلّم عن خبر التمسّك بالكتاب والعترَة فقال : ((ثمّ اعلَم أنّ لِحَديث التمسّك بذلك طُرقاً كَثيرة، وردَت عن نيّفٍ وعِشرين صَحابيّاً ، ومر لَه طُرقٌ مَبسوطة)) [الصواعق المحرقة:2/440] ، ومن الذين صحّحوه محمد بن إسحاق ، والذّهبي ، والألباني من المتأخرين ، وحسّنه الترمذي ، ووُثِّقَت بعض أسانيده في مجمع الزوائد ، هذه إشارَة سريعَة ، ونأتي على ما أوردَه المُخالف نقضاً للباطل ، وإثباتاً للحقّ مُستعين بالله الواحد ، فنقول :

اعلَم أخي رحمنا الله وإيّاك أنّ تناولَ حديث الثّقلين ، قد جاء في صورَتين من الرّواية ، فروايةٌ جاء فيها عن رسول الله (ص) ، أنّه قال : ((إنّي تاركٌ فيكُم الثَّقلَين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنّهما لن يفترقَا حتّى يردَا عليّ الحوض)) ، وصورةٌ ثانيَة أنّ رسول الله (ص) ، قال : ((وأنا تاركٌ فيكُم ثَقَلَينِ ، أوّلُهُما كتاب الله فيه الهُدَى والنّور ، فخذُوا بِكتابِ الله ، واستمسِكوا به ، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ، ثمّ قال: وأهلُ بيتي أُذكّرُكُم الله في أهل بيتي ، أُذكِّركُم الله في أهل بيتي ، أُذكّركُم الله في أهل بيتِي)) ، فقالوا عن الأخير أنّه لا يدلّ إلاّ على التوصيَة بهم خيراً دون الاتّباع ، وقيلَ عن الأوّل بأنّه يوجبُ الاتّباع ، فأنكرَ كثيرٌ من مُتأخّري الفرقَة السنيّة وجه صورة الحديث الأولَى ، وقالوا الثّابت ما رواه مسلم في صحيحه من الصّورة الثانية ، وهُنا سنتناولُ الموضوع بقراءةٍ فاحصَة ماتعَةٍ بإذن الله تعالى ، ونُسردُها من عدّة نقاط :

النقطَة الأولى: نقول فيه للمُخالف هَبونا سلّمنا لكم أنّ الصحيح من وجه حديث الثّقلين هُو ما رواه مسلم من التوصيَة بأهل البيت (ع) ، فإنّ هذا الحديث لا يُفيدُ التوصيَة بدون الاتّباع ، بل هُو أخٌ وعضيدٌ وقرينٌ للصورة الأولى من الحديث في إثبات التمسّك بأهل البيت (ع) والاتّباع لهم والمُلازمَة منهم للكتاب والحقّ ، فإن قيلَ : بيّنوا لنَا مُستندَكم على هذه الدّعوى . قُلنا : تأمّل كلام الرّسول (ص) : ((ألا أيّها النّاس ، فإنّما أن بشرٌ يُوشِكُ أن يأتيَ رسول ربّي فأُجيبَ)) ، تجدهُ (ص) ينعَى نفسَه ، فيحبّ (ص) أن يُخبرَ أصحابَه وأمّته بمنهجٍ لا يضلّون بعدَه إن هم أخذوا به ، فكانَت وصيّته (ص) : ((وأنا تاركٌ فيكُم ثَقَلَينِ)) ، أي مُخلِّفٌ فيكُم وبينَكم ، أسباباً للنجاة والسعادَة ، فقال (ص) : ((ثَقَلَينِ)) ، أمرَين عظيمَين ثَقيلَين ، قال أهل اللغة : ((سُمِّيَا ثَقَلَين لأنَّ الأخذَ بِهمَا ثَقيل ، والعمَل بِهمَا ثَقيل،....، وأصلُ الثّقَل أنّ العَرب تَقول لكلّ شَيء نَفيسٍ خَطيرٍ مَصُون ثَقَل)) [لسان العرب] ، وهُنا أخبر (ص) عن ثَقلَين اثنَين ، فمَن هُما هذين الثّقَلين الذي يكون الأخذُ بهما ثقيلاً ، وشأنُهما عند أفصحَ من نطقَ بالضّاد عظيماً ، حتّى أطلقَ عليهِم ثَقَل ، فالأوّل من الثّقَلَين ، قوله (ص) : ((أوّلُهُما كتاب الله فيه الهُدَى والنّور ، فخذُوا بِكتابِ الله ، واستمسِكوا به)) ، فكانَ الكتاب هو الثّقَل الأوّل ، فمَن من ذا يستحقّ أن يكونَ وصيّةً لرسول الله (ص) ويُسمّيه ثَقلاً كما سمّى الكتاب العظيم ثَقلاً ؟! ، قال (ص) مُخبراً عن الثّقَل الثّاني : ((وأهلُ بيتي أُذكّرُكُم الله في أهل بيتي ، أُذكِّركُم الله في أهل بيتي ، أُذكّركُم الله في أهل بيتِي)) ، فأهل البَيت (ع) الثّقَل الثّاني في حديث مسلم ، لأنّ الرّسول (ص) أخبرَ عن ثقَلَين اثنين ، فكانَ الكتاب أحدهُما ، وأهل البيت لاشكّ ثانيهِما ، والسّؤال لماذا أوصَى رسول الله (ص) بأهل البيت (ع) كثَقَل ثقِيلٍ عظيمٍ نفيسٍ ثانٍ مقرونٌ ذكرُهُ معَ ثَقَل القرآن العظيم ؟! هل يُجيبُ السّلفيّة على هذا بعقلانيّة وتمحيصٍ وتدقيق ؟! ، نعم ، رأينَا منهم صاحب (مرقَاة المفاتيح) علي القاري يقول عن هذا الحديث رابطاً مضمونه بمضمون حديث (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) ، قال : ((وأقولُ الأظهرُ هُو أنّ أهل البيت غالباً يكونون أعرفُ بصاحِب البَيت وأحوالِه ، فالمُرادُ بهم أهلُ العِلم منهُم ، المُطّلعون على سيرتِه ، الواقفونَ على طريقَته ، العارفونَ يحكمه وحِكمته ، وبهذا يصلُح أن يكونوا مُقابلاً لكتاب الله سبحانه)) [مرقاة المفاتيح:11/307] ، وهذا هُو الحقّ في تأويل الحديث ، إذ لن يكونَ أهل البيت (ع) ثَقَلاً عظيماً يُوصي بهم الرّسول (ص) ، إلاّ ولهُم شأنٌ عظيمٌ فيما يُرضي الله والرّسول ، وليسَ يُرضي الله والرّسول من حالهِم إلاّ القيام بالإسلام كتاباً وسنّة وأمراً بالمعروف ونهياً عن المُنكَر ، فكان الرّسول (ص) يحثّ النّاس بهذه الوصيّة بالإتباع لهُم ، ثمّ عادَ وكرّرها ثلاثاً ، وقرينةُ ذلك أنّهم ثَقلٌ من الثَّقَلَين في الحديث ، وقرينةٌ أخرى أنّهم من أولويات الرّسول (ص) في وصيّته للنّاس لم يغفَل عن إظهار أمرهِم ، وهذا فواضحٌ وجهه بفضل الله ومنّه ، فصورة حديث مسلم من التوصية بأهل البيت ، وقد ثبتَ من الحديث تسميَتُهم ثَقلاً ، صورة هذا الحديث لا تُعارضُ صورة الحديث الأخرى المُصرّحة بكون أهل البيت ثقَل الله الثاني ، فهو ظاهرٌ من الصّورتَين عظيم شأن أهل البيت في الدّين ومعرفَة الحقّ من الباطل ، فكان حديث التمسّك بالثّقلَين حديثاً متواتراً معنويّاً ، لا يصحّ منه من صرفَ حديث مسلم إلى مجرّد الفضيلة كالعادَة في صَرف الأحاديث الدّالة على عظيم منزلة أهل البيت واتّباعهم على الفضائل دونَ الاتّباع .

