08‏/11‏/2013

العبرة من نكاح المتعة

الشيخ السعودي حاتم العوني- زواج المتعة ليس زناhttp://t.co/xOsKK8hVxX عبر @youtube

عن اسماعيل عن قيس عن عبدالله ـ ابن مسعود ـ قال: كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وليس معنا نساء، فقلنا ألا نستخصي فنهانا عن ذلك فرخص لنا بعد ذلك أن نتزوج المرأة بالثوب، ثم قرأ عبدالله: «يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم» (صحيح البخاري: 3/74)

هذا من صحيح البخاري رسول الله يبيح المتعة ... لاحظ رسول الله اباحها في هذه الحالة ... كانوا يريدون ان يبترون اعضائهم التناسلية ... تخيل على أيامهم مافي تلفزيون ولا نت 

أجل شنو الحين ؟؟؟ لان الصحابة كانوا في بر وفي ذاك الزمن الناس قليلة ومافي سيارات وطائرات 

لكن نحن محنا محتاجين الى زواج المتعة ... نحن محتاجين الى زواج فرند 

فلا يمكن تحريم زواج المتعة بشكل مطلق ولا يمكن تحليلها بشكل مطلق كما يفعلون السنة والشيعة

قال ابن حجر العسقلاني : قوله ( أن ننكح المرأة بالثوب ) أي إلى أجل في نكاح المتعة

ملاحظة :   أنا أرى نكاح المرأة بالثوب أي يتم وطئها وهي لابسة الثوب ..  وكأن هذا الثوب في ذاك الزمان هو الواقي (condome) , فالغرب اخترع لنا هذا الواقي واخترع لنا حبوب منع الحمل , والاختصاء في اللغة اي ازالة الخصيتين فقط لا القضيب , فالمختصي يستطيع أن يجامع لكنه لا ينجب . ودليلي ما جاء في مسند أحمدعَنْ عَائِشَةَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ ، ثُمَّ يَجْعَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثَوْبًا، يَعْنِي الْفَرْجَ .

http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=121&hid=23757&pid=62379

والنهي عن الاختصاء هو سل الخصيتين كما يفعل للغنم ، وتسل الخصيتان ويقال له : وجاء أي : رض الخصيتين حتى لا ينجب ، واستعملوا شيئاً آخر وهو أن الشخص يضع خصيته في ماء حار وإذا جامع لا ينجب ، بل ربما يبقى مدة ثلاثة أشهر لا ينجب ، ولا يكون الماء حاراً جداً
.http://www.muqbel.net/fatwa.php?fatwa_id=3254أما ما ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه قال:  متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. أنا أنهى عنهما متعة النساء ومتعة الحج  . فقد رواه البيهقي في السنن الكبرى ج 7 ص 206 من حديث همام عن قتادة عن أبي نضرة عن جابررضي الله عنه، قال:  قلت: إن ابن الزبير ينهى عن المتعة وإن ابن عباس يأمر بها، قال: على يدي جرى الحديث تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر رضي الله عنه فلما ولي عمر خطب الناس فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الرسول وإن هذا القرآن هذا القرآن، وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما؛ إحداهما: متعة النساء ولا أقدر على رجل تزوج امرأة إلى أجل إلا غيبته بالحجارة، والأخرى متعة الحج افصلوا حجكم من عمرتكم فإنه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم  رواه البيهقي هكذا ، وقال: أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن همام ، ثم أجاب عنه البيهقي بقوله: نحن لا نشك في كونها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنا وجدناه نهى عن نكاح المتعة عام الفتح بعد، فَبَيِّنٌ فِي قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَهْيَهُ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ عَلَى الاخْتِيَارِ لإِفْرَادِ الْحَجِّ عَنِ الْعُمْرَةِ لا عَلَى التَّحْرِيم
لكن السؤال لماذا قلتكم إن نهي عمر عن متعة الحج كان من باب المنع وليس التحريم وأما متعة النساء كان من باب التحريم ؟

أنا أرى أن نهي الحج والنساء كانتا من باب المنع من أجل مصالح في زمنه وهذا هو مفهوم تطبيق مقاصد الشريعة عند الصحابة وليست الشريعة الحرفية

حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن أبي جمرة قال سمعت ابن عباس سئل عن متعة النساء فرخص فقال له مولى له إنما ذلك في الحال الشديد وفي النساء قلة أو نحوه فقال ابن عباس نعم
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=52&ID=2840&idfrom=9350&idto=9355&bookid=52&startno=1

  .

إذا أينما وجدت هذه الأسباب أو أشباهها يجوز للمسلم أن يتمتع من خلال فهمي أنا من كتاب الله وسنة نبيه وأقوال السلف , لكن الأولى هو الزواج الدائم والراقي لدفع الشبهات عن النفوسحدثنا عمارة بن غزية عن الربيع بن سبرة أن أباه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة قال فأقمنا بها خمس عشرة ثلاثين بين ليلة ويوم فأذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء فخرجت أنا ورجل من قومي ولي عليه فضل في الجمال وهو قريب من الدمامة مع كل واحد منا برد فبردي خلق وأما برد ابن عمي فبرد جديد غض حتى إذا كنا بأسفل مكة أو بأعلاها فتلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة فقلنا هل لك أن يستمتع منك أحدنا قالت وماذا تبذلان فنشر كل واحد منا برده فجعلت تنظر إلى الرجلين ويراها صاحبي تنظر إلى عطفها فقال إن برد هذا خلق وبردي جديد غض فتقول برد هذا لا بأس به ثلاث مرار أو مرتين ثم استمتعت منها فلم أخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم 
قوله : ( وهو قريب من الدمامة ) هي بفتح الدال المهملة ، وهي القبح في الصورة . 

قوله : ( فبردي خلق ) هو بفتح اللام أي قريب من البالي . 

[  قوله : ( فتلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة ) هي بعين مهملة مفتوحة وبنونين الأولى مفتوحة وبطاءين مهملتين وهي كالعيطاء ، وسبق بيانها ، وقيل : هي الطويلة فقط ، والمشهور الأول . 

قوله : ( ينظر إلى عطفها ) هو بكسر العين أي جانبها ، وقيل : من رأسها إلى وركها . وفي هذا الحديث : دليل على أنه لم يكن في نكاح المتعة ولي ولا شهود . 

قوله : ( إن برد هذا خلق مح ) هو بميم مفتوحة وحاء مهملة مشددة ، وهو : البالي ، ومنه : مح الكتاب ، إذا بلي ودرس . 



08‏/09‏/2013

أمانة أهل الحديث في الميزان

أمانة أهل الحديث ... في الميزان!
الباحث الاسلامي الشيخ حسن بن فرحان المالكي.أهل الحديث لهم فضائل ونحن ندعو لهم ونستغفر 
** هذه مجموعة تغريدات لفضيلة الشيخ ..قمت بجمعها انا ..فلذلك الضعف في تناسق والصياغه تقع على مسؤوليتي وليس مسؤوليه الشيخ حسن فرحان المالي.
لهم ونقر بفضائلهم إلا أنه من واجبناالتخفيف من الغلو فيهم
الغلو في أهل الحديث سببها أهل الحديث أنفسهم
فقد سيطر منهج أهل الحديث في المدح والذم وهم الذين كتبوا العقائد المسندة ثم طبعت وانتشرت وسيطرت
حتى الذين كانوا يقاومونهم كأهل الرأي والمعتزلة ضعفوا أمامهم ليس لقوة أهل الحديث وإنما لأسباب سياسية بالدرجة الأولى ثم اجتماعية.
أهل الحديث كان متقدموهم أفضل من متأخريهم من حيث الجملة
وأعني بالمتقدمين إلى نهاية القرن الثاني
وأما المتأخرون فمن وسط القرن الثالث تقريبا
وفترة البرزخ من عام 200 إلى عام 240 هـ كانت مرحلة برزخ بين الفترتين..
وهذه الفترات كما قلنا من حيث الجملة فقط
فلكل قاعدة استثنائات.
والأثر السياسي مؤثر في أهل الحديث حتى من زمن الصحابة
وهذه يجب فهمهما وسأفهمها لتفهموا سبب الإكثار من الراوية عن صحابي دون غيره ثم التابعي
ولو نأخذ أصحاب الألوف من الصحابة ( أعني الذين أحاديثهم بالآلاف) ثم تلاميذهم ثم تلاميذ تلاميذهم لرأينا أشياء غريبة يجب التساؤل عنها.
فأصحاب الألوف من الصحابة خمسة - وفق روايتهم في الكتب الستة-
أبو هريرة ( 3343)
عائشة ( 2081)
ابن عمر (1979)
أنس (1584)
ابن عباس ( 1243)
سنعتبر هؤلاء كلهم ثقات عدول... مع أن هناك خلافاً في أبي هريرة خاصة- 
لكن تعالوا نتعلم ونسأل:
فأبو هريرة مثلاً أسلم عام 7 هـ ومات عام 57هـ
وسعد بن أبي وقاص من أوائل من أسلم بمكة وشهد المشاهد كلها ومات في السنة نفسها تقريباً ( 57هـ) ومكانهما واحد، فلماذا أحاديث سعد (121) فقط؟!
هذا سؤال مشروع
رجل صحب النبي سنتين أو ثلاثاً يروي أكثر من ثلاثة ألاف
ورجل صحب النبي 23 سنة يروي فوق المئة فقط!
والطلاب هم الطلاب!
بمعنى أن سعد بن أبي وقاص وأبي هريرة كلاهما مدنيان
والطلاب هم الطلاب
وسنة الوفاة واحدة
وسعد من أول من اسلموا
وأبو هيرة من آخر من أسلموا!
وليس معروفاً عن سعد أنه يمتنع عن الحديث
فلماذا انثال رواة التابعين على أبي هريرة وتركوا سعد بن أبي وقاص البدري؟
إنه الرضا السياسي!
سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كان يعاند سياسة معاوية وينكر عليه ويذكره بفضائل علي ويمتنع من سبه فموقفه السياسي قلل رواته وأحاديثه.
بعكس أبي هريرة الذي - وإن كان يمانع أحياناً- إلا أن ابناءه كانوا من قواد معاوية يوم صفين، ودخل هو مع معاوية الكوفة، وولي له على المدينة.
فالرضا السياسي عن أبي هريرة أدى لتكالب الناس عليه 
كما أن السخط السياسي على سعد بن أبي وقاص أضاع كثيراً من أحاديثه.
طبعاً أنا اقول هه ألأمور باختصار شديد، ولا أريد أن أذكر المواقف، ولا أن سعد بن أبي وقاص مات مسموماً على الأرجح من معاوية ولا أن معاوية
ولا أن معاوية كان يشكك في نسب سعد بن أبي وقاص وقال له ( يأبى عليك الخلافة بنو عذرة) فهو يتهمه في نسبه وأنه من بني عذرة وهم ليسوا من قريش
كل هذه المواقف وألأحداث والخصومات بين سعد بن أبي وقاص ومعاوية لن أستعرضها لأنها تخرجنا عن أصل الموضوع وهو لماذا تم هجران أحاديث سعد؟؟
بل هناك بدريون كأبي حميد الساعدي ( مات بعد عام 60 هـ) ولو مدني كأبي هريرة ولم يرووا عنع سوى ثلاثة أحاديث!
لماذا؟
إنه السخط السياسي.
بل بعض البدريين كصالح شقران مولى النبي، توفي بعد أبي هريرة بمدة ( عام 70 هـ) أي بعد موت أبي هريرة بثلاثة عشر عاماً لم يرووا عنه سوى حديث!
حديث واحد فقط، رواه التابعون عن صالح شقران رغم أنه بدري
ومولى للنبي ( والمولى قريب ويحفظ السنن أكثر)
ومع ذلك حديث واحد فقط رووه عنه
لماذا
لأن صالح شقران كان له موقف سياسي ضد معاوية 
وقاتل مع الإمام علي بصفين 
وهو مولى للنبي نفسه
إذن فللسخط السياسي دوره في إماتة حديثه وسيرته
كل تلامذة أبي هريرة بقوا بعد أبي هريرة في المدينة ثلاثة عشر عاماً ( وقد انقطع حديث أبي هريرة بموته) فلماذا لم يبحثوا عن صحابة كشقران؟
لا نطيل في أبي هريرة
تعالوا لأم المؤمنين عائشة 
أيضاً روت ألفي حديث 
وأم المؤمنين الأخرى أم سلمة ماتت بعدها بأربع سنوات
وروت (158) فقط!
أليس من حق الباحث أن يقول
