07‏/05‏/2013

كيف ننزه الله ؟


بعض الإخوة لما يسمع كلمة تنزيه الله يتبادر إلى ذهنه مباشرة إلى تنزيه الله عن صفات المخلوقين فقط , لكن في الحقيقة تنزيه الله أعظم وأكبر من هذا بكثير , فتنزيهه يشمل أفعالنا وتعاملنا وقيمنا وسلوكنا وعدلنا .. إلخ , فلا يكتمل توحيد الله إلا بالعدل , لذلك السلطات الظالمة حاولت أن تفصل بين عقيدة المسلم في الله عن سلوكة وأفعالة , فما فائدة المسلم ( المنزهه ) الذي ينزه الله عن صفات المخلوقين ولكنه نجده ظالم و فاسق و يركن إلى الظالمين و سارق و مغتصب ويكون ساذجاً سياسياً وفكرياً ؟.

قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [البقرة : 30]

أتسائل لماذا الملائكة لم يسألوا الله على سبيل المثال : " أتجعل فيها من يشبهك وينسب إليك الأعضاء والأدوات " أو " أتجعل من يجعل لك ولدا " ؟.

فالجواب واضح , لأن الله أعطى الإنسان حرية الإختيار وأكرمه , فقال تعالى : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً [الإسراء : 70].

فأسلافنا من الجن سبقونا بهذا ونحن نشترك معهم في هذه الخاصية غير أن الله كلف بني آدم وجعل النبوة والرسالة فيهم , وهذا الذي جعل إبليس يحسد ويتكبر على بني آدم , فقال الله : ( قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً [الإسراء : 62].

وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً [الكهف : 50]

فأعظم الشرك في القرآن الكريم هو الكبر , ولكن السلطات الظالمة حصرت الشرك في عبادة الأصنام , والوهابية حصروها في عبادة الأضرحة , والكثير من الذين ينسبون إلى التصوف حصروها في أسماء الله وصفاته .

فالكبر يتفرع منه العنصرية والحسد و البغض و الجشع و قسوة القلب وغيرها من الصفات المذمومة , فأجزم لكم أن كل الحروب وسفك الدماء التي تجري في العالم هو سببه الكبر , فالدولة الصهيونية على سبيل المثال قائمة على العنصرية والظلم والحقد وقسوة القلب .
 
فالإنسان هو خليفة الله في الأرض , فلا بد من الإنسان أن يعمر هذه الأرض خدمة للإنسانية , فقال تعالى : ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً [الفرقان : 68] , فنلاحظ أن الله ربط التوحيد بالعدل , فلا يكتمل توحيد الإنسان إلا بالعدل , فوجب عليه أن يبتعد عن الكبائر كالقتل  , فقال تعال : مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ [المائدة : 32] , ويشتد العقاب على قتل الإنسان المؤمن بشكل متعمد , فقال تعالى : وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء : 93] .

فيستحيل للقاتل والمغتصب والسارق والظالم أن يكون مؤمناً , بلا لا يصل إلى الإسلام , لأن النبي -ص- قال : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانة ويدة (.