النقطَة الثانيَة: أنّك متى تأمّلتَ قول زيد بن أرقم لحُصين سَبْرَة ، لوجَدته يُخبرُه أنّ قد شاخَ على الرّوايَة والضّبط ، لِقِدَم العَهد ، وكِبَر العُمر ، فقال : ((يا بن أخي والله لقَد كَبرَت سنّي ، وقَدُمَ عهدي ، ونسيتُ بعض الذي كُنتُ أعِي من رسول الله (ص)) ، وهذه دقيقةٌ سنحتاجُ إليها قريباً ، فلا تُغمِض عنَها .

النّقطَة الثالثة: أنّ زيد بن أرقم الصّحابي قد روَى عنه حديث الثَّقَلين خَلقٌ غير يزيدُ بن حيّان التيمي الرواي لحديث مسلم ، الذي لم يروِ عنهُ حديثَ الثّقلَين إلاّ عندَ كِبَر سنّة ، فمّمن روى عن زيد بن أرقم حديثَ الثّقلَين ، حبيب بن أبي ثابت في سنن الترمذي ، وأبو الطفيل في سنن النسائي ، وفي المعجم الكبير للطبراني ، وأبو الضّحى مُسلم بن صُبيح في المعجم الكبير للطبراني ، كلّهم يروي عن زيد بن أرقم حديث الثّقلين بلفظ (إنّي تاركٌ فيكم ثَقلَين كتاب الله وعترتي أهل بيتي إنّهما لن يفترقا...الحديث) ، لا بصورَة (أذكّركم الله في أهل بيتي ثلاثاً) ، وجميعُ مَن روى عنه ممّن أشرنا إليهِم قريباً لم يكُن زيد بن أرقم يقولُ لهم أنّه قد كَبُر ، ونسيَ بعض الذي كان يَعيه من رسول الله (ص) كما في رواية يزيد بن حيّان عنه في صحيح مسلم ، وهذه إشارةٌ مهمّة لأهل البحث ، لمكان قوّة رواية زيد بن أرقم وهو قويّ الفِكر بصورة (كتاب الله وعترتي) أقوى من تلكَ التي كان فيها قد كبُر على الرّواية والضّبط كما تكلّمَ عن نفسِه ، إلاّ أنّنا نُشيرُ إلى أنّا لا نستبعدُ أن يكون رسول الله (ص) قد قال (أذكّركُم الله في أهل بيتي) ، ولكن بعد قولِه : (ثَقَلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي) ، فكانَ قوله (ص) : (أذكّركم الله في أهل بيتي) تأكيدٌ للتمسّك بالثّقَل الأصغر المُوصِولون بدورهِم إلى الثّقلَ الأكبَر الأعظَم الكتاب ، إلاّ أنّ الباحث ينبغي له ألاّ ينصرفَ عن روايَة عدد من الثّقات عن زيد بن أرقم وهو في أقَوى أحوال الرّواية بدون تشكّك منه فيما يقولُه ، إلى روايَةٍ كان مُتشكّكاً في وعيه لهَا ، وتنبّه للنقطَة القادمَة القريبَة فهي سُتعضّد كلامَنا هذا .

النقطَة الرّابعة: أن تعلَم أنّه لم يروِ هذا الحديث عن زيد بن أرقَم بهذا الوجه (أذكّركم الله في أهل بيتي) ، إلاّ راوٍ واحد ، وهُو يزيد بن حيّان التّيمي ، إذ قد اجتهدنا في الوقوف على روايَة لهذا الحديث من هذا الوجه فما وجدنَا يرويه عن زيد بن أرقَم غيرُه ، وكلّ مَن روى عن زيد بن أرقَم فكان يرويه بلفظ (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) ، إلاّ يزيد بن حيّان هذا ، فالوهم إمّا أن يكونَ لاحقٌ به على زيد بن أرقَم ، وإمّا أن يكون من زيد بن أرقَم لمكان كبر سنّة ، وقلّة وعيه لتقادم العَهد كما قالَ عن نفسِه ، أو أنّ هذا صحيحٌ بعد قول الرّسول (ص) : ((كتاب الله وعترتي)) ، فكان قوله (ص) : ((أذكّركم الله بأهل بيتي)) زيادة في التأكيد على اتّباع قول أهل البيت (ع) ، وهذا كلّه واردٌ مُحتمَل.