عائشة كانت كأم سلمة
كلاهما دخل عليهما النبي في وقت متقارب 
عائشة بعد بدر عام 2 هـ
وأم سلمة بعد أحد عام 3هـ
وكلاهما لها يوم واحد من تسعة أيام ( بحسب عدد أمهات المؤمنين)
وإن كانت عائشة قد سبقت بسنة
فأم سلمة قد تأخرت بأربع سنوات
فأين هم الرواة؟
لأن أم سلمة كان لها موقف سياسي قوي ضد معاوية
وتراه بأنه سن لعن رسول الله على المنابر ورثت الحسين وروت فضائل أهل البيت
فهو السخط السياسي.
أم سلمة أسلمت قبل عائشة وهاجرت للحبشة ثم عادت مع زوجها أبي سلمة وتحاصرا في الشعب مع بني هاشم ( ولم يشترك أحد غيرهما مع بني هاشم)
نعم عائشة أيضاً لها معارضات لمعاوية في قتل حجر بن عدي وتشببه بفرعون ( كما روى التابعي العابد الثقة لأسود بن يزيد) إلا أنها في جانب آخر
قد خرجت على الإمام علي وقاتلته وهذا يعطي نوعاً من الرضا السياسي فلولا خروج أهل الجمل لما تقوى معاوية واحتج بهم لأن لهم سابقة وهو طليق.
ثم تذكروا تلامذة أبي هريرة لماذا لم يقبلوا على أن سلمة بعد موت أبي هريرة وعائشة وسعد في العام نفسه تقريبا
أليس أم سلمة أم المؤمنين أيضاً
هنا الباحث لا يتهم عائشة بالزيادة ولا أبا هريرة
ولا يتهم سعد وأم سلمة بالكتمان
السؤال هو:
لماذا أقبل الرواة على هؤلاء وتركوا أولئك؟
ربما هناك أسباب ثانوية
لكن السبب الرئيس هو الرضا السياسي هنا
والسخط السياسي هناك.
وهذا ما يغفل عنه أهل الحديث للأسف لضعف تحليلهم العقلي.
تصوروا اليوم في أي بلد
فالرضا السياسي يجلب الرضا الجماهيري على شخصية من الشخصيات العلمية
بينما يبقى المسخوط عليه سياسياً شبه منبوذ.
ثم لو أخذنا المكثرين عن أبي هريرة وعائشة
فالمكثر عن أبي هريرة هو أبو سلمة بن عبد الرحمن وكان شرطياً وقاضياً لمعاوية ومروان بينما سعيد
بينما سعيد بن المسيب الذي هو أوثق وأجل وهو صهر أبي هريرة وزوج ابنته لم يرووا عنه عن أبي هريرة كروايتهم عن صاحب معاوية ومروان عن أبي هريرة
مع أن سعيد بن المسيب أقدم من ابي سلمة بن عبد الرحمن وماتا في سنة واحدة 94هـ
لأن السخط ألأموي على سعيد بن المسيب كان كبيراً، لأنه كان
لأنه كان يدعو على بني مروان في سجوده
ويتهم معاوية بأنه (أول من رد قضاء رسول الله ويصرح بذمه، كل هذا بأسانيد صحيحة ليس هنا مجال استعراضها)
ثم الرواة عن تلاميذ أبي هريرة هو الزهري فلماذا اشتهر دون بقية تلامذة سعيد وأبي سلمة وأبي صالح ( تلاكذة أبي هريرة) لأنه كان صاحب بني أمية.
فقد عمل الزهري في بلاط عبد الملك ثم الوليد ثم سليمان ثم يزيد بن عبد الملك ثم هشام وكتب حديثه في بلاط هشام بن عبد الملك ورواته موالي هشام.
نصف الحديث في الكتب الستة يكاد يكون عن الزهري وتلامذته كشعيب بن أبي حمزة ويونس بن يزيد الأيلي وعقيل بن خالد ( كلهم موالي لبني أمية).
وقد عاصر الزهري علماء أجل منه مدنيون ( بينما هو شامي وشيوخه مدينون) فمن أهل المدينة من طبقة الزهري محمد الباقر وزيد بن علي وربيعة الرأي)
السبب هو الرضا السياسي هنا
والسخط السياسي هنا
فمن تقرب للسلطة أو رضيت عنه كثر طلابه 
ومن سخطت عليه السلطة تم هجره 
هذا مهم جداً.
حتى المكثر الأكبر عن عائشة هو عروة بن الزبير ( من صنائع معاوية وأصحابه ) وقد مدحه أهل الحديث وهو عند التحقيق متهم بكثير من أحاديث عائشة
ومعظم ألأحاديث التي يحتج بها الشيعة في تكذيب عائشة أو يحتج بها المستشرقون في ذم النبي هي من طريق عروة عن عائشة، أنا اتهم عروة.
فأحاديثه عن عائشة فيها الكثير من الإساءة لرسول الله ولعائشة نفسها.
كما أن المكثر عنه ابنه هشام ( صديق المنصور) وهو يروي عن أبيه عن عائشة
هذا الطريق ( هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة) مادته المسيئة خرجت في كثير من الكتب والأفلام التي تسيء للنبي صلوات الله عليه وسلامه وعلى آله
ولو أننا امتلكنا الشجاعة لفعّلنا ألأثر السياسي في محاسبة الذين ركنوا إلى السلطات الظالمة ولم نقبل منهم إلا ما حفت به القرائن والشواهد.
ولو كانت هناك مناظرات في علم الحديث لعرضنا على أهل الحديث المقلدين بعض أحاديث عروة مثلاً لرأيتم كيف سينحرجون في الدفاع عنها، ولن يستطيعوا
نذهب مباشرة للمكثر الثالث وهو ابن عمر
وكان موقفه السياسي محل رضا من بني أمية فقد بالغ في بيعة يزيد والتأكيد عليها ورفض البيعة لعلي من قبل
هنا لا أتهمه في الحديث
وإنما أقول أن موقفه السياسي أدى إلى الرضا السياسي ثم إلى كثرة الرواية عنه والتقليل عن بدريين عاصرهم، وهو ليس بدريا
