25‏/08‏/2012

طُوبى لمنْ شَغَلَهُ عَيبُه عن عُيُوبِ النّاسِ


عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:

  طُوبى لمنْ شَغَلَهُ عَيبُه عن عُيُوبِ النّاسِ

 أخرجه البَزّارُ بإسنَادٍ حَسن. ورواه أحمد والطبراني وابنُ حِبّان والحاكم

معنى طوبى لك : أصَبت خيرا وطِيبا

 (من2/359 من تفسير النسفي)

معنى الحديث : قال أهل العلم : لاينبغي أن يكون الواحد منا مُتتبِعا لعورات أخيه (أي عيوبه ) بل ينبغي أن يُسامحه إن أساء إليه وإن أحسن إليه أن يُعامله بالاحسان .

المؤمِنُ يُهَذّبُ نَفسَهُ قَبلَ أن يَشتَغِلَ بالتّنقِيبِ عن عُيُوبِ غَيرِه

قالَ المنَاويُّ طُوبَى لمن شَغلَهُ عَيبُه عن عُيُوبِ النّاسِ فَلم يَشتَغِل بها ، فعَلى العَاقلِ أن يتَدبّرَ في عيُوبِ نَفسِه فإنْ وجَد بها عَيبًا اشتَغلَ بإصلاحِ عَيبِ نَفسِه فيَستَحِي مِن أن يَترُكَ نَفسَه ويَذُمَّ غَيرَه . والعُيوبُ مِنها ما يَتعَلّقُ بفِعلِ الشّخصِ باختِيارِه ومنهَا مَا لا يتَعلَّقُ باختِيارِه كالخِلْقَةِ الدّمِيمَةِ فلا يجوزُ ذَمُّهُ بها

قالَ رَجُلٌ لِبَعضِ الحُكَماءِ يا قَبِيحَ الوَجهِ ، فقَالَ ما كانَ خَلْقُ وجْهِي إليَّ فأُحَسّنَه.

وقالَ البيهقيُّ ذُكِرَ رَجُلٌ عِندَ الرّبِيع بنِ خَيثَم فقَالَ: مَا أنَا عن نَفسِي بِراضٍ فأَتفَرّغَ مِنها إلى ذَمّ غَيرِها ، إنّ العِبادَ خَافُوا اللهَ على ذُنوبِ غَيرِهِم وأَمِنُوا على ذُنوبِ أَنفُسِهم .

وقالَ حَكِيمٌ: لا أحسِبُ أحَدًا يتَفَرَّغُ لِعَيبِ النّاسِ إلا عن غَفلَةٍ غَفِلَها عن نَفسِه ، ولَو اهتَمَّ لِعَيبِ نَفسِه ما تفَرّغَ لِعَيبِ أَحَدٍ



قال شمس الدين الذهبي:

رحم الله امرءاً أهدى إليَّ عيوبي * فإني كثير العيوب غزير الذنوب

الوّيْل لي إن أنا لا أتوب * ووافضيحتي من علّام الغيوب



كلام الإمام علي عليه السلام في النهي عن غيبة الناس


" و إنّما ينبغى لأهل العصمة ، و المصنوع إليهم فى السّلامة ، أن يرحموا أهل الذّنوب و المعصية ، و يكون الشّكر هو الغالب عليهم ، و الحاجز لهم عنهم فكيف بالغائب الّذى غاب أخاه ، و عيّره ببلواه ؟ أما ذكر موضع ستر اللّه عليه من ذنوبه ممّا هو أعظم من الذّنب الّذى غابه به و كيف يذمّه بذنب قد ركب مثله فإن لم يكن ركب ذلك الذّنب بعينه فقد عصى اللّه فيما سواه ممّا هو أعظم منه . و ايم اللّه لئن لم يكن عصاه فى الكبير و عصاه فى الصّغير لجراءته على عيب النّاس أكبر .
يا عبد اللّه ، لا تعجل فى عيب أحد بذنبه فلعلّه مغفور له ، و لا تأمن على نفسك صغير معصية فلعلّك معذّب عليه ، فليكفف من علم منكم عيب غيره لما يعلم من عيب نفسه ،
و ليكن الشّكر شاغلا له على معافاته ممّا ابتلى به غيره . أقول : اهل العصمة : هم الّذين أعانهم اللّه على قهر نفوسهم الامّارة فملكوها .

و المصنوع اليهم اى : من اصطنع اللّه عنده نعمة السلامة من الذنوب ، و رحمتهم لأهل الذنوب : تظهر فى كفّهم عن عيبهم ، و اعانتهم على الخروج منها بصالح القول . و قوله :

فكيف بالعائب أي : اذا كان اهل السلامة فينبغى لهم ان يرحموا اهل الذنوب و يشتغلوا بشكر اللّه عن عيبهم ، فكيف يليق العيب من غيرهم من الناس ، و اراد بما هو اعظم عيبه لأخيه لانّ الغيبة من الكبائر ، و جعلها اكبر مبالغة او بالنسبة الى بعض الكبائر . "



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق