15‏/05‏/2012

خروج الزيدية على الظالم وخروج الخوارج ومسالمة الآخرين


خروج الزيدية على الظالم وخروج الخوارج ومسالمة الآخرين

بسم الله الرحمن الرحيم
عرف التاريخ الإسلامي جماعات ثائرة على الحكام، ومن أشهر الثورات المسلحة ما قام به أئمة آل البيت عليهم السلام من أولاد علي رضي الله عنهم ضد ملوك بني أمية، ثم بني العباس، كما نقل إلينا ثورات الخوارج.

وفي عصرنا الحاضر برزت جماعات مسلحة تؤمن بالثورة، والعنف المسلح، وهي محسوبة على الخط السني ما عدا الثورة الإسلامية في إيران في خط وحدها، وسنتحدث عن هذا كله بشكل مختصر:

عنف الخوارج:

بدأت بذرة الخوارج في شخص : حرقوص بن زهير السعدي ذي الخويصرة التميمي(1 )، رجل بدوي، ثائر الرأس واللحية؛ حين صاح والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقسم غنائم حنين: أعدل يا محمد!! فتغير وجهه صلى الله عليه وآله وسلم من هذا الصوت النشاز الذي يطلب العدل نفسه أن يعدل!؟! كمن يطب من الشمس أن تضيء، ومن الماء أن يذهب الظمأ.

أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطورة هذا المرض القاتل، مرض الفطرة الفاسدة والتفكير الشاذ، والفهم السطحي، فأطلق صرخة تحذير، ورسم صورة شديدة القتامة لهذا المخلوق الضار، فقال: ((سيخرج من ضئضئ هذا قوم حدثاء الأسنان ، سفهاء الأحلام، يقولون ما تعرفون، ويفعلون ما تنكرون، تحقرون صلاتكم عند صلاتهم، وصيامكم عند صيامهم، وقيامكم عند قيامهم، وقراءتكم عند قراء تهم، لكنه لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)).

هي ألفاظ شتى وبروايات عديدة حتى قال: ((فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم))، وفي رواية : ((يقتلهم أولى الطائفتين بالحق، لو يعلم الجيش الذي يقاتلهم مالهم من الأجر لاتكلوا)) ( 2).

ب) الخوارج والإمام علي عليه السلام:

من سوء حظ الخوارج أن يصطدموا بأعظم رجال التأريخ شجاعة وأصلبهم عودًا، ومن شؤمهم أن يخرجوا على أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علمًا وزهدًا وتقوى واستقامة وعدلا، وأقدمهم إسلاما وأوشجهم من رسول الله قربى.
فانتقاد ذي الخويصرة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخروج الخوارج على الإمام علي حدد هويتهم وصدق عليهم حديث: ((هم كلاب النار)) ( 3). وملخص قصتهم: أنهم كانوا أشد رجال علي بسالة ، وهم قراء وعباد العراق، ولما كاد علي يحسم المعركة في صفين لصالحه ، وهمّ معاوية بالهرب فوجئ بالمصاحف على رؤوس رماج جيش معاوية من أهل الشام ينادون: هذا كتاب الله حَكَمٌ بيننا وبينكم يا أهل العراق ، فانخدع أولئك العباد من أصحاب علي وطالبوه بتحكيم كتاب الله ، وحاول عبثًا أن ينبههم لمغبة الخديعة، وقال لهم: أنا أولى بالقرآن منهم، إنهم ليسوا أصحاب دين ولا قرآن ، لقد قاتلت معاوية وأضرابه على القرآن كافرين، وها أنا ذا أقالتهم اليوم مفتونين، أعيروني سواعدكم ساعة، فلم يبق فيهم إلا كلعقة كلب، فقالوا: إنهم حكموا القرآن فلا يجوز قتالهم، فقال كلمة ما يزال الزمان يرددها والحوادث تذكرنا ونسمعها في عصرنا هذا وكأنها قيلت الآن: كلمة حق يراد بها باطل( 4). لكنهم كالأنعام بل هم أضل، احتشد قرابة عشرين ألفًا حاملين سيوفهم على عواتقهم، جباههم سود من كثرة السجود، وطالبوا عليًّا بقبول التحكيم وإلا سلموه لمعاوية، رضخ علي للضرورة ، واتفق الطرفان على تعيين حكمين، فعين معاوية عمرا بن العاص، وعين علي عبدالله بن عباس فعارضه أولئك واختاروا أبا موسى الأشعري الذي لم يكن متحمسًا لعلي ولا كفوًا لعمرو، فآل الأمر بخديعته؛ إذ اتفقا على خلع علي ومعاوية، فتقدم أبو موسى وخلع عليًّا، وأعقبه عمر فخلع عليًّا وأثبت معاوية( 5). حينها أحس أصحاب علي بالمهانة وتجرعوا المرارة ، فتنادى القراء الذين صاروا خوارج – لا حكم إلا لله، واعتبروا قبول التحكيم كفرًا، وكفروا ابن الإسلام البكر علي بن أبي طالب، وطالبوه بالاعتراف بالكفر والتوبة منه؛ ليستأنفوا قتال معاوية، ولما لم تفلح محاولة علي في توعيتهم وتصويب خطأهم، واستفحل شرهم، وجردوا سيوفهم يخبطون بها المسلمين الكافرين في زعمهم، ومن عجيب أمرهم تحرجهم من أكل تمرة لعلها من نخلة نصراني، وتورعهم عن قتل خنزير، وتأمينهم شخصًا قال لهم: إنه مشرك فتلوا قول الله : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ) [التوبة:6] فأمنوه عملا بالآية( 6) . وفي نفس الوقت يأتيهم عبدالله بن خباب عامل علي وصاحب رسول الله، فسألوه عن علي وعثمان، ولما لم يحكم بكفرهما ذبحوه والمصحف في عنقه، وبقروا بطن امرأته، وأخرجوا جنينها(7 ).

فلم يجد علي بدًّا من قتلهم عن آخرهم، وكانوا ثمانية آلاف، وقيل: أكثر. لم يفلت منهم سوى ثمانية، ولم يقتل من جيش علي سوى ثمانية( 8).
وقـد وصفهم الإمام علي بقوله: أما بعد فإنكم معشر أخفاء الهام سفهام الأحلام ... (9 ) ، لكنه قال: لا تقاتلوا الخوارج بعدي، فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه( 10)-يعني معاوية- وهذا الموقف يدل على عمق فقه الإمام وتسامحه ودقة عباراته، وعندما سمع من يقول: إنهم انقرضوا تماما.
قال: إنهم نطف في أصلاب الرجال وأرحام النساء، كلما نجم منهم قرن قطع حتى يكون آخرهم لصوصًا سلابين.
وعلى يد الخوارج تم اغتيال الإمام علي عليه السلام، وقد توالت ثوراتهم أيام بني أمية، وخاصة أيام عاملهم الحجاج، ومن أبرز قادتهم شبيب الخارجي الذي أرعب الحجاج ومزق جيوشه( 11).

وهنا ينبغي التوقف؛ لندخل إلى ثورات آل علي عليهم السلام:

بعد صراع علي ومعاوية والحسن وخذلان الناس له قاد الإمام الحسين ثورة حقيقية ضد يزيد بن معاوية، وبالرغم من أنه في سبعين فارسا ثلثهم من أهل بيته، ومنهم أطفال، وبالرغم من قتلهم جميعًا، إلا أن قتله كان فاجعة كالقشة "قصمت ظهر البعير"؛ إذ أحدث زلزالاً فجَّر الثورة تلو الثورة حتى تهاوى ملك آل أبي سفيان، ثم بعد سبعين عامًا خرج الإمام زيد، وبارك خروجه أئمة المذاهب والعلماء والمحدثون، وتلاه ابنه يحيى.

وكانت ثورة الإمام زيد زلزالا آخر تسبب في تدمير ملك بني مروان، على الرغم من أن زيدًا قتل وصلب وأحرق وذر رمادًا في الماء، إلا أنه ولَّد الكراهية في نفوس الناس ضد المستبدين، وأذكى شعلة الجهاد، وصار خروجه مَعْلَمَا بارزًا لقافلة المجاهدين الرافضين للظلم، وأُطلق عليهم الزيدية، وصار مبدأ الخروج على الظلمة من أهم ما يتميز به الزيدية، وتوالت ضرباتهم، وعظمت تضحياتهم، ولما أسيد بالأمر ملوك بني العباس هبت رياح الثورة الزيدية في وجه أعتى ملوكهم المنصور الدوانيقي بقيادة النفس الزكية وأخيه إبراهيم ، ووالدهما الإمام الكامل عبدالله بن الحسن، وقضى هو وأولاده قتلا وتغييبًا في السجون تحت الأرض لا يعرفون الليل من النهار ، ومن مات ترك بينهم.

ج) الفرق بين خروج الزيدية وخروج الخوارج، والخط المسالم، وعنف الجماعات الإسلامية المعاصرة ؟!

والجواب: أولا- لكي يسهل علينا التفريق بين ما هو حق وما هو باطل- لا بد أن نشير إلى القاعدة الشرعية التي نحتكم إليها، والدليل القاطع الذي ننطلق منه، فأقول: الدين الإسلامي الحنيف جاء لإرساء قواعد العدل ، واقتلاع جذور الظلم، والتصدي للمنكر، وأوجب ذلك على كل فرد في المجتمع المسلم: رجاله، ونسائه القيام بذلك، وأوجب عليهم نشر المعروف، وعلى هذا الأساس رسم القرآن الكريم هوية الشخصية الإسلامية، وحدد على ضوئه ملامح الأمة المحمدية فقال تعالى: ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )[آل عمران:110]. فها هو النص الكريم يربط خيرية الأمة؛ بشرط قيامها بالدور الذي يقوم به الجهاز المناعي في الجسم، فإن لم تقم به فهي أمة ميتة وجيفة منتنة، يؤكد هذا قول الله سبحانه: ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيْمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ) [التوبة: 71]. وفي مقابلهم المنافقون ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) [التوبة: 67].
لا فرق بين الهويتين إلا مبدأ القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو إهماله.

وقد وردت السنة الشريفة بنصوصها القاطعة:
1- قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا يحل لعين ترى المنكر فتطرف حتى تغيره))( 12).
2- ((سيد الشهداء حمزة ، ورجل قال لسلطان جائر: يا ظالم فقتله))( 13).
3- ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)).

عمل الصحابة والتابعين:

1- قام أبو بكر الصديق خطيبًا بعد بيعته وقال: أيها الناس وليتكم ولستُ بخيّركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أزيح عليه حقه إن شاء الله، والقوي منكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع أحدكم الجهاد في سبيل الله، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم رحمكم الله( 14).

وجاء بعده عمر بن الخطاب فالتزم الشدة والحزم في تنفيذ أحكام العدل، وكان يبدأ بنفسه وأهله، وكان يجمع أهله ويخبرهم أنه أمر الناس بكذا أو نهاهم عن كذا، ويقسم بالله العظيم لئن خالف أحد ليضاعفن عليه العقوبة قائلا لهم: إن الناس ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم. هكذا كان تفكير الخليفتين في سياسة الحكم .

وفي عهد عثمان: نقم الصحابة عليه مخالفاته، وبعثرته أموال المسلمين على أقاربه، فثاروا عليه: فمنهم من اشترك في قتله، ومنهم من خذله.
ثورة الحسين على يزيد. ثورة زيد على هشام، ثورة القرآء والعلماء مع ابن الأشعث على عبدالملك بن مروان والحجاج من كل ما تقدم نجزم بأن مناهضة الباطل، ومقارعة الظلم قاعدة إسلامية لا استثناء فيها، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسئولية المسلمين قاطبة، بل هو دليل صدق إسلامهم، وعنوان تمسكهم بدينهم، وهم مطالبون بتقديم المهج وبذل النفس والنفيس في حراسة مبادئ العدل والحق والمساواة، ومن ينحرف عن الخط ويتعرج في السير فعلى المسلمين أن يُقَوِّموه بالنصح، فإن لم ينفع فبحد السيف، هذا ما كان عليه السلف الصالح وأئمة المذاهب كما سبق سرده.

مقارنة:

1- ثورات أهل البيت شرعية؛ لأن قادتها أئمة هدى، وعلماء كبار، فلقد روي أن النفس الزكية قال عن نفسه: والله إني لا أستحيي أن أُخِلّ في هذا الأمر، وأنا أجهل بابًا من الحلال والحرام، أو ترد مسألة لا أجد لها جوابا، وثوار الخوارج جهلة صم بكم عمي لا يعقلون شيئًا ولا يهتدون .

2- آل البيت يوجون ثورتهم ضد الظلمة ولا يمسون الأبرياء إطلاقًا، بل هدفهم نصرة المظلومين وغوث المستضعفين.
والخوارج يخبطون بسيوفهم من وجدوه من المسلمين لا فرق بين رجل، وامرأة، وكبير، وصغير، ومدني، وعسكري.

3- آل البيت ومن على نهجهم يهدفون لإقامة شرع الله وطلب رضوانه لا يريدون الدنيا ولا يطلبون الملك. وثورات الخوارج للرئاسة والدنيا .

4- آل البيت كانوا يراسلون علماء الأمة وعقلائها؛ ليحصلوا على الموافقة على الخروج معهم، والقتال بجانبهم، أو الاعتراف بشرعية خروجهم، فقد ناصر الإمام أبو حنيفة ثورة الإمام زيد ( 15).
وأفتى الإمام مالك بالقتال مع الإمام إبراهيم بن عبدالله بن الحسن، والإمام الشافعي كان يدعو إلى مبايعة الإمام يحيى بن عبدالله بن الحسن ضد هارون الرشيد هو وشيخه إبراهيم بن أبي يحيى، الأمر الذي جعل الرشيد يأمر بحملة من اليمن إلى العراق بصورة عنيفة .
أما الخوارج فالأمة مجمعة على ضلالهم؛ لأنهم ضد الأمة قبل أن يكونوا ضد الظالمين، فهم مستبدون لا يأبهون برأي أحد .
5- الخارجون من آل البيت لا يخرجون إلا على ظالم بيِّن الظلم؛ بدليل أن الإمام علي عليه السلام لم يقاتل سوى معاوية، وأولاده لم يخرجوا على مثل عمر بن عبدالعزيز ، وتنازُع بعض الأئمة فيما بينهم إنما جاء في زمان متأخر، والباغي في خروجه على والٍ عادل، من إمام أو ملك يتحمل وزر نفسه . أما الخارج فلا فرق عندهم بين علي ومعاوية.

6- أئمة الزيدية ملتزمون بالكتاب والسنة التزامًا دقيقًا، رحماء بالمسلمين.
أما الخوارج فيختزنون حقدًا، ويضمرون شرًّا لعموم من خالفهم، ويخالفون المسلمين في أصول معتقداتهم. فذكر ابن حزم أن منهم من أوجب صلاة بالغداة وصلاة بالعشي، ومنهم من جوَّز نكاح بنت الابن وبنت الأخ والأخت، ومنهم من أنكر سورة يوسف أ ن تكون من القرآن . حكى ذلك الشوكاني[ 7/160] من نيل الأوطار.
قاعدة تحريم الخروج
أشيع أن مذهب السنة والجماعة عدم جواز الخروج مطلقًا، وأجازوا على استحياء الخروج عند الكفر البواح.
وهذه القاعدة والله أعلم من صنع الظلمة أنفسهم؛ إذ لا يعقل أن تسكت الملوك الدهاة أمثال معاوية وعبدالملك بن مروان وأبي جعفر المنصور وأمثالهم من إيجاد حيلة، وابتكار وسيلة، لخلع أنياب الثائرين، وتقليم أظافر المجاهدين، وعلى الأخص أئمة آل البيت الذين يحظون بثقة الناس وحبهم واحترامهم.

فابتدع معاوية مسألة الجبر، وغرس في أذهان الناس بمساعدة علماء السوء، وسماسرة النفاق، وباعة الأحاديث، أنه محكوم بإرادة الله ، فإن عدل فبفضل الله، وإن جار وظلم فبتقدير الله لا يملك من نفسه شيئًا ، وروَّج الصبر على قضاء الله وقدره، فالعطاء، والمنع، والعدل، والجور كله من الله، والمنكِرُ لذلك معترض على الله، وقدم نفسه على أنه يمثل السنة والجماعة، ومن خرج على السنة والجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وابتدعوا وراثة الملك، وولاية العهد، وتعاملوا مع الأمة على أساس: سيد، وعبد، ومالك، ومملوك، لايسألون عما يفعلون، فهم وحدهم أهل الحل والعقد والذكاء والتفكير، والباقون رعية تسمع وتطيع ليس لهم أهلية، إلا لحراسة الملك وجباية الخراج ودفع الزكاة .

وقد أثمرت سياستهم، ووجد في المسلمين من حكم ببغي الحسين؛ لأنه فارق الجماعة، وشق عصى المسلمين؛ والسبب في ذلك نجاح الدعاية، وشدة القمع حتى ماتت مشاعر العزة الإسلامية، واستطاع يزيد أن يقتل الحسين بدون خوف، واستباح مدينة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدون خجل ولا وجل، وبايعه: من بقي من أولاد المهاجرين والأنصار، ومن عاش من الصحابة على أنهم عبيد أبناء عبيد ليزيد.

ونفس المنهج اتبعه الحجاج لما استعرض المقاتلين مع عبدالرحمن بن الأشعث وفيهم علماء كالشعبي، فمن أقر بالكفر تركه، وكان الوليد بن عبدالملك يقول: من قال لنا اتق الله ضربنا عنقه، وأوجد الملوك أيضًا شيعة لعلي، لكنهم يحكمون بالكفر على كل خارج على الظالمين وحجتهم أنه مغتصب لسلطة الإمام المهدي، ولربما سرهم شدة الظلم وانتشار المجون ليعجل بخروج المهدي، وبإزائهم المذهب السني ينتظر الكفر البواح، ويكتفي بإقامة الصلاة والحكام ليسوا في مأزق تجاه هذا الشرط البديع ، فهم مرتاحون جدًّا للمخدرين في المساجد من يحفظون القرآن، ويتلون المولد، ويحافظون على الأذكار الصوفية، ولا يترددون في التصريح لجماعات معينة في الدعوة إلى الله كالسلفية الوهابية، والتبليغ، ونحو ذلك.

الجماعات المسلحة في العصر الحاضر:

لعل وصف الخوارج ينطبق على معظمها باستثناء المتبصرين والمجاهدين حقًّا، وسأضرب لذلك أمثلة معاصرة:

جماعة حزب الله جماعة واعية، مجاهدة على مستوى من الذكاء والفهم، استطاعت أن تتأقلم في مجتمع كلبنان، توجد فيه صورة الشيخ المعمم بجوار صورة راقصة شبه عارية، إنه وضع غير طبيعي لأول وهلة؛ ولكن الحل لا يكمن في انتزاع الصورة الخليعة بالقوة وقتل الراقصة كما هو مذهب حركة طالبان وأشباهها، بل المشكلة أعمق وأخطر ، والفهم للدين ضروري كسلاح للدعوة إلى الله.

فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم جاء إلى مجتمع فيه الزنى والخمر والقتل، بل عبادة الأوثان، فبدأ رويدًا رويدًا بالتربية الحسنة، والاقتناع، واللين، والصبر ، ولم يستخدم العنف إلا عندما لم يجد وسيلة سواه، وقد اعتمر النبي عمرة القضاء ومعه قوة ضاربة، وطافوا بالبيت وهو مملوء بالأصنام ولم يهاجمها؛ لأن تكسيرها شكلا ليس جوهر رسالته، إنه يريد تكسيرها داخل العقول والقلوب أولاً.

جماعة النهضة بتونس يديرها رجل عاقل فاهم هو الشيخ الغنوشي، مدرك لوضعه تمامًا، وكيف الدعوة إلى الله، وبجواره جبهة الإنقاذ سلكت أيضَا سلوكًا حضاريا ، ودخلت الانتخابات، وكادت تفوز لولا عنف العسكر، ومثلهم حزب الرفاه الإسلامي بتركيا.

فهل يقارن هؤلاء بالجماعات التي تعتبر الانتخابات كفرا وهي موجودة باليمن، وتكتب على كتب المذاهب ولا سيما الزيدية: كتب الضلال، ويخوضون حربًا شعواء ضد القبور، وقبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبجوارهم أيضًا جماعات متلونة كالحرباء غارقة في الدنيا إلى الأذقان، واقعة في الظلم إلى العنفقة، همها الجاه، والمال، والسلطة، وما الدين إلا وسيلة فقط، وهي مع ذلك مغرورة متشنجة تدعي احتكار الحقيقة، تزدري من سواها.

وهناك من يفتي من لندن بقتل النصارى في اليمن، أليس النصارى عنده بالملايين؟! فلماذا لا يطبق فتواه هناك في عقر دارهم؟ مثل هؤلاء أشد من ظلم الحكام ؛ لأنهم سفهاء الأحلام، مارقون، يغلفون قبيحهم بالدين.
ولو وجه هؤلاء سلاحهم للظالم نفسه وفق شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكان لهم من دينهم سند يبرر فعلهم أو يوجبه لقوله تعالى: ( فَمَنِ اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ )[البقرة:194] .

الحكام والعنف :

غياب القاعدة التي تنظم الولاية العامة لدى المسلمين، والفراغ الدستوري القاتل، ترك الباب مفتوحًا للاستبداد، والغلبة، والتسلط، وتسبب في كثير من الفتن، والحروب، ونزيف الدماء، وإهدار الأموال، ولو أن الصحابة رضي الله عنهم تريثوا ووضعوا خطوطًا عامة وضوابط لمن يتولى أمورهم لما وصل الطلقاء وأبناء الطلقاء إلى سدة الحكم متجاوزين أهل بدر وأحد، لكن التسرع الذي حصل في سقيفة بني ساعدة، والاشتباك الذي انتهى ببيعة أبي بكر التي وصفها عمر بقوله: كانت فلتة وقى الله شرها، فمن عاد لمثلها فاقتلوه، لكن استقامة أبي بكر هدأت النفوس ويا ليته جمع الصحابة لوضع دستور يكفل تنظيم انتقال السلطة، لكنه أوصى بالخلافه لعمر، ونحن لا نتحدث عن كفاءة عمر، فقد أثبت أنه رجل فذ، وعبقري حازم، وعفيف بدون شك، إلا أن طريقة انتقال السلطة لم تكن سليمة ولم يُجد في تلافي المخاطر استقامة الوالي؛ لأن تداول السلطة بأسلوب التحكم والفردية وإن غُلِّف بالفضل والزهد فسيصير عما قريب إلى بلاء ونكبة، ثم زاد الطين بلة عمر بن الخطاب حين حصر الخلافة في ستة، بل حصر الستة في الجانب الذي فيه عبدالرحمن بن عوف، وغرضه إيصال الخلافة لعثمان؛ مكافأة له على صنيعه؛ إذ روي أن أبا بكر أوصى وعثمان يكتب، ولما وصل إلى قوله: وقد استخلفت عليكم، غاب عن الوعي، فكتب عثمان: اسم عمر بن الخطاب، ولما أفاق أبو بكر وأملى عليه استحسنه فحفظها له عمر.

فانتهى الأمر حسب وصية عمر إلى أن يتحكم في تعيين الخليفة عبدالرحمن، واشترط على من يبايعه أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين، فرفض علي الفقرة الأخيرة، وقبلها عثمان فبويع، ويا ليت عليًّا لم يدخل في حكاية شورى الستة؛ لأن المسار يحفر مجرى عميقا للعنف، والكراهية، والتسلط، وهو ما حدث بالفعل منذ تسلم أبي بكر الحكم، فقد ترك في نفوس بني هاشم حزازات كذلك في نفوس الأنصار أو بعضهم، وقد دفع سعد بن عبادة حياته ثمن معارضته لبيعة أبي بكر، وذرت الفتنة بقرونها في زمن عثمان حين التف حوله ذئاب بني أمية منتفخة أوداجهم وبطونهم، غير مصدقين بوصول هذه الفرصة السانحة إلى أحضانهم، واقتناص الصيد الثمين الذي أهداه لهم الفاروق، إنه تراث محمد، ومجد الإسلام الذي طالما حاربوه وحاكوا له المؤامرات، وها هو الصحابي السابق عثمان بن عفان يسلم زمامه لمروان بن الحكم، ومعاوية، وأشباههما من بني أبي العاص وآل أبي سفيان ، حتى قيل: إن أبا سفيان قال بمحضر عثمان: تلقفوها يا بني أمية تلقف الكرة، فو الله ما جنة ولا نار ولا بعث ولا حساب.

وأنا لا أستبعد هذا القول، فإنه لما وقع في يد رسول الله قال له: ألم يأن لك يا أبا سفيان أن تشهد أني رسول الله؟! فقال: أما هذه ففي النفس منها شيء، وقال للعباس وقد حبسه ليشاهد الجيش الإسلامي الفاتح لمكة: لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما، فقال له: إنها النبوة، فقال: إنها إذن.

جلبت تصرفات بني أمية نقمة المسلمين على عثمان فطالبوه بالاستقالة، فرد بأن الخلافة قميص ألبسه الله ولن ينزعه، ولا مانع لدى معاوية أن يكون عثمان كبش فداء يتسلق على قميصه ودمه إلى زعامة الامبراطورية الإسلامية العملاقة.

لم يستطع علي أن يوقف هذا الانحدار رغم رفضه الخلافة، إلا أن تكون علنية في المسجد وببيعة حرة من أهل الحل والعقد آنذاك، وهم المهاجرون والأنصار، فما لبث أن خرج عليه طلحة والزبير وهما ممن رشحهم عمر للخلافة ومعهما السيدة عائشة؛ وعللوا خروجهم بطلب ثأر عثمان، والهدف الحقيقي هو السلطة؛ لأن الثأر من أمر الجاهلية، وقد وضعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحت قدمه لما فتح مكة، وحل محله القضاء والنظام والمؤسسات، لكن( ص20..... )نتيجة حتمية، فما دامت الخلافة نهبا لا يحكمها إلا منطق القوة والغلبة فلا مانع لمن أحس في نفسه هِمَّةً لطلب الملك، ولو شكل طلحة والزبير وعائشة حزبا معارضا لقبله علي وناظره، فهو معروف بشدة التزامه بأمر الله وتواضعه، فقد قبل معارضة الخوارج وهم يصرخون بتكفيره، وضمن لهم حضور المسجد، وحقوقهم كاملة ما داموا في صف المسلمين، فلما سلكوا أسلوبا عنيفًا بغير حق فتك بهم بعد الإعذار، ثم تلا عنف طلحة والزبير وعائشة عنف معاوية في طلب السلطة أسفر عن قتل مائة ألف، وهكذا ظل الصراع على طلب السلطة حتى زمن الانقلابات العسكرية والأنظمة الثورية، والعنف ليس حرًّا على المسلمين، فقد مر في التاريخ هولاكو، وجنكيزخان، ونابليون، وهتلر، وموسي ليني، ولينين، وستالين، وقادة الإبادة في أسبانيا، وإيطاليا، وانجلترا، وأمريكا في شرق الدنيا وغربها.

وعما قريب سمعنا بذبح مليونين في راوندا ، وشاهدنا جنود كابيلا يرجمون بأحد رجال المعارضة من فوق الجسر ثم أطلقوا عليه النار.

وهذه أفغانستان تركها العنف الروسي ثم العنف الإسلامي رمادًا وخرائب، وشهدت أوربا الحديثة مذبحة مائة ألف من أهل البوسنة على أيدي الصرب ومباركة الصليبيين الجدد.

أما العنف الذي يمارس من أنظمة الحكم ضد مواطنيها فأكبر مثال عليه ما يحدث في الجزائر؛ حيث نظم العسكر فرقا مسلحة مهمتها الإعدام الجماعي، والتنكيل بالقرويين؛ بغرض إلصاق الأعمال البشعة بالجماعات المسلحة الإسلامية، والجماعات إذا ردت الصاع بصاعين فالبادي أظلم، لكن الضحايا للأسف: النساء، والأطفال، والشيوخ، والآمنون الأبرياء، كما يلاحظ غياب كلي أو جزئي للعدالة في ساحات القضاء والشرطة، وانتهاك الحقوق في السجون والمرافق المرتبطة بحياة المواطنين وسوء توزيع الخدمات.

والذي يشاهد في اليمن تصرفات غير مسئولة من جهات مسئولة ترعرعت في كنفها الجماعات المنتمية للإسلام بكل مشاربها، وأغدقت عليها الأموال، وأباحت لها أهم المرافق للسيطرة، ونشر الأفكار التي حملها حرقوص بن زهير السعدي ، وأصبح من النادر أن لا ترى في المنابر والمحاريب والمدارس والجامعات ألوفا من أشباه ذي الخويصرة.
وقد أُعد هؤلاء لغرض سياسي يراد به التوازن كما يقال، وضرب هذا بذاك ، إلا أن المارد بدأ يخرج من القمقم.

عنف القبائل:

من أسبابه إضافة إلى ما تقوله الجهات الرسمية: إن وراءها جهات خارجية، مطالب خاصة كأن تصرف الدولة: سيارات، ورتب، وعسكر، ومرتبات لشيخ وأصحابه من قبيلة، ولا تعطي القبيلة الأخرى، فتقوم القبيلة المحرومة بعد أن تيأس من تلبية مطالبها بالمساواة بخطف سائحين، فتبادر الدولة بإرضائهم، ويطير الخبر إلى قبائل أخرى، فتتبارى في الخطف وتقديم المطالب الشخصية والخدمات العامة كالطريق والماء والمدرسة.

كما يتم الخطف والعنف؛ محاولة لإنقاذ سجين طال حبسه، أو قاتل حال دون تقديمه للعدالة متنفذ في جهاز الدولة، فتُلْوى ذراع الدولة بالخطف، وكأن الانطباع صار سائدًا بأن الدولة لا تتفاهم إلا بهذا الأسلوب، وأنها لا تحترم القوانين، ولا تهتم بمصالح المواطنين بشكل سواء، وغابت الأمانة، والضمير، والشرف، والمسئولية، والكفاءة في كثير من الدوائر.
وهذه الأعمال سواء من طرف واحد أو أطراف من الداخل أو من الخارج غريبة وجديدة ومستنكرة في العرق الإسلامي والإنساني عموما، وفي الذوق والعادة اليمنية خصوصًا، ولم نسمع بالخطف إلا في الآونة الأخيرة، وأخطر ما حدث من الخطف والقتل بناء على إيديولوجية، وهذا تطور شديد الخطورة، فإذا كان القبائل يخطفون، وهذا عيب ولا يليق، وإن كانت الدولة متسببة بشكل أو بآخر إلا أن القبائل يكرمون المخطوف، حتى سمعنا ولو على سبيل النكتة أن السائحين بدأوا يفكرون في إلغاء حجوزاتهم مع شركات السياحة والتعامل مع الخاطفين من رجال القبائل؛ لما لاقوه من كرم الضيافة، وإن كانت تحت الإكراه.
وهنا أقول بأن الخطف الأخير بحاجة لمعالجة جادة.

بقلم د/ المرتضى بن زيد المُحَطْوَري الحسني
أستاذ الشريعة بجامعة صنعاء
عضو جمعية علماء اليمن


([1]) الإصابة 1/320.
([2]) دلائل النبوة للبيهقي 5/ 184، وسيرة ابن هشام 4/104، ونهج البلاغة 1/244، والبخاري رقم 3414.
([3]) الطبراني في الكبير ج8 رقم 8036 وما بعده ، وحلية الأولياء ج5 رقم 6343.
([4]) وقعة صفين للمنقري ص 489، ونهج البلاغة خطبة رقم (40).
([5]) وقعة صفين ص 500، والطبري 5/70 .
([6]) الطبري 5/82، وشرح النهج 1/251 .
([7]) نيل الأوطار 7/159 .
([8]) شرح نهج البلاغة 1/557 .
([9]) نهج البلاغة ص 160 رقم (36).
([10]) نهج البلاغة ص 180 خطبة رقم (59).
([11]) شرح نهج البلاغة 1/541، تاريخ الطبري 6/224 .
([12]) رأب الصدع 3/1589، ودرر الأحاديث النبوية ص 36 .
([13]) الحاكم 3/195 .
([14]) تاريخ الطبري 2/450، وابن هشام 4/311 .
([15]) مقاتل الطالبيين ص 46 .

http://www.almahatwary.org/p7-4-5.htm 


الرد على المحطوري ويا ليت عليًّا لم يدخل في حكاية شورى الستة !!!!! "
الجواب



وزعمت الخوارج: أن عليّاً دخل في الشورى وكان أحدهم راضياً بذلك، فصيَّرُوا أمرهم إلى عثمان بن عفان.
فليس للخوارج ولا لمن قال بمقالتهم في دخول علي في الشورى حُجَّة؛ (بل) الحُجَّة كانت لعليٍّ رَحْمَةُ اْللهِ عليه بما قد احتج به على أصحاب الشورى، وبما نحن محتجون به، لا يدفعه إلا جاهل ومعاند؛ إذ لم تكن الشورى فرضاً من الله عَزَّ وَجَلَّ، ولا سنَّة من النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-؛ وإنما دخل عليٌّ معهم ليحتج عليهم ويذكِّرهم حقَّه الَّذي أنزل الله عَزَّ وَجَلَّ فيه من الآيات الواضحات، التي لا يدعيها أحدٌ غيره، ولم يدعها أحدٌ لنفسه.

العولمة الإقتصادية


         11/9/1990 وفي لقائه مع الكونجرس قال الرئيس الأميركي السابق جورج بوش

هذه لحظات تاريخية لقد حققنا تقدماً كبيراً
 في إنهاء الحرب الباردة في العام الماضي، وأننا نتطلع إلى إقامة نظام عالمي جديد قائم على القانون. قانون ليس قانون الغابات وسوف ننجح في ذلك، وستكون لنا الفرصة في العيش في سلام وفي تحقيق الرؤية التي وعد بها مؤسسو هذه الدولة

المتعاطفون مع الظاهرة:  يقولون ان العولمة تهدف لتقديم وتطوير كل الناس والبلدان والشعوب..
         من ناحية اخرى : البعض الآخر يقول أنها تهدف إلى نوع من الهيمنة والإستعمار الجديد
نحن مع العولمة الإيجابية ... إذا كانت هذه العولمة تهدف إلى تطوير الشعوب وإزالة الظلم ونشر العدل بين الناس فأهلاً وسهلاً ... لأن كل إنسان لا يرضى بالظلم ويحب العدل والإحسان ...

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً [النساء : 58]

لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة : 8]


يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات : 13]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة : 51]

إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة : 55]

لاحظ: أن القرآن لا يقصد هنا الصداقات الشخصيه مع اليهود والنصاري. ولكن الآيه تتنبأ بقيام حلف صهيوني "يهودي- نصراني" والذي يشن حربا ظالمه الآن علي الإسلام والمسلمين بالنيابه عن اسرائيل
.

لكن دين العولمة الصهيونية هو المال ... لماذا ؟

للسيطرة على العالم ... لأن المال مصدر القوة ... فإذا سيطروا على مقدرات الأرض فإنهم حتماً سيسيطرون على العالم

منذ بدأ البشرية كانت المعاملات اليومية للبشر تتم بالمقايضة ، والقايضة هو إعطاء شيء مقابل شيء آخر ( تبادل )
ومع تطور حياة البشر أصبح هناك حاجة ملحة عملة لشراء الحاجات ، فأول من صك النقود هو كروزوس المتوفى عام 546 قبل الميلاد وهو آخر ملوك لوديا التي تقع في تركيا الآن .

حينئذ تطورت المعاملات المالية وأصبح فيها غش وخداع وجشع ... إلى أن جاء النبي الأعظم ونشر العدل الإلهي في التعاملات المالية حتى لا يظلم أحداً .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ، فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ  [البقرة  279:278]

فالإسلام وضع قواعد هامة لوقف المعاملات الربوية ،
روى مسلم بسنده أن بلالًا جاء بتمر برني - أ ي جيد - فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم من بتمر برني فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم من أين هذا فقال بلال: تمر كان عندنا رديء فبعت منه صاعين بصاع لمطعم النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله عند ذلك أوه عين الربا لا تفعل ولكن إذا أردت أن تشتري التمر فبعه ببيع آخر ثم اشتر به.

عن
 أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد ، فمن زاد أو استزاد فقد أربى ، الآخذ والمعطي فيه سواء . 

نفهم من خلال الح
ديثين الشريفين :

1-
أن الأغذية طويلة الأمد بدون تلف ، كانت تستخدم كنقود في زمن النبي
2- إن التمر والشعير ... إلخ كانوا نقوداً لأن القيمة فيهم
3- لا يجوز مبادلة هذه النقود إلا بنفس المقدار من شبيهاتها
4- يجب أن تكون النقود قيمتها فيها في أي مكان وزمان

بكل بساطة ، في السابق العملات في كل العالم هي : -

1- عملات معدنية من الذهب والفضة

2-
عملات غذائية مثل الملح والشعير

حيث يستطيع أي فرد في العالم الشراء بهذه العملات لأن القيمة بداخل هذه العملة
.

وكان للمسلمين عملة رسمية :-

الدينار :
وهو عملة معدنية " ذهبية "
الدرهم : وهو عملة معدنية " فضية "
وعملات غذائية للمعاملات الشرائية البسيطة ( تمر ، ملح ، شعير ، قمح ، ... إلخ )

ومرت السنين والعالم يستخدم الذهب والفضة كنقود عالمية ، حتى جاء الإستعمار الأوروبي ليحتل العالم .

هدف الإستعمار :-

1- هدف عقائدي

 لتشتيت الدول الإسلامية وخلق حدود بينها

2- هدف إقتصادي


ل
زرع فكرة الأنظمة العلمانية ( فصل الدين عن الدولة وإحلال قوانين غربية ) حيث أجبروا الدول على ترك الذهب والفضة كعملة ، وإستخدام الورق كبديل .

لأن العملات الورقية خالية من أي قيمة

بدأ النقود الورقية :-
بريطانيا كانت من أعظم الدول الإستعمارية ، وكانوا يستخدمون عملة " الجنية الإسترليني" العملة الورقية العالمية آنذاك، فأصبحت بديلاً لتشريعات الله " الذهب والفضة " ، وبعدها أصبحت أمريكا تتحكم بالعملة العالمية " الدولار" .

حيث أصبحت كل دولة تعتمد على العملة الورقية الأمريكية لا سيما الخليج العربي ، حيث لا يسمح لنا ببيع النفط إلا بالدولار الأمريكي ، وتوحيد العملة في الوطن العربي يهدد أمريكا ، وإنهيار الدولار الأمريكي يهدد الخليج العربي .

كيفية عمل النقود الورقية :

بدلاً من أن يحمل الناس معهم الذهب والفضة أصبحت الحكومات تخزن الذهب في البنوك المركزية وتطبع بقيمة هذا الذهب ورق نقدي كقيمة بديلة ، بمعنى آخر ؛ على كل دولة أن تطبع ورق مساوية لقيمة الذهب المخزنة عندها .

في نهاية القرن ال17 ، أنتج البنك المركزي أول عملة ورقية في العالم وهي تشبهه الشيك .

عندما أصبح الدولار الأمريكي عملة عالمية ، بدأ النظام الربوي ينمو ، وأصبح العالم كله يتعامل بالربى .

بعد الحرب العالمية الثانية :

المنتصرين من الدول الأوروبية دعوا إلى عقد مؤتمر بريتن وودز للنقد الدولي ، وقاموا بدعوة باقي دول العالم للمشاركة في المؤتمر الذي يقع في الولايات المتحدة الأمريكية بشمال ولاية نيوهامبشر ، وشاركت الكثير من الدول الإسلامية مثل السعودية .

أهم الإتفاقات في المؤتمر :-

1- ليس كل العملات الورقية يمكن تحويلها إلى الذهب إلا بالدولار الأمريكي
وكان الذهب يعادل 35$ للأنونصة

2- الحكومات والبنوك المركزية هي التي تستطيع تقديم طلب لتحويل الدولارات الأمريكية إلى ذهب .

استمرت معاهدة " بريتن وودز " من 1940 إلى 1971 م ، حيث ذهبت الحكومة البريطانية إلى أمريكا وقالت : لدينا 3 مليار دولار ونود إستبدالها بالذهب .
وعندها شعرت أمريكا بالورطة ، حيث أنهم طبعوا دولارات أكثر من إحتياطي الذهب الموجود عندهم .

إلغاء المعاهدة في معاهدة " كامب ديفد " :-

ظهر الرئيس الأمريكي " ريتشرد نيكسون " وقال (( لن نستطيع توفير الذهب ولن نلتزم بإتفاقية " بريتن وودز " .
بعد إلغاء المعاهدة في 1971 بدأت قيمة الدولار بالإنخفاض ، ووصلت إلى 40$ للأنوصة بعدما كانت 35$.

وفي عام 1973 اشتعلت الحرب مع إسرائيل ، حينها قطع الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود إمدادات النفط عن أمريكا لتعاونهما مع إسرائيل ، حينها بدأت قيمة الدولار بالإنخفاض أكثر ، ووصل 160$ للأونصة ...  ( الآن قيمة الدولار 350 للأنوصة )

أصبحت أمريكا مديونة لدول أوروبية وآسيوية بالمليارات ، وهذا مؤشر خطير على إنهيار الدولار والسوق العالمي .
هذه خطة صهيونية محكمة لنقل السلطة من أمريكا إلى إسرائيل ، لتقيم دولة إسرائيل العظمى بعد الإطاحة بأمريكا .

شخصان تسببا في أنهيار الدولار الأمريكي :

1- بن شالوم بيرنانكي
رئيس البنك المركزي الأمريكي

2-
دومينيك ستراوس كان
قتصادي ومحامي وسياسي فرنسي اشتراكي من أصل يهودي مغربي

لاح
ظوا : أن كلاهما يهوديان .

معظم الخبراء الإقتصاديون
يتوقعان إنهيار أمريكا خلال الخمس سنوات القادمة ، حينئذ سينهار كل العملات الورقية بالعالم ، فيحدث المجاعات والحروب الأهلية . ( والله أعلم )