ثم الراوي عنه مولاه نافع
وكان ناصبياً لا يربع بالإمام علي في الخلافة ولا يرى شرعية خلافته
ويرى أن معاوية هو الرابع!
فما النتيجة؟
النتيجة أن نصب نافع وحبه لبني أمية قد جعله يتقدم في الرواية عن أبناء ابن عمر نفسه، كسالم ابن عبد الله بن عمر وهو وأخوته من الرواة عن أبيه
ثم المكثر عن نافع هو مالك
وكان مع أبي جعفر المنصور وألف له الموطأ 
وصار ( مالك عن نافع عن ابن عمر) سلسلتهم الذهبية!
كلهم محل رضا سياسي.
بينما المعاصر للإمام مالك كالإمام أبي حنيفة بل هو قبله ( مات سنة 150، ومالك سنة 179هـ ) فقد ضعفوا أبا حنيفة لأنه كان محل سخط السياسة.
بل غلاة السلفية وصل بهم الأمر أن قالوا هو يكذب في الحديث وأنه مبتدع ضال كافر جهمي خارجي ..الخ لأنه كان معارضاً لبني أمية وبني العباس معاً
وأقصد هنا بغلاة السلفية في عصره وقد توسع الخطيب البغدادي في تاريخه وعبد الله بن أحمد في السنة في استعراض أقوال هؤلاء الذامين لأبي حنيفة.
سنكمل لاحقاً موضوع المكثرين من الحديث وأشهر ألأسانيد إليهم
لعل طلبة العلم من أهل الحديث خاصة يعقلون هذا الطرح فلو عقلوه لكلن لهم أثر مفيد
عندما تجد أشهر أسانيد أهل الحديث من الصحابي إلى المؤلف لهم مكانة كبيرة عند السلطة، أليس هذا غريباً؟ لا سيما وفي معاصريهم من هو أوثق وأجل؟
الباحثون الغربيون يراقبون هذا الشيء
ويراقبه المعتزلة قديماً
ولكن لا يراه أهل الحديث لأنهم داخل هذا الرضا السياسي
ومن كان داخل شيء لم يره!
لو ذهبنا للمكثر الرابع وهو أنس بن مالك 
فهو كان مقرباً من الحجاج ومن الحكم بن أيوب الثقفي نائب الحجاج على البصرة وعمل لزياد بن أبيه
صحيح أنه في آخر عمره تاب من بعض هذا وشهد عليهم -كما في صحيح البخاري- بأنه لا يعهد شيئاً كان على عهد رسول الله إلا ( لا إله إلا الله)
فقط!
لكنه لم يقم بهذه الشهادة يوم سأله يزيد بن نعام الضبي - وهو صحابي- عن مواقيت الصلاة فلم يستطيع أن يجيبه لأن بني أمية كانوا يعبثون بالأوقات
ثم راوية أنس هو قتادة بن دعامة السدوسي جليس وصاحب بلال بن أبي بردة والي البصرة الفاسد الذي قال فيه عمر بن عبد العزيز ( كان خبثاً كله)!
وأما المكثر الخامس فهو ابن عباس 
وسبب شهرته هي الدولة العباسية ولا نتهمه - كما لا نتهم غيره- 
وإنما كان صغيراً يوم مات النبي.
ثم المكثر عنه عكرمة مولاه وكان متهماً،ـ وكان ناصبياً أيضاً، وكان على رأي الصفرية من الخوارج، والعباسيون لا يعادون الخوارج لأنهم انتهوا.
ورواية عكرمة هو أيوب السختياني رجل سلطة ، كان رابع أربعة في عصره مع ( يونس بن عبيد وابن عون ويزيد بن زريع) كانوا يهددون شعبة بالسلطة.
الخلاصة هنا أن الطرق لأصحاب الألوف من الصحابة كانت محل رضا سياسي إما للدولة ألأموية أو العباسية، وقد كان من أقرانهم من هو أجل وأعلم.
طبعاً نكرر ونقول 
هذا في الجملة..
وإلا فقد اشتهر نسبياً بعض المعارضين لتوفر ظروف اجتماعية فلم تستطع السلطة تقزيم كل مسخوط عليه.
وخلاصة أخرى أن أهل الحديث لم يكونوا في مستوى كبير من الأمانة كما يقال وأنهم نقلوا كل السنة .. هذا غير صحيح
هم نتيجة سياسية في الجملة.
ولو استعرضنا منهج مالك في الموطأ ( في القرن الثاني)
أو أحمد في المسند ( في القرن الثالث)
وهما قبل الكتب الستة 
لوجدنا خللاً كبيراً.
والمؤثرات السياسية لم نستعرضها بالنفصيل
وإنما أشرنا إسارات عامة لأن الموضوع كبير جداً ويحتاج إلى إقناع مكثف، ولو فصلنا في كل مسألة لمللتم
المشكلة في أهل الحديث قديمأً وحديثاً
أنهم يرون أنهم قد نقلوا كل السنة وبأمانة!
وأنهم حماة السنة ورعاتها ونقلتها 
وهذا ثناء مبالغ فيه جداً
فهم تركوا أحاديث كثير من الثقات لموقف مذهبي أو خصومي
كما رووا عن كثير ممن يعرفون أنهم ضعفاء بل عن من يعترف بأنه يكذب لنفس الموقف.
وهذا كما قلت من حيث الجملة
قد يروون عن المخالف مذهبياً أو سياسياً لكنه قليل
وقد يردون حديث الموافق مذهبياً أو سياسياً لكنه قليل
وقد ذكرنا لكم في تغريدات سابقة كيف ترك بعض كبار أهل الحديث حديث أبي حنيفة وتلامذته وكل أهل الرأي وترك بعض كبارهم حديث البخاري نفسه!
وبعضهم ترك حديث الشيعة والمعتزلة وتشدد في تضعيفهم
وبعضهم كالذهلي ترك حديث الثقة لأنه لم يقم له عند دخوله المجلس 
وهكذا..
ولذلك سنتوقف هنا
لعلنا مستقبلاً نقيس شيئاً من هذا التضخيم لأهل الحديث وأمانتهم 
وقد تتفاجؤون جداً
والله يستر!
(حدثوا الناس بما يعرفون)!

..
نعم الذهلي شيخ البخاري هو الذي ضعف أحد الثقات لأنه لم يقم له 
ففي تهذيب التهذيب - (ج 7 / ص 16) وقد كان محمد بن يحيى روى عن أبي قدامة
ثم ضرب على حديثه.. فإن أبا قدامة أحد أئمة الحديث متفق على إمامته وحفظه وإتقانه ثم ذكر أن سبب ذلك أن الذهلي دخل على أبي قدامة فلم يقم له!
هنا نسأل :
أين أمانة الذهلي في نقل السنة؟
لماذا حذف أحاديث أبي قدامة السرخسي مع أنه ثقة؟
لأنه لم يقم له!
فقط!
وأحمد بن حنبل أيضاً 
نهى عن الرواية عن الجوهري صاحب المسند لأنه كان يذم معاوية
وليس لأنه غير ثقة، فهو محدث ثقة وله مسند مطبوع وغيره يوثقونه
وقال أحمد ( تركنا الرواية عن أهل الرأي وقد كان عندهم حديث كثير)
لأنهم خصوم أهل الحديث فقط
فأين ألأمانة هنا؟
ولماذا يأسف على تلك الأحاديث؟
والقصص كثيرة جداً
قد نفصل فيها لاحقاً
لكني أتعاهد المتابعين لأن بعضهم قد يكبر عليه الموضوع
ولو نقلنا ما نعلم - وهو قليل- لحار ألأكثرون.
الخلاصة أن التوثيق والتضعيف عند أهل الحديث خالطته المذهبية والسياسة
وهذا كان له أثره على الحديث أخذاً ورداً وانتقاء وإشهاراً وإهمالاً.
وأهل الحديث ليسوا سواء
حتى الواحد منهم له أحوال ويجب دراسة شخصيته وتحولاته وظروفه والمؤثرات فيه ومدى استجابته لها الخ
وبعلم ولنترك العاطفة
ولذلك معظم التشويه لصورة النبي صلوات الله عليه مأخوذ من هذه ألأحاديث
مثل زواج النبي بعائشة وعمرها ست سنوات هو في الصحيح وهو باطل
فلماذا دخل هذا الحديث الصحيح؟
لأننا وثقنا بهشام بن عروة وأبيه
ولو شككنا فيهم وبحثنا سن عائشة لعلمنا أن النبي تزوجها وعمرها 18 سنة تقريباً
فهؤلاء الغلاة لم يحسنوا الدفاع عن النبي صلوات الله عليه
ولا تركونا ندافع عنه
وكلامهم غير مقنع لباحث مسلم كان أو كافراً.
لأنهم جهلة أصلاً.
فلذلك ابتلانا الله بهم
وتصدروا لجان الدفاع عن النبي وهم لا يستطيعون الدفاع
فبقيت الكتب وألأفلام والمقالات تصدر تباعاً
لأن توثيق هشام بن عروة عندهم وأبيه عروة أهم من نفي تلك الأحاديث المغلوطة عن رسول الله
هم بلاء الدين والعلم 
فلماذا يروون مثل هذا؟
لأن السلاطين الذين ( يركن إليهم هؤلاء ) يجدون من السبايا بنات صغاراً 
وقد يشتهونهن من باب المرض النفسي والتسلطي
فهؤلاء يسهلون للسلاطين ذلك
بأن النبي تزوج طفلة عمرها ست سنوات ودخل بها وعمرها تسع سنوات
ثم لا يجد النبي من يدافع عنه!
لكن هشام بن عروة وأباه عروة يجدون من يدافع عنهم.
لذلك نحن في ورطة معهم إن دافعنا بغير علم كدفاعهم لم يقنع أحداً
وإن دافعنا بعلم اتهمونا بكل طامة واستعدوا علينا كل سلطة
فنحن في بلاء منهم.
وأعني بكل كتب الحديث تلك الكتب المطبوعة كالكتب الستة والمسانيد والسنن والمصنفات والمستدركات والمستخرجات والأجزاء المتاحة ثم تصنيف ذلك كله.
ولا أعني كتب الحديث المعاصرة
كلا
الأصول التي فيها ( حدثنا وأخبرنا)
من جامع معمر بن راشد ( 153هـ)
إلى ابن عساكر ( 571هـ) ومختاراة الضياء..
وكتب التراجم كذلك 
من طبقات ابن سعد ( 230هـ) إلى كتب ابن حجر ( 852هـ)
وهكذا 
يجب أن تكون متيناً واسع القراءة علمياً ما أمكن.
والنقص يلازمنا
لكنك تستطيع اختصار كل كتب الحديث تقريباً في ثلاثة كتب من حيث المتون
جامع الأصول لابن الأثير
ومجمع الزوائد للهيثمي
والمطالب العالية لابن حجر
وتستطيع أن تختصر قراءة كل كتب الرجال في ثلاثة كتب
الجرح والتعديل لابن أبي حاتم
وتهذيب الكمال للمزي
ولسان الميزان لابن حجر.
هذه المجموعات الثلاثية في المتون والرجال
تستطيع أن تستغني بها عن أكثر كتب الحديث والرجال.
وستجد تكراراً كثيراً.
اجعلها دفعة أولى على الأقل
إلى هنا يكفي اليوم..
لنا لقاء آخر 
جمعة مباركة..

04‏/08‏/2013

رسالة الإمام زيد بن علي (رحمه الله) إلى علماء الأمة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
 الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
إلى علماء الأمَّةِ الذين وجبت للَّه عليهم الحجة، مِن زيد بن علي بن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم.
سلام على أهل وَلاَية اللّه وحِزبِه.
ثم إني أوصيكم مَعْشَر العلماء بحظِّكم من اللّه في تقواه وطاعته، وأن لا تبيعوه بالـمَكْس (
 الحقير الناقص التافه) من الثَّمَن، والحقير من البَذل، واليسير من العِوَض، فإن كل شيء آثرتموه وعَمِلتم له من الدُّنيا ليس بخَلَفٍ ممازيَّن اللّه به العلماء من عباده الحافظين لرعاية ما استرعـاهم واستحفظهم من أمره ونهيه، ذلك بأن العاقبة للمتقين، والحَسْرَةَ والنَّدامة والويل الدائم للجائرين الفاجرين.
[الاعتبار بحال الأحبار والرهبان]
فتفكّروا عباد اللّه واعتبروا، وانظروا وتَدَبَّروا وازدجروا بما وعظ اللّه به هذه الأمَّة من سوء ثنائه على الأحْبَار والرُّهبان.
إذ يقول: {لَوْلا يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمْ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة: 63].
وإنما عاب ذلك عليهم بأنهم كانوا يشاهدون الظَّلمة الذين كانوا بين ظهرانيهم يأمرون بالمنكر، ويعملون الفساد، فلا ينهونهم عن ذلك، ويرون حق اللّه مُضَيَّعاً، ومالَ اللّه دُولة يؤكل بينهم ظلماً، ودولة بين الأغنياء، فلا يَمْنعون من ذلك، رغبةً فيما عندهم من العَرَض الآفل، والمنزل الزائل، ومُدَاهنة منهم على أنفسهم.
وقد قال اللّه عز وجل لكم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْـوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34]، كيما تحذروا.
وإذا رأيتم العَالِم بهذه الحالة والمَنْزِلة أنزلتموه منزلة من عَاثَ في أموال الناس بالْمُصَانَعة (
الرشوة والمداراة والمداهنة )، والمُدَاهنة، والمُضَارعة (التقرب في مرواغة) لِظَلَمَهِ أهل زمانهم، وأكابر قومهم، فلم ينهوهم عن منكر فعلوه؛ رغبة فيما كانوا ينالون من السُّحْت (الحرام) بالسكوت عنهم.
وكان صُدُودُهم عن سبيل اللّه بالإتِّباع لهم، والإغترار بإدِّهَانهم، ومقاربتهم الجائرين الظالمين المفسدين في البلاد؛ ذلك بأن أتباع العلماء يختارون لأنفسهم ما اختار علمـاؤهم، فاحذروا علماء السوء الذين سلكوا سبيل من ذَمَّ اللّه وباعوا طاعة اللّه الجائرين (
إما أن تكون الجائرين هنا صفة لعلماء السوء، أو يكون المعنى بأن علماء السوء باعوا دينهم من الجائرين.).
إن اللّه عز وجل قال في كتابه: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ [الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَـدَاءَ فَلَا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ}[المائدة: 44]].
فعاب علماءَ التوراةِ والإنجيلِ بتركهم ما استحفظهم من كتابه ـ وجَعَلَهم عليه شهداء ـ خَشْيَة الناس، ومواتاة(
التقرب والتوسل) للظالمين، ورضىً منهم بأعمال المفسدين. فلم يؤثروا اللّه بالخشية فَسَخِط اللّه عليهم لَمَّا اشتروا بآياته ثمناً قليلاً، ومتاعاً من الدنيا زائلاً.
والقليل عند اللّه الدنيا وما فيها من غَضَارَتِهَا (
النعمة والسعة والخصب) وعيشتها ونعيمها وبهجتها؛ ذلك بأن اللّه هو عَلاَّم الغيوب، قد عَلِمَ بأن ركوبَ معصيَتِهِ، وركوب طاعَتِهِ، والمداهنة للظلمة في أمره ونهيه، إنما يلحق بالعلماء للرَّهْبة والرَّغبة من عند غير اللّه، لأنهم علماء بالله، وبكتابه، وبسُنَّة نبيه صلى اللّه عليه وآله وسلم.
ولعَمْري لو لم يكن نال علماءَ الأزمنةِ من ظلمتها وأكابرها ومفسديها شدةٌ وغلظة وعداوة ما وَصَّاهم اللّه تعالى وحذّرهم، ذلك أنهم ما ينالون ما عند اللّه بالهوينا، ولا يخلدون في جنته بالشهوات.
فكره اللّه تعالى للعلماء ـ المُسْتَحْفِظِين كُتُبَه وسُنَّته وأحكامه ـ ترك ما اسْتَحْفَظَهم، رغبةً في ثواب مَنْ دُونَه، ورهبةَ عقوبةِ غيره.
[فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر] 
وقد مَيَّزَكم اللّه تعالى حَقَّ تمييز، ووسَمَكم سِمَةً لا تخفى على ذي لُبّ، وذلك حين قال لكـم: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71]].
فبدأ بفضيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم بفضيلة الآمرين بالمعروف والنَّاهين عن المنكر عنده، وبمنزلة القائمين بذلك من عباده.
ولعَمْرِي لقد استفتح الآية في نَعْت المؤمنين بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فاعتبروا عباد اللّه وانتفعوا بالموعظة.
وقال تعالى في الآخرين: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ}[التوبة:67].
فلعَمْرِي لقد استفتح الآية في ذمهم بأمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف، فاعتبروا عباد اللّه وانتفعوا، واعلموا أن فريضة اللّه تعالى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا أقيمت له استقامت الفرائض بأسرها، هَيِّنُها وشَدِيْدُها، وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو: الدعاء إلى الإسلام ، والإخراج من الظُّلْمَة، ورَدّ الظالم، وقِسْمَةِ الفَيء والغنائم على منازلها، وأخذ الصَّدقات ووضعها في مواضعها، وإقامة الحدود، وصِلَةِ الأرحام، والوفاء بالعهد، والإحسان، واجتناب المحَارم، كل هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول اللّه تعالى لكم: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة:2]، فقد ثَبَتَ فرضُ اللّه تعالى، فاذكروا عهد اللّه الذي عاهدتموه وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [المائدة:7].
[مكانة العلماء وواجبهم]
عباد اللّه، فإنما تصلح الأمورُ على أيدى العلماء، وتفسد بهم إذا باعوا أمر اللّه تعالى ونهيه بمعاونـة الظالمين الجائرين، فكذلك الجهال والسفهاء إذا كانت الأمور في أيديهم، لم يستطيعوا إلا بالجهـل والسَّفَه إقامتها، فحينئذ تَصْرُخُ المواريث، وتضج الأحكام، ويفتضح المسلمون (
الإفتضاح هنا هو التفريط والتقصير).
وأنتم أيها العلماء عصابةٌ مشهورة، وبالورع مذكورة، وإلى عبادة اللّه منسوبة، وبدراسة القرآن معروفـةٌ، ولكم في أعين الناس مهابةٌ، وفي المدائن والأسواق مكرمةٌ، يهابكم الشَّريف، ويكرمكم الضَّعيف، ويرهبكم من لا فضل لكم عليه، يُبدَأ بكم عند الدُعْوَةِ والتُحْفَة ، ويشار إليكم في المَجَالس، وتشفعون في الحاجات إذا امتَنَعَت على الطَّالبين، وآثارُكم مُتَّبَعَةٌ، وطُرُقُكُم تُسْلَك، كل ذلك لما يرجوه عندكم مَنْ هُوَ دونكم مِنْ النَّجاة في عرفان حق اللّه تعالى، فلا تكونوا عند إيثار(
التقدم والتفضل) حق اللّه تعالى غافلين، ولأمره مضيِّعين، فتكونوا كالأطباء الذين أخذوا ثَمَنَ الدَّواء واعْطَبوا المرضى، وكرُعَاةٍ استوفوا الأجر وضلوا عن المرعى، وكحراس مدينة أسلموها إلى الأعداء، هذا مثل علماء السوء.
لا مالاً تبذلونه لله تعالى، ولا نفوساً تُخاطرون بها في جَنْبِ اللّه تعالى، ولا داراً عطلتموها، ولا زوجة فارقتموها، ولا عشيرة عاديتموها.
فلا تتمنوا ما عند اللّه تعالى وقد خالفتموه، فترون أنكم تَسْعَوْن في النُّور، وتَتَلَقَّاكم الملائكة بالبشارة من اللّه عز وجل؟ كيف تطمعون في السَّلامة يوم الطامَّـة؟! وقد أخْدَجْتُم الأمانة (
نقصتم)، وفارقتم العِلْمَ، وأدْهَنتم في الدين، وقد رأيتم عهـد اللّه منقوضاً، ودينه مبغوضاً، وأنتم لا تفزعون، ومن اللّه لا ترهبون، فلو صبرتم على الأذى، وتحملتم المؤنة في جنب اللّه لكانت أمور اللّه صادرة عنكم، وواردة إليكم.
عباد اللّه لا تُمَكِّنوا الظالمين من قِيَادكم (
ما يقاد به) بالطمع فيما بأيديهم من حُطامِ الدنيا الزَّائل، وتراثها الآفل، فتخسروا حظكم من اللّه عز وجل.
عباد اللّه استقدموا إلى الموت بالوثيقة في الدين، والإعتصام بالكتاب المتين، ولا تعجبوا بالحياة الفانية، فما عند اللّه هو خير لكم، وإن الآخرة هي دار القرار.
عباد اللّه انْدُبُوا الإيمان، ونوحوا على القرآن، فوالذي نفس (زيد بن علي) بيده لن تنالوا خيراً لا يناله أهلُ بيتِ نبيكم صلى اللّه عليه وآله وسلم، ولا أصبتم فضلاً إلا أصابوه فأصبتم فضله.
[خطاب لعلماء السوء] 
فيا علماء السوء أكببتم على الدنيا وإنها لناهية لكم عنها، ومحذرة لكم منها، نَصَحَتْ لكم الدنيا بتصرفها فاسْتَغْشَشْتُمُوها، وتَقَبَّحَتْ لكم الدنيا فاستحسنتمُوها، وصَدَقَتْكم عن نفسها فكذَّبتمُوها.
فيا علماء السوء، هذا مِهَادكم الذي مَهَدْتمُوه للظالمين، وهذا أمانكم الذي ائتُمنتُموه للخائنين، وهذه شهادتكم للمبطلين، فأنتم معهم في النار غداً خالدون: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} [غافر:75]، فلو كنتم سَلَّمتم إلي أهل الحق حقهم، وأقْرَرْتم لأهل الفضل بفضلهم، لكنتم أولياء اللّه، ولكنتم من العلماء به حقاً الذين امتدحهم اللّه عز وجل في كتابه بالخشية منه.
فلا أنتم عَلَّمتم الجاهل، ولا أنتم أرشدتم الضَّال، ولا أنتم في خلاص الضعفاء تعملون، ولا بشرط اللّه عليكم تقومون، ولا في فِكَاكِ رقابكم، ولا السلبَ إلا سلبكم. 
يا علماء السوء اعتبروا حالكم، وتفكروا في أمركم، وستذكرون ما أقول لكم.
يا علماء السوء إنما أمنتم عند الجبَّارين بالإدْهَان، وفزتم بما في أيديكم بالمُقَارَبَة، وقربتم منهـم بالْمُصَانَعَة (
المداراة والمداهنة والرشوة)، قد أبحتم الدين، وعطلتم القرآن، فعاد عملكم حجة للَّه عليكم، وستعلمون إذا حَشْرَجَ الصَّدر، وجاءت الطامة، ونزلت الدَّاهية.
يا علماء السوء أنتم أعظم الخلق مصيبة، وأشدهم عقوبة، إن كنتم تعقلون، ذلك بأن اللّه قد احتج عليكم بما استحفظكم؛ إذ جعل الأمور ترد إليكم وتصدر عنكم، الأحكام من قِبَلِكم تُلْتَمَس، والسُّنن من جِهَتِكم تحتبر، يقول المتبعون لكم: أنتم حجتنا بيننا وبين ربنا. فبأي منزلة نزلتم من العباد هذا المنزلة؟
فوالذي نفس (زيد بن علي) بيده لو بينتم للناس ما تعلمون ودعوتموهم إلى الحق الذي تعرفون، لتَضَعْضَعَ بُنْيَان الجبَّارين، ولتهَدَّم أساس الظالمين، ولكنكم اشتريتم بآيات اللّه ثمناً قليلا، وادْهَنتم في دينه، وفارقتم كتابه.
هذا ما أخذ اللّه عليكم من العهود والمواثيق، كي تتعاونوا على البر والتقوى، ولاتعاونوا على الإثم والعدوان، فأمْكَنتم الظلمة من الظلم، وزيَّنتم لهم الجَورَ، وشَدَدْتم لهم ملكهم بالمعاونة والمقارنة، فهذا حالكم.
فيا علماء السوء محوتم كتاب اللّه محواً، وضربتم وجه الدين ضرباً، فَنَدَّ (
ند البعير: شرد ونفر) والله نَدِيْدَ البَعِيْرِ الشـارد، هرباً منكم، فبسوء صنيعكم سُفِكَت دماء القائمين بدعوة الحق من ذرية النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، ورُفِعَت رؤوسهم فوق الأسنة، وصُفِّدوا في الحديد، وخَلَصَ إليهم الذُّل، واستشعروا الكَرْب، وتَسَرْبَلوا الأحزان، يتنفسون الصُّعَـداء ( تنفس طويل)، ويتشاكون الجهد؛ فهذا ما قدمتم لأنفسكم، وهذا ما حملتموه على ظهـوركم، فالله المستعان، وهو الحكم بيننا وبينكم، يقضي بالحق وهو خير الفاصلين.
[دعوته ـ عليه السلام ـ إلى نصر الحق]
وقد كتبت إليكم كتاباً بالذي أريد من القيام به فيكم، وهو: العمل بكتاب اللّه، وإحياء سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، فبالكتاب قَوَام الإيمان، وبالسُّنَّة يثبت الدين، وإنما البدع أكاذيب تُخْتَرَع، وأهواء تُتَّبَع، يتولى فيها وعليها رجالٌ رجالاً صدُّوهم عن دين اللّه، وذادوهم عن صراطه، فإذا غَيَّرها المؤمن، ونهى عنها المُوَحِّد، قال المفسدون: جاءنا هذا يدعونا إلى بدعة!!
وأيم اللّه ماالبدعة إلا الذي أحدث الجائرون، ولا الفساد إلا الذي حكم به الظالمون، وقد دعوتكم إلى الكتاب فأجيبوا داعي اللّه وانصروه.
فوالذي بأذنه دَعَوْتُكم، وبأمره نصحتُ لكم، ما ألتمس أَثَرَةً على مؤمن، ولا ظلماً لِمُعَاهِد، ولوددت أني قد حميتكم مَرَاتع (
المراتع، جمع مَرْتَع وهي مواضع الرتع) الهَلَكَة، وهديتكم من الضلالة، ولو كنت أوْقِدُ ناراً فأقذفُ بنفسي فيها، لا يقربني ذلك من سخط اللّه، زهداً في هذه الحياة الدنيا، ورغبة مني في نجاتكم، وخلاصكم، فإن أجبتمونا إلى دعوتنا كنتم السعداء والمَوْفُوْرين حظاً ونصيباً.
عباد اللّه انصحوا داعي الحق، وانصروه إذا قد دعاكم لما يحييكم، ذلك بأن الكتاب يدعو إلى اللّه وإلى العدل والمعروف، ويزجر عن المنكر.
فقد نَظرنا لكم وأردنا صلاحكم، ونحن أولى الناس بكم، رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم جَدُّنا، والسابقُ إليه المؤمن به أبونا، وبنته سيدة النِّسوان أمُّنا، فمن نَزَل منكم منزلتنا؟ فسارعوا عباد اللّه إلى دعوة اللّه، ولا تنكلوا عن الحق، فبالحق يُكْبَتُ(
صرعه وأخزاه وصرفه وكسره، ورد العدو بغيظه وأذله. ) عَدُوُّكم، وتُمْنَع حريمكم، وتأمن ساحتكم.
وذلك أنا ننزع الجائرين عن الجنود، والخزائن، والمدائن، والفيء، والغنائم، ونُثْبِتُ الأمين المؤتمن، غير الرَّاشي والمرتشي الناقض للعهد؛ فإن نَظْهَر فهذا عهدنا، وإن نستشهد فقد نصحنا لربنا، وأدينا الحق إليه من أنفسنا، فالجنة مثوانا ومنقلبنا، فأي هذا يكره المؤمن، وفي أي هذا يرْهَب المسلم؟ وقد قال اللّه عز وجل لنبيه صلى اللّه عليه وآله وسلم: {وَلَا تُجَادِلْ عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء: 107].
وإذا بدأت الخيانة، وخُرِبَت الأمانة، وعُمِل بالجور، فقد افتضح الوالي. فكيف يكون إماماً على المؤمنين من هذا نعته وهذه صفته؟!
اللهم قد طلبنا المعذرة إليك، وقد عَرَّفْتَنَا أنك لا تُصلح عَمَلَ المفسدين، فأنت اللهم ولينا، والحاكم فيما بيننا وبين قومنا بالحق.
هذا مانقول وهذا ما ندعوا إليه، فمن أجابنا إلى الحق فأنت تُثِيْبه وتجازيه، ومن أبى إلا عُتواً وعناداً فأنت تعاقبه على عتوه وعناده.
فالله اللّه عباد اللّه أجيبوا إلى كتاب اللّه، وسارعوا إليه، واتخذوه حَكَماً فيما شَجَر بينكم، وعدلاً فيما فيه اختلفنا، وإماماً فيما فيه تنازعنا، فإنا به راضون، وإليه منتهون، ولما فيه مُسْلِمون لنا وعلينا، لانريد بذلك سلطاناً في الدنيا، إلا سلطانك، ولا نلتمس بذلك أثرة على مؤمن، ولا مؤمنة، ولا حُرٍّ، ولا عبد.
عباد اللّه فأجيبونا إجابة حَسَنة تكون لكم البشرى بقول اللّه عز وجل في كتابه: {فَبَشِّرْ عِبَادِي(17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: 18]، ويقول: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ}[فصلت: 33].
عباد اللّه فاسرعوا بالإنابة وابذلوا النصيحة، فنحن أعلم الأمة بالله، وأوعى الخلق للحكمة، وعلينا نزل (القرآن)، وفينا كان يهبط (جبريل) عليه السلام، ومِنْ عندنا اقتبس الخير، فَمَنْ عَلِمَ خيراً فمنا اقتبسه، ومن قال خيراً فنحن أصله، ونحن أهل المعروف، ونحن النَّاهون عن المنكر، ونحن الحافظون لحدود اللّه.
عباد اللّه فأعينونا على من استعبد أمتنا، وأخرب أمانتنا، وعَطَّل كتابنا، وتَشَرَّف بفضل شرفنا، وقد وثقنا من نفوسنا بالمضي على أمورنا، والجهاد في سبيل خالقنا، وشريعة نبينا صلى اللّه عليه وآله وسلم، صابرين على الحق، لا نجزع من نائبة مَنْ ظَلَمَنا ، ولا نَرْهَبُ الموتَ إذا سَلِمَ لنا دِيْنُنَا ، فتعاونوا تنصروا، يقول اللّه عز وجل في كتابه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]، ويقول اللّه عز وجل: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(40)الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 40 ـ 41].
عباد اللّه فالتمكِين قد ثبت بإثبات الشريعة، وبإكمال الدين بقول اللّه عز وجل: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ}[الذاريات: 54]، وقال اللّه عز وجل فيما احتج به عليكم : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: 3].
عباد اللّه فقد أكمل اللّه تعالى الدِّين، وأتم النعمة، فلا تنقصوا دين اللّه من كَمَاله، ولا تُبَدِّلوا نعمة اللّه كفراً فيحل بكم بأسه وعقابه.
عباد اللّه إن الظالمين قد استحلوا دماءنا، وأخافونا في ديارنا، وقد اتخذوا خُذْلانَكم حجة علينا فيما كرهوه من دعوتنا، وفيما سفهوه من حقنا، وفيما أنكروه من فضلنا.
عباد الله، فأنتم شركاؤهم في دمائنا، وأعوانهم في ظلمنا، فكلُّ مالٍ للَّه أنفقوه، وكل جمعٍ جمعوه، وكل سيف شَحَذُوه (
شحذ الكسين، كمنع: أحدَّها) وكل عدل تركوه، وكل جور رَكِبوه، وكل ذمة للَّه تعالى أخفروها (نقض عهده)، وكل مسلم أذلوه، وكل كتاب نَبَذوه، وكل حكم للَّه تعالى عطّلـوه، وكل عهد للَّه نقضوه فأنتم المعينون لهم على ذ لك بالسكوت عن نهيهم عن السوء.
عباد اللّه إن الأحبار والرُّهبان من كل أمة مسؤلون عما استحفظوا عليه، فأعِدُّوا جواباً للَّه عز وجل على سؤاله.
اللهم إني أسألك بنبينا محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم تثبيتاً منك على الحق الذي ندعوا إليه وأنت الشهيد فيما بيننا، الفاصل بالحق فيما فيه اختلفنا، ولا تستوي الحسنة ولا السيئة.
والسلام على من أجاب الحق، وكان عوناً من أعوانه الدالين عليه.
[تمت رسالة الإمام زيد إلى العلماء بحمد الـله ومَنِّه]