النقطَة الخامسَة: أنّ من تأمّل حديث مسلم محلّ النقاش ، سيجدُ أنّ زيد بن أرقَم أشارَ إلى أنّ الرّسول (ص) قال بالإيصاء هذا ، في مكان غدير خمّ ، بمجمع كثيرٍ من الصّحابَة، فوجبَ عقلاً أن يروي هذا الخبَر غير زيد بن أرقَم ، لمكان سماعهِم هذا الخبر من رسول الله (ص) كما سَمعَهُ زيد بن أرقَم ، فبحثَنا كُتب الحديث فوجدنَا جماعةً من الصّحابة قد رووا حديث الثّقلَين هذا ، بلفظ (كتاب الله وعترتي) ، دوناً عن لفظ (أذكّركم الله في أهل بيتي) ، وقال ابن حجر الهيثمي كما أشرنا سابقاً أنّه مرويّ من طريق نيّف وعشرين صحابيّاً كلّهم بلفظ التمسّك بالكتاب والعترَة ، نذكرُ من هؤلاء الصحابة ، جابر بن عبدالله ، وأبو سعيدٍ الخدري ، وزيد بن ثابت ، وحذيفة بن أسيد الغفاري ، وعلي بن أبي طالب ، وغيرهم ، كلّم يروي هذا الخبر بلفظ (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) ، وهذا يقوي وجه الرّوايات عن زيد بن أرقم في أنّ الصحيح من روايته هي (كتاب الله وعترتي) كما رواها الثّقات عنه ، بدون انفرادٍ كما انفرد يزيد بن حيّان التّيمي .

النقطة السّادسة: سلّمنا أن حديث مسلم هُو الصّحيح ، فإنّ الحديث مع هذا يُسمّى حَديث الثَّقَلين ، لمكان ذكر الثّقَلين فيه ، وما اشتُهِر من حالِه وأمثالِه ، فأنتُم بهذا الإثبات تُثبتون صحّة حديث الثَّقَلين ، فرسول الله (ص) قال في الحديث : ((وأنا تاركٌ فيكُم ثَقَلَينِ ، أوّلُهُما كتاب الله...الحديث)) ، فأينَ الثّقَل الثاني معشر السلفيّة في الحديث ؟! .

النقطَة السّابعَة: وفيها خُلاصَة القول ، أنّ طُرق هذا الحديث مُتظافرَة رواها الجمعُ من الصّحابَة ، وعنهُم الجمعُ من التّابعين ، وعنهم الجمعُ من تابعي التّابعين ، وعن الجمعُ من تابعيّ تابعيّ التابعين ، وأقرّ بصحّته عدد من الأعلام كما ذكَرنَا ، وقال باشتهاره من طريق الأمّة من غير تواطئ الإمام فقيه أهل البيت الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي (ع) ، فكانَ هذا دليلاً قاطعاً وتواتراً معنويّاً شاهراً على إثبات حجيّة أهل البيت وقولهِم على العالَمين ، بوصيّة رسول الله (ص) ، والحمد لله تعالى .

هذا وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمّد وآله الطيبين الطّاهرين .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

___________________________________________________________

1- صححه الألباني في السلسلة الصحيحة برواية مالك بن أنس وإبن العباس رضوان الله تعلى عليهم


2- الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: ابن كثير - المصدر: مسند الفاروق


3-الهيثمي في كتاب مجمع الزوائد


4- الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: المطالب العالية 

وإن بعض العلماء ضعفوا هذا الحديث ألا إن أحاديث أخرى تم تصحيحها تؤكد صحة هذا الحديث

5- الراوي: علي بن أبي طالب و اثنا عشر رجلا المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة

10-‏  في كتابه: الإرشاد إلى سبيل الرشاد، بتحقيق محمد يحيى عزان.‏

محمد يحيى عزان، مرجع سابق، ص 72 – 73.‏
http://76.162.41.31/forums/viewtopic.php?f=2&t=10014&sid=22a21ee5b03c7af05e8045c376da1f7d

بحث في التمسك في الثقلين

http://www.azzaidiah.com/thakalin.html