22‏/09‏/2014

هل فعلا المعتزلة مارسوا إرهابا فكريا تجاه خصومهم


 الملاحظ يا سادة بالدراسة التاريخية التي قام بها الكثير من الباحثين المتخصصين كالدكتور فهمي جدعان والجابري و الوريمي والسمهوري وغيرهم أن المعتزلة براء من موضوع " المحنة " كتيار، فهم أولا مع حرية الدين والمعتقد، ومع الحوار وصراع الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان، وضد إكراه الناس على معتقد بالقوة، والقوة الوحيدة التي يرونها في مثل هذه المسائل هي الدليل والحجة والبرهان، ولكن ما حدث في الصراع بين الأمين والمأمون واصطفاف حشوية أهل الحديث مع الأمين أدى ذلك أن يسرها لهم المأمون في نفسه، حتى إذا استحكم أعد لهم حسابا عسيرا، وهو امتحانهم ( فالمسألة كانت مسألة تصفية حسابات سياسية )، خصوصا أن كثيرا ممن امتحن المحدثين كان من الجهمية والضرارية وغيرهم ممن يقول بخلق القرآن، فكما تعلمون فالمعتزلة ليست هي المدرسة الفكرية الوحيدة التي تقول بأن القرآن مخلوق، وفي هذه الحقيقة يقرر ابن تيمية فيقول : ((( فإن ابن أبي دؤاد كان قد جمع للإمام أحمد من أمكنه من متكلمي البصرة وبغداد وغيرهم ممن يقول: إن القرآن مخلوق، وهذا القول لم يكن مختصًا بالمعتزلة كما يظنه بعض الناس، فإن كثيرًا من أولئك المتكلمين أو أكثرهم لم يكونوا معتزلة، وبشر المْرِيسي لم يكن من المعتزلة، بل فيهم نجارية، ومنهم برغوث، وفيهم ضرارية، وحفص الفرد الذي ناظر الشافعي كان من الضرارية أتباع ضرار بن عمرو، وفيهم مرجئة، ومنهم بشر المريسي، ومنهم جهمية محضة، ومنهم معتزلة، وابن أبي دُؤَاد لم يكن معتزليًا، بل كان جهميًّا ينفي الصفات، والمعتزلة تنفي الصفات، فنفاة الصفات الجهمية أعم من المعتزلة
 ا.هـ (مجموع الفتاوى 17: 299).
وكما يصرح ابن تيمية أيضا في كتاب النبوات ـ وهو من أواخر ما كتب ـ (ص211 طبعة مؤسسة الرسالة بتحقيق أبو صهيب الرومي وعصام الحرستاني، عام 1422هـ)، يقول:وكذلك الإمام أحمد خصومه من أهل الكلام هم الجهمية الذين ناظروه في القرآن مثل أبي عيسى برغوث وأمثاله، ولم يكونوا قدرية، ولا كان النـزاع في مسائل القدر، ولهذا يصرح أحمد وأمثاله من السلف بذم الجهمية أكثر من سائر الطوائف. ا.هـ ))).
ومن يلاحظ سياسات المأمون يعلم أنها ليست سياسات معتزلية، وليست من قضايا المعتزلة مثل: تولية العهد لعلي بن موسى الكاظم، وأمر الجند بطرح السواد ولبس الخضرة وإعلان لعن معاوية على المنابر وإعلان أفضلية علي رضوان الله عليه، وإجازة زواج المتعة وغيرها من مسائل !!!!!.
وللعلم فإن المأمون كتب بالمحنة وقاضي قضاته هو يحيى بن أكثم الحنبلي !!!! وكتبها من طرسوس وطرسوس معقل الجهمية وليس المعتزلة .
ولكن عند انهاء المحنة على يد المتوكل فوجد خصوم المعتزلة فرصة ذهبية للتخلص من أقوى اعدائهم الفكريين، ووجد أصحاب الأنظمة الوراثية وأكل أموال الناس بالباطل نفس الفرصة في إصدار واحدة من أكثر فضائح ومخازي التاريخ عارا الوثيقة القادرية لقمع المعتزلة وتصفيتهم والتخلص منهم.
ثم بدأت آلة تزوير الوعي، والتشهير الإعلامي والكذب والدعاية السوداء في شن أكبر حملة تلطيخ سمعة وتشويه لواحدة من أنبل التيارات الفكرية الإنسانية وهم المعتزلة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق