04‏/06‏/2012

لا لتطبيق الشريعة الإسلامية


كنت أستغرب أيام الشباب كيف يرفض كثيرٌ من المسلمين تطبيق الشريعة الإسلامية؛ ورفضهم شعار «الإسلام هو الحل» ثم عرفت.

عرفت أن الشريعة التي ينادون بتطبيقها ليست شريعة الله ودينه وكتابه إنما شريعة مذهبية كيديّة انتهازية!.
 

نعم لا لتطبيق الشريعة المذهبية، لا للكيدية باسم الدين، لا للانتهازية باسم الإسلام، لا للجهل الملصق بالإسلام.
 

لا... لتطبيق شريعتهم المذهبية لا.... لمزايداتهم على الله ورسوله ولا... للقوانين المذهبية الوضعية نعم لفهم الشريعة أولاً. 


لا لتطبيق الشريعة! عندما نقول هذا القول؛ ونوافق العلمانيين في الظاهر؛ فمنطلقنا يختلف؛ نحن نرى أنه لا يجوز لمن لا يفهم القانون أن يطبقه!.

تطبيق الشريعة، اسألوا هذه الجماهير ماذا تريدون من تطبيق الشريعة؟! هل تريدون شريعة الله أم شريعة المذهب والسياسة؟! اسألوهم واسألوا فقهاءهم.
 

اسألوهم هل ما ورثوه من قوانين وضعية مذهبية هي من شرع الله؟! أم أنّ «مَن زاد على الله نقص» كما يقول المثل الجنوبي؟ اسألوهم.
 

تطبيق الشريعة ونتيجة للاستخدام السيئ للإسلام من قبل السلطات الظالمة وفقهائها؛ من توسيعهم العقوبات وتفننهم في اختراعها فنحن بحاجة لوقفة.
 

نعم نحن بحاجة لوقفة نتساءل فيها: هل نحن عندما نقتل أو نسجن أو نجلد... الخ متأكدون أننا نطبق شرع الله أم لا؟! 


لا يظن أحد أنّ من السهل الإجابة على هذا السؤال فقد تمّ توظيف الإسلام لخدمة السلطات الظالمة والمذاهب الغالبة عبر التاريخ.

وكل العلماء الذين قتلوا أو سجنوا من جميع الطوائف كان ذلك تحت دعوى «تطبيق شرع الله ورضاه» كذبا وزورًا على الله وشرعه. 


الجعد بن درهم، وغيلان الدمشقي، والجهم بن صفوان، وأحمد بن حنبل.. الخ، كل هؤلاء لم تعاقبهم الشريعة إنما عاقبهم المذهب والسياسة.

الفهم يسبق التطبيق عند غير المسلمين، أما عند المسلمين فالتطبيق أوّلا ثم يأتي الفهم والبحث والتراجع بعد سقوط آلاف الضحايا!. 


المسلمون تغلب عليهم الحماقة والعاطفة تبعًا لغلبة الوعاظ، يخففون العقوبات بعد تجربتها عقودا أو قرونا؟! هلاّ كان هذا قبل.

أوّلا الشريعة أشمل من حصرها في العقوبات، والعقوبات في الإسلام على الجنايات فقط، لا عقوبة على رأي ولا معتقد، هذه شريعة المذهب.
 

المسلمون لأنهم لم يستجيبوا لأوامر الله المتكررة «أفلا تعقلون» أوقعوا أنفسهم في وضع قوانين يُضاهون بها شرع الله فوقعوا.. 


وقعوا في غضب الله من حيث يريدون رضاه، وفي القوانين الوضعية من حيث يريدون حصارها، وفي الظلم من حيث يريدون تجنبه.

العلمانيون على حق في تخوفهم من هؤلاء المجانين الذين يستطيعون وضع أيّ قانون وينسبونه إلى الله لتصفية خصومهم! 


المتحمسون للعقوبات لا يقبلون العودة لكتاب الله إذا لم يشبع نهمهم في الانتقام! فيعودون للمذهب فيجدون فيه ما لذّ وطاب!

تطبيق الشريعة أكذوبة! إنما يحصل تطبيقٌ للمذهب، ولو عرف المتحمسون للعقوبات معنى «الشريعة» جيدا لعرفوا أنّ أعظم ذنب هو الافتراء على الله!

تطبيق الشريعة من شأن العقلاء! فالأحمق يريد نصرة الدين فيخذله من كوّة النصرة؛ فمادام أنّ الأحمق يرفض رفضاً قاطعاً «أفلا تعقلون» فليس بأهل..

فليس بأهل أن يفهم أسرار الكتاب مادام أنه يرفض قطعياته ويبغضها ويعاقب عليها! الله لا يرضى أن يكون دينه ألعوبة بأيدي الحمقى والانتهازيين.

تصوّروا لو أنّ طبّاخ أسماك أوكلوا إليه تطبيق القانون الفرنسي على مدينة! هل هذا معقول؟! إذن فالمسافة بين القرآن والحمقى أبعد وأبعد! 


شرع الله يحتاج عقولا، شرع الله عظيم لا ينزل على العقول الصغيرة؛ التي تهدف لتصفية الخصومات بشرع الله فهذا تلاعب. فالطائرة تحتاج مطارًا!

تصوّروا لو أن طائرة جامبو طلبوا منها أن تهبط على عمود أعلاه إبرة! فلم يتحقّق ذلك! الخلل في الطائرة أم المطار؟!

لا يزايد علينا الحمقى نحن مع العمل بالكتاب وما في البيان «السنّة الصحيحة المتّفقة مع الكتاب» ولكن قبل العمل يكون العلم، وللعلم فلسفته.

مثال: فمن العقوبات «قطع يد السارق» مثلا! لكن مَن السارق؟! ولماذا قال «والسارق والسارقة» ولم يقل «مَن سرق»؟! وما الفرق بين الصيغتين؟! 


فالحمقى والمستعجلون عقولهم أصغر من أن تتدبر آية وتفهم معناها وتنفذه على الجميع، أمّا أن ينجو السارق الأكبر ويقطع الأصغر فهذا عبث بالشرع.

غاية ما يفعله الحمقى أن يتفاخروا بما أهلك الأمم السابقة «إذا سرق فيهم الضعيف قطعوه وإذا سرق فيهم الشريف تركوه» هل هذا هو شرع الله؟!

إذن فقبل أن يزايد المزايدون ويتفاخروا بتطبيق المذهب ويسمّونه «شريعة» عليهم أن يتواضعوا ويتعلّموا، ثم يطبقوا بعد ذلك، اعلموا ثم طبّقوا.

السارق: مَن احترف السرقة، مَن سرق: يعني ولو لمرّة واحدة، وتعطيلها خيرٌ مِن استغلالها.
 

لا عقوبة في الردّة قرآنيا، وضعوا لها أحاديث وروايات وطبّقوها على المسلمين مِن أيام حجر بن عدي.
  

عقوباتهم بين حدّ الله وحدّ المذهب -حسن بن فرحان المالكي
١- الصحابي حجر بن عدي ... قتلوه، السبب عند السلطة: لأنه كفر !! السبب الحقيقي: لأنه أنكر لعن الإمام علي!
2- غيلان الدمشقي ... قتلوه بعد قطع لسانه ويديه ! السبب عند السلطة: لأنه كفر! السبب الحقيقي: كلفه عمر بن عبد العزيز بالتفتيش على أموال بني أمية، فاستخرج كنوزهم وباعها في السوق، وكان يقول: (أبرأ ممن يجعل هؤلاء أئمة هدى) يقصد بني أمية، ثم بعد وصول هشام بن عبد الملك، عقد له محاكمة صورية. سألوه ثلاثة أسئلة عن الله وتشبيهه والقدر، فقال : لا أعلم. فقالوا: كافر! وقتلوه!
3- والجهم بن صفوان ... ثار مع الحارث بن سريج في خراسان آخر العهد الأموي، وكانت دعوته الكتاب والسنة والشورى، وكان داعية الحارث فقتلوه، وقالوا : كفر.
4- والجعد بن درهم ... كانت له صلة سياسية بيزيد بن المهلب، فذبحهالفاسق خالد القسري بلا محاكمة ،ولا سماع لأقواله إلا ما نقله ذابحه! قالوا: كفر!
5- وقنبر مولى الإمام علي ... ذبحه الحجاج لصلته القوية بالإمام علي، فسكتوا عليه سترا على الحجاج! وربما اغتبط النواصب لذلك!
6- وكميل بن زياد النخعي ... التابعي العابد، صاحب علي، وأحد حملة علمه،ذبحه الحجاج لهذا السبب، وكان قد أدرك الثورة على عثمان، فاغتبط النواصب لقتله!
7- ورشيد الهجري ... وهو صحابي شهد أحد عند التحقيق، قطعه زياد بن أبيه إربا إربا، وقالوا : كافر !! والسبب: هو خلوصه لعلي كقنبر وكميل، واغتبط النواصب!
8- وأبو رافع ... ضربه بنو أمية ٥٠٠ سوط لينتفي من ولاء النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وينتمي لولائهم! فلم ينكر ذلك النواصب والغلاة، وأحمد جلد في دون هذا!
9- وميثم التمار ... صلبوه وقطعوا لسانه لاختصاصه بالإمام علي، كقنبر وكميل بن زياد ورشيد الهجري، فالسلطة قالت: كافر! وصفق لها الحمقى!
10- عمرو بن الحمق الخزاعي الصحابي المهاجر ... قطع رأسه بأمر معاوية وألقوه بين يدي امرأته، وهي في سجن معاوية! فاغتبط النواصب! وضاعت الصحبة الآن!
11- الثبجاء امرأة صالحة ... قتلها ابن زياد أيام معاوية وصلبها عارية منكسة! وسكت النواصب!
هذه هي حدودهم! معاذ الله أن تنسب لشرعه هذا الإجرام.
12- ومصدع المعرقب ... من أهل الحديث، قطعوا رجليه لأنه امتنع عن لعن الإمام علي! 

هذه هي حدودهم! راجعوا ترجمته في تهذيب الكمال وتهذيب التهذيب.
13- وحطيط الزيات ... أحد الصالحين الفقراء، قتله الحجاج لحبه عليا واغتبط النواصب ! فالحجاج إنما نفذ فيه حكم الله على مذهبهم! هذه هي حدودهم!
14- وعبد الرحمن بن حسان البكري ... دفن حيا بأمر معاوية! لأنه مع حجر ! فسكت النواصب وغلاة السلفية عن هذه الجريمة وأزعجونا بسجن أحمد وابن تيمية!
15- وقبيصة بن ضبيعة العبسي ... قتله معاوية لأنه أنكر سب الأنام عليا على المنابر! هذه حدودهم!
16- وشريك بن شداد الحضرمي ... قتله معاوية لإنكاره سب الإمام علي، هذه هي حدودهم التي يزعمون أنها شرعية! وأن الله يأمر بقتل الذين يأمرون بالقسط.
17- وكدام بن حيان العنزي ... قتله معاوية لإنكاره سب الإمام علي! 

هذه هي حدودهم! 
وفعل معاوية حجة!! فهو صحابي عندهم وخال المؤمنين ! فليفعل ما يشاء.
18- ومحرز بن يحيى التميمي ... قتله معاوية لإنكاره سب الإمام علي وامتناعه من البراءة منه!!
هذا هو حماس بني أمية لتطبيق الحدود الشرعية! جزاهم الله!
19- نصر بن علي الجهضمي ... ضربه المتوكل العباسي -صديق الحنابلة-ألفي سوط! لأنه روى حديثا في فضل أهل البيت صحيح الإسناد! في أي شريعة هذه العقوبة؟
20- النسائي صاحب السنن ضربه النواصب الشاميون حتئ مات! لأنه لم يوافق على رواية حديث في فضل معاوية؟! هل محنته أكثر أم محنة أحمد بن حنبل؟
21- الحاكم صاحب المستدرك ... ضربه غلاة السلفية حتى يضع حديثا في فضل معاوية! فأبى وأصرّ! في أي شريعة نجد هذا الحد؟!
22- أبو محمد زياد مولى همدان ... عرض عليه الأمويون البراءة من علي فأبى، فقتلوه توسيطا! أي قطعوه من الوسط نصفين سنة ١٠٩ هجرية، في أي شريعة هذا ؟!
23- وصالح عبد القدوس ... زاهد شاعر، اشتبهوا في بيتين قالهما، فقتله المهدي العباسي بدعوى الزندقة. قدّه نصفين من وسطه

أين هذا في شرع الله؟!
24- اللغوي المشهور: ابن السكيت ... قتله المتوكل صديق الحنابلة قتلة شنيعة كان قد اخترعها أحد الحنابلة، وهي إخراج اللسان من القفا ثم قطعه! فمات! والسبب: أن ابن السكيت رفض أن يفضل ابني المتوكل على الحسن والحسين، وكان المتوكل ناصبيا، ولذلك قالوا فيه: (ناصر السنّة)! لنصرته لأحمد فقط! 

لماذا يسكت غلاة السلفية عن جرائم معاوية والمتوكل وخالد القسري والحجاج ويبالغون في ذم المأمون؟! مع أن جرائمهم فوق جريمته بكثير؟!
السبب واضح: هم يحبون المذهب ويعبدونه فقط، ولا شأن لهم بمن يقتل ظلما من المذاهب الأخرى، ولو كان صحابيا. يهمهم أحمد وابن تيمية فقط!
25- وإبراهيم بن يزيد التيمي ... أحد كبار التابعين أرسل عليه الحجاج الكلاب وهو في السجن، فقطعوه! هذه هي حدودهم!

26- ويزيد بن مسهر الصيداوي ... ألقاه ابن زياد من فوق القصر لأنه امتنع عن سبّ الكذاب ابن الكذاب: (يعنون الحسين بن علي) !! هذه حدودهم! وهذا سكوتهم!
27- وعبد الله بن يقطر ... أخو الحسين من الرضاعة، ألقاه ابن زياد من أعلى القصر للسبب نفسه! أين هذا مما جرى لأحمد وابن تيمية؟! ولماذا سكوتهم؟!
والمدهش أن عبد الملك بن عمير الراوي السلفي المشهور- وكان مع ابن زياد- قام بذبح عبد الله بن يقطر بعد أن وصل إلى الأرض، زاعما أنه يريحه! والأغرب أن الذابح عبد الملك بن عمير له عشرات الاحاديث! بينما المذبوح المظلوم لم يرووا له حديثا واحدا! هنا أثر السلطة على الحديث!
28- وعبد الله بن عفيف الأزدي ... التابعي العابد، أنكر عليهم سب علي وقتل الحسين بقوله: (تقتلون أبناء الأنبياء وتتكلمون بكلام الصديقين)!فصلبوه!
29- ومحمد بن أبي بكر ... وضعه عمرو بن العاص في جوف حمار ميت وأحرقه! في أي سورة وجد عمرو بن العاص هذا الحد؟! والنواصب يصفقون! وتغلبهم البسمة!
30- وابن المكعبر ... عابد قطعه زياد! لرأيه السياسي، وبارك النواصب ذلك!
31- وفيروز ... عابد محب للإمام علي، عذبه الحجاج حتى مات! لماذا يسكتون؟! لأن بني أمية أحبابهم!
32- وعبد الله بن الزبير ... صلبه الحجاج مع جثة كلب منكسا!
33- وعبد الله بن المقفع ... الأديب المشهور، لموقف سياسي قطّعوه، وكانوا يلقون قطع لحمه في النار، وهو ينظر! ثم قالوا: قتلناه للزندقة! وصدقهم الحمقى!
34- الصحابي الحكم بن عمرو الغفاري ... قتله زياد لأنه رفض أن يقدم كتاب معاوية على كتاب الله! في اصطفاء الذهب والفضة لمعاوية في الفتوح!
35- الصحابي يزيد بن نعامة الضبي ... سجنوه عشرين سنة لأنه قال لوالي البصرة: (الصلاة يرحمك الله)! في أي آية هذا الجرم وهذه العقوبة؟!
36- حمادة الصفرية ... امرأة من عباد الخوارج، صلبها زياد عارية كالثبجاء!! هذه نذالة وليست حدودا شرعية.
37- الصحابة سهل بن سعد، جابر بن عبد الله، أبو سعيد الخدريختم الحجاج على أعناقهم بالرصاص عبارة: (عتيق الحجاج) لماذا لا يغضبون لهم؟ فهم صحابة! 

والفقهاء يستجيبون! ثم نرى الفقهاء ينظرون في الفقه لمن قطع لسانه السلطان! كيف يستاك؟! وكيف يتذوق؟! وكيف تقبل شهادته! وكأن الأمر طبيعي!
وكان عمر بن عبد العزيز قد أبطل سنّة بني أمية في قطع الألسن؛ إلا أن الثقافة الدموية الأموية كانت قد ترسخت عند الفقهاء، وأنعشها بنو العباس.
والقصص كثيرة جدا وقد جمعتها في كتاب، ووجدت الدول والمذاهب كلها فيها من هذا العبث، ويسمونه حدودا شرعية ولكن أبشع الدول في ذلك بنو أمية.
وأبشع المذاهب في ذلك النواصب، وبنو أمية أخذوها من معاوية، ومعاوية أحيا سنة أمه آكلة الاكباد وأبيه الذي كان يزج برمحه في شدق حمزة!
فهذه الشراهة والتفنن في التعذيب والعقوبات التي ما أنزل الله بها من سلطان أخذها الغلاة عن النواصب والنواصب عن بني أمية وهم عن هند!


____________________

منقول من كلام الأستاذ حسن بن فرحان المالكي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق